من المتوقع أن يعزز قسم علم الروبوتات من قدرات جامعة محمد بن زايد للذكاء الاصطناعي ويساهم في اقتصاد المعرفة في الإمارات
منذ إطلاق قسم علم الروبوتات الجديد في أغسطس 2023، وتبذل جامعة محمد بن زايد للذكاء الاصطناعي جهوداً نشطة لاستقطاب أفضل قادة الفكر من حول العالم في هذا المجال بهدف تطوير المنهج الدراسي والبحوث التطبيقية التي تقدم أكبر قدر من المنفعة في القطاع.
ويُعتبر الأستاذ ديزين سونغ، الذي انضم إلى الجامعة كأول أستاذ في علم الروبوتات فيها، خبيراً في هذا المجال وقد ركّز عمله البحثي السابق على الذكاء المكاني للروبوت الذي يتطلب إدراك المعلومات المكانية من البيانات الحسية متعددة الصيغ واتخاذ القرارات استناداً إليها. حاز سونغ درجة الدكتوراه في بحوث العمليات من جامعة كاليفورنيا في بركلي. كما أن العديد من مجالات البحث التي يعمل بها إلى جانب زملائه من الباحثين والطلاب في جامعة محمد بن زايد للذكاء الاصطناعي تهدف إلى تعزيز التقدم في أكثر القطاعات نمواً في الإمارات العربية المتحدة والمنطقة ككل.
يقول: سونغ:” “تعود جذور الذكاء الاصطناعي إلى علم الروبوتات في خمسينيات القرن الماضي، وتشكل الروبوتات الواجهة المادية التي يتفاعل من خلالها الذكاء الاصطناعي مع العالم الحقيقي. تركز جامعة محمد بن زايد للذكاء الاصطناعي على جانب علوم الحاسوب من علم الروبوتات عوضاً عن جانب الأجهزة المادية، أي أن بحوثنا تسعى إلى تطوير “دماغ” الروبوت بهدف تحسين قدرته على الإدراك والملاحة والتخطيط للحركة والتحكم. وإن كنت تمتلك قدرات الذكاء الاصطناعي، ستحتاج إلى روبوت يستطيع التفاعل فعلاً مع العالم المادي والتأثير فيه من أجل تحقيق أمور معينة.”
ويضيف في حديثه عن القسم الجديد في الجامعة قائلاً: “يعزز هذا القسم من قدرات الجامعة بأكملها.” ويتابع ليذكر البحوث التطبيقية المحددة التي قد تقدم مساهمات كبيرة لدولة الإمارات: “تضطلع الإمارات العربية المتحدة بدور مهم في قطاع الطاقة، وتسمح بحوث الذكاء الاصطناعي في مجال علم الروبوتات بإجراء تفتيش مؤتمت للبنى التحتية، ابتداءً من خطوط الأنابيب وصولاً إلى سلامة المعدات وتوفير مجموعة من التشخيصات القائمة على المراقبة.”
في هذا السياق، تسعى الدولة إلى الانتقال إلى مصادر أكثر استدامة للطاقة، ويؤكد سونغ أنه يمكن استخدام بحوث الذكاء الاصطناعي لتطوير محطات الطاقة الشمسية أو طاقة الرياح الكبيرة وصيانتها، إذ يمكن استخدام الروبوتات للتحقق من البنى التحتية والحفاظ عليها.
بالإضافة إلى ذلك، يشكل الأمن الغذائي مجالاً أساسياً آخر يتعلق بالاستدامة حيث يمكن للبحوث التي تجريها جامعة محمد بن زايد للذكاء الاصطناعي في علم الروبوتات أن تقدم نتائج ملموسة.
تجدر الإشارة إلى أن الأستاذ سونغ يتمتع بخبرة واسعة في البحوث الزراعية ضمن عمله السابق في جامعة تكساس إيه اند إم، وهو يذكر عدة طرق يمكن لدراسات الذكاء الاصطناعي من خلالها تعزيز فعالية الممارسات الزراعية، ويقول: “تتعدد استخدامات الذكاء الاصطناعي في قطاع الزراعة، من إجراء المسوحات الميدانية للأراضي لغرض زراعتها إلى تقدير حجم المحاصيل أو نسبة المحاصيل التي يتم تسليمها في موسم معيّن. ويساهم استخدام الروبوتات للتنقل في الأراضي من أجل إجراء هذه المسوحات في خفض نسبة العمالة اللازمة والتكلفة.”
تمكّن بحوث الذكاء الاصطناعي منتجي الأغذية من استخدام أجهزة الاستشعار الروبوتية لتقييم جودة المحاصيل، أو تحديد أفضل المواقع لإنتاج أفضل المنتجات وأفضل الأوقات للحصاد أو القطاف، وذلك من خلال تحليل البيانات المتعلقة بنضج المنتجات، ومنها البطيخ والطماطم والبطاطا.
علاوة على ذلك، يتم تدريب الروبوتات العاملة بالذكاء الاصطناعي على استئصال الأعشاب الضارة بدقة لتجنب رش المبيدات على نطاق واسع، ما يعزز من الممارسات الزراعية المستدامة. ويفسّر سونغ: “يستطيع الروبوت أن يتنقل في الحقل ماسكاً قاذفة لهب صغيرة من أجل القضاء على الأعشاب الضارة، فيحرقها بدقة ويحد من الحاجة لاستخدام المواد الكيميائية.” كما وقعت جامعة محمد بن زايد للذكاء الاصطناعي مؤخراً مذكرة تفاهم مع شركة سلال للغذاء والتكنولوجيا من أجل دعم الاستراتيجية الوطنية للأمن الغذائي 2051 والتي تهدف إلى تطوير نظام وطني شامل لتمكين الإنتاج الغذائي المستدام باستخدام التقنيات الحديثة وتعزيز الإنتاج المحلي
ليس هذا فحسب، بل تستطيع الروبوتات العاملة بالذكاء الاصطناعي أيضاً نقل المنتجات الزراعية من حقل أو مستودع إلى آخر والتفاعل مع الأشخاص الذين يديرون المزارع، شبيهاً بالعمليات التي تحدث في مركز تخزين البضائع. ويقول سونغ: “من شأن هذا النوع من التعاون بين الروبوت والإنسان أن يحدث أثراً مباشراً لأنه لا يستلزم قدراً كبيراً من الاستثمار أو البحوث الإضافية، لكنه ينجح في الوقت نفسه بتعزيز الفعالية وتوفير تكاليف العمالة.”
في الختام، وتعليقاً على الخبر الصادر في يوليو عن تعاون جامعة محمد بن زايد للذكاء الاصطناعي مع شركة الاتحاد للطيران من أجل تطوير نتائج الذكاء الاصطناعي لتحسين قطاع الطيران، يسلّط سونغ الضوء على الدراسات التي تجريها الجامعة لتعزيز مستوى السلامة والأمن للخطوط الجوية.
ويفيد: “في بحوث علم الروبوتات التي تركز على الإدراك، ثمة مجالات متعددة لفحص البنى التحتية، بما يشمل أسطح الطائرات الجديدة المصنوعة من ألياف الكربون والمواد المركبة. ويمكننا باستخدام أجهزة الاستشعار تطوير اهتزاز ميكانيكي يكشف أي تصدع ما دون السطح في هيكل الطائرة الخارجي، وهي تشققات لا تتم رؤيتها أثناء إجراء عمليات التفتيش لأغراض السلامة.”
ويصف الأستاذ سونغ كيف يتم إرسال أشعة ليزر دقيقة عاملة بالذكاء الاصطناعي باتجاه هيكل الطائرة الخارجي من أجل توليد موجة صوتية ترتد وتكشف عن الأجزاء التي يجب فحصها بشكلٍ إضافي لضمان السلامة.
ويضيف: “يبيّن هذا النوع من بحوث الذكاء الاصطناعي في قطاع الطيران كيف تتواءم مختلف المجالات البحثية التي تجريها مختلف أقسام جامعة محمد بن زايد للذكاء الاصطناعي مع بعضها. مثلاً، يمكننا إجراء تحليل طيفي لنكتسب المعلومات فيما نحلل الأنماط باستخدام طرق تعلم الآلة، وتمكننا الروبوتات من إجراء هذه العملية كي نكشف عن أي مشاكل لم يتم تحديدها من قبل والتنبؤ بكيفية تطورها في المستقبل.”
إنّ قسم علم الروبوتات في جامعة محمد بن زايد للذكاء الاصطناعي، وعمل سونغ، يقدّمان خير دليل على إمكانية تسخير الذكاء الاصطناعي من أجل الصالح العام في مختلف القطاعات ومجالات النمو التي تساهم في اقتصاد دولة الإمارات العربية المتحدة، ابتداءً من البحوث التي تطال قطاع الطاقة وصولاً إلى تحقيق الأمن الغذائي المستدام وخدمة قطاع الطيران. شهدت جامعة محمد بن زايد للذكاء الاصطناعي ارتفاعاً في عدد مقدمي الطلبات المؤهلين لدرجات الماجستير والدكتوراه للالتحاق بالجامعة من حول العالم مع زيادة عدد برامجها من ثلاثة إلى خمسة بعد إطلاق قسمي علم الروبوتات وعلم الحاسوب..