دبي – خاص
بقلم: نايف شاهين، المدير التنفيذي في شركة “ميتس للاستشارات الإدارية
في ظل تزايد عدد المشاريع الريادية وتوسع الشركات القائمة، تلعب الخطة الاستراتيجية دوراً بالغ الأهمية في تأسيس العلامات التجارية وتطويرها والمحافظة على ازدهارها.
ولا يتوقف معنى كلمة (استراتيجية) عند خطة عمل تم وضعها لتحقيق هدف معين، بل يتجاوزها إلى تحديد رؤية شاملة لمنهجية التفكير الخاصة بشركة ما.
ويعتبر إعداد خطة استراتيجية من أهم الخطوات التي ينبغي على أي مؤسسة القيام بها بغض النظر عن حجمها. إذ تشكل الاستراتيجية المعدّة جيداً والمنفذة بدقة الأساس الذي تستند إليه المؤسسة لتحقيق النجاح وقياسه ومتابعته. ولكن يجد الكثير من الناس صعوبةً في وضع الاستراتيجية وتحديد أهدافها.
إذاً، ما هي أهمية الاستراتيجية؟ أولاً، تمكن الاستراتيجة المؤسسات من فهم قدراتها الأساسية، وتحديد ومعالجة نقاط ضعفها، والحد من المخاطر التي تواجهها. كما يمكنها أن تساعد المؤسسات على التخطيط بشكل أفضل مع التركيز على الجوانب التي تعزز مستويات من الأداء والإنتاجية والأرباح إلى أقصى حدٍ ممكن سواء في الوقت الراهن أو مستقبلاً. ثانياً، تساعد الاستراتيجية المؤسسة على النمو في ظل المتغيرات الاقتصادية الراهنة. فمن المهم تكوين فهم واضح لمتغيرات البيئة المحيطة من أجل إعداد استراتيجية تضمن تحقيق الربح والنمو على المدى الطويل. ومع ارتفاع معدل التغيير كل عام، بات من المهم أكثر من ذي قبل أن نفهم التوجهات التي ستؤثر على أعمالنا وقطاعنا وكيفية الاستجابة لها. وأخيراً، تتيح الاستراتيجة تحديد توجه ورؤية شاملة للمؤسسة، حيث أن وضع هدف ومجموعة من الإجراءات المشتركة يضمن تكاتف جميع الموظفين لتحقيق الهدف ذاته والمتمثل في نجاح المؤسسة.
وفي ظل غياب الخطة الاستراتيجية، يمكن للشركات القائمة أن تنجرف بعيداً عن متطلبات عملائها، وتصبح غير قادرة على المنافسة ضمن بيئة عملها الخاصة. الأمر الذي يفضي في نهاية المطاف إلى توقف الأرباح، وهو ما يشار إليه باسم “الانجراف الاستراتيجي”. ويتم هذا الانجراف على 4 مراحل، وعادةً ما يحدث عندما تكون المؤسسات غير قادرة على مواكبة تغيرات بيئتها المحيطة، وهو بدوره ما يؤدي إلى زوالها على نحوٍ بطيء وتدريجي.
المرحلة 1- التغيير التدريجي
يحدث في هذه المرحلة تغيير بسيط في البيئة الخارجية. لكن من خلال إجراء سلسلة من التغيرات البسيطة والتدريجية في الاستراتيجية يمكن للأعمال أن تحافظ على اتصالها مع محيطها.
المرحلة 2- الانجراف الاستراتيجي
في هذه المرحلة تبدأ الأمور في الإنحراف عن مسارها. إذ تتسارع وتيرة التغير في البيئة الخارجية، وتصبح التغيرات التدريجية البسيطة في الاستراتيجية غير كافية لمواكبة تلك التغيرات. وهنا تبدأ الشركة بخسارة قدرتها التنافسية.
المرحلة 3- خروج الأمر عن السيطرة
يعتبر تردد إدارة الشركة عنواناً لهذه المرحلة، حيث تحدث فجوة كبيرة بين ما تتوقعه الأسواق وما تقدمه الشركة. ومن المحتمل أن تكون الإدارة قد أدركت هذه الفجوة وبدأت العمل على تغيير استراتيجيتها، ولكن لم يثمر ذلك عن أي تحسنٍ ملحوظ. كما قد يكون هنالك خلاف بين فريق الإدارة العليا حول كيفية معالجة هذا الانجراف الاستراتيجي الذي بات جسيماً الآن.
المرحلة 4- التغيير الجذري أو الزوال
هي مرحلة حاسمة تتطلب أن تدرك الإدارة الحاجة الملحة إلى إجراء تغيير جذري في استراتيجيتها وإما سيكون الفشل مصير الشركة. وغالباً ما يتطلب الأمر إدارة خارجية جديدة تتخذ قراراً بإجراء التغييرات الجذرية اللازمة. ولكن بالنسبة لبعض الشركات، تأتي هذه المرحلة بعد فوات الأوان.
وتهدف الخطة الاستراتيجية إلى الانتقال من النقطة (أ) إلى النقطة (ب) بفاعلية وكفاءة. وبينما تنبئ الاستراتيجية الجيدة بكيفية تنفيذ الخطة المنشودة، يضمن التنفيذ الفاعل لها أنك تسير في الاتجاه الصحيح.
وتتطلب الاستراتيجية العديد من الخيارات التي ترتكز على شريحة العملاء المستهدفة (من؟)، ومستوى المزايا المقدمة في مقترح القيمة (ماذا؟)، ومنظومة الأنشطة التي تؤلف شبكة القيمة للشركة (كيف؟).
وبعد ذلك، يتعين على الشركات تحديد مدى استعدادها للبدء بعملية التخطيط عبر دراسة ما إذا كان الظرف والتوقيت مناسبين لذلك.
ويتطلب إعداد استراتيجية شاملة للأعمال تطوير فرق العمل والجداول الزمنية، وجمع بيانات حول الوضع الحالي تشمل بياناً حول الرؤية والرسالة والقيمة، وصياغة خطة تسويقية، ومقارنة السجلات المالية للسنوات الماضية.
كما أن الحصول على معلومات إضافية عن طريق التحليل الرباعي ( (SWOT وأرقام المبيعات والتقديرات سيكون مفيداً أيضاً خلال مرحلة تطوير الاستراتيجية. ويساعد هذا التحليل الشركة على تحديد مكانها في السوق، وسبل تطوير أعمالها، ونقاط ضعفها. وتراعي هذه العملية العوامل الداخلية والخارجية التي لا بد أن تواجهها الشركة.
وسواء كانت الشركة تتهيأ للانطلاق في عالم الأعمال أو كانت قد حصدت مسبقاً سمعة مرموقة في السوق، ثمة 5 أسئلة مهمة يجب أن تطرحها من أجل تطوير وتحقيق استراتيجية أعمال سليمة:
- ما هي أهداف المؤسسة والغايات الملموسة التي تستطيع على أساسها قياس التقدم المحرز؟
- ما هي المجالات المحتملة المتاحة والتي ستختار العمل أو عدم العمل فيها؟
- حالما تختار المجال المناسب، كيف ستختار أداة المنافسة للتفوق على منافسيك ضمن هذا المجال؟
- ما الذي تحتاجه بعد ذلك فيما يتعلق بالقدرات والخبرات والكفاءات لتأسيس شركتك والحفاظ على استمراريتها من أجل التفوق على المنافسين؟
- ما هي نظم الإدارة اللازمة لتشغيل وتأسيس الشركة والحفاظ على استمراريتها؟
إن الإجابة على الأسئلة السابقة ستساعدك على تحديد فيما إذا كانت خطة استراتيجية الشركة ملائمة بما فيه الكفاية لمواجهة التحديات والظروف غير المتوقعة بحيث يمكن اتخاذ الإجراءات التصحيحية بسرعة وكفاءة عالية.
ورغم الصعوبة التي تواجهها العديد من الشركات في وضع الاستراتيجية، لكن لا بد لها أن تدرك مدى أهميتها على المدى البعيد. إذ يمكن للاستراتيجية الجيدة أن تعزز مستويات النمو والإنتاجية والأرباح في الوقت الحاضر ومستقبلاً، وذلك عبر توفير فرص عمل جديدة وتبسيط العمليات وتفعيل دور الموظفين.