بقلم: محمد أنيس الشملي، نائب الرئيس لمبيعات قطاع الاتصالات وحلول إنترنت الأشياء بمنطقة الشرق الأوسط في جيمالتو
لطالما كانت دولة الإمارات سبّاقة في اعتماد التقنيات الجديدة، التي تعتبر حجر الأساس في ’رؤية 2021‘ الوطنية، ولم يتغير هذا التوجه خلال الأعوام الماضية، حيث كانت أنظمة المواصلات بدون سائق ونظام Pop.Up Next، وهو أول نظام طيران كهربائي معدوم الانبعاثات الكربونية والذي يجمع بين المواصلات البرية والجوية، من أبرز نجوم معرض أسبوع جايتكس للتقنية لسنة 2018.
وفي ظل الترابط الذي يجمع بين الأجهزة بمختلف أحجامها وصولاً إلى الحلول الرقمية لكبرى المؤسسات، لم تعد إنترنت الأشياء مجرد كلمة مستحدثة في الدولة. ففي مجال الأجهزة الاستهلاكية، يقدم مشغلو الاتصالات في الشرق الأوسط خدمات شرائح الهاتف الرقمية المدمجة (eSIM) لعملائهم للساعات والهواتف الذكية، وفي مجال الأعمال، قامت شركة ’سيمنز‘ بإطلاق نظام تشغيلي لإنترنت الأشياء قائم على تقنية السحابة الإلكترونية لتطوير التطبيقات والخدمات المتعلقة بقطاعات العمليات، بما فيها قطاع النفط والغاز وإدارة شبكات المياه.
وفي دولة الإمارات، تعمل دبي على الاستعداد للتحول إلى عالم إنترنت الأشياء حيث قامت بإطلاق استراتيجية إنترنت الأشياء، التي تهدف إلى بناء منظومة لإنترنت الأشياء هي الأكثر تطوراً في العالم بحلول نهاية عام 2017. وقد تم تصميم استراتيجية إنترنت الأشياء لحماية الكم الهائل من البيانات وتشجيع الجهات الحكومية على المشاركة في خطة دبي الذكية 2021، حيث يُتوقع أن يؤدي ذلك إلى إلغاء استخدام المستندات الورقية بشكل كامل.
ويتيح فهم توقعات المستهلكين فرصة لاستخدام أجهزة إنترنت الأشياء والخدمات الذكية المتعلقة بها بكامل إمكاناتها. فإلى جانب الاتصال المستمر، تقدم إنترنت الأشياء للمستهلكين خدمات تتسم بكونها آمنة ومخصصة وسهلة الاستخدام. ونتيجة لذلك، أصبحوا أكثر ميلاً إلى استخدام هذه التقنيات في حياتهم اليومية وأصبحوا يقبلون على التطورات التقنية الحديثة بتفاؤل بمستقبل أكثر ترابطاً.
وبحسب أحدث دراسة صدرت عن ’جيمالتو‘ بعنوان ’العيش المتصل‘Connected Living))، فإن تحسين وسائل تأكيد المستهلكين لهويتهم لدى مزودي الخدمات، هو من أكثر الفوائد المرتقبة لإنترنت الأشياء، مما يسلط الضوء على أهمية تقديم تجربة لإنترنت الأشياء تكون أكثر سلاسة وأمناً. كما يهتم المستهلكون بالحصول على وسائل متطورة لتأكيد هويتهم من خلال تقنيات مؤتمتة (قائمة على أنماط سلوكية) أو بيومترية، مما يقلل من الحاجة إلى التدخل بشكل يدوي، وبالتالي إتاحة عملية تأكيد الهوية بسلاسة أكثر. ولهذا السبب وضع مُصنّعو الهواتف الذكية، مثل ’آبل‘ و’سامسونج‘ تقنيات البصمة والتعرف على الوجه في صدارة أولوياتهم، بالإضافة إلى الحماس الإيجابي واسع الانتشار نحو استخدام إنترنت الأشياء في المنزل للتحكم بمختلف الأجهزة المنزلية المتصلة.
ومن جانب آخر، تعتبر الخدمات المخصصة من عوامل الجذب للمستهلكين، في حين أن تقديم تجربة شخصية سلسة وموحدة تضمن استمرارية الخدمات إلى جانب الأمن والخصوصية تعتبر عوامل أساسية في التطبيق الناجح لأي تكنولوجيا.
ومن أكبر التحديات التي تواجه البائعين في مجال إنترنت الأشياء هو أن هذه التقنية هي عبارة عن تجربة، وليست منتجاً يمكن رؤيته أو لمسه. ما أدى إلى التردد في اعتمادها في البداية، كما كان الحال بالنسبة لمفهوم التسوق عبر الإنترنت في بداياته، إلا أنه تبين أنّ الأمن لم يعد من المخاوف المتعلقة بهذه التقنية.
وهذا هو الحال بالنسبة لإنترنت الأشياء، فكلما ازدادت الوسيلة أماناً ازداد الإقبال عليها وتقبّلها. فالمستهلكون يهتمون بشكل عام بأمرين، هما الخصوصية وفقدان السيطرة على الجوانب الرئيسية لحياتهم، ولا بد للمؤسسات أن تأخذ هذين العاملين بعين الاعتبار لتشجيع اعتماد التقنيات في أوساط المستهلكين بشكل واسع. وبشكل عام، فالأفراد والشركات على حد سواء مستعدون لدفع مبالغ كبيرة مقابل ضمان أمنهم على أجهزة إنترنت الأشياء.
ومن الضروري أن تستمر المؤسسات بتوعية المستهلكين ومنحهم راحة البال حول أمنهم وخصوصيتهم عند استخدام أجهزة إنترنت الأشياء وبناء رؤية وتحكم أوضح ببياناتهم الشخصية لتعزيز مستوى الثقة وإزالة أية مخاوف. ولا شك بأن على أجهزة إنترنت الأشياء رفع إمكانياتها الأمنية كي تكسب ثقة المستهلكين، خاصة وأنهم مهتمون بمسألة الأمن أكثر من اهتمامهم بتكلفة الجهاز عند التفكير في الشراء.