2018 يشهد التوسع في دبي.. والتعاطف أهم ما يميز المساعد الشخصي الذكي
القاهرة: حنان سليمان
في نهاية عام 2017، أعلنت شركة “إلفز“، التي تعمل في مجال الذكاء الاصطناعي وتكون فيها الآلة مساعداً شخصياً للمستخدم على غرار Siri وAlexa، عن حصولها على استثمارات بقيمة مليوني دولار من عددٍ من المستثمرين العرب والأمريكيين. وتعتبر الصفقة علامة فارقة في مسيرة الشركة التي واجهت صعوبات في بداية عملها لإقناع المستثمرين بجدوى المنتج الذي تطوره، فهي أداة للذكاء الاصطناعي وليست مجرد خدمة شخصية.
ومنذ أيام قليلة، أعلنت مجلة “فوربس” عن قائمتها لأهم 10 رائدات أعمال عربيات ضمت عبير السيسي، الشريك المؤسس في “إلفز” التي أسستها مع زوجها كريم الصاحي في منتصف 2016. تتولى عبير مسئولية العمليات المتعلقة بالبشر من عملاء أو شراكات بما يتضمن الرسائل والتواصل مع المستخدمين وأسلوب الحديث بالإضافة لمراقبة أداء الشركاء في توصيل الطلبات وتقييم العمليات، بينما يتولى كريم كل ما يتعلق بالجزء التكنولوجي.
جلسنا مع عبير وكريم في مقر الشركة بالقاهرة في جلسة حوار امتدت ساعة. قالا فيها إن التعاون قد بدأ منذ بضعة أشهر بين “إلفز” و”سيري” المساعد الشخصي الذكي لشركة “آبل” بحيث يمكن للمستخدم أن يطلب من “سيري” أن يعطي أمرا ما لـ”إلفز” لتنفيذه. وقال كريم: “سيكون الوضع مأساوي في البداية لأننا نعرف مساوئ “سيري”، لكن لو اشترتنا “آبل” فلن يكون الوضع سيئا”.
وأضاف:”إذا كنت تستطيع القيام بشئ ما باستخدام هاتفك مع شبكة الانترنت، فتأكد أننا سنفعله بشكل أفضل”.
ماذا تغير لديكم؟ ما الخطأ الذي كنتم تفعلونه؟
كريم: كل شئ لم يكن يسير على ما يرام. كلما كبرت، أغير نظرتي وتقييمي للأشياء فأجد ما كنت أعده مهما للغاية في السابق، هو في الحقيقة غير مهم. مثلا كنت أرى أن الإبداع والذكاء لازمين للنجاح لكن أكثر ما يهم في الواقع حتى تنجح هو الإصرار. الإيمان بالمنتج أو الخدمة التي تقدمها حتى يقتنع المستثمرون بها. المشكلة الرئيسية كانت في الحصول على المال. الشركة تحتاج لفريق عمل كبير وتمويل عمل بهذا الحجم ليس سهلا. نحن 40 فردا هنا أو أكثر قليلا بما فيهم الشركاء الخمسة.
عبير: ..وأضيف الفريق الجيد. هذا يشعرك أنك ليس وحدك.
ماذا ستفعلون بالاستثمار الأخير؟
كريم: جزء كبير منه سيوجه لأغراض التسويق في دبي وغيرها في الشهور القادمة، كما أننا نطور النظام الداخلي الذي نعمل به ولدينا فريق تقني هائل.
ما هي الخدمات التي يقدمها “إلفز”؟
عبير: “ما نفعله هو مساعدة المستخدم لو لم يجد الوقت الكافي للقيام بحاجياته أو أراد تجنب عناء بعض المهام. عقبتنا الوحيدة هي اللغة لأن التطبيق ليس موجودا باللغة العربية لأن الآلة لا تفهمها. الخدمة متاحة للكل وليست قاصرة على أعضاء معينين مثلا لتقديم خدمات مخصصة أو حفلات خاصة”.
لماذا يتأخر المساعد في الرد عادة على التطبيق؟
عبير: التطبيق يفترض أن يستغرق دقيقة واحدة فقط للرد المبدئي الذي يعرف به المستخدم أن طلبه تحت النظر، أما وقت الإجابة الفعلية فيختلف حسب نوعية الطلب فلو كان شيئا غريبا أو نادرا فسيستغرق وقتا أطول في البحث عنه. يجب الأخذ في الاعتبار أنه لا زال هناك عامل بشري في الموضوع. وأول ما يحدده المساعد الشخصي في الطلب هو مستوى إلحاح الطلب أو عجالته فيجب الرد عليه سريعا مثل حجز تذاكر سينما للحفلة القادمة أو طلبا غير ملح مثل التخطيط لقضاء شهر العسل.
كريم: ولو كان الطلب غريبا يتم طرحه لأول مرة فسيستغرق وقتا للعثور على أفضل الخيارات الممكنة وسيتم تسجيل الإجابة لتكرارها عند تكرار الطلب فيما بعد. يتوقع كريم أن يصبح الموضوع أسرع كثيرا حتى بالنسبة للطلبات الغريبة في غضون خمس سنوات. الآلة تتعلم المحادثات لتستطيع تكرارها ويوما ما تتولى هي المهمة بشكل كامل مع معاونة بشرية محدودة. إذا كان عدد المستخدمين ضخما فستتكرر الطلبات وهذا ما يهمنا.. أن نحدد أنماط الطلبات ونرى معدلات تكرارها. نحن شركة ترصد حالات وأنماط استخدام وهذه هي قيمتنا الحقيقية.
ما هي المواصفات التي تبحثون عنها في المساعد الشخصي البشري؟
عبير: مطلوب أن يكون لديه تعاطف وذكاء ويحسن التصرف حتى يصل لما يريد. أهم ما يميزنا عن غيرنا مثل “سيري” مثلا هو التعاطف، فالآلة لا تفهم المشاعر ولا تميز حاليا حاجة الطالب لتلبية طلبه في أسرع وقت لو كان يحتاج إلى مقطورة مثلا لسحب سيارته على الطريق السريع. التعاطف يعني أن المساعد سيفعل أي شئ لتلبية طلبك في الوقت المطلوب. نحن عائلة. نبحث عن شريك ينضم لنا وليس موظفا يعمل بمواعيد ثابتة. نرغب في شريك يشعر بالملكية.
كريم: لهذا السبب، يتم البحث عن المساعدين البشريين بعناية وينظر في حبهم للحيوانات أو انخراطهم في أعمال خيرية أو أي شئ يعكس جزء العواطف لديهم.
من يستعين بـ”إلفز”؟ وكم عدد المستخدمين لديكم؟
كريم: لا أرغب في الكشف عن عدد المستخدمين المسجلين لكن 10% منهم يستخدمون التطبيق يوميا و50% يستخدمونه أربع مرات شهريا. وتعتبر المرأة العاملة هي البروفايل الأكثر استخداما للمساعد الشخصي “إلفز”. نصف المستخدمين من مصر و15% من الولايات المتحدة والباقين من دول الخليج وغيرها..
عبير: ..لكن لو وصلت طلبات من خارج هذه الدول، فسيسعى فريق “إلفز” لتلبيتها عملا بشعار “نعم، نستطيع”.
كريم: ..وهكذا، استطعنا بيع تذاكر لمستخدمين في كمبوديا وأيسلندا ونيوزيلندا. نحاول التركيز على كل مدينة بشكل منفصل للدخول في تفاصيلها ونتعاون مع جهات أخرى مثل fetchr في دبي فلا نقوم بكل شئ بأنفسنا. إذا طبقنا هذا النموذج دائما فلن تكون هناك مشكلة في العمل في أي مكان.
هل تختلف نوعية الطلبات من دولة لأخرى؟
عبير: نعم في مصر مثلا يمثل الزحام المروري أزمة كبيرة للغالبية وبالتالي تكون معظم الطلبات خاصة بأداء مشاوير ومهام وشكاوى، أما في الخليج فالعديد من المحلات والأماكن الخدمية تفتقد لخدمة التوصيل بخلاف أن السكان ليس لديهم الوقت الكافي للتسوق وهو ما ينعكس على طلباتهم من “إلفز”. وفي أمريكا، معظم الطلبات لها علاقة بالسفر. يمكننا إرسال مساعد شخصي يقوم بعملية التسوق على مدار يوم كامل وشراء ما يطلبه العميل. هذا يتكلف رسوماً خاصة تحدد وفق حجم الطلب، وهي تذهب للمساعد مكافأة له لا نحصل منها أي ربح.
كيف يتحسن تعلم الآلة في “إلفز”؟
كريم: الآلة تفهم بالتدريج وقد بدأت في تعلم درجة الصوت وما تعنيه من تغير بالإضافة للسخرية. يتم الاعتماد في ذلك على مصادر مفتوحة المصدر. وكلما زاد تعلمها، قل عدد المساعدين البشريين، وهو ما يثبته عدد المساعدين حاليا الذي انخفض إلى النصف تقريبا مقارنة بفترة بداية الشركة قبل سنتين. لا يكون كل مساعد مسئولا عن بعض العملاء ولكن يدورون حسب مواعيد عمل كل منهم. يفهم المساعد وكذلك الآلة شخصية كل مستخدم عبر تاريخ الرسائل بين العميل وبين “إلفز”، نوعية الطلبات، وأسلوب الكلام والذي يخرج كله في صورة تحليلات وكلمات مفتاحية تساعد الآلة على فهم العميل مثل “عدواني” أو “متطلب” أو “مجادل”. الآلة كذلك تأخذ توجيهات وإرشادات؛ فالمساعد البشري يحدد لها خطوات عملية لكيفية البحث عن الطلبات بحيث يمكن أن تتولى هي إدارة العملية برمتها لاحقا.
ماذا عن المنافسة؟ من ترونه منافسا لكم؟
كريم: أنا لا يشغلني من يقوم بمساعدة الناس أو ما نطلق عليه مساعد شخصي. أنا مهتم أكثر بتعلم الآلة على الصعيد الدولي. “إلفز” لا زال غير كفء بالدرجة المطلوبة لأنه ما زال يقوم على البشر لكن كلما زاد تعلم الآلة وتحسن أداءها كلما زادت الكفاءة. حاليا نحن نستخدم الذكاء البشري لتعويض عدم كفاءة الآلة لكن المطلوب في النهاية هو الذكاء الاصطناعي.
والأرباح؟
عبير: المستخدم يدفع شيئا. الأرباح تأتي من تعاقدات الشركة مع التجار والمحلات فتقوم بتحصيل نسبة من المبيعات التي تتحقق عن طريقها دون فرض تاجر أو محل معين على المستخدم فلا توجد شراكات حصرية.
كريم: معظم شراكاتنا في مجالي البقالة والضيافة ومقدمي الخدمات الكبار مثل موقع “بوكينج”. عادة الناس تميل لشراء احتياجاتها من نفس الأماكن.
كيف استفدت من زمالة كوفمان الأمريكية؟
كريم: زمالة كوفمان في الولايات المتحدة الأمريكية هي أفضل شئ في حياتي. درست فيها تعلم الآلة لمدة سنتين ثم أردت خوض التجربة فأطلقنا التطبيق ليمزج بين تعلم الآلة وبين روبوتات الدردشة على سبيل التجربة.