جعلتني الصفقة الأخيرة التي لم يتم إبرامها لاحقاً بين آبل وهيونداي أفكر ملياً في مستقبل المركبات. فبعد 100 عام من الابتكار المتزايد في مجال صناعة المركبات، يبدو أن العقد الحالي هو الفترة الذي ستحدث فيها الطفرة الحقيقية.
ترغب شركة آبل في دخول هذا السوق وهذا ما قامت به بالفعل منذ 2018. وذكر شخص آخر مهتم بهذا الأمر لوكالة رويترز فيما مضى، أن المحادثات حول شراكة المركبات بدأت لأول مرة في 2018. وعلى الرغم من أن إلغاء الصفقة مع شركة هيونداي يمثل بلا شك نكسة لشركة آبل، فإنه من المثير للاهتمام أن نرى مدى السرعة التي يُمكنها فيها التقدم نحو تحقيق خططها لتخطي هذا التحدي، مع هذه العزيمة المطلوبة لتحقيق النجاح.
في الوقت نفسه، حققت شركة تسلا 50٪ من النمو في المتسوط السنوي لعمليات تسليم المركبات، ومن المتوقع أن يشهد عام 2021 سرعة أكبر من ذلك. وفي عام 2020، نمت عمليات التسليم بنسبة 36٪ لتصل إلى 499.647 عملية. وأبلغت الشركة عن أرباح معدلة قدرها 80 سنتاً للسهم، وتقديرات مفقودة قدرها 90 سنتاً. ومع ذلك، ازدادت الأرباح بنسبة 95٪ مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي، وكان هذا هو الربع السادس على التوالي من تحقيق الأرباح. وقفزت الإيرادات بنسبة 46٪ محققة 10.74 مليار دولار، متجاوزة بذلك التقديرات البالغة 10.1 مليار دولار.
قامت شركة جنرال موتورز (GM) بأول مشاركة كبيرة بغرض منافسة طرازات المركبات الجديدة من خلال بث الإعلان أثناء لعبة سوبر بول 55، حيث روج ويل فيرل للسيارات الكهربائية. وجديرٌ بالذكر أن أكثر من نصف المركبات المباعة في النرويج تعمل بالكهرباء، ولكن في الولايات المتحدة لا يتخطى هذا الرقم 4٪ فحسب، وفقاً لبيانات جنرال موتورز. من الواضح أن شركة جنرال موتورز تريد إثارة حماسة المواطنين الأمريكيين بطرحها لمجموعة كاملة من المركبات الكهربائية بحلول عام 2025، حتى يتمكنوا من اقتناء هذه المركبات الرائعة مثل النرويج.
تأثير المركبات على شركات الاتصالات
ومن منظور الاتصالات، فإن الابتكار في المركبات يعني المزيد من الأجهزة المتصلة على الطرقات والتي تعتمد على الشبكة. إلا أن التحدي الذي ستواجهه شركات الاتصالات هو أن تكون جزءًا من هذا النظام البيئي المبتكر وأن تكون شريكاً فعالاً ينضم إلى اللعبة. إنه سوق متنوع ومتشعب، لذا ستحتاج شركات الاتصالات إلى زيادة مهاراتها عن طريق عقد الشراكات وتحديد الدور الذي تريد أن تلعبه في هذا السوق.
عندما يتعلق الأمر بالاتصالات، سيتعين على الشركات المصنعة توفير هوية رقمية غير قابلة للتلاعب في جميع المركبات المتصلة بالشبكة. حيث يتيح تدفق البيانات عبر شبكات الهاتف المحمول المتعددة سهولة تتبع التأمين، وسلامة السائق، والصيانة التنبؤية، وإدارة أسطول المركبات، إلا أنه يُعد كذلك مصدراً محتملاً لحدوث ثغرة أمنية. يعد النظام البيئي الآمن للهاتف المحمول من الجيل الخامس “5G” أمراً بالغ الأهمية لزيادة الابتكار في مجال المركبات.
أعتقد أيضاً أن إنترنت الأشياء سيلعب دوراً كبيراً في هذا الأمر. حيث أصبحت المركبات بمثابة أجهزة متصلة بالإنترنت مليئة بأجهزة الاستشعار. وهي ليست مجرد تقنيات تليماتية، حيث أن إضافة الإنترنت للأشياء له دورٌ هام في ربط المركبة بكل شيء (مركبة إلى كل شيء “V2X”).
ومن الأمثلة المثيرة للاهتمام على هذه التقنية المستخدمة شركة Savari، وهي شركة ناشئة في كاليفورنيا تقدم تقنيات “V2X” (مركبة إلى كل شيء). حيث تقوم الشركة بتطوير حلول البرامج والأجهزة لمصنعي المركبات لتزويد المركبات بحساسات مخصصة للاتصالات قصيرة المدى (DSRC) وتطبيقات “V2X” (مركبة إلى كل شيء). يعد هذا الأمر مثالياً نظراً لأنه يزيد من مستوى السلامة والكفاءة المرورية من خلال توصيل المركبة بغيرها من المركبة الأخرى وإشارات المرور والهواتف الذكية والمشاة.
مفهوم المركبة
على الرغم من الابتكار في مجال المركبات، هناك حجة أخرى قوية وهي أن المفهوم الفعلي للمركبة قد يحتاج إلى التغيير من أجل الاستدامة العالمية. والسؤال في ذلك الصدد، هو ما إذا كان علينا تشجيع المركبة التي يديرها السائق فقط مستهدفين خلق اختناقات مرورية في المستقبل. هل يجب طرح هذا المفهوم وإعادة تصوره بالكامل؟
من المقرر أن تخلق المدينة المأهولة بالمشاة بالكامل 380 ألف فرصة عمل في المملكة العربية السعودية، حيث أطلق ولي العهد، الأمير محمد بن سلمان، مشروع “ذا لاين”، وهو أحدث جزء من مشروع مدينة نيوم الذكية، والذي تبلغ تكلفته 500 مليار دولار. وبمجرد اكتمال هذه المدينة، فإن هذه المدينة الخالية من انبعاثات الكربون تهدف إلى المساهمة بما يقرب من 48 مليار دولار في الاقتصاد السعودي، لكنها بنيت من الأساس بحيث لا يكون بها سيارات.
مشروع نيوم هو مشروع طموح ولكنه يتمتع بميزة كونه موقعاً جديداً تماماً، بينما لا تتمتع معظم بلدان العالم برفاهية البدء من الصفر. مثل هذا المستقبل “الخالي من الكربون” هو الهدف الأسمى، لكن حتى يحدث ذلك، أتطلع إلى ما يمكن أن تفعله شركة تسلا وأبل وجنرال موتورز في إعادة تشكيل مجال صناعة بقي محافظاً على هيكله راسخاً لفترة طويلة للغاية.
أنا متحمس لمعرفة كيف ستتطور الصناعة وكيف يحدث التقاطع المستمر بين التكنولوجيا والنقل والشبكات.
هاني علي هو المدير التنفيذي وأحد المستثمرين المهتمين بالنظام البيئي للشركات الناشئة في الشرق الأوسط. وعلى مدار أكثر من 20 عامًا، شارك في وضع وتنفيذ استراتيجيات تدعم الابتكار والتحول الرقمي ونمو مؤسسات الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات والاتصالات في جميع أنحاء المنطقة.