في وقت لم يكن أمراً يسيراً على المرأة السعودية تأسيس أعمال خاصة بها، كانت رائدة الأعمال السعودية ريوف الرميح من أوائل السيدات السعوديات اللواتي أطلقن وكالة إبداعية متخصصة في المملكة
entrepreneur العربية
حسن عبد الرحمن رئيس التحرير
لزمن طويل كانت الوكالات الأجنبية تهيمن على قطاعات الخدمات التسويقية والإبداعية، في هذا الوقت الشديد التنافسية تخطّت ريوف الرميح، الرئيسة التنفيذية لشركة نثار” الصعاب والتحديات – عبر فريق طموح من الشباب والشابات السعوديين- لتؤسس شركة للحلول الإبداعية توفر خدمات متكاملة للقطاعين الخاص والحكومي”.
تفضل الرميح لقب رائدة أعمال على “سيدة أعمال”، وترى أن رؤية 2030 أزاحت الصعوبات والتحديات من أمام المرأة السعودية ورواد الأعمال وعَبرت بهم إلى المستقبل.
تستمد ريوف نجاحها من فريق العمل؛ فهي تُؤمن بالقيادة وليس الإدارة، وتُرجع الفضل الأول والأخير في صمودها في وجه التحديات إلى والدها.
مجلة “إنتربرينور” العربية التقت رائدة الأعمال السعودية، ريوف الرميح، وأجرت معها الحوار التالي:
تقول:” للقب المهني الأقرب إلى قلبي، وإلى الواقع الذي خضت تجربته منذ سنوات طويلة، هو رائدة أعمال، وريادة الأعمال ليست وظيفة أو استثمار، بل مهارات التفكير خارج الصندوق وتقديم حلول مبتكرة لتحديات عديدة، كما أن ريادة الأعمال ليست إدارة فحسب بل هي قيادة، وأشدد هنا على مفهوم قيادة الأعمال وفق منظور الفريق – وليس صاحب العمل فقط.
في عام 2012 قمت بإطلاق شركة “نثار” لتقديم الحلول الإبداعية والاستشارات التسويقية والعلامات التجارية في المملكة العربية السعودية، لكن لم نلحظ أي أنشطة إعلامية لك منذ ذلك الوقت؟
نعم صحيح، كان نشاطي الإعلامي محدودا جدا، لذا تفرغت لتأسيس العمل وبناء الفريق بعيدا عن الأضواء، وكانت البدايات صعبة جدا، وهي الصعوبات التي انتهت مع قدوم رؤية 2030 التي وفرت دعماً غير مسبوق لرواد الأعمال، وبشكل خاص للمرأة السعودية، وشكّلت تحولًا استراتيجيًا في مختلف القطاعات.
ما هي أبرز تلك الصعوبات؟
من مستهدفات الرؤية 2030 رفع نسبة مشاركة المرأة في سوق العمل من 22% إلى 30% وهذه الجملة بحد ذاتها تلقي الضوء على التحديات التي كانت تواجهها المرأة في السابق. أيضا من الأهداف الاستراتيجية للرؤية “تسهيل ممارسة الأعمال (الجوانب التنظيمية بشكل رئيسي)” وهذا أيضا يلقي الضوء عل الصعوبات التي كانت موجودة سابقا في تأسيس الأعمال.
وأشير هنا إلى أنه عند تأسيس الشركة كانت الصعوبة الأولى الدخول في مجال تهيمن عليه الشركات الأجنبية، وكان في معظم الأحيان متاحا أمام الذكور فقط، لذلك واجهت تحديات من نوعين: كوني امرأة، وكذلك تأسيس الشركة، لن أخوض هنا بالتفاصيل والتحديات اليومية التي كنت أواجه أشكالها كل يوم، ولكن أزاحت الرؤية كل هذه الصعوبات، وقدّمت التسهيلات لنا كرواد أعمال سعوديين.
يجب أن نلاحظ أيضا أن رؤية 2030 تدعم المحتوى المحلي من أجل ترسيخ أثر المحتوى المحلي كمساهم رئيسي في تعزيز الإمكانات المحلية لتنمية الاقتصاد الوطني، والمحتوى المحلي يجب أن توفره طاقات شبابية محلية، وهذا أيضا كان من بين أبرز التحديات، لذلك سعيت بكل قوة لدعم الشباب السعودي والاستثمار في مهاراتهم وكفاءاتهم، وضمهم إلى فريق العمل بوقت مبكر لأني استشعرت مبكرا أهمية ذلك.
من وقف إلى جانبك خلال فترة الصعوبات؟
والدي رحمه الله. والدي شجعني ونصحني ووقف معي ووفر كل الدعم والثقة الكبيرة، ولولا توفيق الله، ثم مساندة والدي لما حققت النجاح الذي أعيشه اليوم.
أتذكر جيدا أني مع كل مشكلة كنت أتصل بوالدي بحثا عن حلول، لأنه إذا كنت اليوم رائدة أعمال ناجحة، فالفضل يعود بذلك إلى رائد أعمال إنساني وأسري هو والدي. نحن دائما نتحدث عن ريادة الأعمال من جانب اقتصادي فقط وننسى أنها قصة نجاح فيها شخصيات خلف الكواليس تعمل مثلنا – لا بل أكثر منا في أحيان كثيرة- من الأسرة إلى مكان العمل.
ما هي أبرز القطاعات التي تغطيها شركة نثار؟
نعمل مع القطاعين الخاص والحكومي وحتى القطاع غير الربحي، ونغطي كافة المجالات من تطوير الاستراتيجيات، والهويات والعلامات التجارية، التسويق بكافة أشكاله وأنواعه، وكذلك الخدمات الإبداعية التقنية فضلا عن التصميم والرسوم المتحركة والمؤثرات الصوتية، نحن نقدم باقة حلول متكاملة للعملاء، ما يحقق لنا عوائد سنوية جيدة، ويعزز اسم شركتنا في الأسواق.
نركّز في تقديم خدماتنا الإعلانية والإبداعية لهذه القطاعات بأعلى جودة، وما يميّزنا عن غيرنا هو استيعابنا الكبير لثقافتنا السعودية بجميع المعطيات التاريخية والثقافية والوجدانية، ووجود كوادر سعودية من مختلف المناطق، يملُك كل فردٍ منهم إرثًا ثقافيًا واجتماعيًا؛ شكّل لديه هذا الطابع الإبداعي والمتميّز. اليوم لا نقدم أعمالًا إبداعية متكاملة وحسب، بل نسعى جاهدين إلى المنافسة إقليميًا وإبراز ثقافتنا السعودية الغنيّة بموروثاتها وشبابها المتخصصين.
ما أبرز خططكم المستقبلية؟
التوسع في الخدمات التي نقدمها للعملاء والشركاء والارتقاء بها عبر الاستفادة من أبرز التقنيات الحديثة في عالم الذكاء الاصطناعي.
إذن لديك إيمان كامل بالذكاء الاصطناعي؟
ليس كاملا. أدوات الذكاء الاصطناعي هي ثورة عالمية بالتأكيد وسنشهد المزيد في المستقبل القريب. يتغير العالم بسرعة مذهلة ويجب أن نواكب هذا التغير بشكل مكثف. لكن الخبرات الإنسانية لا غنى عنها، وتبقى هي الأقرب إلى فهم المجتمعات والناس والجمهور وما تتطلع إليه. على سبيل المثال، يمكن ببساطة وخلال ثوانٍ الطلب من برنامج ما إعداد صورة متخلية عن حدث ما، وستكون مبهرة وجميلة ولكن لا بد أن تفقد عنصرا مهما في فهم الناس والمجتمعات، وهذا ما تقوم به الخبرات الإنسانية على وجه حسن.
ما هو مصدر نجاحك كرائدة أعمال؟
فريق العمل. فريق العمل هو عائلتي الثانية، وأشعر بالتقدير والعرفان لهم جميعا، لأن “نثار” نجحت بفضلهم، وبفضل إبداعهم. فريق العمل هو الذي يقود العمل، وأنا لا أدير العمل، وإنما أقوده معهم.. نحن معا نقود الابتكار. ويأتي بعد ذلك، رؤية 2030 لأنها منحتنا قوة ودعما كبيرين، ولا يمكن أن أتخيل أعمالنا وحياتنا بدون هذا التغير الإيجابي الكبير الحاصل حاليا في المملكة العربية السعودية.
كيف يبدو مشهد ريادة الأعمال مستقبلا؟
بداية أشير إلى أن المملكة حلت بالمرتبة الثانية عالمياً ضمن تقرير المرصد العالمي لريادة الأعمال (GEM) الذي أصدرته كلية الأمير محمد بن سلمان للإدارة وريادة الأعمال بالتعاون مع مركز بابسون جلوبال والمرصد العالمي لريادة الأعمال في المملكة. إذن، يبدو مشهد ريادة الأعمال إيجابيا جدا، ومع ذلك لا بد من العمل الدائم لمواكبة المشهد العالمي لريادة الأعمال والاستفادة من تجاربه الناجحة، ولذلك أشدد على موضوع التواصل مع التجارب الناجحة والاستفادة منها.
ما هو المشروع الأقرب إليك؟
كل المشاريع بالتأكيد، لكن دائما أشير إلى عملنا مع شركنا “بوينج” العالمية حيث قمنا بإدارة فعالياتهم في الرياض عام 2013 في مهرجان الجنادرية. وسبب ذلك أننا كنا في بدايات عملنا وفوزنا بعقد مع شركة عالمية يعني الثقة بالخدمات التي يقدمها فريق العمل، وفعلا نجحنا نجاحا كبيرا وكانت هذه انطلاقة نحو المزيد من النجاح في مشاريع أخرى حكومية وغير حكومية في مختلف أنحاء المملكة العربية السعودية.
ماذا تقولين لرواد الأعمال في السعودية؟
المثابرة والإرادة أساس النجاح. نحن اليوم نعيش عصر الرؤية وبالتالي هذه فرصتنا لنعمل ونعمل دون توقف. يجب أن يتواصل رواد الأعمال مع بعضهم ويعقدون مؤتمرات ومنتديات للاستفادة من تجارب بعضهم البعض، وأعتقد أن رواد الأعمال عليهم أيضا تعزيز مشاركاتهم الإعلامية وفي السوشال ميديا، والقيام بالتسويق الذكي لما يقومون به والاحتفاء بكل خطوة يقومون بها، لأن الدور الذي يقومون به محوري وأساسي لدعم الاقتصاد في المملكة. اليوم رواد الأعمال في العالم هم رواد الاقتصادات الجديدة التي تشكل ملامح الاقتصادات المستقبلية، وبالتالي هم يسهمون ببناء المستقبل منذ اليوم، وهذا هو حافز دائم قوي لي لأني أقوم – بكل تواضع وفخر – بعمل يُسهم إيجابا في دعم اقتصاد المملكة العربية السعودية في مجالات عديدة.