أحمد شكورا، نائب رئيس المجموعة لشؤون الأسواق الناشئة – الشرق الأوسط وتركيا في كلاوديرا
أصبحت البيانات هي العنصر الأهم في عملية اتخاذ القرارات والابتكار والنجاح المؤسسي. فقد شهدنا، منذ ظهور الوباء، ارتفاعاً في الوعي الرقمي لدى 67% من المؤسسات. ومع ذلك، لا تزال العديد منها تواجه صعوبة في الاستفادة الكاملة من بياناتها بسبب الانفصال بين فريقي تكنولوجيا المعلومات والأعمال، مما يعيق التعاون ويحد من الإمكانات.
تشهد المنطقة العربية اهتماماً متزايداً بالمبادرات المتعلقة البيانات. فتقوم دول مثل الإمارات العربية المتحدة ببناء البنية التحتية وتطوير المهارات اللازمة لتحليل البيانات، بينما تعمل كل من المملكة العربية السعودية وقطر والبحرين على إطلاق بوابات للبيانات المفتوحة. وعلى الرغم من هذه الجهود، تشير مؤشرات المقارنة الدولية مثل مقياس البيانات العالمي إلى أن المنطقة لا تزال في المراحل الأولى من اعتماد مبادرات البيانات المفتوحة. وتتصدر المملكة العربية السعودية القائمة بنسبة 29%، تليها الإمارات العربية المتحدة بنسبة 27%، ثم تأتي قطر والبحرين بنسبة 22% لكل منهما، بينما تسجل عمان أقل نسبة عند 14%.
الفجوة بين فرق تكنولوجيا المعلومات وفرق الأعمال
تسلط دراسة أجرتها مجلة هارفرد بيزنس ريفيو الضوء على أن الأنظمة غير المتكاملة تؤدي إلى انخفاض الكفاءة. إذ يمكن أن تقضي الفرق ما يصل إلى 60% من وقتها في أنشطة مثل استخراج البيانات وإدخالها عبر أنظمة متعددة. وتعود الفجوة بين فريقي تكنولوجيا المعلومات والأعمال في الأساس إلى طبيعة عمل كل قسم على حدة. حيث يركز فريق تكنولوجيا المعلومات على الجوانب التقنية، بينما تركز فرق الأعمال على الأهداف التشغيلية. ويؤدي هذا الفصل إلى انخفاض الكفاءة، والتكرار في العمل، بالإضافة إلى تفويت الفرص. فعلى سبيل المثال، قد تحتاج فرق الأعمال إلى الوصول السريع للبيانات، بينما يحتاج فريق تكنولوجيا المعلومات إلى فهم أولويات العمل، مما يؤدي إلى عدم توافق الجهود.
إن عواقب هذه الفجوة وخيمة، سواء من حيث الأمن أو الكفاءة التشغيلية. حيث تؤدي أنظمة البيانات المجزأة إلى ضعف جودة البيانات وزيادة مخاطر التعرض لها، بالإضافة إلى الاستجابة البطيئة للطلبات. كما تجعل العمليات المعزولة الحفاظ على الاتساق والنزاهة عبر البيانات أمراً صعباً، مما يجعل المؤسسات عرضة للاختراقات والهجمات الإلكترونية. علاوة على ذلك، يؤدي ضعف التواصل بين الفرق إلى تأخير اكتشاف التهديدات الأمنية والتصدي لها، مما يزيد من خطر استغلال الثغرات الأمنية.
كيف يمكن للشركات التغلب على هذا الانقسام؟
لتجاوز هذا التحدي، يتعين على المسؤولين عن تكنولوجيا المعلومات والأعمال مواءمة أهدافهم وتعزيز التواصل الفعال. حيث إن اعتماد نهج موحد وشامل للمؤسسة بما يخص المبادرات المتعلقة بالبيانات أمر ضروري لتحقيق التحول الرقمي الحقيقي. ويجب أن ينتهج فريقي تكنولوجيا المعلومات والأعمال أسلوب شراكة جديد يركز على التواصل والتنسيق والمساءلة المشتركة لتحقيق الأهداف التنظيمية.
- توحيد أنظمة البيانات
يمكن أن يؤدي اعتماد بنية بيانات مركزية تدعم البيانات الهجينة والأنظمة السحابية إلى تنظيم البيانات وتقليل التكرارات وتحسين العمليات. وهذا لا يخفف العبء عن فريق تكنولوجيا المعلومات فحسب، بل يوفر أيضاً لفرق الأعمال سهولة أكبر في الوصول إلى البيانات التي يحتاجون إليها.
على سبيل المثال، قامت شركة بويجيس تيليكوم بتوحيد نظام البيانات الخاص بها على منصة حديثة، مما أتاح معالجة أسرع للبيانات وكفاءة تشغيلية أفضل.كما يمكن للمؤسسات، من خلال توحيد البيانات، تحسين تجارب العملاء وتعزيز الرقابة المالية واكتشاف البيانات بسرعة أكبر.
توفير قنوات اتصال واضحة ومفتوحة
مجرد اعتماد تقنيات جديدة لا يضمن تحقيق التوافق التام بين فريق تكنولوجيا المعلومات والأعمال. حيث يتطلب تحقيق هذا التوافق ترسيخ ثقافة الاتصال المفتوح وإنشاء قنوات واضحة تتماشى مع الأهداف الاستراتيجية لكلا الفريقين. ويمكن تحقيق ذلك من خلال أدوات مثل عقد اجتماعات دورية لمواءمة الأولويات، واستخدام منصات مشتركة للاتصال الداخلي، وإجراء جلسات تخطيط مشتركة. يضمن هذا النهج عمل الفريقين معاً لتحقيق التحول الرقمي ويعزز من ثقافة التعاون البنّاء.
وضوح البيانات وسهولة الوصول إليها
لا ينبغي أن يقتصر مجال إدارة البيانات وتحليلها على فريق تكنولوجيا المعلومات وحده. إن اتخاذ قرارات فعالة تعتمد على البيانات يتطلب تعاوناً نشطاً من كل من قادة تكنولوجيا المعلومات وقادة الأعمال. ففي حين يتولى فريق تكنولوجيا المعلومات الجوانب التقنية للبنية التحتية للبيانات، يحتاج قادة الأعمال إلى تحديد ما هو مطلوب من البيانات وقيادة المبادرات الاستراتيجية بناءً على الأفكار المستنبطة.
يعتبر الاعتراف بالبيانات كمسؤولية مشتركة أمراً بالغ الأهمية. ويمكن تعزيز التعاون بين فريقي تكنولوجيا المعلومات والأعمال من خلال تدريب الموظفين على أنظمة إدارة البيانات وتوظيف أدوات لا تتطلب معرفة بالبرمجة أو تتطلب القليل منها. حيث تعمل هذه الأدوات على تحسين وضوح البيانات وسهولة الوصول إليها، مما يتيح اتخاذ قرارات مدروسة ومستنيرة.
إعادة تقييم الأهداف بشكل دوري
إن تحقيق التوافق ليس عمل تقوم به الشركات لمرة واحدة، بل هو عملية مستمرة تتطلب المراجعة الدورية. وفي ظل تطور احتياجات الأعمال والقدرات التكنولوجية، تبرز أهمية التواصل المستمر والتعاون والتكيف. كما يمكن، من خلال إعادة تقييم الأولويات بشكل منتظم وإعادة تنظيم الاستراتيجيات ومعالجة التحديات الناشئة، دعم استدامة التعاون الفعال وتعزيز الابتكار في بيئة سريعة التغير.
توحيد الجهود لتحقيق الأهداف المشتركة
تعتبر مواءمة فريقي تكنولوجيا المعلومات والأعمال حول الأهداف المشتركة أمراً بالغ الأهمية للاستفادة من الإمكانيات التي توفرها البيانات. ويتضمن ذلك فهم أولويات كل فريق وإدراكهما لأهمية دور كل منهما بالنسبة للآخر. فعلى الرغم من اختلاف توجهاتهما، يعمل كلا الفريقين في النهاية لتحقيق نفس الهدف الأساسي: نجاح المؤسسة.
يمكن للمؤسسات ردم الفجوة بين فريقي تكنولوجيا المعلومات والأعمال من خلال تعزيز الشعور بالهدف المشترك. ويمكن لهذا النهج الموحد أن يدعم الابتكار ويعزز القدرة التنافسية ويطلق العنان للإمكانات الكاملة للبيانات.
التعاون لتحقيق التحول الرقمي
يعد اتباع نهج شامل للمؤسسة للمبادرات المتعلقة بالبيانات أمر ضروري للنجاح في وقتنا الحالي. كما يمكن للمؤسسات، من خلال توحيد أنظمة البيانات وتعزيز التعاون وتوحيد الجهود، الاستفادة من الإمكانيات التي توفرها البيانات. ويتيح هذا التعاون للمفكرين الاستراتيجيين في تكنولوجيا المعلومات والأعمال مواءمة الأهداف، مما يدفع بالابتكار ويضمن ميزة تنافسية. لا يتعلق الأمر فقط بحماية الأصول؛ بل يتعلق بدفع المؤسسات نحو نجاح دائم في بيئة شديدة التنافسية.
يمكن للمؤسسات، من خلال القضاء على العمل المجزأ واعتماد نهج موحد للأمن، تخفيف المخاطر وتعزيز الابتكار وتعزيز مكانتها في السوق الرقمي. لقد حان الوقت لردم الفجوة بين تكنولوجيا المعلومات والأعمال – لنوحد قوانا من أجل مستقبل أكثر أماناً وازدهاراً.