مترجم بتصرف: مقال لـ تامار بوبيتش
عند مناقشة تأثيرات جائحة كوفيد-19 على الشركات الصغيرة، يبدو أنه لا مفر من الحديث عن مواضيع التقنيات الحديثة وتغير خيارات وسلوكيات المستهلكين.
يؤكد محمد بن سليمان، مدير أول علاقات الأعمال في غرفة تجارة وصناعة دبي أن هذان العاملان باتا أمراً شائعاً في التحول الجاري بقطاع الأغذية والمشروبات بدولة الإمارات. يقول بن سليمان:” الحلول الذكية مثل تطبيقات التوصيل السهلة الاستخدام وقوائم الطعام وطرق الدفع اللاتلامسية أصبحا الأمر الطبيعي الجديد، وهما يكملان التجربة التقليدية في المطاعم، ويساهمان بخلق قيمة للاعبين الأساسيين في القطاع والعملاء على حدٍ سواء. ونلحظ اليوم أن شركات الأغذية في الدولة تقود بإعادة تصميم وصياغة نماذج أعمالها، وتركيز جهودها على التأقلم والتكيف مع أوضاع السوق الجديدة والابتكار استعداداً للتعافي في مرحلة ما بعد كوفيد-19.”
يضيف بن سليمان قائلاً:” إنه تطور إيجابي سيرفع من معاير القطاع وصناعة الأغذية والمشروبات، ويخلق فرص أعمال جديدة، ويحفز النمو المستدام. لقد دفعت أزمة كوفيد-19 شركات الأغذية إلى استكشاف أسواق غير تقليدية، وهذا ما ساعد دبي على تعزيز دورها ومكانتها كمركزٍ رئيسي لتوزيع الأغذية في المنطقة، ولاعب أساسي في معالجة مسائل الأمن الغذائي.”
تقول سونيا أشار أن شركتها الناشئة NutriCal وهي عبارة عن برنامج لجمع بيانات الأغذية، يوفر لشركات الأغذية معلومات ذات علاقة بالأغذية تساعدهم على جذب العملاء والمحافظة عليهم، أن صناعة تقنية الأغذية في مرحلة نمو، رغم أنها كبيرة الحجم في دولة الإمارات حيث تبلغ قيمتها حالياً حوالي 30 مليار دولار أمريكي، معتبرةً السوق مشبعة بفئات مثل الخدمات الوسيطة لتوصيل الطعام والمطابخ السحابية وشركات توصيل الميل الأخير وتطبيقات القيمة المضافة وغيرها بشكل يدفع الجميع للحصول على قطعة من الكعكة. ولذلك تنصح رواد الأعمال بامتلاك فهم واضح للسوق وابتكار منتج ناجح ومستدام. تقول هنا:” حتى في قطاع تقنية الأغذية، الرابح النهائي هو المستهلك العادي للطعام مثلك ومثلي حيث يجب أن نضع ذلك في اعتبارنا عند خلق منتج او إيجاد حل ما.”
الاهتمام بمتطلبات واحتياجات العميل بات أكثر أهمية منذ بداية الجائحة، حيث تضيف أشار قائلة:” باعتبارنا شركة ناشئة في مرحلتها الأولية، هدفنا أن نتشارك مع أكبر عدد من العملاء في قطاع الأغذية، ولكننا مدركون للواقع الحالي حيث أن المطاعم والكافيهات وجميع اللاعبين في قطاع الأغذية والمشروبات قد أصيبوا في الصميم بسبب الأزمة. ولكننا قمنا بشيء وهو المرونة بما يتعلق بأسعارنا. ولكن ومع التطوير المستمر في التقنيات والمزايا الجديدة التي قمنا بتطويرها بسرعة كبيرة مثل قوائم الطعام الذكية اللاتلامسية، تبرز منصتنا كاستثمار يمكّن الشركات من زيادة إيراداتها وقيمة علامتها التجارية بدلاً من أن يكون كلفة إضافية في دفاتر أرباحها وخسائرها.”
نصيحة مماثلة بالاعتماد على الحلول المبتكرة داخل الشركة بدلاً من الاعتماد على حلول تطورها أطراف ثالثة، يقدمها لنا مارك كارول وأندرياس بورجمان، مؤسسا Kcal وهي شركة طعام مقرها دبي. يقول كارول:” كن مرناً للتأقلم مع التغيير عند الحاجة، واستفد وتعلم من الأوقات الصعبة وخطط لمستقبل أفضل، وركز على بناء منصة التوصيل الخاصة بك وتجنب الاعتماد على منصات التوصيل الخارجية كمصدر توليد الإيرادات الأساسي.”
ويتفق في هذا الأمر سامر زيات، مؤسس البيروتي، وهو مطعم لبناني في دبي، حيث يقول إن كل لاعب في قطاع الأغذية والمشروبات ينبغي عليه استخدام فترة أزمة كوفيد للتأمل والعودة إلى الأساسيات عبر التركيز على العلامة التجارية بدل إضاعة الجهود على استراتيجيات ثانوية. يقول زيات هنا:” في البداية يجب على كل فرد أن يتذكر أن القطاع بأكمله يعاني، ولم يتعافى كاملاً أي واحد حتى الآن. ولذلك يجب على كل شركة التركيز على نموذج أعمالها الداخلي، وعدم التأثر بما يحدث مع الآخرين. ثانياً قيمة العلامة التجارية تأتي أولاً، فلا ترمي كل الجهود التي بذلتها لخلق علامتك عبر اعتماد استراتيجيات مؤقتة مثل التخفيضات الهائلة التي قد تؤثر على وضعك على المدى الطويل.”
وعند التحدث عن مشروعها، تقول أشار أن الأزمة عززت اعتقادها بأنه يمكن تأدية العمل من أي مكان إذا ما تم الاعتماد على الفريق الصحيح، لأن فريق عملها كان يمارس أعماله انطلاقاً من جنوب شرق آسيا. تضيف قائلة:” الجائحة ذكرتنا بأن صحة وسلامة الموظفين الذهنية والجسدية يجب أن تكون في صلب عمل وكفاءة أي مؤسسة. فالعمل من المكتب والعمل عن بعد أو المزج بينهما هما مجرد تفاصيل في هذه الأولوية. المرونة في العمل تمكّن الموظفين من اتخاذ قرارات مسؤولة. وقد كان سهلاً لنا الوصول إلى أصحاب القرار كذلك من أصحاب المطاعم ومدراء العمليات لأن الجميع كان ملتزماً مكاناً واحداً يسهل الوصول إليه.”
وبالنسبة لـ Kcal ومع وجود 300 موظف موزعين على ثلاثة مطاعم في دبي ومطعمين في أبوظبي، كانت الشركة سريعة في تكييف عملياتها وإدارة تأثيرات الأزمة. يقول بورجمان:” لقد خفضنا قدرة العمل في مطبخنا الرئيسي منذ البداية حتى نضمن استمرار عملياتنا، واتبعنا الإرشادات الحكومية، ووضعنا سلامة وصحة موظفينا أولوية، وحافظنا على كفاءتنا العالية.”
عدم التهاون في متطلبات الصحة والسلامة كان ضرورة بالنسبة لزيات أيضاً:” بينما كان الإغلاق الرسمي لثلاثة أسابيع، قررنا الاستمرار بالإغلاق لحوالي ثلاثة أشهر، وأخذنا وقتنا في فهم الوضع الطبيعي الجديد، وضمان التزامنا بكل المعايير. نصيحتي لكل المطاعم بتطبيق كل بروتوكولات الصحة والسلامة، وإذا عملنا جميعاً وتعاونا فإن ذلك سيضع القطاع على طريق أسرع للتعافي من خلال تعزيز ثقة العميل بتجربة تناول الطعام خارجياً.”
يقول زيات أن أزمة كوفيد فرضت متغيرات سريعة وغير متوقعة على القطاع، ودفعت فريق عمله لتعديل استراتيجية الأعمال فوراً، مضيفاً: “اعتمدنا استراتيجية إدارة الأزمة على كل القطاعات وركزنا على حماية شركتنا من خلال إعادة النظر بكل جزء من نموذج أعمالنا. تبين لنا في استراتيجيتنا لفترة ما قبل كوفيد-19 أن الاعتماد الكبير على المتاجر داخل المراكز التجارية كان نقطة ضعف لأن خيارات المستهلك تحولت من المراكز التجارية إلى المواقع الخارجية.”
وبنظرة إلى المستقبل، تعتقد أشار إلى أن المزيد من أصحاب المطاعم والمطابخ السحابية سيرغبون بإدخال خيارات ومنتجات صحية إلى قوائم طعامهم لاستقطاب العملاء الذي يريدون تحسين مناعتهم لمكافحة فيروس كوفيد-19. تضيف قائلة:” حلنا لهذه المعضلة يشمل أداة سحابية لإدارة وصفات الطعام تتضمن تكلفة الطعام واحتساب السعرات الحرارية، حيث تسمح باستخدام التكنولوجيا وتوفير وخفض عدد الموظفين. كما تسمح مزايانا بتجربة طعام آمنة خالية من التلامس والاحتكاك مثل قائمة الطعام اللاتلاسمية لجذب المستهلك.
يقول بورجمان أن Kcal سيركز على التعديلات اليومية في أعمالهم بما يتلاءم مع تغير نمط حياة عملائهم، مضيفاً:” مثال رئيسي على ذلك هو شراكتنا مع مزود خدمات الدفع Post-Pay والتي تسمح لعملاء وجباتنا بتوزيع دفعاتهم على مدار خطط وجباتهم وذلك لتفادي دفع جميع المبلغ مقدماً كما تطلب جميع الشركات. وقد عبر عملاؤنا عن تقديرهم لمرونتنا في هذه الأوقات.”
وختاماً، تشرح أشار مؤشرات الاتجاه العام في القطاع قائلة:” هناك أمل بالتغيير في المستقبل، لكن هذا الأمل ممزوج بحذر بسيط. وبما أن قطاع الأغذية والمشروبات قد تأثر جداً، فإن الشركات الناشئة التقنية المتخصصة بالأغذية التي تسمح للمطاعم بأن تكون أكثر كفاءة وتخفض تكاليفها التشغيلية وتخلق طلباً ضمن الصناعة ستكون محور اهتمام المستثمر. تضيف قائلة:” أصبح المستثمرون أكثر حذراً في استثماراتهم خصوصاً في ظل هذه الظروف والأوقات غير المسبوقة. وبالنسبة لكارول:” الحاجة إلى التكنولوجيا في صناعة الأغذية أكثر أهمية اليوم، حيث أن واقع قيام المطاعم الفخمة بالتحول نحو خدمات التوصيل للمحافظة على استمراريتها يثبت ذلك. فالشركات التي كانت معتمدة على التكنولوجيا قبل الجائحة لم تتأثر كثيراً ولذلك أتوقع طلباً كبيراً على التقنية الغذائية لأنها أثبتت أنها الأكثر مرونة وقوة خلال هذه الأوقات الصعبة.”