بقلم: محمد باقر، نائب رئيس مجلس الإدارة والرئيس التنفيذي في جلف ماركيتنج جروب
باتت الشركات الصغيرة والمتوسطة ركيزة جوهرية في بنية الاقتصاد الوطني في دولة الإمارات العربية المتحدة، إذ تمثّل أحد القطاعات الواعدة التي تشهد نمواً سنوياً مطرداً، لاسيما أنها ساهمت بنسبة 53% من إجمالي الناتج المحلي للدولة في عام 2019. وفي ضوء تسارع انطلاق المبادرات الحكومية الرامية إلى دفع عجلة نمو هذا القطاع الحيوي، تمتلك هذه الشركات فرصة ثمينة للاستفادة من البيئة الداعمة في الدولة عبر تركيز جهودها على التطور لتغدو أكثر ازدهاراً.
وفي الوقت الذي تواصل فيه دولة الإمارات جهودها الرامية إلى تعزيز التنوع الاقتصادي، من المتوقع لقطاع الشركات الصغيرة والمتوسطة أن يلعب دوراً حيوياً متنامياً في تمكين هذا التغيير الاقتصادي. فالشركات الصغيرة والمتوسطة تشكل نحو 95% من إجمالي عدد الشركات في الدولة، وتوفر فرص العمل لنحو 90% من كوادرها البشرية خارج القطاعات الحكومية وغير النفطية.
وبفضل تركيزها على العديد من الجوانب المتنوعة، ومساهمتها الواضحة في نسيج الدولة الاقتصادي، نجد من المنطقي أن ترسي الحكومة مجموعة واسعة من التدابير والإجراءات التي تؤسس لمنظومة مواتية لتأسيس المزيد من الشركات الصغيرة ونموها.
إن المناخ الاستثماري الداعم في دولة الإمارات العربية المتحدة يوفر للشركات الصغيرة والمتوسطة مزايا تفتقر إليها الكثير من البلدان الأخرى، حيث يمكنها من توجيه تركيزها نحو تأسيس الأعمال وتطويرها لتحقيق أقصى استفادة ممكنة من هذه البيئة الاستثمارية المشجعة
وبما أن الشركات الصغيرة والمتوسطة تزاول نشاطها في شتى قطاعات الأعمال، يتطلب تنظيم عملها العديد من الطرق والخطوات. وتبرز من هذا المنطلق أهمية وجود رؤية محددة وهدف واضح يلهم الشركة لتحقيق أولى إنجازاتها ووضعها على المسار الصحيح، الأمر الذي سيساعد في ضبط إيقاع الخطوات اللاحقة، بما فيها بناء هوية العلامة التجارية وتوجهها وخطة العمل والطموح وغير ذلك. أضف إلى ذلك أن الهيكل التنظيمي المتين وصياغة استراتيجية إدارية لقياس المعايير المحددة مسبقاً هي عوامل تزوّد الشركة ببنية قوية وجديرة بالثقة.
ومن جهة أخرى، فإن ترسيخ المكانة الصحيحة للشركات الصغيرة والمتوسطة والتفكير مليّاً في جمهورها المستهدف سيساهم جليّاً بقياداتها نحو النجاح وتحقيق النمو. وعلى الرغم من الأهمية المحورية لهذين العاملين في نجاح الأعمال، فإن أصحاب العمل غالباً ما يغفلون عنهما أو يعجزون عن إدراك أهميتهما.
ثمّة العديد من الطرق التي يمكن أن نسلكها لترسيخ المكانة الصحيحة لشركتنا. وأحدها الإخلاص التام للرؤية التي وضعناها، ولأنفسنا. فعبر دمج هويتنا الشخصية بأعمالنا وعلامتنا التجارية، سيتغلل شغفنا في كل خطوة نمضي بها. وسيضيف ذلك مزيداً من التميز إلى علامتنا التجارية، وفي نهاية المطاف، ستكون العلامة فريدة من نوعها مهما حاول الآخرون تقليدها.
إن إضفاء طابعنا الشخصي ولمستنا على الشركة سيجعلها أكثر ارتباطاً بالجمهور الرئيسي المستهدف، والذين على الأرجح يتقاسمون معنا ذات القيم والاهتمامات. وسيميز هذا الأمر علامتنا التجارية بارتباطها بشكل وثيق مع الجمهور المستهدف، وهو ارتباط لا تتمتع به العلامات التجارية المنافسة، بما يساعدكم على التميز عن الجميع. وإذا استطعنا ترسيخ الطابع الشخصي الذي يربطنا بالعملاء عبر استخدام البيانات الضخمة والحلول الذكية لتخصيص تجاربهم، سنتمكن بلا شك من تعزيز مكانتنا. وسيكون تحقيق هذا الهدف بسيطاً للغاية، بطرق مثل إرسال رمز خاص بمنحهم حسومات في يوم عيد ميلادهم، إذ أن هذا القدر البسيط من التفاعل شخصياً مع العملاء سيكون ذا تأثير كبير لترسيخ ألفتهم وولائهم للعلامة التجارية.
بوجود مثل هذه البيئة التشريعية والتنظيمية المواتية لتأسيس الأعمال والتي وطدت دعائمها الحكومة الرشيدة في دولة الإمارات العربية المتحدة، ثمّة فرصة ثمينة لكل رائد أعمال لتجسيد أفكاره الخلّاقة والمبتكرة وحصد ثمار نجاحها بسرعة. إن هذه الدولة الحيوية التي يتزايد عدد سكانها يوماً تلو الآخر، توفّر شرائح متنوعة من العملاء الذين يعتبرون هدفاً مثالياً لشتى أنواع الشركات. إذاً، بما أن الأساس موجود بالفعل، فجلّ ما نحتاجه هو عقول مبدعة، ومهارات ريادة الأعمال لتأسيس شركة مستعدة للازدهار.