دبي – خاص
أندري موروزوف، رئيس قسم “Ainventory”، شركة يانغو تك لتجارة التجزئة Yango Tech Retail
يواصل مشهد التجارة الإلكترونية في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بالازدهار والتطور، ومن المتوقع أن تصل قيمته إلى ما يقارب عن 50 مليار دولار أمريكي قريباً. ومع هذا النمو السريع، تشتد المنافسة وتزداد توقّعات العملاء، حيث يتطلّب المستهلكون اليوم تجارب سلسة مخصصة تتوافق مع تفضيلاتهم الفردية، وثقافاتهم، واهتماماتهم المباشرة. من المتوقع أن يُعيد الذكاء الاصطناعي، وخاصةً من خلال منظومة وكلاء الذكاء الاصطناعي المتطورة، تعريف مشهد التخصيص، مما سيجعل التسوق أونلاين أكثر سهولة وتفاعلاً وأهمية بالمقارنة مع أي وقت مضى.
نقلة نوعية في مشهد التخصيص
شهد التخصيص في مشهد التجارة الإلكترونية تطوّراً ملحوظاً. اعتمدت أساليب التسويق المبكّرة منهجية قائمة على التوصيات البسيطة (مثل “العملاء الذين اشتروا المنتج “أ” اشتروا أيضاً المنتج “ب”)، وهو أسلوب عام غالباً أو غير ملائم في بعض الأحيان. ومع تزايد توقعات العملاء، لم تُحقق هذه الاستراتيجيات الشاملة أهدافها. أحدثت التطورات في مجال تعلم الآلة نقلة نوعية في مجال التخصيص، مما أتاح فرصة الحصول على رؤى قيّمة قائمة على البيانات ومصممة خصيصاً لتناسب سلوك المتسوق الفردي.
اليوم، تؤثر الخوارزميات المتطورة بشكل كبير على الإيرادات، حيث تُمثل ما يقارب عن 5-20% من إجمالي مبيعات شركات التجارة الإلكترونية الرائدة. يعود هذا النجاح بشكل كبير إلى فعالية المنصات التحليلية مثل تحليلات غوغل (Google Analytics)، التي تجمع وتعالج كميات هائلة من بيانات المستخدمين لاتخاذ قرارات مستنيرة. تدمج الحلول الحديثة، مثل حلول يانغو تك للتجزئة Yango Tech Retail، أساليب التخصيص المتقدمة هذه لتمكين الشركاء من زيادة الإيرادات بنسبة تصل إلى 10% من خلال الارتقاء بتجارب العملاء وتحسين التوصيات المُستهدفة. على سبيل المثال، خلال شهر رمضان المبارك، سلطت الخوارزميات الضوء على منتجات الإفطار الشائعة، أو مجموعات هدايا العيد، أو الملابس الاحتفالية المناسبة، مما يرتقي بتجربة التسوق.
تجارب جديدة للتخصيص من خلال وكلاء الذكاء الاصطناعي
يمثل وكلاء الذكاء الاصطناعي الجيل التالي لتخصيص التجارة الإلكترونية، فهم قادرون على تقديم توصيات لحظية تناسب الاهتمامات المباشرة للعملاء. يتفاعل هؤلاء الوكلاء استباقياً مع العملاء، ويعدّلون العروض فوراً بناءً على الموقع، وأحوال الطقس، والتفضيلات الثقافية، أو حتى الأحداث الحالية.
يُعزز الذكاء الاصطناعي التحاوري عملية التخصيص إذ يوفر للعملاء مساعدة شخصية بلغاتهم ولهجاتهم الأصلية بما يحاكي الطبيعة البشرية، مما يُثري تجربة التسوق بشكل كبير. تبرز “ياسمينة، ، مساعدة الصوت الذكية الناطقة باللغة العربية والمدعومة بالذكاء الاصطناعي كمثال عملي وفعّال على ذلك، حيث صُمِّمت لخدمة المستخدمين الناطقين باللغة العربية، وتُقدِّم توصياتها بعناية وفقاً لثقافة وخلفية المستهلك مع محادثات تفاعلية مُصممة خصيصاً لتناسب تفضيلات المستخدمين في المنطقة.
يُبشر دمج وكلاء الذكاء الاصطناعي مع الذكاء الاصطناعي التحاوري، والواقع المعزز، والرؤية الحاسوبية بتقديم تجارب تحويلية ترتقي بتجربة التسوّق إلى أعلى المستويات، فهي تمكّن المتسوقين من رؤية الأثاث داخل منازلهم بصورة لحظية أو تجربة مجموعات الأزياء المحتشمة لاحتفالات العيد باستخدام تقنيات الواقع المعزز والرؤية الحاسوبية. وفي الوقت نفسه، يمكن لمستشاري الذكاء الاصطناعي التحاوري إشراك المتسوقين بشكل نشط، ومناقشة تفضيلاتهم واقتراح خيارات تتوافق تماماً مع أذواقهم الفردية، لمحاكاة تجربة التفاعل التي كانت حصراً على موظفي المبيعات داخل المتاجر بفعالية غير مسبوقة.
علاوة على ذلك، يتفوق وكلاء الذكاء الاصطناعي في الذكاء التنبؤي من خلال تحليل المصادر المتنوعة للبيانات، والتي غالباً ما تكون غير منظمة، مثل محادثات مواقع التواصل الاجتماعي، وتقييمات العملاء، والصور، ومقاطع الفيديو. على عكس أنظمة التوصية التقليدية، يسخّر وكلاء الذكاء الاصطناعي المبادىء العامة للذكاء الاصطناعي لتقديم توصيات تتوافق تماماً مع الحدس البشري والفهم الحقيقي. على سبيل المثال، بدلاً من مجرد اتباع الاتجاهات التاريخية، يُفسّر وكلاء الذكاء الاصطناعي احتياجات العملاء الفعلية ويتوقّعونها، مما يُعيد صياغة التفاعلات أونلاين بصورة جذرية.
تمكين التخصيص على نطاق واسع
قد يكون أكبر تحوّل أحدثه وكلاء الذكاء الاصطناعي والنماذج اللغوية الكبيرة هو تمكين التخصيص على نطاق واسع. فيما مضى، كانت شركات التجارة الإلكترونية الكبيرة ذات قواعد البيانات الواسعة وحدها القادرة على تطوير محركات توصيات قوية وفعّالة. أما الآن، فتُمكّن نماذج الذكاء الاصطناعي والنماذج اللغوية الكبيرة، المُدرّبة مسبقاً على قواعد البيانات الضخمة، تجار التجزئة الأصغر حجماً من تحقيق تخصيص مماثل دون الحاجة إلى مجموعات هائلة من البيانات.
بشكل كبير، تُقلّل هذه التقنيات، المُتاحة عبر السحابة أو المنصات مفتوحة المصدر، من حواجز الدخول مما يجعل التخصيص في متناول الجميع ويمكّن للشركات من جميع الأحجام تحقيقه، بما في ذلك الشركات الصغيرة والمتوسطة، لتقديم تجارب تسوق مُخصصة أو حملات تسويقية مُتوافقة مع الثقافات المختلفة دون الحاجة إلى استثمار ضخم في البنية التحتية للبيانات. في نهاية المطاف، سيضمن هذا الاتجاه أن تُصبح التفاعلات الذكية والشخصية معياراً في هذا المجال، مما يعود بالنفع على الشركات والمستهلكين على حد سواء.
لا يقتصر دور وكلاء الذكاء الاصطناعي والنماذج اللغوية الكبيرة على تعزيز تخصيص التجارة الإلكترونية فحسب، بل يمتد ليشمل تمكين ذلك على نطاق واسع. من خلال تمكين شركات التجزئة من جميع الأحجام من تقديم تجارب تسوق حصرية ومخصصة كانت فيما سبق حكراً على الشركات الضخمة، تُرسي هذه التقنيات معياراً جديداً لتوقعات العملاء. يشهد مشهد التجارة الإلكترونية في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا تحويلاً جذرياً مدفوعاً بأحدث التقنيات التي تُمكّن الشركات من خدمة عملائها بمستويات لا مثيل لها من الملاءمة والتخصيص.