دبي – خاص
بقلم حسين السيد، كبير استراتيجي الأسواق في FXTM
عاد الطلب مجدّداً على الملاذات الآمنة صباح الاثنين بعد أن جرّبت كوريا الشمالية أقوى قنبلة نووية على الإطلاق.
فقد تفوّق كل من الذهب وسندات الخزانة الأميركية والفرنك السويسري والين الياباني في أدائهم على الأصول الأخرى، بعد أن حاول المستثمرون تقويم الأثر المحتمل للتجربة النووية التي أجرتها كوريا الشمالية. ويبدو أن رد فعل السوق كان مشابهاً لما جرى في التجارب السابق لإطلاق الصواريخ. حيث يلجأ المستثمرون إلى بيع الأسهم، ويندفعون نحو الملاذات الآمنة، ويجرون تقويماً للوضع، ومن ثمّ يشترون عند الانخفاض بعد تراجع التوترات. ورغم أنّ الأسهم تراجعت في آسيا إلا أن العمليات البيعية لم تكن هائلة، والسبب الأساسي في ذلك هو أنّ التجربة النووية حصلت خلال عطلة نهاية الأسبوع، ولم يكن هناك ما يكفي من الوقت لاستيعاب الخبر.
لا شكّ في أنّ القنبلة الهيدروجينية تختلف عن عمليات إطلاق الصواريخ أو التجارب النووية السابقة؛ وهي تغيّر قواعد اللعبة بالنسبة لاستراتيجية ردع كوريا الشمالية. لكن السؤال الأكبر في أذهان المستثمرين يظل “ما هي الخطوة التالية؟” وهل ستقود التوترات إلى المفاوضات أم الحرب؟
لقد بات واضحاً بأنّ القادة في أنحاء العالم منقسمون بشأن كيفية التعامل مع الوضع. فالرئيس ترامب يعتقد بأن مباحثات كوريا الجنوبية مع كوريا الشمالية التي تهدف إلى استمالتها لا تنفع، وبأنّها لا تفهم سوى شيئاً واحداً. ورغم أنّه لم يوضح ما هو هذا “الشيء الوحيد”، إلا أنه يشير بوضوح إلى عمل عسكري، ولكن بما أنها ليست المرّة الأولى التي يهدّد فيها بهكذا إجراءات، فإن المستثمرين لا يشعرون بمخاوف جدّية على ما يبدو.
ويبدو أن الصين، وهي أوثق حليف سياسي واقتصادي لنظام كيم جونغ أون، بدأت تخسر نفوذها، لكنّ الحرب هي آخر شيء تأمل في حصوله. فالهجوم العسكري على كوريا الشمالية يعني تدفق اللاجئين غير المنظم إلى الصين، وعدم الاستقرار في المنطقة، وحصول تقطع في التجارة، ولا بلد يرغب باندلاع حرب في حديقته الخلفية. ولهذا السبب فإن الأسواق لا تحتسب احتمال الحرب بعد. لكن الحذر يظل مطلوباً في هذه المرحلة.
وعندما تتراجع التوترات، فإنّ التركيز سينتقل باتجاه قرارات السياسة النقدية حيث أن اجتماع البنك المركزي الأوروبي يظل هو الحدث الأهم هذا الأسبوع. والسؤال الأساسي الذي يواجه البنك المركزي يوم الخميس هو ما إذا كان ماريو دراغي سيعلن عن تاريخ وقف شراء السندات. وكان القرار بتقليص شراء الأصول منتظراً وعلى نطاق واسع بأن يحصل هذا الأسبوع، ولكن في ضوء قوّة اليورو، وتبعات ذلك على مستهدف التضخم، فإن البنك المركزي الأوروبي قد يؤجّل القرار حتى أكتوبر/ تشرين الأول. وقد امتنع ماريو دراغي عن إضعاف اليورو عبر التدخّل اللفظي رغم أن محاضر اجتماع شهر يوليو/ تموز أظهرت وجود مخاوف بخصوص قوة العملة الموحّدة. وأي تدخل لفظي سيقود على الأرجح إلى المزيد من التراجع في اليورو من أعلى مستويات سجلها في سنتين ونصف السنة. ولكن إذا استمرت البيانات الاقتصادية تفاجئنا بارتفاعها، فإن البنك المركزي الأوروبي سيجد صعوبة في ضبط الثيران ومنعهم من شراء العملة.