القاهرة – ايمان مصطفى
تحوي مصر الآن مئات الشركات الناشئة، وعشرات الحاضنات ومسرعات الأعمال ونحو 11 شركة استثمارات رأس مال. هذا بالأضافة إلى عدد محدود من المسثمرين المغامرين الذي لا يزيد عددهم عن 15 مستثمرًا.
يتطور الوضع التقني في مصر يومًا تلو الآخر، إذ تُصنف العاصمة المصرية الآن كواحدة من أقوى 7 مدن لإطلاق شركات ناشئة، بسبب تعدادها السكاني الضخم، والذي يمثل الشباب 37.5% منه.
كما وتشهد البلاد عددًا من الفعاليات السنوية المميزة في القطاع على مستوى المنطقة أبرزها أسبوع الريادة العالمي، وقمة “”Rise up، وهي فعاليات تستقطب مستمثرين ولاعبين أساسيين بالقطاع الريادي من كل أنحاء العالم.
رغم كل ذلك، لا يزال بلد الـ100 مليون نسمة يعاني من معوقات اقتصادية تحول دون وصول التمويل الكافي لكل المشروعات الموجودة حاليًا بالمشهد.
للوقوف على تلك المعوقات وسبل التعاطي معها، كان لنا في “انتربرنور العربية” لقاءً مع تامر عازر، مدير الإستثمارات في A15، شركة إستثمارات رأس المال الجريء المصرية.
تملك A15 الآن 17 شركة ناشئة من مختلف القطاعات، بعضها مملوكة كليًا للإستثمار وأخرى مملوكة جزئيًا بنسبة غير حاكمة من الشركة.
تتضمن الشركات المملوكة كليًا؛ “Connect ads”، و”Link Development“.
، وكانت A15 قد استحوذت على هذه الشركات من شركة “OT Ventures”، وهي الشركة التي تعود جذور تأسيسها إلى 1996، مما يضعها في موضع الريادة بين شركات التقنية في مصر.
كيف يتم التعامل مع كل شركة وفقًا لحجمها؟
عازر: تقسّم الإدارة الداخلية لـA15 شركاتها إلى قسميّن؛ شركات ناشئة كـ “Performly” الشركة المتخصصة في برامج إدارة الأداء وأنطمة الموارد البشرية؛ وشركات في مرحلة النمو كـمنصة ” “Tpay للدفع عبر المحمول.
تأخذ كل الشركات نفس القدر من الاهتمام من جانبنا سواءً كان بتقديم الدعم والاستشارات الفنية والإدارية والمالية، هذا بالإضافة إلى التمويل، الذي يحصل عليه كل مشروع حسب حاجته.
وبالنسبة للشركات في مرحلة النمو، لايقتصر الأمر على كوننا شركة إستثمارات، بل نساعد في كثير من الوقت في التطوير والهيكلة وإبرام صفقات الدمج والاستحواذ.
لماذا تجد الشركات الناشئة صعوبة في الحصول على تمويل رغم جودة الفكرة أحيانًا؟
عازر: تكلفة الفرصة الضائعة من أعلى ما يكون بالنسبة لشركات الإستثمار. يتضمن ذلك معدل فوائد المصارف، التي ارتفعت إلى 20% مؤخرًا في مصر في أعقاب تخفيض قيمة العملة المحلية مقابل الدولار.
كما وتتضمن تلك التكلفة أيضًا فرص الإستثمار العقاري، الذي يرتفع عليه معدل العائد عامًا تلو الآخر بما لا يقل عن 15% إلى 20% أيضًا.
والأهم من ذلك هو قلة عدد المستثمرين فى هذا المجال مما يجعل قرار الإستثمار صعبًا، حيث يجب توزيع عدد محدود من المصادر على عدد كبير من فرص الإستثمار فى الشركات الناشئة.
وإذا أخذنا في الاعتبار أن عددنا بالكامل كمستثمرين في مصر ليس كبيرًا، فبالتالي ليس في مستطاعنا توفير إستثمارات ضخمة لشركة واحدة. من ثّم علينا دائمًا اختيار الأفضل – على الاقل من وجهة نظرنا.
متى تكون شركة أفضل من أخرى من وجهة نظر A15؟
عازر: تكون الشركة أفضل من وجهة نظرنا إذا كان في مستطاعنا مساعدتها، بمعنى أن يكون لدينا خلفية عن القطاع ولدينا ما يمكننا تقديمه للشركة لتنمو داخل هذا القطاع، لأن الشركات الناشئة غالبًا ما تحتاج لأكثر من مجرد تمويل.
ما الوقت الذي تستغرقه A15 للموافقة على تمويل اي شركة؟
عازر: تأخذ عملية إصدار الموافقة على تمويل اي شركة من 3 إلى 6 أشهر، حسب كل حالة.
في الحالات الطبيعية، تمر عملية الموافقة على تمويل اي شركة في A15 على 7 مراحل:
- التعارف.
- دراسة المعلومات الأساسية عن الشركة.
- تقديم وثيفة طلب إستثمار من صفحتين أو ثلاثة، إلى لجنة إستثمار A15، وهي المرحلة التي تحدد فيها الشركة ما إذا كانت ستتابع عملها مع المشروع المتقدم أم لا.
- تقديم ملف مفصل عن الشركة إلى لجنة إستثمار A15.
- عرض المؤسسين لفكرة مشروعهم أمام لجنة المستثمرين.
- في خلال ما لا يزيد عن أسبوعيّن نصدر قرارًا مبدئيًا، وإذا كان إيجابيًا نقوم بطلب معلومات أكثر عن مستقبل الشركة ودراساتها.
- توقيع دفتر الشروط.
ما الذي يمكن أن يطيل مدة للموافقة على تمويل اي شركة في A15؟
عازر: في بعض الأحيان يكون مؤسسوا الشركات غير جاهزين للتمويل. في تلك الحالات، نقوم بتدريبهم على تحليل ودراسة السوق وإعداد خطة مالية واضحة، مما يؤهلهم للجلوس أمام لجنة المستثمرين.
أحد أكبر المشاكل أيضاَ هو عدم جاهزية رائد الأعمال للتمويل قانونًا، حيث أن بعض الشركات تكون غير مؤسسه مما يُزيد المده طولاً.
هل هناك مشكلات محددة تتمنى أن تتبناها الحكومة المصرية لتيسير الإستثمار بالشركات الناشئة؟
عازر: أولاً: تعتبر مسألة عدم قابلية دخول شركات إستثمار رأس المال في شركات مصرية ناشئة، أمرًا يجبر الشركات الناشئة في بلادنا على التسجيل في أمريكا أو أوروبا، لتتمكن شركات الإستثمار من ضخ التمويل اللازم فيها.
وما يجعل الموضوع صعبًا، هو خضوع الإستثمار فى الشركة النااشئة لضريبة الارباح الرأسمالية، حيث يتم التعامل مع الأمر على أنه بيع وشراء أسهم وليس إستثمارًا، وفى هذه الحالة يدفع رائد الاعمال جزءًا من المبلغ المراد منه الإستثمار فى الشركة قى شكل ضريبة على أرباح هو لم يُحصَلها فعلياً.
أتمنى أن ترسي الحكومة المصرية قانونًا يتصدى لتلك المشكلة بحل من شأنه تيسير عملية التمويل على كلٍ من الشركة والجهة الممولة، إذ تتطول عملية التمويل أحيانًا لحين إنهاء المؤسسين التسجيل خارج مصر.
ثانيًا: وتعتبر ضريبة أرباح رأس المال من أكبر المشكلات التي تواجه أي مستثمر جريء عند إقدامه على تمويل اي شركة مصرية ناشئة.
وضريبة الأرباح الرأسمالية هي ضريبة مستحقة على الأرباح الناجمة عن بيع الأصول الرأسمالية بقيمة أعلى من سعر شرائها، وهى مع الأسف تُطبق على الاستثمار فى الشركات الناشئة عن طريق معاملة الإستثمار على أنه بيع وشراء.
ثالثًا: أتمنى أن تتخذ الحكومة المصرية، مُمثلّة في وزارة الإستثمار، قرارات تحفيزية للإستثمار في الشركات الناشئة تحديدًا، أو فتح الباب لتسجيل نوع مختلف من الشركات يسمح بالاستثمار من شركات رأس المال، لتخطي تلك المشكلة.
رابعًا: أتمنى أن نتمكن من بلورة برامج دعم مخصصة لشركات استثمار رأس المال الجريء.
كيف ترى مجهودات وزارة الإستثمار في الاتحاد مع القطاع الخاص لدعم الشركات الناشئة؟
عازر: لن أكون قادرًا على تحليل أيٍ من تلك المجهودات، إلا بعد أن تؤتي ثمارها بنتائج ملموسة، ولكنها بالتأكيد بداية مشجعة وتدعو للتفاؤل.
بما أن A15 قررت الإستثمار في “T-pay” شركة الدفع عن طريق فاتورة المحمول، و”PayMob” مزودة حلول الدفع الإلكتروني للشركات والمصارف، لماذا برأيك ينمو قطاع التكنولوجيا المالية في مصر بسرعة صاروخية ويجذب أموال المستثمرين بسهولة؟
عازر: الإجابة ببساطة لأن البلاد تستعد للشمول المالي، الأمر الذي يعزز فرصة شركات الـ”فينتك” في النمو. كما أن مصر رغم تعدادها السكاني الضخم، إلا أن 15% فقط من سكانها لديهم معاملات بنكية، وهو ما يعد مؤشرًا لوجود فرصة كبيرة لنمو القطاع بسرعة، لأنه لايزال متعطشًا للخدمات التقنية.
بما أن A15 استثمارت في ““Tutorama منصة تشبيك طلبة المدارس الدولية وبطلبة وخريجين لمساعدتهم في استيعاب المواد الدراسية؛ هل ترون أن قطاع التعليم يتمتع بنفس الفرص الاستثمارية في مصر؟
عازر: يعد التعليم من أهم المشكلات التي تواجه الحكومة المصرية، التي تبذل مجهودات مكثفة الآن لتطويره كليًا، بهدف توفير الكوادر المؤهلة للعمل بسوق العمل المصري.
ومما لاشك فيه أنه كلما زادت مشكلات القطاع، زادت فرصه في النمو، فالنجاح في طرح حل لمشكلة قائمة هو السبب الرئيسي في الانتشار، ومن ثم نرى في المشروعات التقنية أملًا كبيرًا في النهوض بقطاع التعليم في مصر.