أبوظبي، 23 فبراير 2021:
بتفاؤل حذر بدأ المحللون عام 2021 وبأمل معقود على الأداء الاقتصادي للأسواق يحدوهم الرجاء بخصوص نمو سندات الأسواق الناشئة، المدفوع بعاملين إيجابيين رئيسيين لفئة الأصول هما الانتعاش القوي المتوقع في النمو الاقتصادي العالمي، ونتائج سباق الرئاسة الأمريكية التي يمكن التنبؤ بأثرها على الأسواق. ومع انتعاش الأسعار بالفعل بشكل ملحوظ لازالت هناك بعض المخاطر التي تواجه هذه التوقعات الإيجابية، إذ نعتقد أن الفائدة ستزيد إذا اعتمدنا النهج الانتقائي لاختيار أي نمط من السندات أفضل للاستثمار
ويشير بريت ديمنت، رئيس قسم ديون الأسواق الناشئة العالمية في أبردين ستاندرد انفستمنتس، بأنه من المتوقع حدوث انتعاش كبير وملحوظ على الصعيد الاقتصادي، حيث يتوقع صندوق النقد الدولي نمو الأسواق الناشئة بنسبة + 6٪ بعد انكماش قدر بنسبة -3.3٪ في عام 2020. وسيكون المحرك الرئيسي لذلك النمو هو عودة الاقتصاد العالمي لحالته الطبيعية على أوسع نطاق، مع زيادة اللقاح والإقبال عليه.
ولم تخلُ التوقعات الاقتصادية للصين من الإيجابية هي الأخرى بالنسبة للأسواق الناشئة، لأن الصين مصدر ضخم للطلب على السلع بطبيعة الحال، ومن جهة ثانية لتوقع حدوث نمو اقتصادي صيني بحوالي + 8٪ في عام 2021 بعد انكماش قدر بنسبة -2.0٪ في عام 2020.
ويترافق ارتفاع النمو في الغالب مع ارتفاع التضخم أيضًا، وهو ما يدفع البنوك المركزية إلى رفع أسعار الفائدة. والحقيقة أن التضخم كان منخفضا عالميا بشكل غير عادي في الفترة السابقة على انتشار فيروس كوفيد-19، لكن بعد الجائحة تضرر الطلب العالمي بشدة، وعانت العديد من البلدان من أسعار سلبية أو “انكماش”، على نحو يشير إلى أنه من غير المحتمل أن ترتفع أسعار الفائدة كثيرًا، هذا إن وجدت أصلا، بسبب الوصول إلى مستويات الانخفاض التاريخية الحالية، إلى جانب الدعم المستمر من الإنفاق الحكومي، وكان كل هذا يستلزم دراسة متأنية لسندات الأسواق الناشئة وما حدث لها وما الذي يخبئه المستقبل.
ومع الانخفاض في أسعار الفائدة عالميا بشكل كبير، كانت سندات الأسواق الناشئة لا تزال تعد من بين أفضل العوائد المتاحة، فعلى سبيل المثال كانت عوائد السندات الحكومية لمدة 10 سنوات تصل لنسبة + 6٪ ولنسبة + 5٪ في إندونيسيا والمكسيك على التوالي، وهي نسب تعد مضاعفات + 1٪ لعائد سندات الخزانة الأمريكية الحالية لمدة 10 سنوات مسجلة بذلك لفارق كبير. ونود في هذا السياق الإشارة لأن حجم الفجوة يجب أن تستمر في دعم الطلب على سندات الأسواق الناشئة، ونطبق هذا بشكل خاص على المستثمرين العالميين “المتعطشين للعوائد” الذين يركزون على الدخول.
عوائد سندات الأسواق الناشئة مقابل عوائد سندات الخزانة الأمريكية
جاء وصول جو بايدن لسدة لرئاسة في الولايات المتحدة الأمريكية كأحد التطورات الأخرى المهمة للغاية على الأسواق الناشئة، حيث سيمكن التنبؤ بالسياسة الخارجية للولايات المتحدة بشكل أكبر، و بالتالي ستكون العودة إلى “الحياة الطبيعية” أكثر وضوحًا في السياسة التجارية، وعلى الرغم من أن التوترات التجارية لن تختفي بالتأكيد، فإن فرضيتنا الأساسية هي أن إدارة بايدن الجديدة ستستخدم التعريفات- tariffsبشكل أقل، وهذا أمر إيجابي للأسواق الناشئة كثيفة التصدير، خاصة في الصين والدول المجاورة التي اندمجت بعمق في سلسلة التوريد الإنتاجية.
ويكون السؤال الرئيسي للمستثمرين هو: إلى أي مدى ينعكس هذا في الأسعار؟ الإجابة المختصرة هي: ربما أثره قليل، فبعد فترة ذروة الخوف من الجائحة أواخر مارس 2020، شهدنا انتعاشًا ثابتاً في سندات الأسواق الناشئة، لكن يحتاج المستثمرون أيضًا إلى إدراك المخاطر الرئيسية للتوقعات، فالقلق الأكبر للاقتصاد العالمي هو أن يكون التعافي من فترة الجائحة أبطأ من المتوقع، على سبيل المثال، قد يكون نشر اللقاح بطيئًا، مما يعني عودة أبطأ إلى الوضع الاقتصادي الطبيعي. وفي الحالة الصينية إذا جاء التعافي الاقتصادي الصيني أضعف من المتوقع سيكون لهذا تأثيره على مجمل أداء الأسواق الناشئة.
وتشمل المخاطر الرئيسية الأخرى ارتفاع عوائد سندات الخزانة الأمريكية و / أو استمرار قوة الدولار الأمريكي. يميل كل واحد من هذين الأمرين إلى جعل أصول الأسواق الناشئة تبدو أقل جاذبية نسبيًا للمستثمرين العالميين.
لذا؛ نعتقد أن البيئة الحالية تتطلب مزيدًا من الانتقائية من حيث القطاعات، فإن المناطق التي لا تزال تبدو “منخفضة السعر” نسبيًا هي السندات الحكومية السيادية ذات العوائد المرتفعة وسندات العملة المحلية، حيث تأخرت، لبعض الوقت، السندات السيادية عالية العائد في الأسواق الناشئة (المعروفة أيضًا باسم الأسواق الحدودية) في نسبة الربحية في هوامش السندات الأمريكية ذات العائد المرتفع، مما أدى إلى زيادة الفارق بين السوقين.
أما فيما يتعلق بسندات الأسواق الناشئة بالعملة المحلية، كانت البيئة القوية للدولار الأمريكي محركًا رئيسيًا لضعف أدائها على مدى العقد الماضي، وأدت لجعل فئة الأصول تبدو منخفضة القيمة نسبيا، علاوة على ذلك، إذا أدت زيادة الإنفاق الحكومي الأمريكي إلى ضعف الدولار كما هو متوقع على نطاق واسع، فسيكون هذا أمرا جيدا خاص لهذا الفئة من الأصول.
وختاما؛ ثمة شريحة أخرى جذابة نسبيًا، وهي سندات الشركات في الأسواق الناشئة، مع الاعتراف بوجود تناقض ملحوظ مع البلدان المتقدمة، فقد أمضت الشركات معظم العقد الماضي في خفض مستويات ديونها، ما أدى إلى تحسين وضعهم الائتماني وتقليل احتمالية عدم قدرتهم على سداد ديونهم.
بقلم بريت ديمنت، رئيس قسم ديون الأسواق الناشئة العالمية -مؤسسة أبردين ستاندرد انفستمنتس