على الرغم من إطلاقه منذ أكثر من ثلاث سنوات، يواجه نظام ويندوز 11 صعوبة كبيرة في الانتشار، حيث لا يزال ما يقرب من مليار جهاز حاسوب شخصي حول العالم يعمل بنظام ويندوز 10 الأقدم. تشير هذه المقاومة الهائلة إلى مشكلة خطيرة بالنسبة لشركة مايكروسوفت، خاصة وأن موعد نهاية دعم ويندوز 10 (أكتوبر 2025) قد مر، مما وضع عدداً كبيراً من هذه الأجهزة أمام تحديات أمنية وضغوطات للترقية.
إن القضايا الرئيسية التي تدفع فشل الانتشار غير المسبوق هذا ليست مجرد أخطاء تقنية، بل هي حواجز أساسية تحول دون الترقية وفشل في تقديم قيمة مقنعة وضرورية للمستخدمين.
1. جدار مرتفع لمتطلبات الأجهزة المدعومة
أكبر عائق وأكثرها إحباطاً للمستخدمين هو الحد الأدنى لمتطلبات الأجهزة الذي فرضته مايكروسوفت على ويندوز 11، والذي أثار الجدل:
- شرط شريحة TPM 2.0: أدى اشتراط وحدة النظام الأساسي الموثوقة (TPM 2.0) والمعالجات الحديثة إلى استبعاد ما يحتمل أن يكون مئات الملايين من أجهزة الكمبيوتر على الفور من الترقية. هذه الأجهزة تعمل بشكل جيد ويمكنها تشغيل نظام التشغيل، لكنها تُمنع لأسباب تتعلق بالأمان.
- الأجهزة “القديمة جزئياً”: تشير التقديرات إلى أن ما يقرب من نصف جميع أجهزة الكمبيوتر التي تعمل حاليًا بنظام ويندوز 10 قديمة تقنيًا أو تفتقر إلى المكونات المطلوبة لترقية مدعومة إلى ويندوز 11. وهذا يجبر المستخدمين إما لشراء أجهزة جديدة أو البقاء على ويندوز 10 في بيئة غير مدعومة بعد الآن.
2. نقص جاذبية الميزات الجديدة
بالنسبة للمستخدمين الذين يمكن لأجهزتهم الترقية، فإن عدم وجود ميزات حيوية جديدة يُنظر إليه على أنه يجعل الانتقال غير ضروري ومحفوفًا بالمخاطر.
- تغيير تجميلي تدريجي: ينظر الكثيرون إلى ويندوز 11 على أنه مجرد تحديث جمالي مصقول لويندوز 10، يفتقر إلى الوظائف الثورية التي بررت ترقيات أنظمة التشغيل الرئيسية السابقة. غالباً ما يُنظر إلى قائمة “ابدأ” وشريط المهام وواجهة المستخدم المعاد تصميمها على أنها تحسينات نمطية وليست تحسينات وظيفية.
- تكامل الذكاء الاصطناعي: على الرغم من أن مايكروسوفت تروج بشدة لقدرات الذكاء الاصطناعي في إصداراتها الأحدث (مثل Copilot)، إلا أن هذا التكامل لم يكن قويًا أو واسع الانتشار بما يكفي لإقناع المستخدمين المتشككين بأن ترقية نظام التشغيل ضرورية لسير عملهم اليومي. تعمل العديد من تطبيقات الأعمال والإبداع الهامة بنفس الكفاءة، أو أفضل، على ويندوز 10.
3. مشكلة نهاية دعم ويندوز 10
التحدي الأساسي الذي يواجه مايكروسوفت والمستخدمين اليوم هو الوضع الراهن نظرا لانتهاء دعم ويندوز 10 في أكتوبر 2025.
- المخاطر الأمنية: لم تعد أجهزة الكمبيوتر التي تعمل بنظام ويندوز 10 تتلقى تحديثات أمنية أساسية بعد هذا التاريخ، مما يجعل الأنظمة عرضة للتهديدات الجديدة وغير المكتشفة.
- دورة الشراء القسري: بالنسبة لمئات الملايين من المستخدمين الذين تم استبعادهم تقنيًا من الترقية، أصبح هذا الوضع بمثابة دورة استبدال قسري للأجهزة. يجب على المستخدمين إما شراء جهاز كمبيوتر جديد متوافق أو الاشتراك في تحديثات أمنية موسعة (ESU) لويندوز 10، وهو خيار غير جذاب للمستهلكين والشركات الصغيرة.
الخلاصة: مقاومة الترقية
تنبع الصعوبات التي يواجهها ويندوز 11 من مزيج من القيود المفروضة ذاتيًا (متطلبات الأجهزة) والفشل في إظهار قيمة مضافة جذابة. حتى تجد مايكروسوفت طريقة لتسهيل مسار الترقية أو تقديم ميزات لا غنى عنها لدرجة تجبر المستخدمين على شراء أجهزة جديدة، ستبقى غالبية أجهزة الكمبيوتر في العالم متمسكة بنظام ويندوز 10، مما يخلق تحديًا أمنيًا وتجزئة كبيرين للنظام البيئي بأكمله.

