* بقلم رولا تسابحجي المحررة في مجلة إغنايت “Ignite”
كشفت دراسة أجرتها منظمة الرؤساء الشباب”YPO” Young Presidents’ Organization، مؤخراً، أن أفراد المنظمة في منطقة الشرق الأوسط من النساء بدأوا بلعب دور قيادي في مجالات السياسة العامة والمشاريع الاقتصادية والاجتماعية، رغم الإحصاءات التي أظهرت تراجعاً في نسبة المشاركة الاقتصادية للمرأة على مستوى المنطقة إلى مستويات دون المتوسط العالمي.
أشارت رولا تسابحجي إلى أن هذه الدراسة التي تضمنت مشاركة عدد من رائدات الأعمال في المنطقة، جاءت لتسلط الضوء على آرائهم المتعلقة بالمتغيرات والتطورات الأخيرة التي طرأت على دور المرأة ضمن قطاع الأعمال في منطقة الشرق الأوسط.
وأكدت تسابحجي، أن التقرير الصادر عن “المنتدى الاقتصادي العالمي” بعنوان “الفرق بين الجنسين”، تطرق إلى التغيير الحاصل في هذه القضية، في إشارة إلى إزالة الفروقات بين الجنسين بمعدل 60 بالمائة، بحلول نهاية عام 2014، والتي استحوذ قطاع التعليم منها على النصيب الأكبر من التطور بنسبة 93 بالمائة في السياق ذاته، في وقت واصلت المنطقة خلاله تواجدها في ذيل القائمة فيما يتعلق بالجهود المبذولة لإلغاء الفجوة بين الجنسين في مجال المشاركة الاقتصادية واقتناص الفرص ضمن المؤشر الفرعي للتقرير، بنسبة 42 بالمائة.
من جانبها، أكدت الكاتبة والأكاديمية شيرين الفقي، الحاصلة على شهادة الدكتوراه، أن هناك ضرباً من التناقض بين ارتفاع معدلات تعليم الإناث في أجزاء عديدة من المنطقة العربية، والنقص في معدلات المشاركة العمالية للنساء في العالم. وقالت:
ثقافة الخوف
ووفقاً للدكتورة الفقي، فإن إحدى أهم الحلول، وعلى الرغم من تحديات البدء بعمل خاص، وصعوبة الحصول على رؤوس الأموال لمواجهة ثقافة الخوف والهروب من المخاطر، وتمويل رأس المال الاستثماري المحدود، فإن روح المبادرة الفردية هي سيد الموقف، وهو تماماً ما تقوم به بعض النساء اللاتي تغلّبن على القيود الهيكلية والثقافية في العالم العربي. وخاصة في بلدان عربية مثل لبنان، حيث روح المبادرة لدى النساء هي من أعلى المعدلات في المنطقة.
من جهتها، أدركت كريستين صفير الرئيس التنفيذي لشركة “تريتس” القابضة، والتي كانت جزءاً من منتدى القيادات الاقتصادية العالمية الشابة عام 2014 والعضو في “YPO”، في لبنان، الحاجة الملحة إلى التوسع خارج المنطقة وقامت بتحديد الفرص الكبيرة من حولها فافتتحت في الولايات المتحدة سلسلة مطاعم لبنانية، كما أطلقت العلامة “سمسم” لأول مرة في الدول العربية، وفي عام 2013 افتتحت موقعاً لذات العلامة في نيويورك.
وفي هذا السياق، قالت صفير: “بسبب صغر سني، كان عليّ العمل بشكل مكثف جداً لإدارة العمل، ولكن باعتباري إمرأة في العالم العربي فإن هذه النقطة من الممكن أن تساعدني إيجابياً، وأود القول بأن أكبر جزء في تقييد حرية المرأة هو المرأة نفسها”.
وبدأت صفير أعمالها التجارية الخاصة في ربيعها الثاني والعشرين، حيث أدخلت العلامة التجارية للحلويات “دانكن دوناتس” إلى لبنان لتنتشر بعد افتتاحها مع 30 فرعاً حول لبنان، وتركز صفير على توظيف النساء في فريق العمل لديها لأنهن، وبحسب قولها، يعملن بنتائج جيدة جداً، كما أنها توجه العديد من النساء ليكنّ نموذجاً جديداً ومتميزاً لصاحبات المشاريع من الشابات اللبنانيات.
أما الإعلامية العربية وسفيرة النوايا الحسنة في منظمة الأمم المتحدة عام 2006 والعضو في “YPO”، منى أبو سليمان والتي كانت قد بدأت خبرتها الواسعة في كل من تكنولوجيا المعلومات والمشاريع الاجتماعية عام 2002 باعتبارها المؤسسة والمشاركة في البرنامج التلفزيوني ذائع الصيت “كلام نواعم”، فقد كانت أول امرأة سعودية تظهر على قناة فضائية في المنطقة العربية، ومنذ ذلك الحين أصبحت من المشاهير في عالم التلفزيون ووسائل الإعلام الاجتماعية مع ما يقرب من مليون متابع على موقعي التواصل الاجتماعي “تويتر” و”فيسبوك” في عام 2004.
وتقول أبو سليمان في هذا السياق: “إن التوجهات الحديثة هي التي تقود النساء للمشاركة بفعالية أكبر في عالم الأعمال، ونظراً لوجود مشكلة الفصل بين الجنسين من جهة في النظام التعليمي ووصول الإناث إلى مراتب علمية عالية من جهة أخرى، فقد أصبح لدينا عدد كبير من النساء المستعدات لخوض التحديات الأكبر في العلوم والتكنولوجيا بالمقارنة مع بقية العالم.
وأضافت أبو سليمان: “في الوقت ذاته، فتح الإنترنت آفاقاً جديدة لبدء الأعمال خارج البلاد، ما يتيح للمرأة إنشاء مكاتب افتراضية ومواقع بيع على الانترنت. ونتيجة لذلك، فإننا نشهد العديد من الشركات الصغيرة الحالية بقيادة المرأة السعودية، بالإضافة إلى ذلك فإن الاعتراف بأن الحواجز لا تزال موجودة لأصحاب المشاريع من النساء على وجه الخصوص، وهي باعتقادي كان لها دور كبير في زيادة روح المبادرة، وبالنسبة لي فإن معظم الناس يعرفونني من عملي في وسائل الإعلام الاجتماعية، لكنني في الحقيقة وبالإضافة إلى ما أقوم به في المجال الإعلامي فقد أسست اثنتين من شركات تقنيات المعلومات وهما الآن تعملان، بنشاط متميز، فمبادرات المسؤولية الاجتماعية للشركات، تركز في عدد منها على تعزيز روح المبادرة لدى النساء، حيث أن تقنية المعلومات وجميع المبادرات التي قدمتها سهلت قدرة النساء مثلي على العثور على عمل في بيئة عمل لا ترحب بالنساء وخاصة في المملكة العربية السعودية”.
إعداد الفرص
أيقنت لنا أبو حجلة مدير عام مؤسسة “مجتمعات عالمية” في فلسطين والعضو في “YPO”، التي تنحدر من عائلة فلسطينية من مدينة نابلس، في عمر مبكر وهي في ربيعها السابع عشر، أهمية التعليم. وبدعم من والديها واصلت دراساتها في الولايات المتحدة، حيث أصبحت مهندسة مدنية، وقالت: “أنا أصر على العودة إلى فلسطين حيث يعمل عدد قليل من النساء، وتحديداً في هذا القطاع”، كما انضمت إلى برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، لتصنع طريق نجاحها في اختصاص يسيطر عليه غالبية الذكور، إلى أن أصبحت في منصب قيادي رفيع المستوى في برنامج الأمم المتحدة الإنمائي في فلسطين، وبعد أن أمضت 17 عاما مع المنظمة، انضمت بعدها إلى منظمة مجتمعات عالمية وهي منظمة غير حكومية دولية، وقادت تحولها من منظمة صغيرة إلى احدى أكبر مؤسسات التنمية والمساعدات الانسانية في قطاع غزة والضفة الغربية.
وتنشط أبو حجلة في القطاع الخاص أيضاً، وفي عام 2010، أصبحت أول امرأة تتبوأ منصب عضو مجلس إدارة صندوق الاستثمار الفلسطيني، وفي عام 2014 أصبحت أيضاً عضو مجلس إدارة في أكبر بنك وطني في فلسطين. وقد استخدمت هذه المواقع لدعم تصميم وإطلاق مبادرات خلاقة توفر الريادة وروح المبادرة لدى النساء.
وتقول أبو حجلة في هذا السياق: “في السنوات الـ 30 الماضية، كنت أركز على ضمان النهوض بالمرأة في قطاع الأعمال، حيث تحتاج للدعم الكامل من المجتمع المدني والقطاع الخاص والحكومة”.
ومنذ بداية مسيرتها، تطوعت أبو حجلة في العديد من مؤسسات المجتمع المدني وخاصة المعنية بالتنمية المجتمعية، مع تركيزها الكامل على قضايا المرأة والشباب. وعلى الرغم من الحرب والدمار من حولها، فقد واصلت دعم مختلف المبادرات الثقافية والفنية وكذلك مشاريع الحفاظ وإحياء الموروث الثقافي والمعماري الفلسطيني، ولا زالت عضوة فاعلة في فرقة الفنون الشعبية الفلسطينية، ومنتدى سيدات الأعمال الفلسطينيات. كما تعمل من خلال عضويتها في مجلس إدارة صندوق إقراض الطلبة في فلسطين على تطوير عمل الصندوق، وقالت: “مشاركتي وتطوعي في هذه المؤسسات المجتمعية تبقيني قريبة من جذوري، وتؤكد أيماني بأن التقدم والتطور الشخصي متلازمان مع التقدم والتطور المجتمعي، وبخاصة في فلسطين”.
دور المرأة
أما بالنسبة لمجد شويكة وزيرة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات في المملكة الأردنية الهاشمية، والعضو في “YPO”، ، فقد كان تركيز عائلتها على التحصيل العلمي قد أسهم كثيراً في تحمل الضغوط المجتمعية المتعلقة بموضوع الزواج المبكر في دولة تجد فيها نسبة لا تزيد على 14 بالمئة من النساء الناشطات في القطاع الاقتصادي، حيث كانت شويكة استثنائية مع بدء حياتها المهنية كمدققة حسابات في شركة آرثر أندرسن بعد الجامعة مباشرة.
وبعد عام واحد من زواجها من زميل لها في العمل، واصلت شويكة عملها في منظمات عالمية مختلفة وذلك خلال متابعتها الدراسية وتحصيلها العلمي، كما شغلت أول منصب تنفيذي لها عندما عرضت عليها شركة أورانج للنظم العالمية للاتصالات المتنقلة منصب المدير المالي، لتكتشف شغفاً جديداً في قطاع الاتصالات. حيث تم تعيينها بحلول عام 2006، بمنصب الرئيس التنفيذي للشركة وبذلك تكون أول إمرأة تشغل هذا المنصب في شركة اتصالات على المستوى العالمي.
.