الشارقة – خاص
متغيرات الاستثمار العالمية تفرض تنويع الاقتصاد والتركيز على القطاعات المنتجة والمولدة للوظائف
60% حصة الأسواق الناشئة من إجمالي الناتج الاقتصادي العالمي
الإمارات تجمع أفضل ما في الأسواق الناشئة والمتقدمة
الشارقة تتيح للمستثمرين خيارات تسويقية متنوعة مع أهم الاسواق العالمية
أكد محمد جمعة المشرخ المدير التنفيذي لمكتب الشارقة للاستثمار الأجنبي المباشر (استثمر في الشارقة)، أن الدورة الرابعة من منتدى الشارقة للاستثمار الأجنبي المباشر، الذي يقام برعاية صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة بين 10 – 11 من ديسمبر القادم في مركز جواهر للمناسبات والمؤتمرات، ستناقش قضايا في غاية الأهمية للمستثمرين ورواد الأعمال ومسؤولي الشركات في القطاعين العام والخاص، وسيوضح مكانة الإمارات على خارطة الاستثمار العالمي وكيف تجمع بين أفضل ما في الأسواق الناشئة والمتقدمة.
واعتبر المشرخ أن الكلمة السحرية في هذه المرحلة هي السرعة، سرعة في التقنيات وأنماط الحياة وتبدل نظم الإدارة، لكن المتغيرات المهمة السريعة التي يجب علينا أن ننتبه إليها هي ما يجري في الاقتصاد العالمي من تحولات في مراكز القوى وتطورات في ثقافة الاستثمار، بالتالي فإن الكيانات الاقتصادية التي لا تواكب قراءة نتائج التغيير وتعزز من قدراتها على التعامل معها ستصبح خارج خريطة الاقتصاد العالمي بغض النظر عن قوتها الحالية.
وأضاف المشرخ: “أول ما تفرضه ثقافة الاستثمار الأجنبي حول العالم هو تنويع الاقتصاد والتركيز على القطاعات التي تنتج السلع وتولد الوظائف وتضيف إلى هيكلة الاقتصاد القائم، وتوطين التقنيات الجديدة وترشيد استهلاك الموارد وتدريب المهارات، وهذا ما نصت عليه كافة السياسات الاقتصادية في الدولة. ”
وأوضح أن التوجهات الجديدة لرؤوس الأموال نحو الأسواق الناشئة تشهد حالة غير مسبوقة من حيث الكم والتركيز، مشيراً إلى أن معدلات النمو الكبيرة في العالم لم تعد تأتي فقط من الدول ذات الاقتصادات المتقدمة مثل الولايات المتحدة بل من الأسواق الناشئة التي لم يعد بمقدور المستثمرين حول العالم تجاهلها باعتبارها تشكل نحو 60% من إجمالي الناتج الاقتصادي العالمي وتشارك في نحو 50% من إجمالي التجارة العالمية في البضائع، بحسب تقرير إدارة الثروات العالمية الصادر عن مؤسسة (يو بي أس) العالمية المتخصصة بالخدمات المالية والصادر في نوفمبر 2018.
وبيّن أن هذا التقرير لفت إلى أن الأسواق الناشئة رفعت احتياطي النقد الأجنبي من 11% من الناتج المحلي الإجمالي في عام 2000 إلى 24% في عام 2017، مع نمو الإمارات العربية المتحدة من 13% إلى 25% خلال الفترة نفسها، موضحًا أن الكثير من المستثمرين حول العالم يبحثون عن الفرص الكاملة التي تقدمها الأسواق الناشئة ومن بينها دولة الإمارات التي تمتلك جميع المقومات التي تؤهلها لتكون ضمن قائمة الاقتصادات المتقدمة والأكثر تنافسية على المستوى العالمي.
وتحدّث المشرخ، عن نمو تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر إلى الدولة في العام 2017 في الوقت الذي شهدت فيه التدفقات الاستثمارية الواردة على الصعيد العالمي تراجعاً ملحوظاً خلال العام ذاته مقارنة بعام 2016 بمقدار 438 مليار دولار وبنسبة 23%، لتتراجع قيمتها من 1.867.5 مليار دولار في عام 2016 إلى 1.429.8 مليار دولار في عام 2017، وفقاً لنتائج أحدث تقرير عالمي حول الاستثمار الأجنبي المباشر الصادر عن مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية (الأونكتاد) لعام 2018.
وقال المشرخ: “وفقاً لتقرير الأنكتاد ، أن قيمة الاستثمار الأجنبي المباشر الداخل إلى الإمارات في 2017 ارتفعت بمقدار 750 مليون دولار وبنسبة 7.8 في المئة وبذلك تقدمت دولة الإمارات خمس مراتب لتحتل المرتبة 30 عالمياً في العام 2017 حيث بلغ إجمالي تدفق الاستثمار الأجنبي الداخل في العام 2017 ما مجموعه 10.354 مليار دولار مقارنة مع 9.06 مليار دولار للعام 2016، لتحل في المرتبة الأولى عربياً، مستحوذة على 36% من إجمالي الاستثمارات الأجنبية المباشرة المتدفقة إلى مجموعة الدول العربية، وفي المرتبة الثانية على مستوى منطقة غرب آسيا، مستحوذة على نحو 40.6% من إجمالي تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر الواردة إلى هذه المنطقة”.
ونوه بأن هذه النتائج التي حققتها الإمارات لم تأت بشكل عبثي أو مصادفة بل نتيجة استراتيجية حكومية تضع على رأس أولوياتها تعزيز مكانة دولة الإمارات كمركز عالمي للثورة الصناعية الرابعة، والمساهمة في تحقيق اقتصاد وطني تنافسي قوامه المعرفة والابتكار.
وأضاف: ” هذه النتائج تعكس أيضاً إدراك صناع القرار في دولة لما للتغيرات الجوهرية في الأسواق العالمية عبر قراءة دقيقية للمشهد الاقتصادي والاستثماري العالمي وقدرتهم على استشراف اتجاهاته المستقبلية لبناء سياسات استثمارية كفؤة تستند على توسيع الشراكات مع مختلف دول العالم، والمرونة والحيوية في توفير الحوافز والتسهيلات للمستثمرين العالميين ولعل صدور قانون جديد للاستثمار الأجنبي المباشر في الإمارات نهاية أكتوبر الماضي بما يوفره من مزايا وضمانات للمستثمرين، واعتماد مجلس الوزراء قبل بضعة أيام قرار تأشيرة المستثمرين، ورواد الأعمال بمنحهم إقامات طويلة الأمد بهدف تسهيل مزاولة الأعمال، وما أعلنته الحكومة مؤخراً بإتاحة التملك بنسبة 100% أمام الاستثمارات العالمية، خير دليل على نهج الدولة ومواكبتها المستمرة لجعل مناخها الاستثماري قادر على جذب رؤوس الأموال العالمية إلى قطاعاتها الاقتصادية الحيوية في كل الظروف”.
وأشار إلى أن الحوافز التي تقدمها الدولة لم تقتصر على تحديث التشريعات الداعمة لقطاع الأعمال وجذب الاستثمارات بل هناك عوامل أخرى تتجلى في مواصلة أعمال تطوير البنى التحتية وإقامة المشاريع التنموية الجديدة، وتوسيع نطاق الخدمات الحكومية الفعالة وجذب العمالة الماهرة غير مرتفعة التكاليف، هذا إلى جانب ما تمتلكه من مميزات أساسية لجذب الاستثمارات الأجنبية، مثل الموقع الاستراتيجي والاستقرار السياسي والمجتمع المنفتح الذي يضم نحو 200 جنسية.
وأكد المدير التنفيذي لـ (استثمر في الشارقة)، أن إمارة الشارقة التي تستضيف المنتدى تدرك أهمية تعزيز آليات استقطاب الاستثمارات الأجنبية المباشرة وتوجيهها نحو قطاعات الاقتصاد الحقيقي وتوزيعها استراتيجياً بما يشمل قطاعات الطاقة المتجددة والنظيفة والتكنولوجيا والذكاء الاصطناعي إضافة إلى القطاعات العقارية والسياحية والصحية بحيث تؤدي إلى نمو شامل في القطاعات انطلاقاً من إيمانها بأن هذه الاستثمارات محرك أساسي لدفع عجلة التنمية.
وفيما يتعلق بأهم العوامل الجاذب للاستثمارات الأجنبية إلى الشارقة قال المشرخ: “إن سياسة التنويع الاقتصادي التي تنتهجها الإمارة انسجاماً مع استراتيجية الدولة عموماً، والتي يأتي على رأسها دعم المشاريع الصغيرة والمتوسطة، خطوة مهمة لاستدامة التنمية وترسيخ مقومات اقتصاد حيوي ديناميكي قادر على استقطاب رؤوس الأموال من مختلف دول العالم، حيث يوجد في الشارقة، حالياً نحو 45 ألف شركة صغيرة ومتوسطة تعمل في العديد من المجالات، أهمها الصناعة والعقارات والسياحة، إلى جانب خدمات الأعمال التجارية.
ولفت إلى أن اقتصاد الشارقة يتمتع أيضاً بعناصر قوة تجعله خياراً استثمارياً مفضلاً لرجال الأعمال والمستثمرين من مختلف دول العالم، لما تزخر به من مزايا تنافسية وتسهيلات لتأسيس الأعمال وبنية تحتية متطورة وشبكة تصدير واستيراد واسعة وما تحققه من معدلات نمو قوية في الناتج المحلي الإجمالي وصلت في العام الماضي إلى 4.7 في المئة مقابل معدلات تضخم متدنية جداً، إضافة إلى شبكة واسعة من العلاقات الاقتصادية التي تربط الإمارة مع أهم الأسواق العالمية بما يتيح للمستثمر خيارات تسويقية متنوعة.
ويذكر أن منتدى الشارقة للاستثمار الأجنبي المباشر، الذي انطلقت أولى دوراته في العام 2015، تنظمه سنوياً في الإمارة هيئة الشارقة للاستثمار والتطوير (شروق) ومكتب الشارقة للاستثمار الأجنبي المباشر (استثمر في الشارقة)، بدعم من وزارة الاقتصاد وبشراكة استراتيجية مع CNBC العربية.
ويدعم المنتدى، الذي يقام هذا العام تحت شعار “صناعة مستقبل الاقتصاد”، مساعي الإمارة لاستقطاب المزيد من الاستثمارات الخارجية، وترويج الفرص الواعدة التي تحتضنها في شتى القطاعات الحيوية على نطاق عالمي، كما أنه يعزز مكانة دولة الإمارات وجهة جاذبة أولى للاستثمار في المنطقة والعالم.