إعادة تعريف التجزئة
مترجم بتصرف: مقال لـ بانوس ليناردوس
مما لا شك فيه أن فيروس كورونا المستجد (كوفيد-19) قد خلق بيئة سريعة التغيير وأقل توقعاً لجميع الصناعات والقطاعات، الأمر الذي جعل جميع قادة الأعمال والشركات في وضع متقلب. وبينما دخل المستهلكون مرحلة التعايش مع الفيروس، فإن الموضوع اليوم تحول إلى البقاء آمناً والمحافظة على التواصل، وبشكل أكبر المحافظة على التواصل الرقمي طوال الوقت.
وباعتباره أحد أكبر المساهمين في الناتج الإجمالي المحلي الوطني، وأكبر موظف للعمالة في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، فإن سرعة التغيير في قطاع التجارة كبيرة وهائلة. وتأثير ذلك عميق ومكبّر على المنظومة الكاملة بدءاً من رواد الأعمال إلى مجموعات بائعي التجزئة الكبار إلى اللاعبين في مجال التجارة الإلكترونية مروراً بأصحاب عقارات التجزئة والسلع الفخمة والرخيصة وكل ما بينهما.
التغير في التجارة ليس بجديد، فبينما تشكل السلوكيات الجديدة للمستهلك تحدياً لتجارة التجزئة التقليدية، فإن انتشار الفيروس قد ساهم باستقطاب جمهور جديد إلى التجارة الإلكترونية. وسيساهم هذا الجمهور الجديد في تعزيز السوق على المدى الطويل في المنطقة، مع توقعات بنمو كبير حتى عام 2025 مما يوفر فرصاً لا مثيل لها لمجموعة جديدة من رواد الأعمال لإطلاق منتجات وخدمات جديدة.
كيف يمكن للتجارة الإلكترونية الاستفادة من الاتجاهات الجديدة والازدهار بعيداً عن المواقع الإلكترونية العادية والتطبيقات؟ وينظر رواد وقادة الأعمال إلى هذا الوضع الجديد كفرصة للتحول والنمو في أعمالهم، وعليهم التفكير بالإجراءات الفورية التالية في معركتهم للفوز والمحافظة على أعمالهم.
- المحافظة على التواصل مع عملائك: هل يمكن للتجارة الإلكترونية أن تفوز بمعركة الاستحواذ على العميل والمحافظة عليه؟ لقد غيرت هذه الأزمة من الأولويات والسلوكيات، ويتوقع أن تصبح هذه الأولويات والسلوكيات الجديدة النمط السائد بعد انتهاء الجائحة. الأعمال المرنة هي التي يكون ردها على الأزمة فعالاً وتقوم بتقسيم منتجاتها والتعامل بشفافية، وضمان التفاعل مع عملائها وذلك في حال أرادت أن تحقق نمواً وتعزز من ولاء عملائها وتدخل مجالات وفئات جديدة على أعمالها. وفي نفس الوقت الذي يترك فيه فيروس كوفيد-19 جروحاً عاطفية غائرة، فإنه سيخلق روابط عاطفية طويلة الأمد بعد انتهاء الوباء.
- قدم تجربة تسوق هائلة خالية من الاحتكاك: الاحتكاك هو عدو التجارة الإلكترونية، وبطبيعة الحال عدو المستهلك أيضاً. ويخلق بروز التجارة الرقمية نقاط اتصال جديدة مع المستهلك مما يتيح للمتسوقين التواصل مع الشركات من خلال شبكة معقدة من المنصات والفئات. ولكن كيف يمكن للتجارة الإلكترونية مواجهة مخاطر رحلات الشراء المربكة وغير المتناسقة؟ ويمكن أن يشكل تحدي التجارة الخالية من الاحتكاك أمراً شاقاً للمشاريع الصغيرة والمتوسطة. ويلجاً رواد الأعمال المتمكنون من التقنية إلى التركيز على جعل التجارة مصممة بشكل كبير لتتلاءم بشكل شخصي مع كل متسوق، وخالية من الاحتكاك وذلك لمساعدة المتسوق في استكشاف السلع وشرائها وتعزيز تجربة ما بعد الشراء، بينما يقومون في نفس الوقت بتوفير مزايا استثنائية للموقع الإلكتروني وصفحات مليئة بتفاصيل المنتجات وخدمة عملاء متميزة وذلك للمحافظة على حصة تنافسية في السوق.
- إعادة التفكير بإدارة المخزون من البضائع وسلسلة الإمداد: بينما يطبق الناس خيارات الشراء بناء على الظروف الجديدة المتغيرة، فإن فئات بضائع الشراء تغيرت أيضاً. وفي رد على الارتفاع في الطلب على فئات جديدة، يشهد القطاع إعادة هيكلة دراماتيكية على صعيد منظومة شبكة سلسلة الإمداد والتوزيع التي اعتادت تقليدياً على العمل خلالها. ويجهد رواد الأعمال للتفاعل مع هذا التوجه الجديد، ويركزون على تنويع واستمرارية سلسلة الإمداد وإدارة المخزون من أجل المحافظة على التوازن الطبيعي خلال فترة انتشار الوباء. وبينما عانت بعض الأعمال بشكل كبير من من قلة المنتجات الرئيسية، يقوم رواد الأعمال باستمرار بإعادة التفكير باستراتيجية شراء منتجاتهم، وإعادة تصميم شبكة مورديهم، والعمل على توطيد ركائز استراتيجية سلسلة الإمداد الخاصة بهم لتوفير قدر أكبر من المرونة والقدرة على التحمل في هذا الواقع الجديد.
- تسريع الدفع اللاتلامسي: مع توصيات منظمة الصحة العالمية للمستهلكين باستخدام بطاقات الدفع اللاتلامسي أو الدفع عبر هواتفهم الذكية لخفض مخاطر انتشار كوفيد-19، فقد تبين أن الفيروس قد ساهم في تسريع الاعتماد على الدفع الرقمي. ويبدو أن المستهلكين يفضلون الابتكار حيث أصبح المتسوقون أكثر إلماماً بالتقنية، ومستعدون لاستعمال الدفع اللاتلامسي والمحافظ الرقمية. وقد تجاوبت الشركات والأعمال مع هذا التوجه، حيث تعاونت مؤخراً نون دوت كوم مع فيزا للتحول نحو الدفع اللاتلامسي بنسبة 100% لخفض مخاطر انتشار الفيروس مع توفير مزايا معينة لاستخدام طريقة الدفع هذه. ونتوقع استمرار هذه المنهجية بينما يحاول العالم التكيف مع إجراءات التباعد الاجتماعي التي فرضها الوباء على الجميع.
- ضاعف جهودك وركز أكثر على الأمور التي تعمل جيداً: بينما يسعى رواد الأعمال للاهتمام بموظفيهم والمحافظة على رؤيتهم، فقد تبين أنهم خبراء في التأقلم والتكيف مع المتغيرات في بيئة العمل. وقد أظهروا قدرات في التجربة والابتكار ووفق استراتيجيات مركزة للاستجابة لمتطلبات المتسوق العصري الذي يتميز بالتقلب والتطلب أكثر من أي وقت مضى، وسواء عبر تطبيق التقنيات متطورة أو لم يطبقوها. إذاً ماذا يخبئ لنا المستقبل؟ أمام رواد الأعمال فرصة غير مسبوقة لإعادة هيكلة أعمالهم، وتغيير نموذجهم التشغيلي للبروز أقوى من التأثيرات المزلزلة لكوفيد-19 في البيئة الإقليمية. وفي سوق العمل المزدحم والحائر، تنجح شركات التجارة التي تتواصل رقمياً مع عملائها مطبقة مفاهيم الراحة والأصالة والقيم المشتركة في بناء الثقة والمحافظة على ولاء المستهلك والازدهار في البيئة الجديدة الطبيعية للأعمال.
المؤلف
بانوس ليناردوس هو رئيس مجلس إدارة دائرة قادة التجزئة “Retail Leaders Circle” والمدير التنفيذي لمعهد نيويورك للإدارة http://retailleaderscircle.com/mena/