مترجم بتصرف: مقال لـ عاليا ميهرين أحمد
في يوليو من العام الحالي، وبينما كان العالم يواجه تداعيات أزمة كورونا، فتحت إمارة دبي أبوابها أمام الزوار الدوليين مع تطبيق إجراءات وبروتوكولات صارمة للصحة والسلامة. ومع تأثر الاقتصاد العالمي بالإغلاق وشروط التباعد الجسدي، جاءت خطوة إمارة دبي لتشكل مؤشراً على استباقية المدينة وقيادتها للعودة إلى الحياة الطبيعية بسرعة وأمان.
ولكن مع بروز مؤشرات على الموجة الثانية من الفيروس التي توقعها مسؤولو الصحة حول العالم، ومع عودة العديد من الدول الأوروبية إلى الإغلاق، فمن الطبيعي أن يعتبر السفر ومن وإلى العديد من مناطق العالم غير آمن وغير متوقع خلال هذه الفترة.
وبشكل لا يخالف التوقعات، كان هناك انخفاض ملحوظ في عدد المسافرين الدوليين من وإلى الإمارات. وبالنسبة لبلد يعتمد اقتصاده اعتماداً كبيراً على السياحة، كانت الخطوة التالية المتوقعة التركيز على السياحة المحلية كما يشير عصام كاظم، المدير التنفيذي لمؤسسة دبي للتسويق السياحي والتجاري، الذي يضيف قائلاً:” عندما كانت القيود على السفر مطبقة، جاء الرد السريع لدبي بفتح المدينة بأمان، ليعكس قدرة المدينة على تمكين وتشجيع السياحة الداخلية بالتوازي مع فتح القطاعات الاقتصادية المختلفة بالإمارة. وقد أدى ذلك إلى عقد سلسلة من الاجتماعات الاستراتيجية بين دائرة السياحة والتسويق التجاري بدبي وشركائها من الأطراف المعنية لبحث طرق الاستفادة من بيئة السياحة القوية بالإمارة لجذب المقيمين بدولة الإمارات. الرد السريع وحزم التحفيز الاقتصادي التي أعلنت عنها الحكومات المحلية والاتحادية لدعم الاقتصاد أعطوا الفنادق زخماً كبيراً لأنهم ركزوا على تحفيز الطلب على السياحة الداخلية.”

ومع وجود هذا التعاون خلف الكواليس، مبات ن الواضح ان فنادق ومنتجعات المدينة قد شهدت نمواً في عدد الزوار المقيمين بالدولة. يضيف كاظم:” منذ فتح السياحة الداخلية في مايو الماضي، شهدنا نمواً كبيراً في أعداد المقيمين الذين يبحثون عن إجازات داخلية في دبي حيث بلغت نسبة الإشغال في العديد من الفنادق ذات الشواطئ أكثر من 80-90% خلال عطل نهاية الأسبوع.”
ولكن هذه الخطوة تأتي ناقصة إذا لم تقترن بمسؤولية ضمان صحة وسلامة الضيوف مع الحفاظ على التباعد الجسدي. يشرح كاظم أنه بالإضافة إلى التعقيم وارتداء الكمامات، لجأت الفنادق إلى اعتمادات إجراءات صارمة لتنظيف كل نقاط الاتصال المشتركة في الفنادق وقياس درجة حرارة الضيوف.
يقول كاظم:” لقد طبقت دائرة السياحة والتسويق التجاري بدبي بالتعاون مع شركائها من الجهات الحكومية الأخرى سياسة عدم التساهل لضمان امتثال الجميع مع إجراءات السلامة والتدابير الاحترازية، وحرصنا على تعزيز التعاون مع كل الأطراف المعنية ومنها الفنادق بالإمارة لضمان التزام الموظفين والزوار بالإجراءات الوقائية طوال الوقت. كما أطلقنا كذلك “ختم الضمانة” بالتعاون مع اقتصادية دبي وبلدية دبي للتأكد من امتثال المنشآت السياحية والتجارية، بما فيها الفنادق ومحلات تجارة التجزئة والمطاعم والوجهات السياحية، لجميع بروتوكولات الصحة العامة للوقاية من فيروس كورونا المستجد.”
ويضيف كاظم إن الهدف الأكبر لا يركز فقط على تشجيع الإجازات الداخلية فقط قائلاً:” تركيزنا لا ينصب على الترويج للإجازات الداخلية بل زرع الثقة بين المقيمين عبر إتاحة الفرصة لهم للعودة تدريجياً إلى الحياة الطبيعية والتمتع بمجموعة واسعة من التجارب مع ضمان تطبيق اعلى الإجراءات والتدابير الوقائية خلال جميع مراحل إجازتهم الداخلية.”
ولكن، ومن أجل تحقيق انتقال سلس بالعودة على الحياة الطبيعية، تقع المسؤولية على فرق الإدارة في الفنادق والمنتجعات.
يقول حسين جمال الدين، مدير المبيعات والتسويق في فندق جراند ميلينيوم في بيزنيس باي أن الأفكار المبتكرة من خارج الصندوق والطرق الجديدة لاستقطاب العملاء تعتبر أساسية ضمن هذه الجهود، ولكنه مدرك تماماً أن عالم ما بعد كوفيد-19 سيكون مختلفاً جداً عن العالم الذي كنا نعيش به. يضيف قائلاً:” إنها أوقات غير مسبوقة وتأثيراتها أسوأ من تأثيرات أزمة 2008. الوضع الطبيعي الجديد سيغير شكل السفر لعقدٍ على الأقل.”
يعتبر فندق جراند ميلينيوم في منطقة “بيزنيس باي” فندق خمس نجوم مطل على واجهة قناة دبي بسعة تبلغ 250 غرفة وجناح. ولكن انخفاض السفر في أبريل انعكس انخفاضاً في الطلب حيث يقول جمال الدين:” الإجازات المحلية والإقامات الطويلة الأمد كانت محور تركيزنا خلال الأشهر الستة الماضية. فالمستهلك سيكون أكثر حذراً عند التفكير بالسفر مع بروز متطلبات التعقيم والتنظيف والسلامة، ورغم أن ذلك يشكل تحدياً، إلا انه تحدي نحن جاهزون له.”
يضيف جمال الدين قائلاً:” إننا نأخذ إرشادات بلدية دبي محمل الجد ونطبقها بحذافيرها بدءاً من قياس درجة الحرارة عند الوصول إلى عملية تسجيل الدخول الآمنة التي تشمل علب التعقيم ومفاتيح الغرف والأقلام المعقمة بالإضافة إلى تعقيم الغرف واتباع كافة الإرشادات المطلوبة المتعلقة بخدمات الطعام. بإمكان نزلائنا الاطمئنان إلى أن صحتهم محور اهتمامنا في فندق جراند ميلينيوم في بيزنيس باي.”
ورغم ان الفندق يوفر حالياً عروضاً تنافسية للعطلات الداخلية ووجبات الغداء لمواكبة متطلبات المستهلك المتغيرة، إلا أنه من المفيد العلم بأنه لا توجد خطة صلبة بعيدة المدى حتى الآن. ويعيد جمال الدين ذلك إلى عدم القدرة على وضع خطة طويلة الأمد في ظل حالة عدم الاستقرار السائدة في السوق اليوم. يقول جمال الدين:” تتميز السوق اليوم بكونها أكثر ديناميكية من قبل، وهي متذبذبة مع طلب غير مستقر. نقوم حالياً بمراجعة خططنا كل ثلاثة أشهر. وقد نقوم بتعديل بعض عروضنا للإجازات الداخلية في المستقبل لإضافة لمسات وتجارب جديدة تواكب السوق المتغيرة، وتنسجم مع نظرة الناس إلى الوضع الطبيعي الجديد.”
وتنظر العديد من الفنادق إلى الوضع الطبيعي الجديد باعتباره يحتاج إلى الكثير من التكيف التقني مع المتغيرات. وهذه النظرة هي ما يؤمن بها كوستا كوروتسيديس، المدير العام لفندق فيرمونت عجمان والذي يقول:” التحول الرقمي هو مفتاح المستقبل الذي نتوقعه بعد التغيرات في سلوكيات المستهلك، حيث نتوقع تركيزاً على تقليل التواصل واللمس المباشر.”

يقع فندق فيرمونت عجمان على مسافة 30 كيلومتر من دبي، هو فندق خمس نجوم يطل على البحر. يقول كوروتسيديس عن إعادة افتتاح الفندق في أبريل:” إن إعادة افتتاح الفندق أصبح سريعاً حديث المدينة في دبي، مما جذب العديد من الراغبين بقضاء عطل داخلية من الإمارات المجاورة. ولأننا لم نستقبل الكثير من المسافرين الدوليين هذا الصيف مقارنة بالسنين الماضية، سنحت لنا الفرصة لتشجيع السياحة الداخلية ودعم قطاع الضيافة المحلي.”
وقد طبق الفندق كل إجراءات التعقيم والتباعد الجسدي، ملتزماً بكل التدابير الاحترازية المحددة من قبل “بيرو فيرتاس” و”ALLSAFE”. يقول كوروتسيديس:”إننا نعمل بالتنسيق مع فرقنا التقنية والتشغيلية لتطبيق خدمة قوائم الطعام المستندة إلى رمز الاستجابة السريعة بشكل دائم، والتخلي على كل قوائم الطعام الورقية. الرقمنة ستصبح في نهاية الأمر جزءاً أساسياً لخدمة أكثر فعالية في المستقبل، من طلب الطعام والشراب على الشاطئ إلى طلب تحميل الأمتعة عبر رسالة واتس أب.”
يشير كوروتسيديس إلى أن الأشهر القادمة ستشهد نمواً تصاعدياً في الاتجاه نحو الإجازات الداخلية بسبب ظهور العديد من الابتكارات الرقمية والتغيرات التي توفر أماناً أكثر للزوار، مضيفاً:” أعتقد أن العائلات تفضل قضاء عطلاتها محلياً هنا في الإمارات لأن الأسعار معقولة والأهم أنها أكثر اماناً مقارنة بالسفر الخارجي.”
ورغم ان السفر الخارجي يبقى في وضع استعداد، سيكون أمراً رائعاً مشاهدة طريقة تفاعل قطاع الضيافة في الإمارات وردة فعله تجاه النمو المفاجئ في الطلب على الإجازات المحلية.