دبي 29 يوليو 2024
أشار تقرير جديد ومهم صادر عن أوليفر وايمان، شركة الاستشارات الإدارية العالمية وإحدى شركات مارش ماكلينان ورمزها في بورصة نيويورك (MMC)، إلى أن قطاع البِقالة في دولة الإمارات العربية المتحدة وصل إلى مرحلة جديدة من التطور بالتزامن مع اشتداد حدة المنافسة.
لكن التقرير أشار أيضاً إلى أن النجاح الذي تحققه شركات “التجارة الحديثة” العاملة في قطاع البِقالة في دولة الإمارات العربية المتحدة في ضمان حصة سوقية لها يدفعها إلى التنافس من أجل تحقيق نمو مماثل من خلال استقطاب عملاء المنافسين إليها وزيادة حصتها من محفظة عملائها الحاليين. وتسهم هذه الآلية السائدة في وصول السوق إلى حد الإشباع، وتفتح الباب أمام فرص إحداث تغييرات جذرية في السوق.
وأشار استطلاع خارطة تصور العملاء (CPM) الأخير لشركة أوليفر وايمان والذي يعاين تصورات العملاء وعاداتهم في قطاع البِقالة في مناطق مختلفة حول العالم، إلى أنه في سوق يشهد مستويات متزايدة من مستويات الإشباع، يسعى باعة التجزئة إلى المحافظة على تنافسيتهم وضمان تميزهم سواءً من خلال تقديم قيمة فريدة ومتفوقة، أو تقديم عروض استثنائية، مع قيامهم بتطبيق استثناءات ناجحة في حالات خاصة جداً بهدف الموازنة بين الاثنين. وأظهر الاستطلاع أنه بالتزامن مع نضج السوق في دولة الإمارات العربية المتحدة قام العملاء بتطوير تفضيلات متمايزة مقارنة بنظرائهم في أسواق أخرى بدول مجلس التعاون الخليجي، ما يؤدي إلى بروز المزيد من التحديات والفرص في آن واحد.
وقال جو أبي عقل، الشريك ورئيس وحدة التجزئة والمستهلكين في منطقة الهند والشرق الأوسط وأفريقيا لدى أوليفر وايمان: “أظهر استطلاع خارطة تصور العملاء الأخير أن العديد من شرائح العملاء في دولة الإمارات العربية المتحدة أصبحت تعطي الأولوية إلى عوامل مختلفة عند اختيار بائع التجزئة وذلك بالتزامن مع نضج السوق في الدولة. وكاستجابة لهذه التفضيلات المتغيرة فإننا نتوقع بروز المزيد من التمايز في هذه الصيغ السائدة. بالإضافة إلى ذلك، فقد أصبحت بعض العلامات التجارية تركز في الوقت الحالي على عروض قيمة متمايزة ومدعومة بتجربة عملاء متفوقة، في حين يسعى باعة تجزئة آخرون إلى تحقيق التوازن بين القيمة المقدمة وجودة المنتجات”.
وأصبح هذا التمايز الناشئ ملحوظاً بالفعل في سوق البِقالة بدولة الإمارات العربية المتحدة، إذ يركز بعض باعة التجزئة مثل “سبينس” و”ويتروس” على المنتجات الطازجة عالية الجودة والمنتجات الفريدة التي تحمل اسم علامتهما التجارية، وبالمقابل يركز “فيفا” على القيمة عبر طرح أول نموذج خصومات واسع النطاق في الدولة. وفي نهاية المطاف، تحاول سلاسل الهايبر ماركت مثل “كارفور” و”لولو” و”نيستو” الموازنة بين توفير تشكيلات كبيرة وعروض ترويجية جاذبة. ولذلك فمن المتوقع أن يعاني باعة التجزئة الذين يفتقرون إلى جوانب تميزهم عن غيرهم، وذلك بسبب قيام اللاعبين الرئيسين بقيادة دفة عجلة الاندماج التي يشهدها السوق.
من جانبه علّق ألكسندر بوهل، الشريك في وحدة التجزئة والمستهلك في ألمانيا، والذي دعم العديد من باعة التجزئة في أوروبا الغربية في مسيرة تحولهم، قائلاً: “لقد وجدنا بناءً على ملاحظتنا لأسواق التجزئة الأكثر تطوراً، بأن سلاسل السوبر ماركت الكبرى التي ستزدهر ستكون في الغالب تلك القادرة على الابتكار بشكل أفضل وضمان تميزها عن منافسيها. ويحتاج تصميم عروض قيمة متمايزة إلى قيام باعة التجزئة بتحسين قدراتهم على إدارة الفئات وإعادة النظر في علاقاتهم مع الموردين، إذ أن بيع المساحات على الرفوف وتنظيم العروض الترويجية لمن يدفع السعر الأعلى لن يكون كافياً بعد الآن، لأن اللاعبين الذين سيحققون النجاح هم من سيضع العميل في مركز جميع القرارات المتعلقة بالصيغ وتشكيلات المنتجات والمساحة والسعر والعروض الترويجية”.
وتوجد هناك عدة توجهات يمكن اعتمادها في سياق تطوير عروض قيمة متمايزة، على الرغم من أن الفهم العميق لتفضيلات العميل لا يزال هو العامل الأساسي. وأظهرت تحليلات استطلاع خارطة تصور العملاء أن معدل الرضا في دولة الإمارات العربية المتحدة وصل إلى 53% بفضل القيمة (السعر والعروض الترويجية)، وإلى 20% بفضل الجودة، و18% بفضل التنوع في النطاق، و9% بفضل الخدمة. ويعد تحقيق المتطلبات الأساسية بشكل صحيح من خلال وضع العميل في مركز كل القرارات التجارية عاملاً رئيسياً للنجاح. ونظراً للأهمية النسبية للقيمة، فإنه يجب على باعة التجزئة ضمان توفير مستوى أسعار أولي جاذب وتقديم منتجات تحمل علامتهم التجارية، أو تحسين قدرات التسعير لديهم، أو تقديم عروض ترويجية جاذبة تشجع العملاء على التوجه إلى متاجرهم ولكن دون الإضرار بهوامش ربح الباعة. كما يجب على مختصي العروض الحرص على ضمان تحكمهم بشكل أكبر بسلسلة التوريد لديهم وتقديم منتجات طازجة وفريدة عالية الجودة تلبي احتياجات العملاء في دولة الإمارات العربية المتحدة للمنتجات المحلية، خاصة مع سعي 92% من العملاء إلى الحصول على الخضار والفواكه التي تم إنتاجها داخل الدولة.
ومن الفرص التي أشارت إليها نتائج التقرير هي إمكانية قيام بائع التجزئة الذي يركز بالفعل على تحقيق القيمة، بإحداث تحول جذري في السوق. وبالمجمل، فقد أوضح 58% من العملاء في دولة الإمارات العربية المتحدة أنهم إما يودون التسوق لدى متاجر البِقالة التي تقدم خصومات أو أنهم يقومون بذلك بالفعل في الوقت الحالي، في حين بيّن 85% منهم أنهم يودون التسوق في واحدة من سلاسل البقالة الأوروبية المعروفة بأسعارها المنخفضة مثل “ألدي” (Aldi) أو “ليدل” (Lidl) في حال افتتاح متاجر لها في دولة الإمارات العربية المتحدة. وأشارت نتائج استطلاع خارطة تصور العملاء إلى أنه على الرغم من بذل بعض العلامات التجارية المحلية لجهود تهدف إلى ضمان تميزها في هذا القطاع، إلا أن فرص مواجهتها لمنافسة أكبر لا تزال قائمة.
وأضاف بوهل: “من النتائج البارزة التي توصل إليها التقرير هي أنه مقارنة بالأسواق الأوروبية فإن المستهلكين في دولة الإمارات العربية المتحدة كانوا أكثر تنوعاً من حيث خلفياتهم الثقافية وقدراتهم الشرائية ولغاتهم المحكية، الأمر الذي يوفر لباعة التجزئة فرصاً مهمة لضمان تمايزها من خلال التخصيص”.
ويمكن لإتاحة المجال للمستهلكين للحصول على المنتجات والعروض الأكثر صلة بهم المساعدة في تحقيق مزايا ملموسة في السوق. وتؤدي برامج الولاء في هذا السياق دوراً حيوياً إذ يرى العملاء فيها شريكاً موثوقاً في الكثير من التفاعلات اليومية التي تتم في منظومة تمتد إلى ما هو أبعد من بائع التجزئة الذي ينظم البرنامج. وأشار الاستطلاع إلى أن 60% من الذين شملهم الاستطلاع في دولة الإمارات العربية المتحدة أعربوا عن رغبتهم في الحصول على المزيد من الخدمات من خلال برامج الولاء الخاصة بهم، وكانت المأكولات والمشروبات والمدفوعات وخدمات الرعاية الصحية على رأس الخيارات المنشودة. بالإضافة إلى ذلك، فإن المستهلكين في دولة الإمارات العربية المتحدة كانوا أكثر استعداداً لمشاركة البيانات من أجل تمكين تطبيق هذه البرامج مقارنة بالمستهلكين الأوروبيين.
ومن المرجح أن تؤدي التقنيات المتطورة مثل الذكاء الاصطناعي التوليدي دوراً حيوياً ومتنامياً في دعم التمايز والتخصيص في قطاع البقالة بدولة الإمارات العربية المتحدة، وحصلت وجهة النظر هذه على دعم الذين شملهم الاستطلاع إذ أوضح 71% منهم أنهم يودون الحصول على عروض ترويجية مخصصة، و60% أنهم يودون الحصول على خدمات مدعومة بالذكاء الاصطناعي مثل روبوتات الدردشة في مجالات خدمة العملاء وتقديم التوصيات الخاصة بوصفات الطعام. وبالحديث عن التكنولوجيا فقد تمتع باعة التجزئة في دولة الإمارات العربية المتحدة بميزة مقارنة بأقرانهم الأوروبيين تمثلت بكون المستهلكين في الدولة أكثر استعداداً للتفاعل مع التكنولوجيا الجديدة، إذ كانوا على سبيل المثال أكثر استعداداً بثلاثة أضعاف لاستخدام روبوتات الدردشة في خدمة العملاء والمُساعِدات الافتراضية في التسوق مقارنة بأقرانهم في الولايات المتحدة الأمريكية.واختتم أبي عقل بالقول: “يعد سوق البِقالة في دولة الإمارات العربية المتحدة متميزاً في المنطقة وذلك بفضل تطوره ونجاحه، ولذلك فهو يقدم ومن نواحٍ متعددة مخططاً لأسواق البِقالة الناشئة في المنطقة مثل المملكة العربية السعودية. لكننا نتوقع استمرار اشتداد المنافسة أيضاً، الأمر الذي سيجعل العديد من هذه العلامات التجارية في حاجة إلى تحقيق تقدم ملموس وتقديم عروض خدمات متمايزة بالفعل وذلك حتى تستطيع تحقيق النجاح على المدى الطويل”.