أجرى اللقاء: رئيس التحرير – حسن عبد الرحمن
«بوابة موسـكـــو»، هكذا يمكن وصف رجل الأعمال الســـوري أمجد دوبا، الذي يعيش في روسيــا، منذ ما يقارب الثلاثين عاماً حقق خلالها اسماً مهماً في عالم ريادة الأعمال.
التقيت أمجد دوبا في دبي، وحاولنا بعد جهد جهيد تثبيت ما يمكن أن يكون لقاء صحفي يدور حول عالم ريادة الأعمال، هذا المفهوم الذي يتم تناوله بقوة في عالم اليوم، وحاولنا قدر الإمكان أن يكون الأمر مجرد دردشة، اكتشفت فيما بعد أنها تطرقت بعمق لمعنى ريادة الأعمال وهكذا بدأت.
الصفات الشخصية لرّواد الأعمال
غالباً ما يسأل الناس عن ماهي الصفات الشخصية التي يملكها روّاد الأعمال الناجحين؟
أنا من جهتي احتفظت دوماً بقائمة من هذه المواصفات استنادا إلى ملاحظاتي على مدى سنوات، ومن خلال لقاءاتي مع الكثير من روّاد الأعمال الذين أطلقوا شركات، وأغلقوا شركات وتخارجوا من شركات. وخبروا عالم الأعمال.
لاستكشاف أكبر وأوسع كنت دائماً أضيف إلى قائمتي صفات جديدة مع كل لقاء جديد، وكما قال برتراند راسل، فٌان معرفة كل شخص جديد هو تجربة جديدة، ومن معرفتي على مدى سنوات لشخصية أمجد دوبا، فقد أضاف الكثير إلى قائمة مواصفات روّاد الأعمال التي أعرفها، فهو يملك حزمة ملاحظات لا بد منها لكل رائد أعمال ناجح، وهو هنا في هذا اللقاء الذي تأخر لأسباب كثيرة أهمها زهده في الظهور الإعلامي ولكن ما جعل الأمر أكثر سهولة، آنه معجب بمفهوم ريادة الأعمال، ومن خلال إضافاته حول هذا المفهوم أضع هنا بعض الأفكار المعمقة التي بدأناها معاً بدردشة مبسطة على فنجان قهوة في دبي ، والأهم في رأيه أن الاستثمار الناجح هو الأقل كلفة! .
عن مواصفات رائد الأعمال يقول:» بشكل عام، أعتقد أن هناك مجموعة مواصفات تنبئ دائماً بأن شخص ما سيكون رائد أعمال، وتظهر بعض هذه الصفات على نحو متكرر عند جميع الروّاد بشكل عام، ولنقف مثلاً عند صفة «المثابرة والإصرار»،
في تفاعلي مع مجالس رجال الأعمال والمال، يمكنني القول أن العنصر الأكثر أهمية لتحقيق النجاح الريادي هو المثابرة، فهي أهم عامل من عوامل النجاح. وتتجسد في قدرتها على تحطيم الجدران. اضيف ايضاً، الرغبة في المخاطرة والشغف والتواضع الواثق والاستجابة للتحديات المتغيرة باستمرار. واتباع الخط المستقيم بين المشكلة والحل، وكما ترى هناك صفات كثيرة يمكننا أن نضيفها وهي لا تنتهي».
كما يمكننا إضافة صفة أخرى مهمة من صفات رائد الأعمال وهي الفضول، الفضول في متابعة الآخرين وقصص نجاحهم. وهذا يلهمنا في كثير من الأحيان.
إليك وجهة نظر قد تفتح باباً آخر للحديث عن ريادة الأعمال:» حسب خبرتي فإن روّاد الأعمال هم المبتكرون: إنهم يملكون الحكمة التقليدية المتعارف عليها، وهي تقدير قيمة المال، ويملكون رؤية واضحة تفاجئنا، ويسعون لإضافة بصمتهم الخاصة، فهم يعيشون ويجيدون لعبة تقاطع الابتكار والتطبيق العملي. وبالنسبة لهم، الفشل هو ضرورة للوصول إلى النجاح والفشل قد يكون «لحظات قابلة للتعلم» وهذا الأمر في الواقع يستحق السعي إليه لأنه يساعدك على تحقيق نتائج مبهرة.
الفشل هوالقصة المؤثرة التي تشجع الجميع على تبادل قصص أهم وأكبر التجارب الفاشلة في الحياة الشخصية والحياة المهنية. والتعلم منها، وهذا لا يقتصر على عرض تجربة الفشل كقصة مؤثرة، بل هو ممارسة في فن التعلم لنصبح أكثر مرونة وقوة بعدها.
كل فشل يقابله رائد الأعمال هو درس. إنها تجربة تعليمية للمساعدة في النمو والنجاح في المحاولة القادمة – والمحاولة مجدداً. قبول الفشل كعنصر حاسم في ممارسة الأعمال التجارية أمر ضروري لرجال الأعمال على طريق النجاح، أنا بالمقاييس العامة رجل أعمال. وفي الحقيقة فإن العمل مع روّاد الأعمال واحد من الأشياء التي أعشقها، وكمستثمر يعرف الكثير من الأشخاص في هذا المجال، فأنا أتحدث مع روّاد أعمال الشركات الناشئة بانتظام. باختصار، لقد رأيت العديد من الناس – بما في ذلك نفسي يجربون الفشل.
ولكن هذا ليس شيئاً سيئاً: المرور في هذه التجربة يعني أننا قد اتخذنا إجراءات لنقرب أنفسنا من الوجهة التي نريدها تلك الوجهة التي تمكننا من التعلم والتكيف. خذ بحسبانك أن كلمة «فشل» هي اختصار للتكيف واستمرار الإلهام والتعلم. يتعلق الأمر بتغيير وجهة نظرك وكيفية رؤيتك للفشل. نحن نتحدث هنا عن فكرة الاستعداد الجريء للدخول وخوض التجربة».
محبة الناس
في آخر حديث هاتفي معه قال لي:» اقترب الصيف وسأكون مشغولاً، وفهمت أن الضيوف بدأوا بالتوافد إلى العاصمة موسكو، وهذا يعني أن جدول أعماله سيكون في غاية التعقيد، لكن الأصدقاء جميعاً يعرفون أن كل شيء على ما يرام بوجود ابو محمد.
في آخر لقاء لي معه في دبي كان في إجازته السنوية مع العائلة، وكالعادة أنت لن تسلَم من الشعور بأنك موضع رعاية، فهو لا يقبل إلا أن يكون من يهتم أولاً. يشعرك بما يكفي بأنك في المنطقة الآمنة. لا يخلو الأمر من تعليقات وسخرية ذكية، فروح الدعابة حاضرة دائماً.
أكثر من محاولة لإجراء مقابلة صحفية وأغلبها لم يتم، مرات عديدة سجلنا وانتظرنا وهو في كل مرة يخترع سبباً لعدم الوصول إلى النهاية، السبب الحقيقي أنه كان كما قلت، زاهداً بالظهور ولم تكن لديه الحماسة الكافية للحديث عن نفسه أو الحديث كرجل أعمال.
البدايات
عندما وصل الطالب أمجد دوبا إلى موسكو لم يكن قد تجاوز الثامنة عشرة من العمر، وهو الخارج من بيئة لا علاقة لها بالأعمال ولا تنتمي لعالم البيع والشراء. ولكن من أين جاءته الموهبة إذا؟ حتى يكون اليوم واحد من أهم روّاد الأعمال العرب في روسيا، ليس هناك سوى تفسير واحد، تكتشفه عندما تلتقيه وتسمع منه بعضاً من سيرته خلال الفترة التي قضاها في روسيا، وعندما يروي محاولاته المستمرة لإطلاق شركات، بعضها فشل وبعضها نجح، اعتقد أن نجاحه جاء من قدرته على المبادرة، ومن قدرته على تقبل الفشل، ومواصلة التعلم والمحاولة، وهذه واحدة من أهم صفات روّاد الأعمال.
لن نبحث إذا عن سبب نجاحه، فقد استطاع الوقوف مع أهم رجال الأعمال الذين بدأوا قبله أو الذين كانوا ينوون عن قصد الاستفادة من البيئة المناسبة في مرحلة تفكك الامبراطورية.
أول صفقة
لا أنسى عندما قال لي:» كنت في غاية الفرح عندما رجعت إلى سورية بأول صفقة تجارية وكنت مازال طالباً، أعتقد أن قيمة الصفقة لم تتجاوز 200 ألف ليرة، وهي لا تشكل شيئاً في عالم الدولار في ذلك الوقت، وكانت من المتاجرة بأشياء بسيطة، أذكر أنه روى لي ذلك، عندما سألته عن كيف بدأ يتلمس طريق «البزنس». ربما كانت هذه الصفقة بداية للاعتماد على النفس والشعور بالمسئولية، وبأن عليه أن يحقق إنجاز ما مثل شخصيات معروفة التقاها في موسكو وكانت بمثابة قصص نجاح.
بصعوبة شديدة تتمكن من أخذ اي معلومة عن كيف بدأ وعن أي أعمال لديه، وكيف جمع ما يمكن القول إنه رأس مال، فهو يعتبر أن مجده الحقيقي ليس بما أنجز على الصعيد المادي، بل بما حقق وجمع من صداقات تجعله واحد من أشهر المواطنين العرب في موسكو.
في مسيرته كرجل أعمال استفاد أمجد دوبا، كغيره من فرق العملة بعد انهيار الاتحاد السوفييتي السابق، ومن الفرص التي كانت في متناول اليد، وفي تلك الأيام كان القليل من الحظ وبعض الخبرة يفتحان فرصاً لا تنتهي، جرّب في قطاع الضيافة والمطاعم، ثم في السياحة، مروراً بالعقار وبعض الامتيازات التجارية لماركات عالمية متخصصة، وفي كل ذلك كانت صداقاته التي بناها طوال فترة وجوده في روسيا أكبر سند له.
العلاقات الواسعة والمعلومة، هما الأولوية في نجاح أي شركة أو عمل، وكانتا الحاضر الأكبر وسبباً في قدرته على تحقيق نجاحاته المشهودة، بالإضافة طبعاً إلى نجاحه الأهم في بناء أسرة رائعة ومساندة، أعطته الشعور دون حدود بإن لديه قلعة يعود إليها في آخر اليوم.
بناء على نصيحة
مع التغيرات العالمية وصعود روسيا كقوة عظمى، تتركز الأنظار اليوم على الفرص المتاحة والمخبأة، فروسيا الاتحادية مقصد استثماري مستجد للدول والأفراد، ولكن لابد من الاستشارة والدراسة المعمقة بالنسبة لأى خطوة يخطوها أي مستثمر:» يقول أمجد دوبا:» عند التفكير بأي قرار لدخول السوق الروسية، سواء كان مع منتج للتوريد أو خطط استيراد أو تصدير من وإلى روسيا الاتحادية هناك شركاء معروفون من مكاتب ومؤسسات وهيئات حكومية وشركات داخل الأراضي الروسية، تعمل بتوجيه من الحكومة، بقصد كسب عملاء أكثر وتوسيع دائرة العمل اللوجستي مع الدول الأخرى. وبشكل عام ننصح الراغبين في دخول الأسواق الروسية، أن يلجأوا إلى أصحاب الخبرة اللازمة لإنجاح الصفقات ومعرفة القوانين.
الاستثمار في روسيا إغراء لا يقاوم
بالنسبة للمغامرين، والباحثين عن النجاح، أو الأثرياء، فإن روسيا لا تزال تملك إغراءً للاستثمار، حيث ضخ المستثمرون في نصف سنه فقط من العام الماضي، نحو 861 مليون دولار أمريكي في أكبر صندوق أمريكي للاستثمار في روسيا.
ذكر تقرير حديث لمؤسسة
الأبحاث «فيفليتس» أنه» في اي استثمار فإن الأمر المٌريح والمشجع هو ربحيته، وهذا متوفر اليوم في روسيا، الاستثمار في روسيا مربح ويملك فرصا متزايدة للنجاح، وهو ينافس بيئات استثمارية أخرى في العالم، فروسيا بيئة استثمارية أفضل من أوروبا، القارة العجوز تعيش مرحلة بيروقراطية وهي تتطلب كلف استثمار عالية. ما يميز روسيا اليوم حرص الحكومة على تشجيع الاستثمار وإطلاقها للعديد من القوانين الاصلاحية الجديدة، وهذا يسهل ويفتح الفرص أمام المستثمرين الجدد.
حول ذلك يقول دوبا:» وفقاً للتقرير السابق فإن المستثمرين في روسيا سيحصلون على «صفقات أفضل»، بالمقارنة مع أسواق أخرى، فمعدل سعر الأسهم إلى الأرباح في مؤشر «إم إس سي إي» للأسهم الروسية يبلغ 4، مقارنة بنحو 1،8 لمؤشر «ستاندرد آند بورز» الأمريكي. ومعدل العائد على الأسهم الروسية يبلغ 16.9% سنويا بالنسبة للأعوام العشر المقبلة، وهو ما يتجاوز أي سوق ناشئة أو متقدمة. هذا يعكس حقيقة أن السوق الروسية سوق نشطة وواعدة». وما يؤكد ذلك النجاح المتزايد للشركات الروسية في خلق علامات تجارية محلية جديدة تحظى بالطلب القوي من قبل رواد الأعمال، وهذا الأمر تمت ملاحظته بقوة في الفترات الماضية، لم يعد شرط نجاح العلامة التجارية أن تكون من أمريكا أو أوروبا، اصبحت العلامة التجارية الروسية تنافسية ومحل طلب. وهذا طبعاً يعود لحيوية السوق الروسية ونشاطها، فهذه السوق تضم أكثر من 145 مليون مستهلك، قوتهم الشرائية جيدة وهناك طبقة وسطى ذات حجم وازن في المجتمع.
مكان جيد للاستقرار
روسيا مكان جيد للاستقرار، وبشكل عام يمكن لأي قادم إلى روسيا تكوين عائلة، ويمكنه فتح استثمارات ومشاريع تجارية مربحة بكلف ليست كبيرة، ونسبة الضرائب أقل بكثير من بعض البلدان الأوربية، والوصول لروسيا والاستقرار بشكل قانوني أمر ليس صعباً. بالمقارنة مع اوروبا».
تعزيزاً لهذه الأفكار، يقدر البنك الدولي قيمة الثروات الروسية بـ 140 تريليون دولار، ويشير البنك إلى أن الروس الذين لا تتعدى نسبتهم 2% من سكان العالم يمتلكون 30% من موارد الكرة الأرضية ولهم 21% من غاباتها. ويشير البنك الدولي كذلك إلى أن مساحة الأراضي الزراعية في روسيا تصل إلى 120 مليون هكتار تستغل البلاد ثلثيها، الأمر الذي يعني أن حصة الفرد في روسيا من الثروات تفوق حصة نظيره الأمريكي بضعفين ونصف، والألماني بـ6 أضعاف، والياباني بـ18 ضعفاً.
حوافز وتسهيلات
روسيا هي البلد الوحيد بين الدول الصناعية القادر على إطعام 400 مليون نسمة، بل تأمين أفضل ظروف المعيشة لهم بغض النظر عن جميع الأزمات الاقتصادية، فيما لا يزيد عدد السكان في روسيا في الوقت الراهن عن الـ 145 مليون نسمة والميزة الفريدة الأخرى في روسيا، امتلاك 84% من المواطنين للسكن الذي يقطنونه، في معدل لم يحققه بلد في العالم من حيث ملكية الشقق والمنازل، كما لا تزيد نسبة المواطنين ممن لا يمتلكون الشقق والأراضي والسيارات عن الـ 7 في المئة من إجمالي السكان في روسيا.
رقم قياسي في جذب الاستثمارات
أما بالنسبة للمشاكل التي تواجه المستثمرين فإن تذليلها في روسيا أمر ممكن. ويذكر على سبيل المثال ان رجل الأعمال الإيطالي فيتوريو ميرلوني أراد إنشاء مصنع لإنتاج الغسالات في محافظة ريف موسكو في نهاية التسعينات من القرن الماضي. واعتبر كثيرون ان هذا الرجل قضى على نفسه بأن يواجه خسائر فادحة. إلا ان فيتوريو ميرلوني أقدم على خطوة
المصنع فيها. ولكنه عدل عن قراره في اللحظة الأخيرة واتجه إلى إقامة مصنعين في مدينة روسية أخرى هي ليبيتسك. وتبلغ حصة شركة فيتوريو ميرلوني في سوق روسيا للأجهزة المنزلية حوالي 36% الآن ويوجد في موسكو وحدها حوالي 5 آلاف مكتب لمختلف الشركات الأجنبية. ويؤسس موفدو الشركات الأجنبية منظمات من شأنها ان تحمي مصالح شركاتهم كالغرفة التجارية الأمريكية أو رابطة البيزنس الأوروبي. وتتعامل هذه المنظمات مع الهيئات الحكومية الروسية مساعدة رجال الأعمال الأجانب على التكيف مع المناخ الاستثماري الروسي.
روسيا والعالم العربي مرحلة جديدة في حديثه عن المنطقة يقول دوبا:» كانت منطقة الشرق الأوسط تسترعي الاهتمام دائما. والآن يمكن القول ان هذه المنطقة تحتل المركز الأول بين مناطق العالم في درجة اهتمام الدول الكبرى بها لوجود وفرة من المشكلات التي لها علاقة بالمشكلات الكونية. وأثبتت تطورات الأوضاع في الشرق الأوسط ان ما من دولة وإن كانت قوية مثل الولايات المتحدة الأمريكية، تستطيع بمفردها تذليل المشكلات التي تنشأ في هذه المنطقة وفي هذه الأيام ولى زمن العزف على أن العلاقة الروسية العربية تخضع للاتجاهات السياسية التي لعب عليها الغرب أيام الاتحاد السوفييتي السابق، ما ألحق ضرراً كبيراً بالعلاقات الاقتصادية مع الدول العربية، على العكس من ذك فقد جرى تصوير روسيا على أنها العدو الاول.
في حديثه عن المنطقة يقول دوبا:» كانت منطقة الشرق الأوسط تسترعي الاهتمام دائما. والآن يمكن القول ان هذه المنطقة تحتل المركز الأول بين مناطق العالم في درجة اهتمام الدول الكبرى بها لوجود وفرة من المشكلات التي لها علاقة بالمشكلات الكونية. وأثبتت تطورات الأوضاع في الشرق الأوسط ان ما من دولة وإن كانت قوية مثل الولايات المتحدة الأمريكية، تستطيع بمفردها تذليل المشكلات التي تنشأ في هذه المنطقة وفي هذه الأيام ولى زمن العزف على أن العلاقة الروسية العربية تخضع للاتجاهات السياسية التي لعب عليها الغرب أيام الاتحاد السوفييتي السابق، ما ألحق ضرراً كبيراً بالعلاقات الاقتصادية مع الدول العربية، على العكس من ذك فقد جرى تصوير روسيا على أنها العدو الاول.
بما أن العديد من الدول العربية تعتمد في اقتصادها على النفط، فإن مجال الطاقة كان مرشحاً لاحتلال مركز مهم، فقد فتحت السلطات السعودية أكثر من 20 موقعا في مختلف قطاعات الاقتصاد الوطني أمام الرأسمال الأجنبي منذ عام 2004. وانتهزت شركة «لوك أويل» الروسية الفرصة فوقعت اتفاقية تخولها التنقيب عن النفط واستثمار حقول الغاز والمكثفات في صحراء الربع الخالي على مساحة تقارب 30 ألف كيلومتر مربع خلال أربعين سنة. وستعمل «لوك أويل» على تنفيذ التزاماتها الناشئة من الاتفاقية والتي تقدر بـ 4 مليارات دولار من خلال المؤسسة المشتركة «لوكسار» التي يملك كل من «لوك أويل» وشركة «ارامكو» السعودية 80 و20 في المائة من رأسمالها». تتاح لروسيا فرص واقعية لتوسيع التعاون الاقتصادي مع البلدان العربية، يقول دوبا:» في مجال التقنية العالية والقطاع المصرفي وفي مجال النفط والغاز وأيضا في البحث عن مكامن المياه الجوفية، وتحلية المياه وفي صناعة البتروكيماويات والحديد والصلب. وضعت مشاريع مشتركة لإنتاج الأسمدة الكيماوية وأصناف من منتجات النفط الجانبية والأخشاب ومصنوعات الجلد ومستلزمات الصيد والقوارب والزوارق والسفن والكابلات والبيوت الخشبية والسيارات وغيرها من وسائل النقل
ويمكن ان تكون وعود المستقبل كبيرة بالنسبة للتعاون العسكري الفني». ويتسم تفعيل التعاون الاقتصادي بين روسيا والبلدان العربية بأهمية كبيرة على الصعيد السياسي أيضا. وهناك عرفان دولي بدور روسيا في رعاية عملية السلام في الشرق الأوسط. ويبقى الوجود السياسي الروسي في المنطقة ثابتا إلى حد كبير ويدعم طموح روسيا لتكون أحد أقطاب العالم.
في هذا الإطار يقول دوبا:» هناك قوى تسعى إلى تقسيم العالم على أساس الدين والحضارة تحت ذريعة مكافحة «التطرف الإسلامي». وأكثرية الدول العربية مرشحة للتصنيف كدول «مشبوهة» في نظر هذه القوى، أي أن هذه الدول مرشحة للتعرض لأي عمل يمكن أن يصل إلى حد التدخل المسلح في شؤونها الداخلية. ولم يكن مصادفة أن تثير السياسة الخارجية الأمريكية المتوجهة نحو التدخل قلق حتى بلدان الخليج التي اعتادت على التعامل مع بلدان الغرب».
الشركاء الجدد
رغم ان العوائق أمام تطوير العلاقات الروسية الخليجية كانت كبيرة، إلا أنه يمكن اجتيازها في المجال الاقتصادي. وبخصوص مواقع العمل المشترك المحتمل يشار عادة إلى الطاقة والتعاون العسكري الفني. ولكن لا يجوز تجاهل الميادين التي يتم فيها استرداد المبالغ المدفوعة في وقت سريع كالعقارات وقطاع التشييد والبناء والتجارة والأوراق المالية والبنية التحتية للنقل. ويمكن الاستفادة من الخبرة التي اكتسبتها روسيا في تسييل الغاز، مثلا، أو في مد خطوط أنابيب الغاز. ومن جانبها تبدي دول الخليج العربي استعدادها للاستثمار في الصناعة الروسية للتقنيات الجوية والفضائية. وبدأ الجانب السعودي يبدي اهتمامه أيضا بطائرات الهليكوبتر القتالية الروسية رغم ان الجيش السعودي كان قد حصل على ما يحتاج إليه من أسلحة من أمريكا وأوروبا الغربية.
بوكس
صفقات روسية عربية
صندوق الاستثمارات المباشرة الروسي يوقع 10 اتفاقيات على هامش منتدى بطرسبورغ
قال رئيس صندوق الاستثمارات المباشرة الروسي كيريل دميتريف بأن الصندوق يخطط لتوقيع أكثر من 10 اتفاقيات استثمارية بقيمة 1.7 مليار دولار خلال المنتدى الاقتصادي الدولي في بطرسبورغ. إن الصفقات المزمع توقيعها تمس مجالات مثل البنية التحتية للنقل والخدمات اللوجستية، والزراعة، والخدمات النفطية والتعدين، والرعاية الصحية، وتحسين كفاءة الشركات المملوكة للدولة والعقارات. واستضافت مدينة سان بطرسبورغ ما بين 1 و3 يونيو/حزيران أعمال المنتدى الاقتصادي، بمشاركة نخبة من السياسيين والاقتصاديين من مختلف أنحاء العالم.
ومنتدى «بطرسبورغ الاقتصادي الدولي» يعقد في روسيا منذ عام 1997، ومنذ عام 2006 يشارك فيه الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بشكل سنوي. ويسمى المنتدى الاقتصادي بـ» منتدى دافوس الروسي»، بسبب حجمه ومستوى المشاركين في فعالياته.
ويعد المنتدى الاقتصادي منصة لجذب الاستثمارات الأجنبية إلى الاقتصاد الروسي، وخلال أعمال المنتدى في 2016 تم توقيع 332 اتفاقية وصفقة بقيمة 1.024 تريليون روبل أي ما يعادل نحو 15.5 مليار دولار. أفادت وزارة الصناعة والتجارة الروسية، الخميس، بأن روسيا والسعودية تناقشان أكثر من 25 مشروعا مشتركا باستثمارات إجمالية تزيد عن 10 مليارات دولار.
وأبرمت شركة «مروحيات روسيا» عقدا لبيع 12% من أسهمها، التي تقدر بنحو 2.35 مليار دولار، لتحالف ضم صندوق الاستثمار الروسي المباشر ومستثمرين عرب.
وكان صندوق الاستثمار الروسي المباشر أعلن في وقت سابق أنه يعتزم بالمشاركة مع مستثمرين عرب شراء 25% من أسهم شركة «مروحيات روسيا» حتى نهاية عام 2016. وتشير البيانات إلى أن حجم مبيعات «مروحيات روسيا» بلغ في عام 2015 نحو 220 مليار روبل.