الرياض 4 سبتمبر 2024
بينما لا يزال العالم يتفاعل مع القناة الجديدة التي أطلقها كريستيانو رونالدو عبر يوتيوب والتي وصلت إلى 50 مليون مشترك في أقل من أسبوع، برز إنجاز استثنائي آخر على نفس المنصة. فقد حققت حلقة من بودكاست “ثمانية” رقماً قياسياً عالمياً بعدد مشاهدات تجاوزت 110 ملايين مشاهدة، ما جعلها أكثر حلقة بودكاست مشاهدة في تاريخ منصة يوتيوب.
هذا الإنجاز يتفوق على مقابلة جو روغان الشهيرة مع الملياردير الأمريكي إيلون ماسك، والتي حصلت على 68 مليون مشاهدة خلال خمس سنوات. لكن الحلقة السعودية بعنوان “كيف تنجح العلاقات” التي عرضها “بودكاست فنجان” من “ثمانية” السعودية قد أزاحت هذا الرقم وتصدرت المشهد.
لم يكن هذا النجاح لحظياً. فقد انطلقت “ثمانية” في عالم البودكاست عام 2016، وقامت ببناء برنامجها الرئيسي “فنجان” من الصفر. وبعد تجارب كثيرة على مدار أعوام، استطاع البودكاست أن يحقق هذه الصيغة المجربة والمثبتة التي حطمت الرقم القياسي.
ضيف مثالي
استضاف المؤسس والرئيس التنفيذي عبد الرحمن أبو مالح في هذه الحلقة المدرب البارز في مجال العلاقات ياسر الحزيمي، الذي لاقت خبرته في تعزيز الوعي الذاتي والتواصل صدى عميقاً مع الرغبات الإنسانية المشتركة – الرغبة في نشر الوعي، ومساعدة الناس على النمو، والتواصل “بعمق” مع الآخرين.
الخلطة السرّية: عندما تجتمع مصداقية الحزيمي مع موضوع يهم الجمهور الكبير في المنصة المثالية، تكون لديك الوصفة المثالية لنجاح البودكاست.
محتوى يلامس الواقع
رغم أن الحزيمي تناول العديد من جوانب العلاقات والتطوير الشخصي، إلا أن بعض المواضيع لاقت صدى خاصاً لدى المستمعين:
- العلاقات السامة – نصيحته الصريحة بقطع العلاقات السامة فوراً. وتقديمه لكيفية محو الذكريات بشكل كامل يساعد في المضي قدماً بثبات.
- التنمر – عندما يحاول الآخرون تحطيمك، نصح الحزيمي بتوجيه الطاقة نحو الإنجاز. التركيز على الأهداف “يتحدث بصوت أعلى من الضجيج”، مما يمنحك القوة.
- الجدالات – طرح وجهة نظر مثيرة للاهتمام بأن في النزاعات، اللوم لا يقع على المخطئ بل على الطرف الأكثر حكمة. فإذا ضربك شقيق أصغر منك ورددت عليه بالضرب، فأنت تتحمل المسؤولية.
مقاطع قصيرة غنيّة بالحكمة مهيئة للمشاركة عبر مواقع التواصل
أسلوب الحزيمي المباشر والخالي من التعقيدات جعل نصائحه تبدو في متناول الجميع، وليس مجرد أطروحات أكاديمية. حيث قام الحزيمي بتركيز نصائحه في عبارات قصيرة وقابلة للمشاركة على وسائل التواصل الاجتماعي. من بين تلك التي انتشرت بسرعة:
- التواضع: “كلما عملقت الآخرين، قزّمت نفسك”.
- الأصالة: “كلما اتسعت الفجوة بين حقيقتك وقناعك، كلما تعمقت فجوة الاكتئاب”.
- التأمل الذاتي: “الحكماء لا يكسرون المرآة عندما يرون انعكاساً غير مرضٍ، فهي ببساطة تقوم بعملها وتظهر الحقيقة”.
هذه العبارات الموجزة لخصت تعاليمه بشكل يترك أثراً ويجعلها سهلة الحفظ والنقل، مما حفّز المشاهدين على نشر البودكاست.
الانتشار العالمي
ربما كانت المفاجأة الكبرى في هذه الحلقة هي نطاقها الدولي. فبينما أُنتجت باللغة العربية، حصدت 110 ملايين مشاهدة من مختلف أنحاء العالم.
بالإضافة إلى ذلك، اختار 21% من المشاهدين متابعة الحلقة مع ترجمة إلى الإنجليزية، مما جعل المحتوى متاحاً لغير الناطقين بالعربية. وهذا يثبت أن الإرشادات المقدمة بأسلوب حواري يمكنها أن تتجاوز حواجز اللغة.
ما يزيد عن 74% من المشاهدات جاءت من خارج المملكة العربية السعودية. لقد اجتذب البودكاست جمهوراً واسعاً في جميع أنحاء الشرق الأوسط، ولكنه أيضاً تخطى الحدود ليصل إلى مستمعين من مختلف أنحاء العالم. وكانت أكبر فئة عمرية متابعة تتراوح بين 25 و34 عاماً، مما يعكس اهتمام المهنيين الشباب والجيل الألفي الذين يعانون من الإرهاق.
والأكثر إثارة هو أن 21% من المشاهدين اختاروا متابعة الحلقة بترجمة إلى الإنجليزية، مما أتاح الفرصة لغير الناطقين بالعربية للاستفادة من محتواها أيضاً.
المكونات الأساسية في وصفة نجاح “ثمانية”
لأي شخص يرغب في بدء بودكاست خاص به، تقدم “ثمانية” معياراً ذهبياً جديداً يستحق الدراسة والاتباع:
- اجعل محتواك حوارياً لا محاضرة – كن قريباً وتحدث من القلب إلى القلب. تخلَّ عن المحاضرات أو الخطابات المسبقة. افتح الباب للضعف الشخصي لتعزيز الاتصالات الحقيقية.
- التبسيط، التبسيط، التبسيط – لا تغرق في المصطلحات أو التفاصيل التي قد تجعل المستمعين يفقدون التركيز. قم بتبسيط حتى الموضوعات المعقدة لتصل إلى جوهر الحقائق.
- عبارات قابلة للمشاركة– أضف بعض العبارات القوية التي يمكن مشاركتها بسهولة على وسائل التواصل الاجتماعي. بعض العبارات التي تترك أثراً يمكنها أن تنشر البودكاست عالمياً.
من خلال النظر إلى موضوع هذه الحلقة، يتضح أن الناس يبحثون عن إرشادات أكثر عمقاً حول الصحة النفسية، والعلاقات، وعيش حياة هادفة. وبالنظر إلى الصورة الأكبر، قد تكون هذه الحلقة إشارة إلى اتجاه أكبر. في الوقت الحالي، تأتي معظم حلقات البودكاست الضخمة من دول ناطقة باللغة الإنجليزية. لكن هذا الحدث يجعلنا نؤمن بأننا على أعتاب ثورة بودكاست عالمية.