إيلي خوري: غياب الممول العقبة الأهم أمام الشركات الناشئة
– يهتم المستثمرون بالأشخاص الذين يتمتعون بمهارات التنفيذ، والتسليم، والدقة، والاستراتيجية
– تأمين التمويل هو العقبة الرئيسية أمام انطلاق أي شركة ناشئة
أجرى الحوار – حسن عبد الرحمن
إيلي خوري هو المؤسس لـشركة “فيفوم”، وهي مكتب عائلي استثماري تأسس في عام 2017 ويقع في قلب مركز دبي المالي. وهو أيضاً رئيس مجموعة أومنيكوم الإعلامية Omnicom Media Group، القسم الخدمي الإعلامي لمجموعة أومنيكوم ، الشركة العالمية في مجال الاتصالات التسويقية في الشرق الأوسط..
إيلي خوري مجلة entreprenur حاورت إيلي خوري بصفته مستثمر ورائد أعمال ذو خبرة واسعة في أنشطة الأعمال المختلفة وهو اليوم يستثمر في قطاع يتعلق بالعقارات ويمزج في استثماراته بين الفن والحرفية، حيث قام بتنسيق محفظة استثمارية مميزة على مدى أكثر من عقدين، تركز على أربعة مجالات مترابطة: العقارات، التصميم، المشاريع التجارية والقطع الفنية. قاده شغفه بإضفاء الإبداع والقيمة، مع خبرته الواسعة في عالمي الاستثمار والتسويق، إلى مكتب عائلي استثماري، يركز على ماتتيحه دبي اليوم من فرص استثمارية ذكية تعتمد على أفكار ابتكارية تمزج بين الاستثمار في العقار وإضافة مفهوم الجمال وتناغمه مع الحياة العصرية مستفيداً من أحدث ماتوصلت إليه الفنون المعمارية.
يقول خوري :” أن شغفه وتقديره العميق للجمال أساس فلسفة واستراتيجية فيفيوم التي يقودها اليوم.
خلال مسيرته الغنية حاز خوري على العديد من الجوائز والأوسمة المرموقة خلال مسيرته المهنية التي امتدت لثلاثين عامًا، ويعتبر قائد أعمال مؤثر ويواصل الاستثمار والإلهام ودعم رواد الأعمال والشركات الناشئة لتحفيز النمو.
في هذا اللقاء يتحدث خوري تحديداً عن الشركات الناشئة والبيئة الاستثمارية وراس المال الاستثماري في المنطقة والذي يقول أنه مازال حذراً ومتواضعاً بالقياس إلى راس المال الاستثماري في أمريكا والغرب عموماً، مع أن الشركات الناشئة أصبحت اتجاها عالميا يقود أعمالاً تدعم وتساند الأفكار الابتكارية الجديدة لجيل الألفية الذي يواكب عالم يقوده الذكاء الإصطناعي وثورة انترنت الأشياء،
حول التحديات الرئيسية التي تواجها الشركات الناشئة وعالم ريادة الأعمال اليوم وكيفية تجاوزها والواقع الذي تعيشه قال خوري:” .
ليس من المستغرب أن يكون تأمين التمويل هو العقبة الرئيسية أمام انطلاق أي شركة ناشئة، فهو يحول دون تركيزها على إدارة أعمالها. بالتالي، تكمن المشكلة التي تواجهها الشركة يومياً في الاختيار بين السعي إلى تأمين التمويل أو التركيز على تحسين الفعالية التشغيلية، والتوظيف، والتطوير، والنمو.
أما التحدي الثاني فيكمن في مدى سخاء هذا التمويل، إذ لا يزال التمويل المخصص للشركات الناشئة متواضعاً نسبياً مقارنةً مع التمويل في الدول الغربية، علماً أنّ ذلك يعود إلى التدفق المحدود لأموال المستثمرين إلى بعض المناطق، بما فيها الشرق الأوسط.
يرى خوري أن رأس المال البشري والمواهب الجديدة لاتقل أهمية عن راس المال الاستثماري بالنسبة للشركات الناشئة والاستفادة منها وتوجيهها يشكل عنصراً مهماً في نجاح الشركات الناشئة، وهي العامل الحاسم في قرارات المستثمرين يقول :”
رعاية المواهب المناسبة مسألةٌ بالغة الأهمية. لذا أحرص كمستثمرٍ على التأكد من وضع الشخص المناسب في المكان المناسب، بما في ذلك المؤسسين وفريق العمل الأساسي. فبدون فريقٍ موهوبٍ ومتكاملٍ، لا يمكن حتى لأفضل الأفكار الوصول إلى النجاح المنشود.
ويأخذ المستثمرون في الاعتبار بعوامل مثل سجلّ المؤسسين، وخبرتهم مع الشركات الناشئة، بما في ذلك النجاحات والإخفاقات، والتي هي مقياس لمدى قدرتهم على تأسيس الأعمال التجارية وقيادتها. وعلى مؤسس الشركة الناشئة الاهتمام بكافة التفاصيل والمعايير حيث أنها مهمة للغاية للمستثمرين عند اتخاذ قرار الاستثمار فيها.
كما ننظر كمستثمرين أيضاً إلى الفريق المؤسس باعتباره أحد الأصول الرئيسية، فإنشاء شركة ناشئة وإطلاقها هو عمليةٌ معقدة ٌوشاقةٌ يرتبط نجاحها بشكلٍ مباشرٍ بفعالية هذا الفريق.
كيف ترى تطور اتجاهات الاستثمار، خاصةً عندما يتعلق الأمر بالشركات الناشئة؟
على الصعيد العالمي، تتعرض التقييمات الاستثمارية لضغوطٍ كبيرةٍ بسبب أسعار الفائدة، ما شكل بيئةً استثماريةً أكثر حذراً، أثّرت على تدفق الأموال إلى الشركات الناشئة. وانعكس هذا الأمر بطبيعة الحال على منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، لذا نرى أن المزيد من المستثمرين يطالبون بحصصٍ أكبر مقابل التمويل الذي يقدمونه.
من ناحيةٍ أخرى، سيكون من الصعب أيضاً في هذه البيئة الخروج من استثمارٍ قائمٍ، حيث قد يصعب عليك العثور على مشترٍ لحصتك بقيمةٍ عادلةٍ، لذلك ينبغي الانتظار لحين انعكاس اتجاه السوق علماً أنني أتوقع أن يبقى الوضع على حاله على المدى المنظور.
“حالة عدم اليقين الاقتصادي”، عبارة نسمعها كل عام ومع ذلك تستمر الشركات الناشئة في دخول السوق والازدهار. هل هذه الحالة مجرد تهديد لم نعد بحاجة للحديث عنه؟ أم هي واقع علينا التعامل معه؟
إن حالة عدم اليقين الاقتصادي والسياسي والمالي العالمي ستتواصل، إلا أن المحللين يتوقعون “هبوطاً ناعماً” واستقراراً تدريجياً للاقتصاد، خصوصاً وأن التضخم الآن عند مستوى مقبول يتراوح بين 4 و5%، مع توقع بانخفاضه إلى 3%.
ويُعدّ ارتفاع الفوائد السبب الرئيسي لتضرر الشركات اليوم، ولا أتوقع أن يختلف الوضع هذا العام، فنحن لا نزال في حالة عدم اليقين نفسها. إنها ليست بيئةً سلبيةً في حد ذاتها، ولكن السيولة أصبحت أكثر أهمية من أيّ وقتٍ مضى. وعند استثمار الأموال في الشركات الناشئة يسعى المستثمر إلى الحصول على عائد على الاستثمار يتراوح بين 15% و20% وهو أمرٌ ما قد لا يكون متاحاً أو آمناً دائماً.
أما على المستوى الإقليمي، يشهد قطاع الاستثمار حالةً من الازدهار بفضل ارتفاع أسعار النفط في جميع أنحاء المنطقة. كما أن حكومَتَيْ المملكة العربية السعودية والإمارات تستثمران بكثافةٍ في الشركات الخاصة أو شبه الخاصة أو المملوكة من القطاع العام، ما يدعم منظومة الأعمال بشكلٍ عام. ولا يزال هذا الزخم قوياً ومحصناً ضد ما قد يحدث في أماكن أخرى من العالم.
برأيك، في حال احتاجت أي شركة ناشئة إلى دعم ومساندة، ما هي الجهات التي يجب أن تطلب منها المساعدة؟
يعتمد الأمر على المرحلة التي تمر بها الشركة الناشئة، ولكن من الطبيعي أن تكون نقطة الاتصال الأولى هي الجهات المعنية برأس المال الاستثماري، سواء كانت إقليمية أو عالمية، خاصةً وأن هناك الآن شركات رأس مال عالمية مغامرة مهتمة بالاستثمار في المنطقة.
الخطوة الثانية هي التواصل المباشر مع الشركات العائلية والشركات المستثمرة. كما يمكن الاتصال برجال الأعمال الذين يشاركون الشركة الشغف نفسه بمجال عملها.
ما هو سرّ نجاح الشركات الناشئة؟ هل هو المثابرة، العمل الجاد، أم التكنولوجيا؟
يتعلق الأمر كله بالأفراد، فالاستثمار لا يقتصر فقط على الأفكار وإنما يشمل الأشخاص. وهذا يعني أنه حتى لو لم تكن الأفكار المقدمة ناجحة، يبقى من الممكن التكيّف مع مختلف الظروف، والاستفادة من الاستثمار الذي قُدّم للشركة بشكلٍ مختلفٍ لإنجاحه. كما يهتم المستثمرون أيضاً بالأشخاص الذين يتمتعون بمهارات التنفيذ، والتسليم، والدقة، والاستراتيجية.
وفي حين تلعب التكنولوجيا دوراً كبيراً في نجاح الشركات، إلا أن دورها يرتبط بمجال عمل الشركة، وقد لا تكون ضرورية في المراحل الأولى من المشروع. كما يمكنك، كصاحب شركة ناشئة، الاستعانة بالذكاء الاصطناعي لتسريع النمو والتوصل إلى حلول مبتكرة.
ما الذي ينظر إليه المستثمرون عند الاستثمار في شركة ناشئة؟
يهتم المستثمرون أولاً بمجال الشركة الناشئة، ومدى معرفتك كصاحب شركة في هذا القطاع، وأساسيات الشركة وأخلاقياتها، ويسعون إلى معرفة إن كانت الشركة تتناسب مع قيمهم وإلى تحديد فرص ربطها باستثمارات أخرى من محفظتهم الاستثمارية.
وبدرجةٍ ثانيةٍ، يركّز المستثمرون على أصحاب الفكرة ومشاريعهم الناشئة السابقة. ثم يتحققون من الفكرة ومن مدى ارتباطها بالسوق اليوم وأخيرًا، ينظرون إلى مدى توافر القدرات المالية الداعمة لخطة العمل.