بروفيسور فيونا روبسون، رئيس كلية إدنبرة للأعمال وكلية العلوم الاجتماعية بجامعة هيريوت وات دبي
لواكبة التغير المستمر لقطاع الأعمال، ستحتاج المؤسسات أولاً إلى فهم جيد لوضعها الحالي وأدائها والمقارنة بينها ومنافسيها فى كل الاوقات. وينبغي عليهم بعد ذلك استكشاف والتطلع الى الفرص الأخرى التي قد تأتى مع بعض المخاطر والمكافآت. وبمجرد اتباع هذا النهج القائم على الأدلة، سيكونون قادرين على توضيح أولوياتهم والتخطيط لكيفية تنفيذ وتطبيق التغييرات التي سيكون لها تأثير إيجابي. سنسلط الضوء على بعض الاتجاهات الرئيسية التي يجب على الشركات التخطيط لها.
استخدام التكنولوجيا فى قطاع الأعمال:
أثناء الوباء، أدركت العديد من المؤسسات أنها عند الضرورة، يمكنها التعامل مع التغيير غير المتوقع وأن تكون أكثر مرونة للقيام ببعض أنشطتها بشكل مختلف. على سبيل المثال، أجبر هذا الحدث العالمي غير المسبوق بعض الشركات على مراجعة وتعزيز استخدام التكنولوجيا مما أدى إلى تحسين الإنتاجية.
البيانات الضخمة:
بالطبع، سيكون هناك المزيد من التغييرات الخارجية التي ستحتاج المؤسسات إلى الاستجابة لها مثل معدلات التضخم الاقتصادية وما إلى ذلك. إن الاستخدام المتزايد والأكثر تقدمًا للبيانات الضخمة، إلى جانب التدابير الأخرى، يجب أن يمكّن المؤسسات من التنبؤ بشكل أكثر دقة بما يحدث. وبالتالى وضع نموذج والتنبؤ بآثار السيناريوهات المختلفة.
نموذج العمل المرن:
منذ نهاية الوباء، كان الحديث يدور حول فوائد العمل المرن وتحديداً العمل عن بعد، ولكن نشهد الآن تقارير صادرة عن مؤسسات تجعل موظفيها يعودون إلى أماكن عملهم شخصيًا. أحد أسباب هذه الخطوة يرجع إلى قيام المؤسسات بإنفاق الكثير من الأموال على تشغيل أماكن عمل غير مستغلة بشكل كبير، مما يتسبب فى زيادة نسبة إهدار الأموال. علاوة على ذلك، هناك اعتقاد بأن القدرة على العمل الجماعي تأثرت سلبيًا. مما لا شك فيه على مدى السنوات الخمس المقبلة، سنشهد المزيد من تطبيق نموذج العمل المرن حتى يمكن اكتساب مزايا العمل الشخصي والعمل عن بعد.
رفاهية الموظفين:
وبما أن عواقب الوباء لا تزال محسوسة، يجب أن تظل رفاهية الموظفين على رأس جدول الأعمال مع مستويات مناسبة من الاستثمار المالي. لقد فكرنا أيضًا في المناقشات حول المدى الذي يجب أن تدركه المنظمات بالتوقعات والاحتياجات المختلفة للمجموعات المختلفة من الموظفين. أظن أننا سنبدأ في رؤية ذلك يتجلى في مجموعة من سياسات وإجراءات الموارد البشرية المحدثة. على سبيل المثال، فهو يمكّن الموظفين من مختلف الأجيال العمرية من تحديد خيارات أو نُظم مكافآت مختلفة.
الذكاء الاصطناعى:
على مدى السنوات الخمس المقبلة، أتوقع أن ينتشر الذكاء الاصطناعي بشكل كبير في المزيد من القطاعات والمؤسسات. في الوقت الحالي، معظم المتبنين الأوائل لأدوات الذكاء الاصطناعى في قطاع التكنولوجيا، على الرغم من أن الأشكال الأساسية للذكاء الاصطناعي أصبحت أكثر شيوعًا، على سبيل المثال، استخدام روبوتات الدردشة للإجابة على أسئلة المستهلكين. إن التقارير إيجابية حول التأثير الإيجابي لاستخدام ادوات الذكاء الاصطناعى، ولكن هناك حاجة إلى مزيد من البيانات. وأتوقع أيضًا أنه سيتم استخدام الذكاء الاصطناعي لأداء مجموعة واسعة ومتعمقة من المهام.
وبما أن استخدام التكنولوجيا اساسى، أتوقع أن تفكر المؤسسات في كيفية التميز للحصول على ميزة تنافسية. سيسمح الاستخدام المشترك للبيانات الضخمة لهذه المنظمات بتحديد بعض المجالات، ولكنني آمل أن يظل استخدام الموارد البشرية أمرًا بالغ الأهمية – وقد يشمل ذلك العمل بطرق أكثر ابتكارًا وتوفير التعلم والتطوير لدعم ذلك.
الاستدامة:
انعقد مؤتمر الأمم المتحدة المعني بتغير المناخ (COP28) مؤخرًا في دولة الإمارات العربية المتحدة، وقد قام بعمل ممتاز في وضع الاستدامة وتغير المناخ في مقدمة أولوياتنا على المستويات الشخصية والتنظيمية الدولية والعالمية. أتوقع أن تفكر جميع المنظمات في وضعها الحالي وخططها المستقبلية، ثم العمل على تحقيق اهدافها. إن وجود الإنترنت يجعل المؤسسات تخضع لمزيد من التدقيق أكثر من أي وقت مضى، لذا لن تفكر المؤسسات في المبادرات التي ترغب في تنفيذها فحسب، بل في كيفية إثبات ذلك وإبلاغه إلى نطاق أوسع من أصحاب المصلحة. وأتوقع أن تقوم المؤسسات بمشاركة المزيد من البيانات التجريبية حول أدائها في هذه المجالات.
التحول الرقمى:
أتوقع أن يكون التحول الرقمي على رأس اهتمامات العديد من المؤسسات الآن حيث يمكنها رؤية التأثير الذي أحدثه على المستخدمين الأوائل. وحيثما تتوفر الخبرة والمعرفة في هذا المجال، أتوقع أن أرى المزيد من التوسع فى الأعمال التجارية الجديدة. وأتوقع أيضًا أن يؤدي هذا إلى التنافس على استقطاب المواهب مع استمرار زيادة الطلب على محللي البيانات. ستفكر الشركات الاستباقية بالفعل في طرق مختلفة لجذب والحفاظ على هذه المواهب، ربما من خلال “تنمية مواهبها” أو تطوير تحالف مع الجامعات التي تقدم درجات علمية في علوم البيانات.
توفر هذه الاتجاهات فرصًا ومخاطر للشركات، لذا يجب عليها أن تفكر بشكل استباقي في كيفية الاستفادة منها ودمج بعضها حيثما أمكن لتعزيز مكانتها لصالح جميع أصحاب المصلحة.