**لدينا العديد من الفرص الاقتصادية في الصناعة والتجارة والسياحة والتكنولوجيا
**الحاضنة تقدم دعما كخدمات وليس تمويل لكن مؤخرا تعاقدنا مع صندوق الأمم المتحدة للسكان لتقديم منح مالية
**شركات عديدة تتسرب خارج البلاد وتعهد بوظائف عن بعد للأيدي العاملة السورية
خاص: حنان سليمان
لا يتصور الكثيرون أن يكون هناك مناخ مناسب لرواد الأعمال أو حتى فرصا اقتصادية ذات جدوى في سورية بسبب الأوضاع الحالية، فضلا عن أن يكون هناك حاضنات للأعمال نشيطة ولها تواجد على الأرض، فضلا عن أن تكون هناك شركات استطاعت تحدي الظروف المحيطة لتخرج إلى السوق وتعمل في الخارج وتحقق نجاحات لافتة. اللافت أنه لولا الظروف الراهنة، لكانت سورية في طليعة دول المنطقة ازدهارا ورواجا بالشركات الرائدة ورواد الأعمال الباحثين عن كل جديد، فقد ظهرت بها الحاضنات التكنولوجية في 2006 قبل أي دولة عربية أخرى وقبل أي أحداث سياسية كبرى تعصف بالمنطقة.
قبل اندلاع الحرب في 2011، كان هناك عدد من الحاضنات الزراعية والنسيجية وغيرها في سورية، لكن اليوم توجد فقط حاضنة مركز الأعمال والمؤسسات السوري والحاضنات الثلاث لتقانة المعلومات والاتصالات يتبعن الجمعية العلمية السورية للمعلوماتية. كانت حاضنة دمشق هي الأولى التي ظهرت في 2006 كما تقول المهندسة فدوى مراد، مديرة حاضنة تقانة المعلومات والاتصالات، تبعتها حاضنة حمص في 2010، وحاضنة اللاذقية في نهاية 2010. وبلغ عدد طلبات الاحتضان المقدمة حتى منتصف العام الماضي 77 طلبا، قُبل منها 48. تخرجت 20 شركة من الحاضنة بنجاح أكثر من نصفهم يعمل حتى الآن في السوق خارج سورية غالبا. واليوم، توجد 9 مشاريع محتضنة يتوقع تخرج أربعة منها قبل نهاية 2017.
لدى الحاضنة قصص نجاح مثل شركة Votek وهي تقنية للتعرف على الكلام باللغة العربية، اندمجت مع شركة متخرجة أخرى هي l3rabi لإنتاج لعبة “لوجي” وهي أول دمية ذكية عربية تفهم الكلام باللغة العربية وتتفاعل معه.
كذلك Ad-in-spot وهي شركة تقدم خدمات الإعلان الإليكتروني عن طريق توفير خدمة انترنت hotspot، قبل أن يتغير اسمها إلى fi-Technology مع انتقالها إلى قطر والتعاقد مع مستتثمر قطري، كما قالت مديرة الحاضنة في حوارها مع “انتربرونور العربية”..
**ما هي أجواء عملكم وكيف تسير الأمور؟
أجواء عملنا محفزة وحماسية للغاية، لدى الشباب طاقات كبيرة واستعداد لخوض المغامرة المتمثلة في تأسيس شركتهم الناشئة. وهذا هو النصف الممتلئ من الكأس بعد مرور ست سنوات على بداية الحرب. الظروف الأمنية والاقتصادية انعكست بدورها على الوضع الاجتماعي و دفعت كلها العديد من الشباب للتفكير بريادة الأعمال لتكون وسيلتهم للانطلاق في عالم الأعمال إن لم يكن داخل سورية، فخارجها، فكما أن هناك شباب أصيب باليأس والإحباط، هناك شباب حاول ويحاول الاستفادة من الوقت الضائع في زمن الحرب ليقوم بتأسيس شركته الناشئة والانطلاق بها سواء داخل سورية او خارجها فالكل يسعى لاستمرار الحياة ولا يوجد ضمانات في الحروب للأسف.
نحن نحاول من خلال الحاضنات توفير الأمور الأساسية الضرورية لتطور هذه المشاريع الناشئة واستمرارها (المكان، الكهرباء، الاتصال بالإنترنت…) بالإضافة إلى خدمات التدريب والتشبيك المحدودة نسبياً بسبب الظروف الراهنة. العملية ليست سهلة في ظل الموارد المحدودة، حيث يتم الاعتماد في التدريب بشكل كبير على تطوع الخبرات السورية الموجودة في سورية، او عبر شبكة الإنترنت.
**في أي المدن تعملون؟ وما هي التحديات التي تواجهونها؟
نعمل حالياً في دمشق وحمص واللاذقية، بظروف متفاوتة نسبياً تبعاً لما تعرضت له كل مدينة من أضرار بسبب الحرب الدائرة، حيث تتنوع هذه المشاكل بين توفر التيار الكهربائي وهي مشكلة شبه مشتركة بين الحاضنات الثلاثة، وبين إمكانية الوصول إلى الحاضنة وهو ما عانته حاضنة حمص خلال الفترة من 2012-2014 نتيجة الحرب التي كانت تدور ضمن المدينة.
**هلا عرفتينا على الفرص الاقتصادية ذات الجدوى في سورية حاليا؟
الفرص محدودة جداً للأسف في ظل التراجع الكبير لرؤوس الأموال، وغالباً نجاح تطبيق المشاريع الناشئة في سورية يتم من خلال التمويل الذاتي، لكن هناك العديد من الفرص الهامة في مجالات عدة تشمل السياحة رغم الكم الذي دمرته الحرب من معالم سياحية، لكن الفرص اليوم مرتبطة بالتسويق لما تبقى من جهة، والإضاءة على التاريخ المفقود من جهة أخرى، والصناعة نظراً للحاجة الماسة لإعادة بناء ما دمرته الحرب من صناعات محلية، بالاستفادة من التاريخ والخبرات وربما في بعض الحالات المواد الأولية الممكن توفيرها محلياً، والتجارة بالاعتماد على توفير تطبيقات متعلقة بالتجارة الإلكترونية في المجالات المتعددة، وتوفير العديد من الخدمات عبرها والتي تربط بين الزبون والتاجر بآليات متنوعة داخل وخارج سورية من خلال قنوات التسويق الإلكتروني التي توفرها التقانات الحديثة. أما المجال التقني وأخص هنا المجال المعلوماتي فهو يوفر العديد من الأدوات التي يمكن ربطها ببرمجيات تمكن من الحصول على العديد من الخدمات عبر القنوات الإلكترونية، وكذلك التعريف بالمعالم السياحية لاسيما باستخدام تقانات الواقع الافتراضي Virtual Reality، والواقع المعزز Augmented Reality.
هذا بالإضافة إلى فرص مهمة للشراكة بين القطاعين العام والخاص، وتبقى للأسف هذه الفرص مرتبطة بما يجري على الأرض هذه الأيام.
**على ذكر التمويل الذاتي.. كم يقدر مثلا أقل تمويل ذاتي لمشروع محتضن لديكم؟
أقل تمويل ذاتي بين المشاريع المحتضنة في الحاضنة كان بما يعادل 500-1000 دولار أمريكي ليس أكثر. وذلك يختلف تبعاً لطبيعة المشروع، فالمشاريع البرمجية لاتحتاج عادةً لتمويل كبير كونها مجهود ذهني يعتمد على توفر الجهاز الحاسوبي الجيد، اما في حال المشاريع التقنية التي تعتمد على توفر عتاديات فيمكن أن تصل تكلفة البداية إلى 2000-3000 دولار أمريكي على الأقل للوصول إلى النموذج الأولي.
**من يدعم الحاضنة؟
الداعم الرئيسي للحاضنة فنياً ومالياً منذ تأسيسها هي الجمعية العلمية السورية للمعلوماتية، وهي جمعية أهلية غير ربحية تؤمن مواردها المالية من مشاريع معلوماتية (مزود خدمة الإنترنت، مجلة المعلوماتية، دورات تدريبية…..) أسستها بهدف دعم المشاريع الأخرى.
يدعم الحاضنات أيضاً الجامعات حيث ساهمت جامعة دمشق في تأمين مقر حاضنة دمشق ضمن سكن الدراسات العليا في المدينة الجامعية، وكذلك جامعة البعث التي استقبلت حاضنة حمص.
**خدمات الحاضنة تدور حول الدعم الفني والقانوني والإداري، فماذا عن الدعم المالي والاستثمار؟
للأسف خدمات الدعم المالي والاستثمار لم تكن موجودة خلال تاريخ الحاضنة منذ تأسيسها، ما كان متاحا فقط هو محاولة الربط مع مستثمرين من خلال أنشطة الجمعية العلمية السورية للمعلوماتية.
لكن مؤخراً ومع إدراكنا لأهمية وجود دعم مالي معين يساعد في تثبيت جذور الشركة وتطورها، تم التعاقد مع صندوق الأمم المتحدة للسكان لتأمين منح مالية لعدد من المشاريع المميزة. بالإضافة إلى شراكة استراتيجية بين الجمعية وأحد البنوك العاملة في سورية لتقديم جوائز مميزة ومحاولة الربط مع مستثمرين.
**كم فرصة عمل وفرتها الشركات المتخرجة من الحاضنة؟
فرص العمل التي وفرتها هذه الشركات محدودة لا تتجاوز 50 فرصة بالنسبة للشركات التي تخرجت قبل عام 2011، في حين أن هذا العدد تجاوز الضعف حالياَ في ظل وجود الشركات المتخرجة خارج سورية، وتوفيرها لفرص عمل أكثر عبر الإنترنت outsourcing، في ظل كون اليد العاملة الموجودة في سورية تعتبر جيدة جداً من الناحية الفنية والمهنية، ورخيصة مالياً بالمقارنة مع الأيدي العاملة خارجها، وذلك بسبب التغيرات الكبيرة في أسعار الصرف منذ بداية الأزمة السورية.
**هل فكرتم في الإغلاق بسبب الظروف الراهنة والتحديات الملقاة على طريقكم؟
لم نفكر بإغلاق الحاضنة لما لها من دور في تشجيع الشباب ونشر ريادة الأعمال الصحيحة فيما بينهم، على الرغم من التحديات التي نواجهها من محدودية الموارد لاسيما المالية والتدريبية، بالإضافة إلى التسرب الكبير للشركات إلى خارج سورية بسبب الأوضاع الراهنة، والذي كان في أوجه في العامين 2012-2013.
**ما جديدكم هذا العام؟
جديدنا هذا العام النسخة الثانية من البرنامج التدريبي لريادة الأعمال، والتي نعمل على تنفيذها في إطار خطة عمل مع صندوق الأمم المتحدة للسكان. النسخة الأولى تضمنت التدريب والاحتضان في دمشق فقط بالموارد المتاحة لدينا.
أما في النسخة الثانية تم تعزيز سوية التدريب، وانتشاره حيث تم تنفيذه في كل من دمشق وحمص واللاذقية، وسيكون هناك مستوى متقدم من التدريب لـ25 مشروعا، ليحصل أفضل ستة منها على منحة مالية تصل قيمتها إلى 3 آلاف دولار أمريكي، بالإضافة طبعاً إلى الإشراف والمتابعة من قبل خبراء مختصين خلال فترة الاحتضان.
نخطط أيضا هذا العام لتنفيذ سباق علمي يساعدنا على ردم الفجوة الموجودة بين الجامعة وسوق الأعمال، في الكليات المتعلقة بتقانات المعلومات والاتصالات، والذي يمكن أن يسهم في تطوير أفكار نوعية في المشاريع الجامعية من جهة، وقابليتها للتحول إلى مشاريع تجارية مستقبلية لأصحابها من جهة أخرى.