أكد مسؤولون حكوميون واقتصاديون مشاركون في الدورة السادسة من مجلس الشارقة الاقتصادي الرمضاني، التي نظمت أمس (الأربعاء) تحت عنوان “تأثير الحزم على جاذبية واستقرار الاقتصاد”، أن دولة الإمارات العربية المتحدة تعد من أوائل الدول حول العالم التي كانت استجابتها سريعة في مواجهة جائحة كورونا ومعالجة الأثار الناجمة عنها عبر اتخاذها جملة من الإجراءات الاحترازية في القطاعات الاقتصادية والصناعية والأسواق والشركات الكبرى والصغيرة والمتوسطة.
وأوضح المشاركون في المجلس، الذي نظمته عن بعد عبر برنامج “زووم”، هيئة الشارقة للاستثمار والتطوير (شروق)، بالتعاون مع غرفة تجارة وصناعة الشارقة، ومكتب الشارقة للاستثمار الأجنبي المباشر (استثمر في الشارقة)، أن المحفزات الحكومية أسهمت بشكل مباشر وفعال في مساعدة الشركات في دولة الإمارات العربية المتحدة على مواجهة أزمة فيروس كورونا، وعززت ثقة المستثمرين وقطاع الأعمال بالمناخ الاقتصادي والاستثماري في الدولة، مشيرين إلى أن حزمة التحفيز الاقتصادي لحكومة الإمارات والتي تستهدف القطاعين المالي والخاص بلغت 282 مليار درهم حتى الآن وذلك كجزء من خطة التحفيز طويلة الأجل لتسريع تعافي الاقتصاد وتشجيع الاستثمارات.
وركزت الدورة السادسة من المجلس، الذي استضاف نخبة من الرؤساء التنفيذيين من الجهات الحكومية والخاصة، وعدد من السفراء والقناصل ورجال الأعمال والمستثمرين والإعلامين، على تأثير حزم الدعم الحكومي على استقرار وجاذبية الاقتصاد الوطني جراء تداعيات جائحة كورونا التي أصابت مختلف دول العالم وفرضت عليها نمط حياة وأعمال مختلف سمته الأساسية التباعد الاجتماعي، وذلك من خلال أربعة محاور هي، حزم التسهيلات وتعزيز ثقة المستثمرين، ودروس الأزمة، والقطاعات الحيوية، وتجارب مبدعة ورؤية حكيمة.
وجاء اختيار مكتب الشارقة للاستثمار الأجنبي المباشر (استثمر في الشارقة) التابع لهيئة الشارقة للاستثمار والتطوير (شروق) لهذه المحاور ليكون سباقاً في استخلاص الدروس الإيجابية من الأزمة ومساعدة قطاعات الأعمال في إقرار سياساتها وخططها المستقبلية.
وشارك في الجلسة كل من سعادة عبدالله آل صالح وكيل وزارة الاقتصاد لشؤون التجارة الخارجية والصناعة، وسعادة مروان بن جاسم السركال الرئيس التنفيذي لهيئة الشارقة للاستثمار والتطوير (شروق)، وسعادة فهد القرقاوي المدير التنفيذي لمؤسسة دبي لتنمية الاستثمار، وسعادة حسين محمد المحمودي الرئيس التنفيذي لمجمع الشارقة للبحوث والتكنولوجيا والابتكار، ونجلاء المدفع الرئيس التنفيذي لمركز الشارقة لريادة الأعمال (شراع)، وسعادة محمد عبد الله الرئيس التنفيذي لمصرف الشارقة الإسلامي، ومحمد جمعة المشرخ، المدير التنفيذي لمكتب الشارقة للاستثمار الأجنبي المباشر (استثمر في الشارقة) وسامح عبدالله القبيسي نائب مدير عام مكتب أبوظبي للاستثمار، في حين أدار الجلسة عبد الكريم حنيف الإعلامي ومقدم البرامج في إذاعة (بلس 95).
التركيز على القطاعات الأكثر تضرراً من تبعات “كورونا”
وحول حزم الدعم الاقتصادي الشاملة التي أطلقتها دولة الإمارات لمواجهة تداعيات فيروس كورونا المستجد (كوفيد-19) على قطاع الأعمال، “في إطار الخطة التحفيزية الطويلة الأجل لتسريع الانتعاش وتشجيع الاستثمارات، بلغ إجمالي حزم التحفيز الاقتصادي لحكومة دولة الإمارات التي تستهدف القطاع المالي والقطاع الخاص 282 مليار درهم، وستركز هذه الحزم على القطاعات الأكثر تضرراً من تبعات الجائحة، وعلى رأسها الشركات الصغيرة والمتوسطة.
وتشرف لجنة جديدة يترأسها معالي وزير الاقتصاد المهندس سلطان المنصوري على وضع خطط انتعاش على المدى القصير والمتوسط والطويل، وتشمل هذه الخطط مراجعة الاستراتيجيات الرامية لتشكيل ملامح مستقبل الاقتصاد الإماراتي، إذ تكمن قوة اقتصاد دولة الإمارات في استراتيجيتها القائمة على التنافس والتنوع، وفي الوقت نفسه، سنحرص على الاستفادة من كفاءة السياسات الحكومية المتعلقة بالقطاعين المالي والتجاري، بالإضافة إلى الكفاءة والتعاون الوثيق والتكامل بين الشركات العاملة في القطاعين العام والخاص، لأنها مكنتنا من التغلب على الأزمات الاقتصادية في الماضي.
وحكومة الإمارات توفر الضمانات والتطمينات لمجتمع الأعمال
وتأتي أهمية دور حكومة دولة الإمارات في توفير الضمانات والتطمينات لمجتمع الأعمال من خلال مجموعة من الحزم التحفيزية، منها استهداف حكومة الشارقة لقطاع الطيران والمناطق الحرة والموانئ والشركات الصغيرة والمتوسطة، التي كانت أكثر القطاعات تضرراً من فيروس كورونا المستجد (كوفيد-19).
وتستند الحزمة التحفيزية الحالية التي أطلقتها الشارقة لمدة ثلاثة أشهر إلى الحقائق القائمة ويمكن تمديدها بعد دراسة وتقييم الوضع، فقد سارعت الشارقة لتنفيذ استراتيجية التحول الرقمي الشامل في وقت مبكر، بتوجيهات الشيخ فاهم بن سلطان القاسمي، رئيس دائرة العلاقات الحكومية ورئيس اللجنة العليا للتحول الرقمي في الشارقة، حيث أن الأجندة الرقمية لدولة الإمارات، التي تشكل جوهر رؤيتها الوطنية، مكنتنا من تعزيز أدائنا وإنجازاتنا أمة واحدة، لا سيما أننا نمتلك كافة الاستعدادات، وبشكل خاص على الصعيد الرقمي.
وتحتاج الشركات حالياً إلى تحديد الأدوار والمسؤوليات ووضع أهداف واضحة والاتفاق على استراتيجيات نمو فعالة، فضلاً عن تحديد طبيعة العوامل التي تضمن تحقيق الاستقرار ضمن المؤسسة أو الشركة، وفي مقدمتها وضع خطط واضحة للتعامل مع حالات تفشي الأمراض المعدية والأوبئة .
تعزيز القدرة التنافسية للإمارات في النظام الاقتصادي العالمي
هذا وتُمثّل الظروف الراهنة اختباراً واقعياً شاملاً لكافة جوانب حياتنا، واستراتيجياتنا الحكومية، وسياساتنا المؤسسية، حيث تطلبت هذه الظروف تعزيز قاعدة أعمالنا الرقمية، ونجحنا بتحقيق ذلك، حيث إننا نتكيف مع واقعنا الجديد، ونحن على ثقة بأننا سنخرج من هذه الأزمة أقوى مما كنا عليه، ليس فقط كأمة واحدة بل كعالم واحد.
وتعزز الحزم التحفيزية القدرة التنافسية لدولة الإمارات في النظام الاقتصادي العالمي، والقيمة المضافة التي منحتها للقطاعات الحيوية، حيث أن الحزم التحفيزية الأقوى في المنطقة التي أطلقتها دولة الإمارات ستسهم بتسريع عملية انتعاش ونمو القطاعات الرئيسة الناشئة. مع أن بعض القطاعات مثل السياحة والطيران والبتروكيماويات والبيع بالتجزئة تلقت ضربة قاسية، إلا أن بعض القطاعات الأخرى تشهد نمواً كبيراً، وأبرز هذه القطاعات التكنولوجيا والبحوث والتطوير والرعاية الصحية والتعليم وقطاع الأغذية، وها هي استعدادات دولة الإمارات على الصعيد الرقمي تأتي ثمارها، ومن المتوقع أن تشهد هذه القطاعات استثمارات كبيرة في المستقبل.
الجائحة سرعت رحلة التحول الرقمي
وعن سبل الاستفادة من التكنولوجيا لتوفير فرص جديدة، فأن دولة الإمارات أثبتت قدرتها على الاستفادة من التكنولوجيا والاستثمار في التقنية، وتبني استراتيجيات التحول الرقمي لتطوير الأداء وتعزيز الناتج الاقتصادي. وأسهمت جائحة فيروس (كورونا) بتسريع رحلتها نحو التحول الرقمي وبناء عالم يعمل بالطاقة الرقمية، إذ تسهم التكنولوجيا الناشئة اليوم بتطوير المفاهيم التجارية، والحياة اليومية، وتواصل دفع عملية التنمية في قطاعات التعليم والاقتصاد والرعاية الصحية بالإضافة إلى قيادة المجتمع.
منح تحفيزية للشركات الناشئة
وشهدت الشركات الصغيرة والمتوسطة ظروفاً متباينة في ظل انتشار هذه الجائحة العالمية، التي ألقت بظلالها بشكل سلبي على قطاعات معينة، في حين وفرت عدداً من الفرص لقطاعات أخرى، وبينت أن الشركات الصغيرة والمتوسطة التي تطور حلولاً لمواجهة الجائحة ستؤدي إلى ظهور فئة ثالثة من المستفيدين تتألف من الشركات الناشئة في قطاعات التكنولوجيا الصحية، والخدمات اللوجستية، والتعليم، والتوظيف.
ويُركز (شراع) على منهج يبدأ من القاعدة وينتهي بالقمة بهدف تحفيز نمو الشركات الصغيرة والمتوسطة، وأبرز مبادراته في هذا المجال الصندوق التضامني بقيمة مليون دولار الذي أطلقته الشيخة بدور بنت سلطان القاسمي، رئيس هيئة الشارقة للاستثمار والتطوير (شروق)، بهدف مساعدة الشركات الناشئة التي تضررت بسبب فيروس كورونا المستجد (كوفيد-19)، حيث يقدم الصندوق التمويل الطارئ عن طريق المنح التحفيزية للشركات الناشئة التي تمتلك نماذج أعمال راسخة لكنها تعاني من تداعيات الظروف الراهنة، كما سيعمل الصندوق على دمج الشركات الناشئة من خلال سلاسل التوريد الخاصة بالمنتجات والخدمات التي يتم شراؤها من قبل مركز (شراع) أو المؤسسات الشريكة له في الشارقة.
الالتزام بمفاهيم استدامة الأعمال
اما فيما يخص الاستثمار الأجنبي المباشر (استثمر في الشارقة)، يحرص مجلس الشارقة الاقتصادي الرمضاني في كل دورة من دوراته على مناقشة أبرز الموضوعات الاقتصادية التي تهم دولة الإمارات بشكل عام، وتأتي أهمية تركيز المجلس في دورته السادسة على تأثير حزم الدعم الحكومي في تعزيز مناعة الاقتصاد من تداعيات فيروس كورونا المستجد، انطلاقاً من دور حزم التسهيلات الحكومية في استقرار الاقتصاد المحلي وتعزيز ثقة المستثمرين فيه، إلى جانب تعزيز تنافسية الدولة في منظومة الاقتصاد العالمي، وتحديد بوصلة التوجهات الاستثمار المستقبلية، في ظل هذه الجائحة.
وقد أظهرت أزمة كورونا أهمية الالتزام بمفاهيم استدامة الأعمال، وتعزيز جهوزية وجاذبية القطاعات الاقتصادية الحيوية، وتحدث في هذا السياق عن المبادرات التي أطلقها مركز الشارقة لخدمات المستثمرين (سعيد)، لدعم قطاع الأعمال والمستثمرين خلال الأزمة الصحية عبر تقديم خدماته دون مراجعة المركز، إلى جانب إعفاء القطاع الخاص من الرسوم الإضافية لضمان استمرارية أعماله وإجراءاته وحماية مصالحه، من خلال مبادرة “خلك في البيت والباقي علينا.
يشار إلى أن هيئة الشارقة للاستثمار والتطوير (شروق)، نظمت بالتعاون مع غرفة تجارة وصناعة الشارقة، ومكتب الشارقة للاستثمار الأجنبي المباشر (استثمر في الشارقة)، الدورة الخامسة من مجلس الشارقة الاقتصادي الرمضاني العام الماضي، تحت عنوان “الحوافز والتسهيلات التشجيعية لممارسة الأعمال”.