بقلم آزيم زينول بهاي، الشريك المؤسس ورئيس قسم المنتجات في آوتسايزد
يشهد اقتصاد المواهب المستقلة نمواً كبيراً على مستوى العالم ككل وفي منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا على وجه التحديد، وتواصل المزيد والمزيد من الشركات بالاستفادة من هذا النمو وتسخيره لتحقيق الازدهار في سوق الأعمال اليوم. يأتي هذا النمو مدعوماً بالمزايا والإمكانات الفريدة التي تطلقها مجموعة المواهب المستقلة بما في ذلك المرونة والتكلفة، بالإضافة إلى سهولة الوصول إلى المهنيين المستقلين وسلاسة التعاقد معهم. تُعد منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا واحدة من أسرع اقتصادات العمل الحر نمواً، حيث يشير تقرير المواهب عند الطلب الصادر عن شركة “آوتسايزد” إلى نمو بنسبة 142% في معدل تسجيل المهنيين المستقلين اعتباراً من عام 2022.
ومع ذلك، تواجه العديد من الشركات الفشل عندما يتعلق الأمر بتنفيذ استراتيجيات تعاقد سلسة ووضع منظومة عمل مصممة خصيصاً لهؤلاء المهنيين، والسبب وراء ذلك أن الممارسات التقليدية الروتينية للتعاقد والتوظيف لا تناسب سرعة نمو وتطور سوق العمل التنافسي اليوم وما تتطلع إليه مجموعة المهنيين المستقلين ذوي المهارات العالية. أثبتت عمليات التوظيف التي لا تخضع لدراسة جدوى كاملة أنها مكلّفة، ومن المحتمل أن تكلّف 2.5 ضعف الراتب العادي. كما يشمل الأثر المالي لمثل تلك العمليات تكاليف العثور على مهني بديل، والوقت الضائع في البحث، والتأثير على الإنتاجية التي يتم تحويلها للتصدّي لذلك. ناهيك عن أثر ما سبق على المشروع واحتمالية تأخير تسليمه مما يتسبب بأضرار مالية كبيرة على الشركة أو يؤثر على سمعتها ويؤدي إلى تفاقم التكلفة الإجمالية.
كي تحافظ المؤسسات والشركات على تنافسيتها في السوق وتحقق أقصى فائدة من المواهب المستقلة، يجب أن تبادر بتغيير نهجها في التعاقد مع المواهب المستقلة وإعدادها للبدء بالعمل.
نستعرض معكم فيما يلي 10 أخطاء مكلفة يجب تجنبها:
- عدم وجود إجراءات تعاقد وإعداد مخصصة
يحتاج المهنيون المستقلون إلى منهجية سريعة وفعالة للتعاقد وبدء العمل. يجب عليهم أن يفهموا أدوارهم بسرعة دون الحاجة للغوص في سجلات الشركة الواسعة أو مواردها التقليدية، لهذا ينبغي أن تتم كافة إجراءات إعدادهم للعمل قبل أو أثناء عملية اختيارهم لمنع تأخير المشروع. يجب التأكيد هنا على توفير وتقديم معلومات مختصرة وذات صلة حول أدوارهم والأدوات المطلوبة وثقافة الشركة. يضمن هذا النهج المركز عملية تعاقد فعالة وسلسة وبدء العمل السريع للمواهب المرنة.
- عدم الإلمام بمتطلبات التأشيرات وتصاريح العمل
يؤدي الفشل في التحقق من الوضع القانوني للمهنيين المستقلين إلى حدوث مشاكل قانونية وغرامات محتملة، لهذا يجب التأكد من حصول جميع المهنيين على التأشيرات وتصاريح العمل المناسبة قبل بدء العمل. لهذا ننصح بشدة باستشارة خبراء القانون والهجرة المتخصصين في لوائح دولة الإمارات العربية المتحدة للتنقل بوعي بين المتطلبات المحددة للتأشيرات وتصاريح العمل.
- إهمال مؤشرات الأداء الرئيسية
تعاني المشاريع من سوء الفهم وانعدام المساءلة عندما لا يتم تحديد الأدوار والمسؤوليات والتوقعات. من الضروري جداً تحديد مؤشرات الأداء الرئيسية بوضوح وإبلاغ المهنيين المستقلين بها منذ البداية. احرص على مراجعة تقدّم الموهبة المستقلة وسير العمل بانتظام وتعديل المؤشرات حسب الحاجة لضمان التوافق مع أهداف المشروع.
- تجاهل التخطيط لسهولة الوصول إلى كافة المرافق، الإدارات، والخدمات
غالباً ما تفترض المؤسسات أن إجراءات التعاقد تنتهي عند اختيار المهنيين المستقلين وتعيينهم. ومع ذلك، قبل الانتهاء من توقيع عقود العمل، تجد المؤسسات نفسها في سلسلة لا تنتهي من رسائل البريد الإلكتروني مع الفرق الداخلية المرتبطة بالمشروع، خاصة فيما يتعلق بإمكانية الوصول إلى قسم تكنولوجيا المعلومات، وصلاحية الدخول إلى مبنى الشركة، إلى سياسات الموارد البشرية وغيرها. خطط للمستقبل بوضع قائمة مرجعية شاملة للإجراءات والخطوات اللازمة لتوظيف وإعداد المواهب المرنة لبدء العمل بسرعة، بدءاً من تحديد جهات الاتصال الرئيسية في كل قسم إلى تحضير وإنشاء أذونات وبطاقات الوصول إلى المنشآت والمرافق والعمليات مسبقاً. يضمن هذا النهج الاستباقي بداية سلسة ويزيد من إمكانات الموظف الجديد.
- انعدام التعاون بين الفرق المختلفة
يجب أن يتضمن إعداد الموهبة المرنة للعمل التعاون بين جميع الفرق ووجود قنوات اتصال واضحة. يتسبب انعدام ذلك بحدوث سوء الفهم وتأخير المشروع والشعور بالإحباط لدى الجميع. من الأهمية بمكان وضع وتحديد قنوات اتصال واضحة منذ البداية وإشراك جميع الأطراف، بما في ذلك المواهب حسب الطلب. ينبغي القيام بإنشاء فريق داخلي لتوظيف المهارات المرنة على أن يضم الفريق أعضاء مسؤولين عن خطوات محددة في عملية التوظيف. كما يلزم تحديد مسؤوليات كل عضو في الفريق بوضوح والتأكد من استعدادهم للمساعدة. يقلل هذا النهج التعاوني من أي تحدّيات قد تنشأ أثناء عملية التوظيف والإعداد، ويترك انطباعاً إيجابياً لدى المهني المستقل، ويزيد من احتمالية عمله مع شركتك في المستقبل وتقديم النصيحة لغيره من المواهب المستقلة للتعاقد معك.
- عدم وجود الوعي الثقافي أو الديني
تتمتع كل دولة بثقافة مميزة. قد لا يكون العاملون عن بعد على دراية بالفروق الثقافية والدينية الدقيقة بين الدول والشعوب المختلفة، خاصة في مكان مثل الإمارات العربية المتحدة، التي تضم أكثر 200 جنسية. يمكن أن يؤدي ذلك إلى توتر العلاقات وانخفاض الإنتاجية. ينبغي توفير التدريب الكافي لزيادة الوعي الثقافي بين مختلف فئات القوى العاملة وأهمية احترام العادات المحلية والممارسات الدينية لأن ذلك يعزز علاقة عمل إيجابية ويضمن الاحترام والتفاهم المتبادلين.
- كمٌّ هائل من الإجراءات الورقية المرهقة
تختلف المواهب المستقلة عن الموظفين الدائمين في طريقة تعملهم مع الإجراءات الورقية المكثفة. قد لا يعترض الموظفون الدائمون على الإجراءات الورقية المطوّلة، إلا أن المهنيين المستقلين غالباً ما يجدونها مرهقة مما يؤدي إلى سلبية انطباعاتهم الأولى. لكن العمل دون وجود وثائق وأوراق رسمية قد يؤدي إلى سوء الفهم أو خطر اختراق البيانات وسرقة الملكية الفكرية. لذلك، عليك أن تهتم بصياغة عقود واتفاقيات عدم الإفصاح واضحة تحدد نطاق المشروع ومتطلبات السرية وحقوق الملكية الفكرية. اطلب النصيحة من المستشار القانوني في شركتك للمساعدة في إنشاء اتفاقيات قابلة للتنفيذ لحماية كلا الطرفين. كما ينبغي مراعاة تبسيط الإجراءات الورقية وتوصيل محتواها بوضوح للموظف الجديد. احرص على تجميع جميع المستندات الضرورية في حزمة واحدة، مما يجعل المتطلبات واضحة وسهلة الإدارة. يزيل هذا الأسلوب من كمّية الورق الهائلة ويسهل تجربة تعاقد أكثر سلاسة.
- التغاضي عن الإرشاد والتوجيه
غالباً ما يُنظر إلى المهنيين المستقلين على أنهم غرباء أو عمال مؤقتون. ومع ذلك، ومع تزايد انتشار منظومة القوى العاملة الهجينة، أصبح دمج المواهب المستقلة ودعمها أمراً بالغ الأهمية لاستقطاب هؤلاء المهنيين والنجاح بالاحتفاظ بهم. من الضروري جداً مراعاة تطبيق نظام إرشاد وتوجيه، مثل تعيين موظف لمرافقة الموهبة المستقلة وتزويدها بنقطة اتصال معيّنة لطرح الأسئلة وتلقّي الدعم. كما يُعتبر التشاور المنتظم مع المدير المباشر وفرص التطوير المهني عناصر مهمة أيضاً. تذكّر أن الإرشاد والدعم يؤدّيان إلى تعزيز الإنتاجية والودّ بين المهنيين المستقلين.
- نفقات المشروع
قد تُعرقل النفقات غير المخطط لها من مسار المشروع وتتسبب في ضغوط مالية. يجب التخطيط ووضع ميزانية لجميع النفقات المحتملة المتعلقة بالمشروع، بما في ذلك التكاليف غير المتوقعة، ومراعاة التواصل بشفافية ووضوح مع المواهب المستقلة حول سياسة الإنفاق في شركتك وإجراءات السداد لتجنب أي مفاجآت غير متوقعة.
- تجاهل أسعار وممارسات السوق المحلية
على الأرجح أن تقديم رواتب منخفضة جداً أو استخدام ممارسات دفع غير مألوفة سيؤدي إلى صعوبة استقطاب أفضل المواهب والاحتفاظ بها. ينبغي إجراء بحث شامل حول أسعار السوق المحلية وممارسات الدفع والالتزام بها لضمان تقديم مستحقات مالية عادلة وتنافسية. يساعد دفع الرواتب العادلة في الوقت المناسب في الحفاظ على علاقات جيدة مع المهنيين حسب الطلب.
للاستفادة الكاملة من مزايا اقتصاد المواهب المستقلة، بما في ذلك المرونة وتوفير التكاليف وسهولة الوصول إلى المهارات المطلوبة، من الضروري وضع وتنفيذ استراتيجيات تعاقد مصممة خصيصاً لتلبية الاحتياجات الفريدة لمجموعة المواهب المستقلة. تشمل الأخطاء الشائعة التي يجب تجنبها إغفال التخطيط للوصول للإدارات والنقاط المختلفة، وانعدام التعاون، والإجراءات الورقية الهائلة، وتجاهل الإرشاد، والفشل في تطوير إجراءات تعاقد محددة. تضمن معالجة هذا المشاكل سلاسة العمل عند دمج المواهب المستقلة في منظومة القوى العاملة، مما يعزز الإنتاجية ويحسن نتائج المشروع ويعزز العلاقات الإيجابية معهم. كما يمنح هذا النهج المهنيين المستقلين الشعور بالإيجابية والرغبة بالعودة للمشاريع المستقبلية. في نهاية المطاف، سيساهم تبني هذه الممارسات بوضع الشركات على طريق النجاح في مشهد العمل المستقل سريع التطور.