لمستقبل خال من الانبعاثات الكربونية؛
جاء إطلاق دولة الإمارات العربية المتحدة لاســتراتيجيتها للطاقــة 2050 والتي تهدف فيها لإنتاج %50 مــن احتياجاتهـا مـن الطاقـة مـن مصـادر نظيفـة، ليؤطر جهودا كبيرة تبذلها الدولة من أعوام لتنويــع مصــادر الطاقــة والتقليــل مــن بصمة الكربون، حيث تسعى الإمارات عبر العديد من المشروعات والخطط للوصول إلى عام 2030، بتخفيض في استهلاك النفط بنسبة 23٪، وتقليل انبعاثات ثاني أكسيد الكربون في قطاع الطاقة بنسبة 22٪، حسب إحصائيات الوكالة الدولية للطاقة المتجددة (آيرينا).
ويزداد الاهتمام بالطاقة الشمسية كأهم البدائل النظيفة للطاقة بفضل الابتكارات التكنولوجية الذي أدى لخفض تكلفة الطاقة الشمسية من 0.05 دولار إلى 0.0135 دولار للكيلوواط/ساعة، أي بنسبة تخفيض تصل إلى 75٪ تقريباً في تكاليف إنتاج الطاقة. لذا اهتمت دول مجلس التعاون الخليجي بتحقيق أهداف إزالة الكربون، والتوجه للتركيز على الطاقة الشمسية كركيزة للاستراتيجيات المستدامة، لتبرز الإمارات كمثال ممتاز في المنطقة سيما مع الانتهاء من المرحلة الرابعة من مجمع محمد بن راشد آل مكتوم للطاقة الشمسية، التي ستتمكن من إنتاج 950 ميجاواط، تحت إشراف هيئة كهرباء ومياه دبي والشراكة مع العديد من هيئات القطاع الخاص مثل أكوا باور وشركة نيكستراكر- Nextracker، المتخصصة بالبرمجيات العالمية لتتبع الطاقة الشمسية.
وتعقد نيكستراكر سلسلة من الشركات المتخصصة في الصناعة والمشغلين الحكوميين لتطوير عدة مشاريع للطاقة الشمسية. حيث أطلقت Nextracker قدرًا كبيرًا من محتوى التصنيع في المنطقة، وتستخدم إمكاناتها في هذا المجال لتخدم مشاريعها الموزعة بين كل من دولة الإمارات والمملكة العربية السعودية وعُمان وجمهورية مصر والموجهة لأهداف التصدير، موفرة بذلك قيمة اقتصادية والعديد من فرص العمل ذات الطابع المستدام.
في سلطنة عمان على سبيل المثال؛ تعمل نيكستراكر على مشروع يتوائم مع خطة سلطنة عُمان 2030 الطموحة لتقليص الاعتماد على الطاقة التقليدية. ويقوم مشروع صحار بالمساهمة في تخفيض 15 ألف طن من الكربون سنويا، بهدف الوصول إلى أن تمثل الطاقة الشمسية 30% من إجمالي الطاقة المستخدمة.
وتساهم نيكستراكر في مشروع سكاكا للطاقة الشمسية الكهروضوئية في المملكة العربية السعودية مع “أكوا باور”، وهو مشروع 405 ميجاوات، وهو من أوائل المشروعات التي تعتزم المملكة إنشائها ضمن برنامج وطني طموح للطاقة المتجددة.
وفي السياق ذاته، وفي معرض الجهود الإماراتية، من المخطط أن تمتلك محطة هيئة كهرباء ومياه دبي أكبر سعة تخزين للطاقة الشمسية في العالم لمدة 15 ساعة، وتوفر طاقة نظيفة لـ 320،000 مسكن، وبذلك تخفض قرابة 1.6 مليون طن من الانبعاثات سنويا.
ولم تقف قصة نجاح الإمارات في مجال الطاقة الشمسية عند هذا الحد، فقد شهد شهر ديسمبر الماضي قيام شركة أبوظبي الوطنية للطاقة (طاقة) بصفقة تمويل ناجحة لمشروع محطة الظفرة للطاقة الشمسية الكهروضوئية المستقلة، وهو مشروع طموح للغاية يعمل على إعداد محطة الظفرة للطاقة الشمسية الكهروضوئية لتكون أكبر محطة مستقلة في العالم لإنتاج الكهرباء من الطاقة الشمسية ضمن موقع واحد، وذلك باستخدام ما يقارب من 4 ملايين لوح شمسي لتوليد طاقة كهربائية تكفي لاستخدام حوالي 160 ألف منزل في الدولة، وينتظر أن يخفض هذا المشروع انبعاثات ثاني أكسيد الكربون في أبوظبي بأكثر من 2.4 مليون طن متري سنوياً، أي ما يعادل التوقف عن استخدام 470 ألف سيارة تقريباً.
ويبدو أن الإمارات عاقدة العزم على تصدر مجال الطاقة النظيفة، بصفة عامة، والطاقة الشمسية على وجه الخصوص فقد ساهمت المنتديات العالمية التي تشهدها الدولة مثل أسبوع أبوظبي للاستدامة الذي صار يحظى باهتمام عالمي، ومثل تمكين مؤسسات داخل الإمارات مثل مدينة مصدر ومنظمة آيرينا للقيام بدور كبير في الارتقاء بصناعة الطاقة المتجددة لتقترب الإمارات أكثر وأكثر من إنجاز استراتيجيتها الطموحة للطاقة 2050، محتفظة لنفسها بموقع بارز على الخارطة الدولية.