يُهدّد التفشي الحالي لفيروس كورونا على مستوى العالم، وتداعياته الاقتصادية الواضحة، بالدفع نحو حالة من الركود، مع استمرار حالة عدم اليقين خلال الربع الثاني من عام 2020. ومع تزايد حالات الإصابة الجديدة بالفيروس في بلدان الشرق الأوسط، واقترابها من حاجز المليون إصابة على مستوى العالم، تتعرض الاقتصادات العالمية لضغوط كبيرة تسهم في فقدان الكثير من الناس لوظائفهم. وهذا دفع الحكومات إلى توفير حزم تحفيز اقتصادي تساعد أصحاب الشركات على مواصلة أعمالهم خلال هذه الفترة.
وفي الآونة الأخيرة، كشفت إمارة دبي النقاب عن حزمة تحفيز اقتصادي تشمل مناطقها الحرة، في ضوء ما يوصف بأنه ’ظروف استثنائية’ تواجه الاقتصاد. وتهدف الخطة إلى دعم الشركات في إمارة دبي، وبخاصة المؤسسات الصغيرة والمتوسطة. وتشتمل الخطة ذات النقاط الخمس على تأجيل دفعات الإيجارات لمدة ستة أشهر، وتجميد أقساط القروض، واسترداد دفعات التأمين والضمانات، وإعفاء الشركات والأفراد من الغرامات، إلى جانب السماح بإنجاز عقود عمل مؤقتة تتيح للعمالة سهولة الانتقال بين شركات المناطق الحرة حتى نهاية العام.
ومن المتوقع أن تتجاوز العديد من الشركات الصغيرة والمتوسطة في دولة الإمارات هذه المرحلة الصعبة، لتخرج منها بحالة أقوى من أي وقت مضى. والخبر الجيد في هذا الإطار، هو توفر العديد من الخطوات التي يمكنكم اتخاذها كشركة صغيرة أو متوسطة، لضمان قدرتكم على البقاء واستمرارية أعمالكم، بل والازدهار أيضاً في الظروف الاقتصادية الصعبة.
فيما يلي يقدم لنا فيريش هاردوث، نائب رئيس قطاع الشركات الصغيرة في شركة سايج الشرق الأوسط وأفريقيا أهم النصائح الشركات الصغيرة لمواجهة الركود الاقتصادي
- إدارة الدفق النقدي بشكل أكثر صرامة
إن أهم ما يضمن بقاء الشركات أثناء الركود هو مراقبة الدفق النقدي بشكل أكثر صرامة. يجب إجراء تنبؤات دورية للدفق النقدي لتقدير حجم الأموال الواردة والخارجة، وهذا الأمر يساعد الشركة على التعامل مع الوضع بكفاءة بحسب الموارد المتوفرة. إن توفر حلول محاسبية جيدة أيضاً تساعدك على توقع الدفق النقدي بناءً على موعد استحقاق الفواتير وموعد استرداد قيمة المذكرات الدائنة والأخذ بعين الاعتبار أي دخل أو نفقات متكررة.
في هذه المرحلة، يجب تجنب البيع الآجل خاصة إذا كان عليك تسديد ضريبة القيمة المضافة على دفعاتك للمزودين قبل أن يقوم العميل بتسديد قيمة الفاتورة. لكن إذا كنت تعمل في قطاع لا يمكنك فيه تجنب البيع بالدين (كتقديم الخدمات القانونية للشركات على سبيل المثال)، يجب التأكد من إمكانية استلام الدفعات عند استحقاقها.
- خفض النفقات
إذا كنت تتوقع انخفاضاً في العائدات، فإن خفض النفقات طريقة فعالة للحفاظ على الربحية. فمثلاً، يمكنك إدارة أعمالك بشكل افتراضي عبر الإنترنت إذا كنت تعمل في قطاع التسويق. فبدلاً من إنفاق الأموال على الاستئجار والوقود وغير ذلك، يمكن توجيه فريق العمل والعملاء على حد سواء لاستخدام الأدوات المتاحة عبر الإنترنت للتعاون.
لا تنسَ كذلك أن تراجع نفقات التشغيل اليومية. فمثلاً، هل قمت بتغيير مزود خدمات التأمين مؤخراً، وهل تحصل على قيمة مضافة لما تدفعه؟ هل ستتمكن من الاستمرار في تحمل نفقات الفطور الصباحية لفريق عملك، وهل تنفق على أغراض ومشتريات غير ضرورية؟
إن خفض عدد الموظفين يجب أن يكون ملاذك الأخير – مالم تكن شركتك متخمة بأعداد الموظفين غير المطلوبين أصلاً – وذلك لأن عملية التسريح قد يكون لها أثر سلبي على خدمة العملاء والروح المعنوية للفريق. كما ستواجه تكاليف إضافية للتوظيف والتدريب في المستقبل عندما تعود مرحلة النمو وتبدأ مجدداً باستقطاب موظفين جدد.
- التحول إلى قطاع منيع أمام الركود
إذا كان قطاع أعمالك الأساسي يعاني من الضغوطات، ابحث عن فرص أخرى لاستغلال مهاراتك وبنيتك التحتية لاستهداف أسواق منيعة أمام الركود. فمثلاً، إذا كنت تدير متجر سوبر ماركت، يمكنك تقييم النقاط السلبية والإيجابية الناجمة عن العمل في قطاع الأطعمة المخفضة التي تباع بالجملة. وإذا كنت تاجراً للسيارات، يمكنك التركيز أكثر على قطاع الصيانة وبيع السيارات المستعملة عوضاً عن بيع سيارات جديدة في السوق. أما إذا كنت تعمل في قطاع التصميم الداخلي، يمكنك العمل في تطوير المنازل لتصبح جاهزة للبيع في سوق العقارات.
- التركيز على خدمة العملاء
تذكر أن عملاءك يتعرضون إلى الضغوطات أيضاً أثناء الأزمات، وهم سيفكرون ملياً قبل أن ينفقوا درهماً واحداً. إن أهم عامل يساعدك على تجاوز مرحلة الركود بسلام هو الحفاظ على أكبر عدد ممكن من عملائك وتزويدهم بالخدمة عالية الجودة التي يتوقعونها منك دائماً.
حاول قدر الإمكان أن تحافظ على سوية خدمة عملاء جيدة أثناء خفض النفقات. وإذا كنت تواجه خياراً صعباً بين الحفاظ على معاييرك العالية وتلبية المتطلبات السعرية التي يبحث عنها العملاء، كُن شفافاً في القرارات التي تتخذها وكيف ستؤثر هذه القرارات على العميل.
فمثلاً، إذا كنت تتوقع أسعار صرف ضعيفة من شأنها أن تؤثر على تكاليف منتجات العناية بالشعر التي تستخدمها في صالون الحلاقة الخاص بك، أخبر عملاءك أنك سترفع أسعارك أو ستتحول إلى استخدام منتج بديل أقل تكلفة. احرص على إتاحة خيارات مختلفة لعملائك وانظر أي هذه الخيارات هي الأكثر مناسبة للعميل.
- كن ذكياً في التعامل مع المبيعات والتسويق
تخطئ العديد من الشركات الصغيرة عندما تُوقف جميع عمليات التسويق أثناء فترة الركود. لكن هذا الإيقاف القصير الذي يبدو أنه سيوفر في التكاليف سيؤثر مستقبلاً على المبيعات. لذا فإن الحفاظ على عمليات التسويق والمبيعات خلال الأزمات يساعد شركتك على تعزيز حصتها في السوق، خاصة وأن الشركات المنافسة الأخرى قد تقوم بخفض نفقاتها في هذه الفترة.
بدلاً من إيقاف جميع عمليات التسويق، بادر إلى مراجعة نفقاتك لكي تحدد أفضل المجالات التي تنتج عوائد على الاستثمار. قد يكون التركيز على استخدام القنوات الرقمية ذات التكلفة المنخفضة، مثل أدوات البحث ومواقع التواصل الاجتماعي، أفضل فعلياً بالنسبة إليك من الإنفاق على الإعلانات المطبوعة أو الإذاعية. كما تسهم التخفيضات وعروض الأسعار في تعزيز المبيعات في ظروف السوق الصعبة.
إطلاق مشروع أثناء فترة الركود
إذا كنت تفكر بإطلاق مشروع معين، لست مضطراً إلى تغيير خططك بسبب الأزمة الاقتصادية، فهناك العديد من الشركات التي تزدهر أعمالها في أي اقتصاد كان، ويمكنها النجاح في فترة الركود. وتشمل الأمثلة على هذه القطاعات ما يلي:
- خدمات المحاسبة
- استشارات الديون
- الاستشارات المالية
- التدريب والتعليم
- الإصلاح والصيانة
- حسومات التجزئة
تذكر في النهاية أن شركات عملاقة مثل جنرال إلكتريك ومايكروسوفت وبرجر كينج وغيرها الكثير تأسست في ظل ظروف اقتصادية صعبة. إن إطلاق الأعمال أو المشاريع خلال فترة الركود هو سيف ذو حدين، لكنك ستتمكن من التعلم وتطوير عادات جيدة وتعزيز إمكانات النمو عندما يتعافى الاقتصاد.