دبي – خاص
بقلم نضال أبوزكي، مدير عام “مجموعة أورينت بلانيت“
استطاعت دولة الإمارات العربية المتحدة أن تكون السباقة على المستوي العالمي، في استشراف التطورات العالمية ومواكبتها في ظل عصر الابتكار، مشكّلةً نموذجاً فريداً للاستثمار بالإنسان واحتضان المواهب الواعدة والكفاءات حول العالم. وانطلاقاً من مكانتها العالمية المرموقة كوجهة مثالية للاستثمار والابداع في مختلف المجالات، أطلقت الدولة “استراتيجية الإمارات لاستشراف المستقبل“ التي تهدف إلى التفكير في مستقبل القطاعات كافة، وبناء الجاهزية للمستقبل ووضع الدراسات والسيناريوهات التي تعزز التنوع الاقتصادي، والاستفادة من قدرات القطاعات الناشئة بما فيها الابتكار وريادة الأعمال والمشاريع الصغيرة والمتوسطة.
ويبرز قطاع المشاريع الصغيرة والمتوسطة باعتباره مساهماً رئيساً في الاقتصاد الوطني ومحركاً قوياً لعجلة التحول نحو اقتصاد تنافسي منتج قائم على الابتكار والمعرفة. ومن هنا، أولت دولة الإمارات اهتماماً بالغاً بتمكين ودعم هذا القطاع الحيوي، من خلال اعتماد حزم تحفيزية وتطوير أنظمة وتشريعات وقوانين جديدة تشجع المواهب الإبداعية وتدعم المشاريع الناشئة للوصول إلى مستويات جديدة من التميز. وتكللت الجهود الوطنية السبّاقة في وضع الدولة في صدارة الاقتصادات العربية وبين أفضل 20 اقتصاداً عالمياً في ممارسة أنشطة الأعمال للعام 2020 وفق تقرير “البنك الدولي“، معززةً ريادتها كوجهة جاذبة للمبتكرين ورواد الأعمال والمستثمرين.
وفي ظل تأثير انتشار فيروس “كوفيد-19” المستجد، المعروف بـ “كورونا”، على اقتصادات دول العالم، كانت الإمارات من السباقين في طرح خطط اقتصادية استباقية للتعامل بفعالية مع التحديات المحتملة، مع التركيز على رفد القطاعات الحيوية بحوافز مالية لاحتواء أية تداعيات. واعتمد المصرف المركزي تدابير عدة في سبيل تحصين الاقتصاد الوطني وحماية المستهلكين والشركات، وفق خطة شاملة بقيمة 100 مليار درهم لدعم الأفراد والبنوك ومجتمع الشركات، فيما تم تخصيص 16 مليار درهم إضافياً لخفض تكلفة الأعمال وضمان استمراريتها ودعم الشركات الصغيرة والتعجيل بتنفيذ مشروعات البنية التحتية الحكومية. ويأتي قطاع المشاريع الصغيرة والمتوسطة في مقدمة القطاعات المستفيدة من الحوافز الجديدة، حيث أقرت “مؤسسة محمد بن راشد للمشاريع الصغيرة والمتوسطة” بتخصيص 20% من مشتريات “محمد بن راشد للإسكان” لدعم رواد الأعمال والمشاريع الصغيرة والمتوسطة، في خطوة متقدمة على درب توجيه طاقات وإمكانيات رواد الأعمال الشباب في خدمة مسار التنمية الشاملة، تحقيقاً لرؤية وتوجيهات صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء وحاكم دبي.
وتمضي دولة الإمارات في دورها الفاعل كشريك حقيقي في دعم الجهود العالمية لمكافحة وباء كورونا، مقدمة كافة التسهيلات اللازمة لاحتواء التداعيات على كافة المستويات، بما فيها الاقتصادية. إذ خصصت حكومة أبوظبي 9 مليار درهم لتحفيز الاقتصاد، 3 مليار درهم منها مخصصة لتنشيط تمويل الشركات الصغيرة والمتوسطة، إلى جانب سلسلة من التسهيلات والحوافز التي تترجم رؤية الحكومة في دعم الاقتصاد عبر تسهيل القوانين والتشريعات الاستثمارية الضامنة لتعزيز قدرة هذه الشركات على تجاوز الظروف الحالية ومواصلة النمو. وبالمقابل، أطلق المجلس التنفيذي لإمارة أبوظبي حزمة مبادرات احترازية في ظل التداعيات الاقتصادية السلبية لفيروس كورنا، تستهدف بالدرجة الأولى دعم القطاع الخاص مع التركيز على الشركات الناشئة من أجل تسريع وتيسير الأعمال. ولا تقتصر أهمية الخطوات المتتالية على أثرها الإيجابي المباشر على المشاريع الصغيرة والمتوسطة فحسب، وإنما تعتبر حجر الأساس لتعزيز مساهمة هذا القطاع الحيوي في دفع الاستقرار الاقتصادي في خضم التحديات الراهنة، إلى جانب تخفيف العبء المالي على أفراد المجتمع.
ويأتي الدعم الحكومي لقطاع المشاريع الصغيرة والمتوسطة ليمهد الطريق أمام الحد من الآثار الاقتصادية والمالية الناجمة عن انتشار فيروس كورونا عالمياً، فضلاً عن فتح آفاق جديدة أمام رواد الأعمال لإطلاق العنان لطاقاتهم الإبداعية واستثمار مواهبهم في توجيه الاقتصاد نحو أعلى درجات الإبداع والابتكار وإعادة تشكيل ملامح المشهد الاقتصادي، استناداً إلى الإنتاجية العالية والتنافسية والنمو المسؤول. ومما لا شكّ فيه بأنّ الإجراءات الاقتصادية التحفيزية تعزز جاهزية الإمارات للاستجابة بفعالية للتحديات الإقليمية والعالمية، واضعةً الأطر الضامنة لمواصلة ترسيخ حضورها القوي كمركز جاذب لأفضل الخبرات والعقول والكفاءات ضمن بيئة اقتصادية مرنة تتسم بالتنوع والإنتاجية والاستدامة.