تبرز الفرص من حالات عدم اليقين – التاريخ مصدر أمل لتخطي تداعيات الأزمات
مترجم بتصرف: ستيفن جورج
العالم يتغير مجدداً، ولكن هذه المرة، لن يكون قطاع العقارات البادئ بتأثير الدومينو. إنه الفيروس، الذي يمكن القضاء عليه فقط عبر وضع ضوابط صارمة على حياتنا اليومية. كل دولة في العالم تشعر بالتأثيرات المدمرة لفيروس كوفيد-19، وجميعاً في ذات المركب.
ومع ارتفاع معدل البطالة، وإغلاق الشركات، وقيام العديد من العلامات التجارية الثرية بخفض ميزانياتها، فإن القول بأننا نعيش في أوقات صعبة هو تصريح مبسط ولا يعكس الحقيقة الكاملة. ولكن هناك طرق تساعد ليس فقط في النجاة من هذه الأزمة بل أيضاً الإزدهار خلالها.
في العام 2008، كنت ضمن مجموعة من المهندسين الذين كانوا يعملون على منصة لتمكين العمل الجماعي، وهو نفس المفهوم الذي نوقش في كتاب مالكوم جلادويل “The Tipping Point”. فمع الركود الاقتصادي الكبير، أطلقنا “Groupon” في نوفمبر 2008. وقد كانت رحلة مذهلة، وما تعلمناه خلال السنوات الثلاث الأولى التي سبقت طرح الاكتتاب العام في نوفمبر 2011، أظهر لي كيف أنه يمكن للشركات النجاة والازدهار أيضاً.
في شركتنا “Surkus”، نجتهد لوضع ممارسات وعمليات تكون مقاومة لتأثيرات الركود. فإذا كنا غير قادرين على مواجهة هذه العاصفة، فإننا لن نكون موجودين لمساعدة عملائنا وأعضائنا على تخطيها. وهذا يعني اعتماد عمليات مرنة وسريعة تكون قادرة على التأقلم والتكيف مع أي أزمة، كبيرة كانت أم صغيرة. استمرارية أعمال الشركات حول العالم وضعت تحت الاختبار، والذين امتلكوا خططاً واضحة لإدارة الأزمة نجحوا بمواجهة التحديات بشكل أفضل.
وأدناه هنا، 5 نقاط وتوصيات أساسية لكل الشركات التي تحاول التغلب على تأثيرات فيروس (كوفيد-19) والأزمة الاقتصادية المتزايدة.
- التكلفة والراحة والجودة ستعزز ثقة وولاء المستهلك على المدى البعيد
في الأوقات المضطربة، يركز المستهلكون أكثر على الحاجات الأساسية عوضاً عن الكماليات. وبينما سيرغب الأفراد بتجربة أشياء جديدة، يركز المستهلكون على مزيج من:
- السلع المنخفضة التكلفة التي توفر قيمة عالية للمستهلك
- المنتجات والخدمات التي تريح المستهلك من الضغوطات الإضافية
- تجارب عالية الجودة مع رسائل وروابط تخاطب وتستهدف المستهلك
المستهلكون يتطلعون للحصول على أسعار منخفضة على المدى القصير، ولكن من أجل خلق علاقات ناجحة وذات معنى، يجب على العلامات التجارية عدم إغفال أهمية الحفاظ على تجارب مريحة وعالية الجودة.
- قم باختيار الفريق الملائم
يشكل الفريق الذي تختاره للعمل معك ركيزة أساسية في هذه الأوقات. فهناك الكثير من التحديات التي ينبغي عليك التغلب عليها، وينبغي عليك أن تثق بفريقك لإيجاد الحلول.
ينبغي على الشركات والعلامات التجارية أن تكون قادرة على وضع الخطط والتجربة والتعديل والتنفيذ ومن ثم التعديل مجدداً وثم التطبيق مرة أخرى. ولن يكون بوسع أيّ كان أن يتحمل هذا التكرار السريع ضمن جدول زمني ضيق ومضغوط. ومن المهم إظهار مهارات قيادية واضحة والمحافظة على تواصل شفاف وصادق. وينبغي عليك أن تظهر لفريق عملك أنه يوجد هناك طريق للنجاح وان الأيام الأفضل بانتظارنا. وهذه هي بعض من الأشياء التي ترد بخاطري كل يوم كرئيس تنفيذي للشركة.
اسعَ لإيجاد الفريق الملائم الذي يفهم جيداً أهمية الوقت والاستفادة من الفرص، لكي تحقق النجاح وتتغلب كفريق واحد على التحديات التي تصادف مسيرتكم.
- قم بالقيادة من أجل هدف وليس من أجل الربح
يتطلع المستهلكون دوماً إلى علامات تجارية وشركات جديدة فحب الاستكشاف لن يختفي أبداً. التغيير الكبير يكمن في المتطلبات التي يريد المستهلك وجودها في العلامة التجارية. بخلاف المنتج الجيد والصلب والتجربة السهلة والسلسة، يطلب المستهلكون اليوم فهماً أعمق لقيم الشركة. هل هناك جانب إنساني وخيري لأعمالها؟ كيف تعامل الشركة موظفيها؟ هل تعتمد ممارسات صديقة للبيئة في نشاطاتها؟ فاليوم أكثر من أي وقت مضى، يظهر الناس تردداً في التواصل او شراء منتج من علامة تجارية لا يتشارك معها نفس القيم.
المستهلكون اليوم الذين يرتبطون بعلامة تجارية، سواءً أكانت محلية أو دولية، لا يديرون ظهرهم لها، بل يعملون بنشاط وبطرق متعددة لدعمها، ويعاملونها كفرد بعيد ولكن محبوب من العائلة. فالاستثمار في خطط تسويقية ممتازة تثمر ولاءً حقيقياً للعميل سيساعد بلا شك العلامات التجارية على النجاة بعيداً عن هذه الأزمة.
- المحافظة على عقلية مبتكرة
تأتي الفرص من حالات عدم اليقين. فكر ما هي الحاجات الأساسية في الحياة اليومية، وذلك لا يعني فقط الماء والغذاء، بل يعني الصحة والسعادة والأمان المالي. فالشركات التي توفر هذه الأنواع من الخدمات تشهد نمواً حالياً، وستحافظ على هذا النمو بينما نخرج من الأزمة، إما بعد ستة أشهر أو بعد ست سنوات من الآن.
النجاة ليس محصورة فقط بالشركات الثرية أو التي توفر خصومات أكبر. قدرتك على التكيف يعتبر أمراً هاماً. فالعلامات التجارية الصغير تستخدم منصات مثل “طلبات” و “ديليفيرو” بعد التأقلم مع الوضع وبدء توفيرهم خدمات بقالة يومية بعد تحديد هذه الحاجة الواضحة من المستهلك. المرونة وسرعة التكيف توفران للشركات الصغيرة ميزة تنافسية في وقت الأزمات، ويمكنني أن أتوقع أننا سنرى المزيد من قصص النجاة والازدهار للعلامات خلال هذه الأوقات.
- قم بإنشاء مجتمع
يهب الناس لدعم المشاريع الصغيرة بشكل غير مسبوق. فالمستهلكون يقومون بشراء بطاقات الهدايا لأماكن مغلقة حالياً، حتى تقوم تداعيات الأزمة وتفتح أبوابها في المستقبل. والمطاعم وتجار التجزئة تأقلموا بسرعة وأطلقوا خدمات إلكترونية وتوصيل في مسعى للحفاظ على استمرارية الأعمال رغم حالات الإغلاق. وتساهم شركات التقنية في المساعدة على خلق مجتمعات تحيط بهذه المشاريع الصغيرة. وهذه كلها أمثلة رائعة على قوة الناس وقدرتهم على الدفع نحو التغيير الإيجابي في أوقات الأزمات. فالرابط اليوم الذي يجمع بين الشركات والمجتمعات يمكن أن يصمد طوال العمر.
إنني فخور بأن شركتنا “Surkus” تعمل بنشاط على ربط وجمع العلامات التجارية مع المستهلكين من خلال تجارب افتراضية. وقد عمل فريقنا لتسريع إطلاق منتج جديد يساعد الشركات الصغيرة على تعزيز زيارات المستهلكين إلى المتاجر، مع تخفيف قيود الإجراءات الصحية الوقائية، لأن ذلك سيكون الوقت الذي نشهد فيه التأثير الأكبر على الاقتصادات المحلية حول العالم. آمل كنتيجة لهذه التحديات، أن نشهد بروز مجتمع أعمال عالمي أكثر قوة وترابطاً. مجتمع نجد فيه الشركات تعطي أولوية للأهداف بدل الربح، وتركز على خلق انتماء وولاء طويل المدى من خلال التواصل المجدي.
وبينما تعتبر هذه المسائل بلا شك تحديات في هذه الأوقات الصعبة، هناك ضوء في آخر النفق. ستمضي هذه الأزمة، ولكن حتى ذلك الوقت، الناس سيستمرون بالاستهلاك براحة وسلامة من بيوتهم. وعندما يصبح بمقدورهم الخروج من منازلهم، ستبقى علامتكم التجارية في قلوبهم، وذلك بفضل الطريقة التي قمتم باعتمادها للتواصل معهم.