مو علي يوسف هو المؤسس المشارك والرئيس التنفيذي لشركة Fuze، مزود البنية التحتية للأصول الرقمية، وتتخذ من دولة الإمارات مقراً لها
من المؤسسات إلى الأفراد
تغدو دولة الإمارات بوتيرة متسارعة مركزاً للعملات الرقمية، حيث سجلت معاملات قيمتها 35 مليار دولار خلال فترة 12 شهراً (وفقاً لشركة تحليلات البلوك تشين تشيناليسيس). وجاء 67% منها من استثمارات مؤسسية قيمتها أكثر من مليون دولار. ويتجه مشهد العملات الرقمية نحو دعم هؤلاء المستثمرين المتمرسين والشركات، حيث تزاول نحو 2000 مؤسسة في دولة الإمارات العربية المتحدة أعمالها في مجال العملات الرقمية، وما يقارب 70% منها تقدم منتجات الأصول الرقمية بشكل مباشر، وتوفر النسبة المتبقية خدمات مكملة لهذا القطاع. وفي ذات الوقت، ارتفع عدد المتداولين يومياً في العملات الرقمية بنسبة 166% على أساس سنوي، الأمر الذي يجعل الدولة أحد أسرع الأسواق نمواً في العالم. وعلى مستوى المستثمرين من سكان الدولة، يظهر أنه ما يتراوح بين 27% و31% من المقيمين استثمروا في الأصول الرقمية، ويُعتقد أن 72% منهم وضعوا استثمارات في عملية بتكوين.
أثرياء جدد في المشهد
استقطب مشهد الاستثمار في دولة الإمارات الذي يتمتع بالاستقرار والأمان المزيد من الوافدين، الأمر الذي يعزز اقتصاد العملات الرقمية. فقد قامت شخصيات بارزة مثل راي داليو وأغنى رجل في مصر ناصف ساويرس بنقل مكاتب عائلاتهم إلى أبوظبي، كما قام آلان هوارد، مؤسس أحد أكبر صناديق التحوط في العالم، بريفان هوارد، بنقل عملياته إلى سوق أبوظبي العالمي.
تقدر شركة الاستشارات “هينلي آند باتنرز” بأنه نحو 4500 مليونير انتقلوا إلى دولة الإمارات العام الماضي، في حين أشارت شركة “نايت فرانك” أنه سيعيش في الدولة نحو 228 ألف شخص من ذوي الملاءة المالية العالية بحلول عام 2026. وبالنسبة لأصحاب الملايين من المستثمرين في العملات الرقمية، تعتبر دولة الإمارات خياراً جذاباً، لاسيما مع حظر الصين لهذه العملات، والقواعد الصارمة التي تفرضها الولايات المتحدة على القطاع وفرض الهند لضرائب عالية على أرباح العملات الرقمية ومعاملات الأصول الرقمية. وبينما لا ينخرط جميع ذوي الملاءة المالية العالية في مشهد العملات الرقمية، سلط استطلاع أجرته شركة “كابجيميني” الضوء على أن 71% منهم استثمروا بالفعل في الأصول الرقمية.
بروز مدراء الأصول وشركات العملات الرقمية والتداول الخارجي
حرصت دولة الإمارات على تطوير تشريعاتها وبنيتها التحتية لدعم المكاتب العائلية وذوي الملاءة المالية العالية. وأفاد سوق أبوظبي العالمي إلى ارتفاع حجم الأصول المدارة في الربع الأول من العام الجاري بنسبة 211% مقارنة بذات الفترة من عام 2023. ويتعامل مكتب Fuze المرخص للتداول الخارجي مع ملايين الدراهم من استثمارات العملات الرقمية يومياً.
وبينما تتفاعل المؤسسات المالية التقليدية مع نسب مرتفعة من ثروات العملات الرقمية، تبرز فرصة قيّمة لخدمة شرائح أوسع من المتداولين والمستثمرين. وما اعتُبر في السابق تحولاً جذرياً بالنسبة للاعبين التقليديين في القطاع المالي لتقديم عملات رقمية استهلاكية، بات اليوم جزءاً من تطور المنظومة المالية الطبيعي. لذلك لن يكون من المستغرب انتشار هذا التأثير المضاعف من المؤسسات إلى الأفراد في البداية وذلك عبر أبسط أشكال تداول العملات الرقمية، لتواصل بعد ذلك الأصول الرقمية الأخرى الدفع نحو تحول ثوري في مجالات الحياة الأخرى.
تأثير مضاعف على القطاعات
ستصوغ الأصول الرقمية شكل مختلف القطاعات، من العقارات إلى الفنون، والمدفوعات إلى برامج المكافآت، ومختلف القطاعات الأخرى. وبينما يستفيد المستثمرون المتمرسون اليوم من الأطر التنظيمية الطموحة والمستقبلية والبيئة المواتية للعملات الرقمية، فإنه سرعان ما سيغطي تأثير هذه الأصول مختلف مناحي الحياة. وكمثال، يقوم المقيمون في دولة الإمارات بتحويل نحو 50 مليار دولار سنوياً، لكن القنوات الرقمية لا تشكل سوى 11% من هذه التحويلات. إلا أن استخدام العملات الرقمية المستقرة سيدفع نحو تعزيز التحويلات الرقمية نظير ما تتسم به من سهولة كبيرة وسرعة أعلى ورسوم تحويل معقولة.
الخلاصة
برزت نيويورك كمركز مالي عالمي بسبب العديد من العوامل، تجمع بين الأطر التشريعية الذكية، والبيئة المشجعة على الابتكار المالي والاستثمار في البنية التحتية، وهي عوامل رسخت مكانتها تلك سريعاً، لتزداد الثروات والمواهب فيها بشكل مطرد كنتيجة حتمية لذلك.
وعلى غرار نيويورك المذكورة، تستعد دولة الإمارات لترسيخ نجاحها في مشهد العملات الرقمية. فقد حرصت على إعداد سياسات واضحة في مراكزها المالية، ووفرت بيئة منفتحة وداعمة لرواد الأعمال، وضخت الاستثمارات في البنية التحتية الرقمية. لذلك، لن يكون من المستغرب ترقبها لاستقطاب المزيد من الثروات والمواهب في المستقبل المنظور.
قد يقول البعض بأن الوقت ما زال مبكراً للقول بأن دولة الإمارات هي عاصمة العملات الرقمية، لكن الحقيقة أن وصولها لهذه المكانة أقرب من المتوقع.
Fuze هي شركة مرخصة من قبل سلطة دبي لتنظيم الأصول الافتراضية كمزود خدمات الأصول الافتراضية. ويمكنها ذلك من تقديم أنشطة أصول افتراضية منظمة لخدمات الوسطاء والوكلاء.