**عمّان الأفضل للشركات التقنية.. وبيروت الأغني تمويلا
**القاهرة وأكرا لسوق العمالة.. وأقوى بنية تحتية في النقل والمواصلات موجودة بالرباط
خاص: حنان سليمان
أظهرت دراسة مقارنة حديثة أجرتها مؤسسة ألمانية على سبع دول هي تونس والمغرب ومصر والأردن ولبنان وكينيا وغانا، أن تونس هي الأفضل بين هذه الدول في وضع الشركات الناشئة تلتها عمّان بفارق بسيط ثم وبفارق كبير جاءت القاهرة وبيروت ونيروبي وأكرا والرباط.
وصدر مؤشر الشركات الناشئة، الذي نشرته مؤسسة “إنباكت” الألمانية ومتاح على موقع تفاعلي، مطلع ديسمبر/كانون الأول بعد عام من البحث، وبناءً على 80 مؤشرٍ مقسمين إلى ستة نطاقات هي رأس المال البشري والتمويل والمشهد الريادي والبنية التحتية والإطار الأكبر والسوق تحت كل منها 14 فرعا.
وفسر ريكاردو كولناجي، المسئول الأول عن المؤشر، في حديثه لـ”انتربرونور العربية” اختيار الدول السبع محل الدراسة بتوفر البيانات الدقيقة والموثوق فيها عنهم ولوجود شبكة معارف للمؤسسة الألمانية فيهم نتيجة برامج توجيه وإرشاد مختلفة بما يسهل دراسة وضعهم، لافتا إلى أن البحث سيمتد إلى مزيد من المدن لاحقا. وقال إن البحث أجري على مستوى المدن وليس الدول تحريا للدقة لأن المدن داخل البلد الواحد تختلف فيما بينها.
نتائج واستخلاصات
وتوصلت الدراسة إلى أن تونس هي أفضل المدن لانطلاق رواد الأعمال منها في بداية المشوار، لكن نوع العمل التجاري يحدد لاحقا أي المدن التي يجب أن ينتقل إليها مع نمو البيزنس. أما عمّان فهي الأفضل للشركات التكنولوجية عالية التقنية، فيما تفضل شركات النقل مدينة الرباط التي سجلت أعلى الأرقام فيما يخص البنية التحتية للنقل والمواصلات. أما لو كانت الشركة ترغب في إكمال فريق العمل فالقاهرة ستكون الخيار الأفضل بالنسبة لهم لأنها أعلى المدن في القوة البشرية، وإن كانت المسائل القانونية أسهل لو مقر الشركة مسجل في تونس. وتظل العاصمة الغانية أكرا هي الأكثر تفضيلا لأسواق العمل بالنسبة للشركات الناشئة.
ولم تظهر أي علاقة بين إجمالي الناتج المحلي للفرد الواحد وبين أداء المدينة فهناك مدن غنية مثل بيروت لم يتفوق أداؤها على تونس مثلا رغم أن الأولى تحتل المركز 63 دوليا في نصيب الفرد من إجمالي الناتج القومي بحسب صندوق النقد الدولي مقارنة بتونس التي تحتل المركز 115.
وكانت نيروبي هي الأكثر إنفاقا على الأبحاث والتطوير تلتها الرباط. أما أكرا وتونس الأكثر قيودا على تشريعات العمالة بينما لم يوجد لها أثر يذكر في نيروبي. وبرزت الرباط كأضعف مدينة في ريادة الأعمال النسائية وهي الأضعف كذلك في التمويل كله فلا مسرعات ولا حاضنات ولا قروض بنكية إذ يتم رفض الطلبات كلها تقريبا وهي الأعلى في القيود المفروضة على التمويل مقارنة بأكرا التي لا يوجد فيها قيود تذكر عليه. وتملك المدينة ساحات تكنولوجية وبنية تحتية عظيمة وإن كانت غير مستغلة بما يخدم مجال ريادة الأعمال. كما سجل المؤشر انتشار الجرائم بها كقيد يحد من ريادة الأعمال.
وفي تونس، تكاد القيود المفروضة على القوى العاملة تتلاشى تقريبا، بينما تظل أمرا ملحا في القاهرة التي تتفوق في وجود العمالة الماهرة. وتزداد الفعاليات المتعلقة بريادة الأعمال في تونس رغم رداءة الموانئ والنقل الجوي. وتعتبر القروض البنكية والتمويل الحكومي والملائكي هي الوسائل الرئيسية لتمويل الشركات الناشئة في تونس مقارنة بعدم وجود مسرعات ولا حاضنات. وتفوقت تونس في معدل الجرائم العنيفة وعمق الرشاوي.
أما القاهرة، فسجلت ضعفا في القروض البنكية. وتعتمد الشركات المصرية الناشئة على الاستثمار الملائكي بشكل رئيسي يليه تمويل الشركات الاستثمارية الكبرى VC ثم التمويل الذاتي بدرجة أقل. وتعتبر القاهرة من أعلى الدول في رواتب الخريجين والمبرمجين. وكان لافتا ضعف المستثمرين الملائكيين مقارنة بحجم السكان. وسجلت العاصمة المصرية وضعا سياسيا متدهورا.
وتصدرت بيروت وأكرا ريادة الأعمال النسائية والمشاركة النسائية في المجال بشكل عام، فيما اعتمدت مصادر التمويل في بيروت على التمويل الذاتي وتمويل المسرعات وحاضنات الأعمال مقارنة بعمّان التي احتل فيها التمويل الحكومي مصدر التمويل الأول ثم الاستثمار الملائكي ثم التمويل الذاتي.
على صعيد رأس المال البشري، تتفوق أكرا على القاهرة رغم أن فارق تعداد السكان بينهما هو 6:9 مليون مع كسور لصالح العاصمة المصرية. أما على صعيد التمويل، فاحتلت بيروت الصدارة تلتها تونس بفارقٍ كبير. وكانت الرباط هي الأقل على الإطلاق. ورصد المؤشر ارتفاع معدل الجرائم في عمان وعدم وجود مساحات عمل مشتركة.
أما في المشهد الريادي، فجاءت بيروت في المقدمة تلتها تونس بفارق بسيط. واحتلت الرباط كذلك المركز الأخير. وفي البنية التحتية، كانت الرباط وعمّان في المقدمة متساويان، بينما كانت بيروت في ذيل القائمة مسجلة ضعفا شديدا. وذكر المؤشر أن الشائع في العاصمة اللبنانية هو انقطاع الكهرباء والانترنت الذي ترتفع تكلفته على أية حال.
وبالنظر إلى إطار العمل الريادي كله، فإن عمّان تأتي في المقدمة تليها تونس بفارق بسيط. وتتصدر القاهرة القائمة عند المقارنة بين الأسواق تليها الرباط بفارق بسيط.
وذكر كولناجي، في حديثه لنا، أن الأرقام المعطاة لكل دولة في المؤشر هي تقديرات نسبية بالمقارنة بالدول الأخرى محل الدراسة لهذا سجلت القاهرة صفرا في الجامعات والمستثمرين الملائكيين رغم وجودهم بالعاصمة المصرية، إلا أن هذا التواجد مقارنة بعدد سكان المدينة ومقارنة بالمدن الأخرى محل الدراسة.. لا يذكر. وكذلك عمّان التي سجلت صفرا في عدد مساحات العمل المشتركة وتونس التي سجلت صفرا في تمويل المسرعات وحاضنات الأعمال للشركات الناشئة. وأوضح أن الأرقام الحقيقية وليست النسبية يتم الحصول عليها بعد تقديم طلب للمؤسسة التي أجرت الدراسة وبمقابل مالي.
منهجية الدراسة
وتقيس الدراسة المجالات الست وفق عدد من المتغيرات؛ ففي رأس المال البشري، يكون القياس على أساس المهارات وسوق العمل. ويُنظر في المهارات إلى القيود المفروضة على قوة العمل، العمالة الماهرة، الجامعات، طلاب الجامعات، التعليم العالي والإنفاق على الأبحاث والتطوير. أما في سوق العمل، فيُنظر إلى القيود المفروضة على تشريعات العمالة، رواتب الخريجين، رواتب المبرمجين، المشاركة النسائية، ريادة الأعمال النسائية ومعدلات البطالة.
أما في التمويل، فتقيس الدراسة المصادر والنظام. وتنظر تحت المصادر في قروض البنوك، التمويل الذاتي، المستثمرين الملائكة، مسرعات وحاضنات الأعمال، استثمارات الشركات اللاستثمارية الكبرى VC والتمويل الحكومي. بينما تنظر تحت في النظام في متغيرات القيود المفروضة على التمويل، طلبات القروض المرفوضة، الضمانات المطلوبة، إجمالي الشركات الاستثمارية الكبرى VC، تدفق الاستثمارات الأجنبية المباشرة وإجمالي عدد المستثمرين الملائكة.
وفيما يخص المشهد الريادي، نظرت الدراسة إلى المراكز الرئيسية والنشاط؛ ففي الأولى نظرت إلى مسرعات الأعمال، حاضنات الأعمال، مساحات العمل المشتركة والمساحات التكنولوجية. أما في النشاط، فنظرت إلى الفعاليات الريادية، إجمالي عدد الشركات الناشئة، تمويل الشركات الناشئة بأسهم مرتفعة تتخطى 5 ملايين دولار وشركات أخرى يتخطى تمويلها مليون دولار عن طريق الأسهم.
وفي معيار البنية التحتية، اهتمت الدراسة بالنقل والمواصلات والخدمات وتكنولوجيا المعلومات والاتصال. وتحت النقل، نظرت الدراسة إلى الجودة بشكل عام، جودة الطرق والقطارات والموانئ وجودة وسعة النقل الجوي. وتحت الخدمات، نظر المقياس إلى جودة إمدادات المياه، الوصول للكهرباء، انقطاع التيار الكهربائي، مؤشر التلوث، تكاليف مساحات العمل المشتركة، تكاليف المعيشة، جودة الكهرباء وتكاليف الخدمات. أما في تكنولوجيا المعلومات والاتصال، فتم النظر إلى الاشتراتكات المدفوعة مقدما، انتشار الهواتف المحمولة، تكلفة خدمة الانترنت وحجم انتشارها، تكلفة الانترنت من الهاتف المحمول، انتشار الهواتف الذكية، تكلفة الاشتراك في شبكات الهاتف المحمول وعدد اشتراكاته، سرعة الانترنت في الرفع والتحميل.
وبالنسبة للإطار العام لريادة الأعمال، فكان النظر إلى الظروف السياسية والإطار القانوني والجرائم. وركز المؤشر في الظروف السياسية على الاستقرار والحوكمة الفعالة وجودة التشريع ومستوى الديمقراطية، أما في الإطار التشريعي فنظر إلى ضريبة القيمة المضافة، الضريبة على الشركات، إنفاذ العقود، حل الإعسار، وقت وتكلفة تسجيل العمل التجاري. وتحت عنوان الجرائم، نظر المؤشر إلى الجرائم العنيفة، الجريمة باعتبارها قيد، أشكال الجريمة غير الرسمية باعتبارها قيد، عمق الرشاوى، الانطباع عن الفساد والسيطرة عليه.
وأخيرا في الأسواق، تم النظر إلى الأداء والترابط؛ وجاء نمو المبيعات والتوظيف وإنتاجية العمل والتوازن في التجارة واستغلال القدرات تحت عنوان الأداء. أما في الترابط، فنظر المؤشر إلى انفتاح التجارة، السياحة، المدن الشقيقة ومؤشر الأداء اللوجيستي.