محمد أبو غريب رائد أعمال – خبير في الذكاء الاصطناعي

دبي – خاص

في عالم الضيافة، حيث الثانية قد تعني صفقة أو خسارة، ما زالت كثير من المنشآت تعمل وفق ساعات تقليدية بينما يعيش ضيوفها حياة رقمية بلا توقف. كم ضيفاً خسرته هذه المنشآت الليلة الماضية بينما كانت فرقها خارج الدوام؟ معظم المديرين لا يعرفون، وهذه هي المشكلة. تشير تقديرات صناعية إلى أن نحو ثلاثة أرباع استفسارات الحجز تحدث خارج ساعات العمل الرسمية، ما يترك فجوة زمنية كبيرة تتحول إلى خسائر بمليارات الريالات سنوياً على مستوى القطاع.

الفجوة بين الحملات الضخمة والاستجابة البطيئة

يروي مؤسس منصة منجز: “أثناء مراجعتي لنتائج إحدى الحملات الكبرى، بدت المؤشرات الأولية مذهلة: ملايين المشاهدات، عشرات الآلاف من الزيارات، آلاف الاستفسارات. لكن عند مراجعة الأرقام النهائية، كان عدد الحجوزات الفعلية أقل بكثير مما ينبغي. أدركت حينها أن المشكلة لم تكن في التسويق، بل في أن رحلة الضيف تنقطع في اللحظة الأهم! لحظة الاستجابة.”

بعد أن قاد إطلاق فندق شانغريلا جدة – الحاصل على جائزة “أفضل فندق جديد في العالم 2022” – وأدار مع هيلتون واحدة من أكبر المجموعات الفندقية في الشرق الأوسط، قرر محمد أبو غريب أن يحوّل هذه التجربة المتكررة إلى حل عملي. هكذا تأسست منصة منجز في الولايات المتحدة لتجسر الفجوة بين طلبات الضيوف وسرعة الاستجابة، وسرعان ما توسعت لتخدم عشرات المنشآت الفندقية في سبع دول، محققة نتائج ملموسة مثل زيادة في حجوزات المنتجعات الصحية، وتراجع الاعتماد على مواقع الحجز الوسيطة، واستعادة ملايين من الإيرادات التي كانت تضيع بعد ساعات العمل.

فريق عالمي وتحديات محلية

“نجاح منجز ليس نتيجة عمل فردي”، يوضح أبو غريب. “لدينا فريق موزع على أربع دول: في الولايات المتحدة يعمل مطوّرونا على أحدث تقنيات الذكاء الاصطناعي، في مصر يُبنى مركزنا الهندسي، في السعودية يضمن خبراؤنا ملاءمة كل تفصيلة للثقافة المحلية، وفي الإمارات يقود فريق تطوير الأعمال توسعنا الإقليمي.” هذا التنوع الجغرافي والثقافي منح المنصة قدرة فريدة على الدمج بين أحدث التقنيات وفهم عميق لاحتياجات الضيوف في أسواق مختلفة.

لكن التحديات قائمة. فالتكامل مع أنظمة الحجز والتسعير المركزية للفنادق الكبرى يمثل عقبة معقدة، في صناعة تسير ببطء في تبني التكنولوجيا وتخضع لقيود صارمة تتعلق بحماية البيانات والخصوصية. ورغم ذلك، يعمل فريق منجز على حلول مبتكرة وآمنة ويبني علاقات تدريجية مع هذه المؤسسات. في المقابل، كانت الاستجابة أسرع في قطاعات أخرى: المطاعم المستقلة، المنتجعات الصحية، والسلاسل الإقليمية التي تبنّت التقنية بسرعة، وحتى بعض الفنادق العالمية التي بدأت تجارب واعدة.

الاستجابة السريعة… عنصر بقاء

التجارب العملية أثبتت أن سرعة الرد تمثل عنصراً حاسماً. ففي أحد الفنادق خلال جائحة كوفيد، ساعد نظام الرد الآلي – الذي أصبح لاحقاً جزءاً من منجز – على الإجابة عن استفسارات الصحة والسلامة خلال دقيقتين وعلى مدار الساعة، ما ساهم في تحقيق معدلات إشغال أعلى من المنافسين رغم الظروف الاستثنائية. وبالمثل، لعبت المراجعات الرقمية دوراً لا يقل أهمية؛ إذ تشير دراسات سوقية إلى أن مراجعة سلبية واحدة قد تترك أثراً مضاعفاً مقارنة بالإيجابية، خصوصاً في أسواق مثل السعودية حيث تنتشر التوصيات بسرعة عبر تطبيقات المحادثة. لذلك صُممت منجز لمعالجة الملاحظات الاستباقية قبل أن تتحول إلى مراجعات علنية.

منجز لا تقتصر على سرعة الرد، بل تقدم تجربة متكاملة تراعي السياق الثقافي وتتكيف معه. فهي قادرة على التواصل بأربع عشرة لغة، وتسجيل تفضيلات الضيوف بدقة، وتزويد الفرق البشرية صباحاً بمعلومات منظمة تتيح لها متابعة العمل من حيث انتهى النظام. النتيجة: استجابات أسرع، معدلات تحويل أعلى، وتوفير مئات الساعات شهرياً من وقت الموظفين.

خبرة مهنية ورؤية مستقبلية

محمد أبو غريب ليس مجرد رائد أعمال، بل مسوّق حائز على أكثر من عشرين جائزة مهنية. قاد حملات حققت عشرات الملايين من الإيرادات الإضافية، واختير ضمن قائمة أقوى المسوقين لعامي 2023 و2024 في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، تقديراً لتأثيره في القطاع وقدرته على الجمع بين الابتكار التقني والرؤية التسويقية.

“الذكاء الاصطناعي سيعيد تعريف الضيافة خلال خمس سنوات،” يتنبأ أبو غريب. “ليس استبدالاً للبشر، بل شراكة ذكية تحرر الموظفين للتركيز على الإبداع والتميز.” وبحلول عام 2030، ستتمكن الفنادق من معرفة ضيوفها قبل وصولهم وتجهيز كل شيء وفق تفضيلاتهم، وستتذكر المطاعم أطباقهم المفضلة وتقترح تجارب جديدة، بينما تصمم المنتجعات الصحية برامج شخصية لمتابعة تطور الحالة الصحية. الخدمة ستكون متاحة دائماً، بأي لغة، وفورية وشخصية بشكل غير مسبوق. ويضيف: “السعودية تستهدف 150 مليون سائح بحلول 2030، ومن دون الذكاء الاصطناعي سيكون من الصعب تقديم خدمة عالية الجودة لهذا العدد الضخم. منجز وفريقنا هنا لضمان أن يحصل كل ضيف على تجربة استثنائية.”