دبي – خاص
- يمثل الاستثمار في العقار واحدة من اهتمامات الكثير من العائلات العربية التي ترتبط بخطط سفر إلى المملكة المتحدة او تلك التي يدرس ابناءها في بريطانيا، حيث يمثل العقار فرصة لتخطيط أفضل للمستقبل، يقول جوني كونران، الشريك ورئيس منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في جوزيف ميوز،:” هناك أكثر من 8000 طالب إماراتي وآلافًا من دول الخليج يدرسون في المملكة المتحدة سنويًا.هناك الكثير من العائلات في المنطقة باتت تنظر إلى العقارات في المملكة المتحدة من زاويتين: التخطيط التعليمي وبناء ثروة طويلة الأجل. وأفضل طريقة لتحقيق هذا التوافق هي التخطيط المسبق. الذي يمكن للأهالي تحديد المدن التي من المرجح أن يدرس بها أبناؤهم مثل برمنغهام، مانشستر، ليدز أو ديربي، وشراء عقارات على المخطط فيها. هذا يضمن وجود سكن عالي الجودة جاهز عند بدء الدراسة الجامعية، مع إمكانية الشراء بأسعار السوق الحالية قبل الدورة التالية من ارتفاع الأسعار، والمتوقع أن تصل إلى 24% بحلول عام 2029.

بعد ذلك، تتحول الاستراتيجية من الراحة إلى بناء إرث عائلي. فبعد تخرج الأبناء، يمكن للعائلة الاحتفاظ بالعقار كمصدر دخل ثابت بنسبة عوائد تتراوح بين 6–7%، خاصة في المدن التي تشهد مشاريع تطوير واستثمارات بنى تحتية وطلبًا قويًا من قبل المهنيين. وبهذه الطريقة، يتحول الإنفاق التعليمي إلى أصول مدرّة للدخل في سوق عقاري يُعد من بين الأكثر شفافية عالميًا، ويُسهم في بناء ثروة عائلية مستدامة قائمة على التخطيط المدروس.
- هل تلاحظون توجهًا متزايدًا من العائلات نحو شراء عقارات قرب الجامعات الكبرى، بهدف الجمع بين السكن والاستثمار؟
بالتأكيد. لاحظنا أن عددًا متزايدًا من العائلات بات يرى في شراء عقار قرب الجامعات الكبرى وسيلة ذكية لدعم الأبناء والاستثمار طويل الأجل في الوقت ذاته. يمنح هذا التوجّه الآباء راحة البال من حيث الاستقرار والسكن الآمن لأبنائهم، وفي نفس الوقت يستثمرون في أصل قابل للنمو.
نرى ذلك بوضوح في مدن مثل برمنغهام، مانشستر، وليدز، حيث توجد جامعات مرموقة، وبنية تحتية قوية، وطلب مرتفع على الإيجارات. بعد التخرج، تحتفظ العديد من العائلات بالعقار كاستثمار مؤجر يدر دخلاً بالجنيه الإسترليني، ما يُسهم في بناء الثروة على المدى البعيد. إنه نهج عملي ومستقبلي يخدم العائلة وأهدافها المالية معًا.
- من حيث العوائد، كيف يُقارن الاستثمار العقاري المرتبط بالتعليم مع استراتيجيات الشراء للإيجار التقليدية؟
الاستثمار في العقارات المرتبطة بالتعليم يُحقق عادةً عوائد أكثر استقرارًا واستدامة مقارنة بالشراء للإيجار التقليدي، نظرًا لثبات الطلب قرب الجامعات. هذه المناطق تستقطب مزيجًا دائمًا من الطلاب، والشباب، والمستأجرين من خارج الدولة، ما يحافظ على معدلات إشغال مرتفعة وعوائد إيجار صحية. الأمر لا يتعلق بالمكاسب السريعة، بل بالاحتفاظ بأصول في مواقع تشهد تطويرًا مستمرًا وأسواق تأجير قوية، مما يجعلها خيارًا موثوقًا لبناء قيمة استثمارية مستدامة.
- ما نصيحتك للأهالي الذين يفكرون بشراء عقار اليوم لأبنائهم بعد خمس أو عشر سنوات؟
أنصحهم بالبدء المبكر والتفكير الاستراتيجي. إذا كان الابن لا يزال على بُعد عدة سنوات من الالتحاق بالجامعة، فهذا وقت مثالي لاستكشاف المشاريع العقارية على المخطط والتي ستُسلَّم مع اقتراب موعد الدراسة. ذلك يسمح بالشراء بسعر اليوم، وتقسيط الدفعات خلال فترة البناء، والاستفادة من نمو السوق في الوقت نفسه.
من المهم أيضًا التركيز على جودة العقار وموقعه. العقارات القريبة من وسائل النقل، مثل خط HS2 الذي يربط بين برمنغهام ولندن خلال 49 دقيقة فقط، تحافظ على قيمتها بفضل الطلب الإيجاري العالي. وبهذا، يتحول العقار من سكنٍ تعليمي إلى استثمار عائلي طويل الأمد.
- هل لديكم بيانات أو رؤى عن المدن البريطانية التي تُظهر حاليًا أعلى إمكانات نمو للمستثمرين الدوليين؟
بحسب تقرير JLL لعام 2025، تتصدر مدينتا برمنغهام ومانشستر قائمة المدن الأكثر جذبًا للمستثمرين. برمنغهام تحتل المرتبة الأولى بين “الست الكبار” من حيث نمو أسعار المشاريع الجديدة والإيجارات، مع توقعات بنمو رأسمالي يصل إلى 24% بحلول 2029، مدفوعًا بطلب إيجاري قوي وتطوير عمراني كبير.
أما مانشستر، فتواصل تقديم أداء إيجاري استثنائي بفضل الطلب المستمر من الطلاب والمهنيين. كذلك تحتل بريستول وليدز مراتب متقدمة، فبريستول تشهد واحدًا من أسرع معدلات النمو السنوي في الأسعار، بينما سجّلت ليدز نموًا إيجاريًا تجاوز 30% خلال خمس سنوات، ويتوقع أن يتضاعف فيها حجم مشاريع BTR قريبًا.
بوجه عام، تدخل هذه المدن دورة نمو جديدة، مع توقعات بارتفاع أسعار العقارات في المملكة المتحدة بنسبة 3–4% عام 2026، وحتى 24% بحلول 2029، ما يجعل الوقت الحالي مثاليًا لمستثمري الخليج للاستفادة من قيمة حقيقية وأسواق ذات إمكانات طويلة المدى.
- كيف تقارنون العوائد الإيجارية والنمو الرأسمالي في المملكة المتحدة بما يتوقعه المستثمرون في دبي أو أبوظبي؟
كلا السوقين، الإماراتي والبريطاني، يقدمان فرصًا قوية، لكنهما يختلفان في نمط العائد. سوق الإمارات يتميز بسرعة الحركة وعوائد إيجارية مرتفعة، مما يجعله مناسبًا لتحقيق دخل نقدي في الأجل القريب والمتوسط. في المقابل، يوفر السوق البريطاني نموًا رأسماليًا أكثر استقرارًا، بفضل التنظيم الصارم، والطلب المستقر، وندرة المعروض.
أفضل استراتيجية للمستثمر هي الجمع بين الاثنين. فعقارات الإمارات توفر تدفقًا نقديًا مباشرًا، بينما تبني العقارات البريطانية قيمة طويلة الأجل وتنويعًا بالعملات. وبهذا، يتشكل محفظة متوازنة تجمع بين ديناميكية السوق النشط واستقرار السوق.
- ما الأخطاء الشائعة التي يرتكبها المستثمرون من الإمارات عند التوجه للأسواق العالمية؟ وكيف يمكن تفاديها؟
أحد أبرز الأخطاء هو الدخول للأسواق الخارجية بدون استراتيجية واضحة. البعض يركّز على الأسعار الظاهرة أو المكاسب السريعة دون النظر للعوامل الجوهرية مثل الموقع، سمعة المطور، أو الطلب الإيجاري طويل الأجل. وهناك من يتجاهل الجوانب العملية مثل التخطيط الضريبي، خيارات التمويل العقاري، أو توقيت تحويل العملة، وكلها تؤثر على العوائد.
ولتفادي هذه الأخطاء، أنصح باتباع منهجية مبنية على البحث والتخطيط. يجب العمل مع مستشارين موثوقين يفهمون دورة السوق، والتركيز على أصول تجمع بين الجودة، وإمكانات النمو، والعوائد الثابتة. التنويع الدولي يُحقق أفضل نتائجه حين يكون مقصودًا ومدروسًا، وحين يكون لكل عقار دور محدد ضمن استراتيجية المحفظة.
من المهم أيضًا بناء المحفظة تدريجيًا، لا دفعة واحدة. خطة تمتد لخمس سنوات يتم فيها إضافة عقار سنويًا، تُعد استراتيجية فعالة، خاصة عند الجمع بين مشاريع على المخطط وجدولة دفعات مرنة. كما يُنصح بالتنويع من حيث المدن وأنواع العقارات، وتحديد هيكل الملكية مبكرًا، مع مراقبة الأداء بشكل دوري من حيث نسب القروض والعائدات والتوقعات. الحفاظ على احتياطي طوارئ، واستخدام التمويل بشكل استراتيجي، يضمن نموًا مستدامًا للمحفظة بثقة.
- ما أبرز الفرص التي تتوقعها لمستثمري الإمارات في السوق البريطانية عام 2026 وما بعده؟
نتوقع أن تكون الفرص الأقوى فيما نُطلق عليه “مدن النمو الجديدة” في المملكة المتحدة، وهي المدن التي تجمع بين الأسعار المعقولة ومشاريع تطوير حضري ضخمة وطلب إيجاري قوي. مشاريع مثل HS2، وتجديد مراكز المدن، والمناطق الابتكارية تُعيد تشكيل الاقتصاد الإقليمي، وتستقطب المواهب المحلية والدولية، ما يفتح آفاقًا استثمارية حقيقية طويلة الأمد خارج لندن.
توفر هذه الأسواق توازنًا مميزًا بين إمكانية الوصول والعائد والاستقرار، وهي مثالية لمستثمري الخليج الباحثين عن تنويع استراتيجي في المملكة المتحدة. لا تزال برمنغهام وجهة استثمارية مفضّلة، خاصة في مناطق مثل Colmore Row، Snow Hill، وJewellery Quarter، التي تستقطب المهنيين الباحثين عن مساكن متصلة جيدًا وموفرة للطاقة وتحقق معدلات إشغال مرتفعة وعوائد موثوقة.
أما ديربي، فتوفر نقطة دخول منخفضة وتحقق عوائد صافية تفوق تلك المسجلة في مدن أكبر، بفضل الطلب العائلي في مناطق إعادة التطوير. وفي ليدز، يستمر الأداء الإيجاري القوي، لا سيما في الشقق المدمجة والغنية بالمرافق، والتي تحقق إيجارات مرتفعة بدعم من قاعدة مهنية متنامية.
بالنسبة لمستثمري الإمارات، تمثل السنوات القادمة فرصة للدخول المبكر في هذه الدورة الجديدة. ومع توقعات بانخفاض أسعار الفائدة واستمرار ارتفاع الطلب على المساكن عالية الجودة، سيكون عام 2026 مثاليًا لاقتناص أصول مدرة للدخل، وفي مواقع متميزة، وسط عودة الثقة إلى السوق البريطانية.


