رومان شيمانسكي، مدير أعمال يانغو بلاي في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا
تغلغل الذكاء الاصطناعي في مشهد بث الموسيقى المعروف بسرعة تطوّره وتغيره وأصبح أحد ركائزه الرئيسية. ظهر الذكاء الاصطناعي كعامل تغيير حوّل بصورة جذرية الطريقة التي نكتشف بها الموسيقى ونستمع بها. اليوم، يمكننا القول بثقة أنّ أيام قوائم التشغيل العامة غير المخصصة قد ولّت، إذ تعمل خوارزميات الذكاء الاصطناعي على تخصيص التجارب الموسيقية حسب الأذواق الفردية، مما يسهّل الوصول إلى عالم الموسيقى ويجعلها أكثر متعة من أي وقت مضى.
تعتمد منصات بث الموسيقى الرائدة بشكل كبير على الذكاء الاصطناعي لفهم تفضيلات المستخدمين وإنشاء قوائم تشغيل وتوصيات مخصصة تقود إلى تجارب استماع لأوقات أطول وتشجع التفاعلات المتكررة، مما يمنح منصات بث الموسيقى ميزة تنافسية فمن المرجح أن يواصل المستخدمون الاستماع على المنصة التي تقدم باستمرار محتوى مصمم خصيصاً حسب مزاج كل منهم. كما ينبغي أن نأخذ هنا بعين الاعتبار أن عائدات البث تهيمن على حصة سوق الموسيقى في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، حيث تبلغ حصة السوق 98.4%، متجاوزة بذلك النمو العالمي.
يمكننا رؤية تأثير الذكاء الاصطناعي على مشهد بث الموسيقى من خلال الجوانب التالية:
قياس تفضيلات المستخدمين
تستخدم خدمات بث الموسيقى التي تعتمد على الذكاء الاصطناعي خوارزميات متطورة لتحليل كميات هائلة من البيانات وفهم تفضيلات المستخدمين. تأخذ هذه الخوارزميات في الاعتبار عوامل مختلفة، مثل تاريخ الاستماع، ونوع الموسيقى المفضلة، أجواءها، وحتى وقت الاستماع للموسيقى، لإنشاء ملف تعريف موسيقي مخصص لكل مستخدم. يسخّر الذكاء الاصطناعي هذه العناصر لتشكيل صورة واضحة للتنبؤ بدقة بما قد يرغب المستخدم بالاستماع له بعد ذلك، مما يضمن تجربة سلسة وممتعة. يسمح هذا الفهم العميق للمنصات بتقديم توصيات مخصصة للغاية، مما يعزز مشاركة المستخدمين ورضاهم.
اكتشاف فنانين جدد
بدلاً من الاقتصار على الاستماع لمجموعة محدودة من الأغاني الرائجة، يمكن للمستمعين الآن التمتع بعالم موسيقي واسع ومتنوع. تتميز خوارزميات الذكاء الاصطناعي بقدرتها الاستثنائية على اكتشاف أغانٍ رائعة قد لا تكون معروفة للمستخدم وتقديم فنانين جدد وفقاً لتفضيلات المستخدم الفريدة. أصبحت هذه الميزة قوة كبيرة في الترويج للفنانين الناشئين ووضع أسس راسخة لمشهد موسيقي أكثر شمولاً. من خلال النمذجة الصوتية التي تستخدم تقنيات خاصة لتحليل ميزات الصوت مثل الإيقاعات والمفتاح والخط الأساسي ومستوى الصوت، يتمكّن الذكاء الاصطناعي من تحديد جاذبية الأغاني الأقل شعبية للمستمع والتوصية بها. تسمح هذه الميزة لخدمات البث بمواكبة الأذواق المتغيرة وتعريف المستخدمين بفنانين جدد وأنماط موسيقية جديدة قد لا يكتشفونها بأنفسهم. على سبيل المثال، يمكن لمستخدمي يانغو بلاي اكتشاف “الفنانين المفضلين” الجدد لهم من خلال “أجوائي”، وهي ميزة تخصيص الموسيقى المدعومة بالذكاء الاصطناعي والتي يمكنها إنشاء قوائم تشغيل بعدد لا نهائي يتم إنشاؤها خصيصاً للمستمع في الوقت الفعلي.
التطور مع أذواق المستخدمين
كلما تفاعل المستخدمون بشكل أكبر مع المنصة، كلما تكيفت خوارزميات التعلم الآلي مع تفضيلاتهم المتطورة، مما يضمن توصيات ملهمة وذات صلة. تعمل الفلترة التعاونية القائمة على التعلم الآلي بتحليل عادات الاستماع وقوائم التشغيل التي يختارها المستخدمون لتحديد الأنماط الموسيقية ونقاط الصلة في تفضيلاتهم، مما يضمن تجربة مدفوعة بما يحبه مجتمع محبي الموسيقى. من خلال فحص الأغاني على قوائم التشغيل وقياس عدد مرات الاستماع إليها والنقرات، تطابق الفلترة التعاونية الأغاني مع أذواق المستخدمين. تُستخدم هذه الطريقة في مختلف الصناعات وتصبح أكثر دقة مع زيادة مشاركة المستخدمين، مما يعزز العلاقة المتبادلة بين المستمعين والذكاء الاصطناعي. في الواقع، وجدت دراسة أن بإمكان الذكاء الاصطناعي التنبؤ بدقة 97% بما إذا كانت أغنية ما ستحقق النجاح.
قوائم تشغيل مصممة لتناسب مزاج المستخدمين
يتجاوز الذكاء الاصطناعي في مشهد بث الموسيقى التوصيات التقليدية للأغاني المختلفة والفنانين من خلال استكشاف سياق الموسيقى والجوانب النفسية المرتبطة بالاستماع لها. تأخذ الخوارزميات المتطورة في الاعتبار عوامل مختلفة مثل مزاج المستمع ووقت الاستماع والأغاني التي تخطاها، وحتى الطقس، لاختيار قوائم تشغيل تتوافق مع حالته الذهنية الحالية. على سبيل المثال، إذا استمع المستخدم إلى أغنية أو ألبوم معين على يانغو بلاي، يمكنه النقر على “أجوائي” ليتلقى توصيات بأغان وألبومات مماثلة على الفور بنقرة واحدة. سواء كانت أغاني مفعمة بالبهجة لتعزيز النشاط في الصباح أو ألحاناً هادئة للاسترخاء في المساء، يضمن الذكاء الاصطناعي أن الموسيقى تناسب اللحظة. بالإضافة إلى ذلك، يخصص الذكاء الاصطناعي واجهة المنصة بناءً على هذه العوامل، مما يعزز تجربة المستخدم الشاملة ومشاركته من خلال توفير التنقل السلس وقوائم التشغيل المخصصة والأغاني المفضلة والفنانين المفضلين، ووضع كل ذلك في متناول كل مستخدم.
مساعدون مدعومون بالذكاء الاصطناعي
تعزز ميزة المساعدة المدعومة بالذكاء الاصطناعي بشكل كبير من فرصتك لإكتشاف الأغاني وتتفاعل معك من خلال اقتراح الأغاني وتشغيل الموسيقى التي تناسب مزاجك. يمكّنك التصميم السلس من التركيز على يومك أثناء الاستماع للموسيقى المخصصة لك. يرى 41% من المستجيبين للدراسة في الإمارات العربية المتحدة أنّ المساعد الذكي يجب أن يشغل الموسيقى التي تناسب مزاجهم. على سبيل المثال، تقوم ياسمينة، مساعدة الصوت الذكية الناطقة باللغة العربية التي تحاكي الطبيعة البشرية والمدعومة بالذكاء الاصطناعي والتي تُعتبر أحد أبرز ابتكارات يانغو، بتخصيص تجربة الموسيقى لكل مستخدم، مما يسمح لهم ببساطة أن يقولوا: “ياسمينة، شغلي موسيقى هادئة”، حتى يتمكنوا من التركيز على أولويات أخرى.
مستقبل الذكاء الاصطناعي في عالم الموسيقى والطرب
يعد مستقبل تقنيات الذكاء الاصطناعي وتعلم الآلة في مشهد بث الموسيقى بميزات جديدة وشيقة وتقنيات تخصيص محسنة وطرق مبتكرة لتقديم المحتوى الموسيقي. تخيل مستقبلاً يمكن به للذكاء الاصطناعي توقع مزاج المستمع بناءً على أنشطته اليومية ومن ثم إنشاء قائمة تشغيل تتناسب تماماً مع حالته النفسية. أو فكر في خوارزميات الذكاء الاصطناعي القادرة على تحليل التفضيلات الموسيقية لإنشاء أغانٍ أصلية فريدة لكل مستمع. هذه الاحتمالات ليست خيالات ولكنها حقائق محتملة في الحقبة القادمة من مشهد بث الموسيقى المدفوع بالذكاء الاصطناعي.