الشارقة – خاص
الشارقة استضافت نخبة من الاقتصاديين ورواد الأعمال من حول العالم لمناقشة دعم الابتكار والتحول الاستثماري في المنطقة
أطلقت الشيخة بدور بنت سلطان القاسمي، رئيس هيئة الشارقة للاستثمار والتطوير (شروق)، ورئيس مجلس الأعمال الإقليمي لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، التابع للمنتدى الاقتصادي العالمي، عن مبادرة لدعم الشركات الصغيرة والمتوسطة في العالم العربي. وتشمل المبادرة التزام الشركات الخاصة بتخصيص 10% من إنفاقها السنوي لصالح الشركات الصغيرة والمتوسطة.
جاء ذلك خلال انعقاد فعاليات ملتقى “بناء الاقتصاد الرقمي في العالم العربي” بتنظيم من مجلس الأعمال الإقليمي لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، التابع للمنتدى الاقتصادي العالمي (دافوس) يوم أمس الأول، في مركز الجواهر للمناسبات والمؤتمرات بالشارقة.
واستضاف الملتقى نخبة من الخبراء الإقليميين والعالميين في مجال ابتكار التقنية وريادة الأعمال، وأتاحت الفرصة للمشاركين للاجتماع واستكشاف أبرز الفرص التي يوفرها هذا العصر الجديد، بالإضافة إلى أبرز التحديات التي تواجه روّاد الأعمال فيه، وتناول المؤتمر بشكل أساسي مفهوم التقنيات الناشئة، وكيف تسهم بعملية تحول طرق صناعة القيمة، وتبادلها، وتوزيعها، في عصر حديث يتميز بقدرة متنامية على تحمل تكاليف أحدث التقنيات المتطورة.
وقالت الشيخة بدور إن الشركات الصغيرة والمتوسطة الحجم تشكل ما لا يقل عن 90٪ من الشركات في معظم دول العالم العربي، مما يجعلها محركاً لخلق فرص العمل، واقتصاديات جديدة، وتعزز الابتكار. كما توفر الشركات الصغيرة والمتوسطة للشركات القائمة المرونة والخبرات السوقية وتخفض التكاليف اللازمة لتوسيع أعمالها.
وأوضحت الشيخة بدور القاسمي أن هذه المبادرة تنبثق عن “مجلس الأعمال الإقليمي لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا”، وتتألف من ثلاث مراحل، الأولى هي جعل الإلتزامات التجارية طوعية لدعم الأعمال التجارية في مرحلة مبكرة؛ وسيعلن الأعضاء إلتزاما بتخصيص 10 في المائة من إنفاق المشتريات سنوياً لرواد الأعمال ضمن مشاريعهم الصغيرة والمتوسطة الحجم بحلول عام 2020. أما المرحلة الثانية فستضع مجموعة من المبادئ للشركات الأخرى في المنطقة خارج المنتدى الإقليمي للتوقيع على المبادرة والإلتزام بها. وسيتم في المرحلة الثالثة تشكيل مجموعة حوكمة لمواصلة تطبيق المبادرة بعد انتهاء جدول أعمال المجلس الإقليمي 2017-2018.
وأشارت إلى أن العديد من البلدان العربية في طور بناء النظم الإيكولوجية التي تدعم رواد الأعمال من أجل تطوير الاقتصادات الرقمية واستجابة للثورة الصناعية الرابعة، موضحة أنه من الواجب إشراك القطاع الخاص في هذه العملية التي تحتاج إلى توافر جميع الجهود لإنجاح مثل هذه المبادرات.
وأضافت “إن قيام الشركات الكبرى بدعم الشركات الناشئة من خلال رأس المال الاستثماري، يحتاج إلى خطوة أكثر تقدماً وهي تنويع سلسلة الإمداد كوسيلة لدعم الشركات الناشئة لتصبح قابلة للنمو بدلاً من الاعتماد على التمويل الرأسمالي فقط.”
وقالت الشيخة بدور القاسمي خلال الكلمة الرئيسة أثناء افتتاح الملتقى: “نحن نشهد تقدماً تدريجياً على مستوى تمويل رأس المال الاستثماري، ولكن مع استخدام تنويع سلسلة التوريد، سنتخذ خطوة في الاتجاه الصحيح. فهل يمكن أن نتخيل إمكانيات اقتصاداتنا في المستقبل إذا كانت الشركات الناشئة في المنطقة مدعومة بالكامل بنظام أيكولوجي فعال جداً؟ لدينا بعض الدراسات لمجموعة من الحالات، واليوم، ويسرني أن يتواجد بيننا واحداً منهم هو بدر جعفر، الرئيس التنفيذي لشركة الهلال للمشاريع، التي قادت الطريق بتخصيص حوالي 29٪ من نفقاتها على المشتريات من الشركات الصغيرة والمتوسطة ورواد الأعمال منذ العام 2016، إذ يمكننا بناء مستقبلنا اليوم من خلال خلق ودعم المبادرات التي تدعم زخم ريادة الأعمال في العالم العربي ما سيؤدي إلى النمو الاقتصادي الشامل والمستدام.”
من جهته، قال البروفيسور كلاوس شواب، المؤسس والرئيس التنفيذي للمنتدى الاقتصادي العالمي: “إن الثورة الصناعية الرابعة في العالم العربي الرقمي أصبحت أمراً واقعاً، ولن تترك التكنولوجيات الناشئة أي منطقة جغرافية أو قطاع أعمال أو مجموعة اجتماعية دون أن تدخل فيها، فهذه التكنولوجيات تتدخل فينا كمواطنين وقادة، وتحول القيم التي نتبادلها ونبثها، وإن التقارب المتزايد والقدرة على تحمل التكاليف للتكنولوجيات الرقمية والبيولوجية والمادية يؤثرعلى كيفية إنتاجنا واستهلاكنا وتداولنا ونقلنا، وفي نظرة مستقبلية أرى أن الثورة الصناعية الرابعة ستدخل في كيفية ترابطنا ببعضنا البعض، وحتى فيما سوف يعنيه الإنسان ككل.”
وأضاف “مع تطور الثورة الصناعية الرابعة، سيصبح من الضروري على القادة توجيه مسار ثابت نحو هذه الإصلاحات المزمعة لجني فرصها وحماية مواطنيها من الاضطرابات المحتملة، حيث إن تأثير الاضطراب على المواطنين في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا سيعتمد في النهاية على كيفية عمل الحكومات والشركات والمجتمع معا لتصميم التكنولوجيات الجديدة، ولعل من أبرز الأبعاد المطلوب معالجتها هو التحول الرقمي ونماذج الأعمال الجديدة، والتقاليد والثقافة والتكنولوجيا في العالم العربي، وتعزيز النظام الايكولوجي لرواد الأعمال، والكفاءات التكنولوجية ورأس المال البشري.”
ومن أهم العناوين التي تناولها الملتقى الآثار المتوقعة للنمو المتسارع للروبوتات على دور الشركات الصغيرة والمتوسطة بتزويد الشركات الناشئة بالمرونة، وخبايا الأسواق، وتخفيض التكاليف اللازمة لتطوير أعمالها، وتوسيعها.
وشارك في الملتقى كل من سعادة البروفيسور كلاوس شواب، المؤسس والرئيس التنفيذي للمنتدى الاقتصادي العالمي، وميريك دوسك مدير الاستراتيجيات الإقليمية لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، وعضو اللجنة التنفيذية في المنتدى الاقتصادي العالمي، وشاركت في جلساته النقاشية، كما شاركت نخبة من كبار الشخصيات الأخرى، أهمهم؛ معالي الدكتور أحمد بن عبد الله حميد بالهول الفلاسي، وزير الدولة لشؤون التعليم العالي والمهارات المتقدمة، ومعالي سارة بنت يوسف الأميري، وزيرة دولة مسؤولة عن ملف العلوم المتقدمة، ومعالي مريم بنت محمد سعيد حارب المهيري، وزيرة دولة مسئولة عن ملف الأمن الغذائي المستقبلي للدولة، وسعادة محمد جميل الرمحي، الرئيس التنفيذي لشركة مصدر، وعارف نقفي، المؤسس والرئيس التنفيذي لمجموعة أبراج، وبدر جعفر، الرئيس التنفيذي لشركة الهلال للمشاريع، ومجيد جعفر، الرئيس التنفيذي لنفط الهلال، وعدد من المسؤولين الحكوميين ورجال الأعمال من دولة الإمارات العربية المتحدة.
وشارك في الجلسة النقاشية الأولى بعنوان “التحديات والفرص الرئيسة في العالم العربي الرقمي“، التي أدارتها مينا العريبي رئيس تحرير صحيفة ذا ناشونال الإماراتية، كلٌّ من سارة الأميري، وزير الدولة لشؤون العلوم المتقدمة، الإمارات العربية المتحدة، وآلان بجاني، الرئيس التنفيذي لشركة ماجد الفطيم القابضة، وجوي عجلوني، الشريك المؤسس والمدير الإبداعي في شركة فيتشر، وخالد بياري، الرئيس التنفيذي لشركة الاتصالات السعودية، وعماد الحاج، أستاذ في الجامعة الأمريكية ببيروت، وعضو في المجلس العالمي للروبوتات والذكاء الاصطناعي، من لبنان.
وقالت مينا العريبي، إن 30% من سكان المنطقة ليس لديهم قدرة الوصول الى الانترنت، وأن هذا التحول نحو الاقتصاد الرقمي يحتاج منا التفكير المركب على المستوى التفاصيل الصغيرة وعلى مستوى الصورة الكبيرة، بما يساهم في تحديد الأولويات والبدء بالعمل. وطرحت سؤال عن كيفية تنويع مصادر دخلنا وخلق فرص عمل للشباب في بيئة رقمية متقدمة.
من جانبها ذهبت سارة الاميري إلى القول بأننا نريد الإنتقال إلى مرحلة جديدة، نتحدث فيها عن رأس مال مختلف هو ثروة المعلومات، وعن إدارة حقيقية لضخ الاستثمارات في القطاعات التقنية المناسبة القادرة على تحقيق عائد وخلق بيئة تصنيعية بعيداً عن استهلاك التقنية.
بدورها عبرت جوي عجلوني عن سعادتها بوجودها في الإمارات العربية المتحدة، وأنها كرائدة أعمال في التقنية استثمرت ملايين الدولارات في أمريكا والإمارات، وتسعى بأن ترى دولة الإمارات أكثر تميزاً في تحفيز الابتكار في الاعمال، وقالت: “أعتقد أن البيروقراطية تشكل عائقا أمام ريادة الاعمال، كما أن التكاليف والمصاريف التشغيلية للمشروع قد تصل أحياناً إلى 40% من إجمالي الكلفة التشغيلية، وهذا يستدعي منا جميعاً التفكير ملياً في كيفية تقديم التسهيلات الضرورية للشباب الراغب في دخول العمل الحر”.
ورأى آليان بيجاني أن المشكلة التي نواجهها في المنطقة تكمن في القدرة على التفكير المنهجي عند الحديث عن التحول نحو الاقتصاد الرقمي، وقال “ما نراه اليوم هو تسارع إلى تبني التقنيات الجديدة لكن نحن لا نتبنى البنى التحتية بالشكل الصحيح وفقا لما تحتاجه بيئة صديقة لرواد الأعمال الذين يريدون الإنطلاق، والاقتصاد الرقمي هو ليس كياناً جديداً بل هو “محاكاة للواقع الافتراضي” للاقتصاد الحقيقي، ولا فصل بين الاثنين، السؤال الأهم هو ما الذي تريده فعلاً، وكيف نضع الخطط ثم كيف ننفذ هذا الاستثمار.”
وأضاف: “هناك من يمتلكون الفكرة والقدرة على الإبداع لكنهم لا يمتلكون رأسمال لتطبيق ذك، ودورنا أن ندعم هذا النظام الاقتصادي، نحن نريد إيجاد المواهب المناسبة، وأن نجدد نسبة المبدعين الرقميين ومدى قدرتهم تحقيق الإضافة له”.
من جهته قال خالد البياري في مداخلته: “أحدثت التقنية في قطاع الاتصالات نقلة نوعية فينا، لكنها فتحت أفاقاً جديدة للأعمال، وقد بدأنا أخذ الأمور بجدية أكبر، عبر إعادة كتابة الاستراتيجيات لتصبح الرقمنة هي الأساس لإدارة الأعمال وتحقيق الأرباح وتعزيز تجربة العملاء، فعلى سبيل المثال خفضنا عدد مراكز خدمة العملاء بنسبة 25% وحولناها الى رقمية”.
ولفت عماد الحاج إلى أنه يجب في البداية تحديد المصطلحات التي نتحدث عنها بدقة فهل نحن بصدد الحديث عن رقمنة الاقتصاد أم الاقتصاد الرقمي. وقال بما أننا مستهلكون للرقمية، سنبقى بعيدين عن الهدف، على مستوى التعليم لا مشكلة لدينا في مستوى التعليم، لكن لدينا مشكلة في مخرجات التعليم التي لا تشجع على تحويل الأفكار إلى مشاريع اقتصادية بدلاً من هجرتها الى أماكن أخرى تمكنهم من تحقيقها.
وأضاف الحاج “على مستوى البرامج والأجهزة هناك مشكلة في تقنيات تصنيع الأجهزة فهي معدومة تماماً في المنطقة، يجب أن نستقطب مصنعي تلك الأجهزة لفتح جزء من مصانعها في المنطقة تماماً كما فعلت الصين في السابق. ولا بد من توفير الاستقرار السياسي والأمني فيها لكي تتمكن من تحقيق ذلك”.
كما نظّم الملتقى جلستين نقاشيتين منفصلتين، استضافت كلٌّ منهما نخبة من أبرز المتحدثين في قطاع الصناعة من مختلف أنحاء العالم، حيث تناولتا مجموعة من الاستراتيجيات والحلول المبتكرة الرامية إلى تحديد مستقبل الشركات الناشئة والصغيرة والمتوسطة، والاقتصاد الابتكاري في العالم العربي.
واستكشفت الجلستان سبل تحقيق التكامل بين القطاعين الحكومي والخاص، من خلال عدد من المبادرات التي تسهم في تمكين المنطقة العربية من الاستفادة من إمكانياتها، وتوفير البيئة المثالية لإطلاق المشاريع التجارية، وتحويلها إلى وجهة رئيسة للأعمال الناشئة.