يمرّ الذهب اليوم بتحوّل تاريخي يجعله جزءاً مركزياً من الاحتياطيات العالمية، وليس مجرد أصل استثماري. فمع الطلب القياسي من البنوك المركزية والتوقعات باتجاه خفض أسعار الفائدة، تتحرك أسعار الذهب نحو مستويات غير مسبوقة. ومع استمرار العوامل الحالية، لم يعد تجاوز حاجز 5000 دولار للأونصة في عام 2026 توقعاً مبالغاً فيه، بل سيناريو واقعياً مدعوماً ببيانات قوية.
لماذا يرتفع الذهب الآن؟
شهد العالم خلال عام 2025 تغيّرات عميقة في النظام المالي الدولي، لم ترفع أسعار الذهب فحسب، بل غيّرت دوره بالكامل:
-
لم يعد الذهب ملاذاً آمناً تقليدياً فقط، بل أصبح أصلاً احتياطياً استراتيجياً غير سيادي تعتمد عليه البنوك المركزية لحماية أصولها من مخاطر الدولار والعقوبات.
-
نتيجة ذلك، تجاوز الذهب حاجز 4000 دولار للأونصة لأول مرة في التاريخ، مسجلاً ارتفاعاً يتراوح بين 50–60% خلال 2025.
مستويات الأسعار: الحالية والمتوقعة
الأسعار الحالية (نهاية 2025):
-
متوسط السعر: 3280 دولاراً للأونصة
-
أعلى مستويات وصل إليها: 4170–4218 دولاراً
توقعات أسعار الذهب في 2026
| الجهة | توقع سعر الذهب (2026) |
|---|---|
| رويترز | 4275 دولاراً متوسط سنوي |
| دويتشه بنك | 4450 دولاراً |
| غولدمان ساكس / استطلاع 900 مستثمر | 36% يتوقعون 5000 دولار |
| محللون مستقلون | 4500 دولار منتصف 2026 |
| خبراء سكاي نيوز | من 4500 إلى 5000 دولار |
الخلاصة:
المدى المرجّح لسعر الذهب عام 2026 يدور بين 4500–5000 دولار للأونصة مع احتمال تجاوز ذلك إذا استمرت العوامل الداعمة.
لماذا يستمر الذهب بالصعود؟ (العوامل الأساسية)
1. مشتريات البنوك المركزية الضخمة
-
مشتريات رسمية تتجاوز 1000 طن سنوياً للعام الثالث على التوالي.
-
في الربع الثالث من 2025 وحده، بلغ الشراء 220 طناً.
-
كثير من المشتريات غير معلَن فوراً، ما يؤدي إلى تأثير أكبر على السوق.
دوافع هذا التوجه:
-
الهروب من مخاطر الدولار والسندات.
-
الخوف من تجميد الأصول والعقوبات.
-
البحث عن أصل لا يخضع لسيطرة دولة واحدة.
النتيجة:
أصبح الذهب بمثابة “عملة احتياطي صامتة” في النظام المالي العالمي.
2. تحوّل سلوك المستثمرين
-
تضاعفت حيازات صناديق ETF إلى أعلى مستوى منذ 2020.
-
تجاوز الطلب على السبائك والعملات 300 طن لكل ربع سنوي.
الأسباب:
-
انخفاض الثقة بالأصول الرقمية مثل بيتكوين.
-
استمرار عدم اليقين العالمي.
-
تحوّل الذهب من أداة تحوط إلى أصل نمو طويل الأجل.
3. توقعات خفض أسعار الفائدة
-
تتوقع الأسواق أن يدخل الاحتياطي الفيدرالي في مسار خفض للفائدة خلال 2026.
-
انخفاض العوائد الحقيقية = زيادة جاذبية الذهب.
4. تفكك تدريجي في النظام المالي العالمي
يظهر نموذج جديد يفسّر ارتفاع الذهب بعيداً عن التضخم والفائدة:
-
تراجع الاعتماد العالمي على الدولار.
-
توسع التسويات التجارية بعملات بديلة.
-
صعود الذهب كضمانة عالمية محايدة.
هذا التغيّر يضيف “علاوة نظامية” فوق السعر التقليدي للذهب، ناتجة عن إعادة تشكيل النظام المالي نفسه.
ماذا يقول الخبراء عن توقعات 2026؟
-
أي هبوط في أسعار الذهب خلال 2026 سيكون فرصة شراء وليس تغيير اتجاه.
-
الاتجاه الصاعد ما زال قائماً، ولو بوتيرة أقل من 2025.
-
أصبح الذهب جزءاً أساسياً من محافظ المؤسسات والصناديق.
ويتوقع خبيرا سوق المال حنان رمسيس وحسام الغايش أن الوصول إلى 5000 دولار للأونصة في 2026 ممكن، وأن أي تصحيح في الأسعار يمثل “استراحة محارب”، مؤكدين أن الذهب يظل من أفضل أدوات التحوّط والنمو.
المخاطر المحتملة أمام صعود الذهب
-
بقاء أسعار الفائدة مرتفعة.
-
قوة الدولار.
-
تباطؤ مشتريات البنوك المركزية.
-
اكتشافات مناجم كبيرة جديدة.
-
تراجع التوترات الجيوسياسية.
الصورة النهائية للاتجاه العام
تشير معظم التقارير والدراسات إلى أن:
-
الذهب يعيش أقوى موجة صعود منذ عام 1979.
-
الدعم الأساسي يأتي من البنوك المركزية لا من الأفراد فقط.
-
تحول الذهب إلى أصل استراتيجي في المحافظ العالمية.
-
مستوى 4500–5000 دولار يبدو منطقياً ومرجحاً خلال 2026.
-
أي هبوط يعد فرصة شراء طالما استمرت العوامل التالية:
-
ضعف الدولار
-
اتجاه الفائدة نحو الانخفاض
-
استمرار التوترات الجيوسياسية
-
مواصلة البنوك المركزية في الشراء
-
خلاصة نهائية
عام 2026 قد يكون بداية مرحلة جديدة للذهب، ليس كأداة استثمارية فحسب، بل كركيزة مالية عالمية في عصر تتغيّر فيه قواعد النظام الاقتصادي الدولي.

