دبي – خاص
بقلم: غاري نيوبولد، نائب الرئيس لمنطقة آسيا والمحيط الهادئ في كومسكوب
مع التقدم الكبير الذي أحدثه التحول الرقمي للعديد من القطاعات والطلب المتزايد عليه، إضافة إلى النمو السريع الذي تشهده التكنولوجيا في وقتنا الحالي، يشهد قطاع الرعاية الصحية تحولاً لافتاً مدعوماً باعتماد إنترنت الأشياء، والذكاء الاصطناعي وتكامل البنى التحتية للشبكات. ولا شك أن سلامة المرضى، وأمان البيانات، وفاعلية العمليات، وتحسين تجربة المريض، هم أهم الجوانب التي يجب أن يتم التركيز عليها خلال عملية التحول الرقمي للقطاع
التحول نحو الرعاية الصحية الرقمية
قبل الجائحة، كان من المتوقع أن يصل حجم سوق خدمات الرعاية الصحية الرقمية إلى نحو 10.6 مليار دولار بحلول عام 2025. أما اليوم فأصبحت نظم الرعاية الصحية، وخاصة المستشفيات، تعتمد بشكل متزايد على البنى التحتية للشبكات لضمان تدفق آمن ودقيق وموثوق للمعلومات. وعلى الرغم من هذا الاعتماد، لازال أمن البيانات والخصوصية يشكل تحدي حرج للعاملين في هذه الصناعة. وهناك ثلاثة أمور رئيسية يجب أن تأخذها هذه المؤسسات في عين الاعتبار أثناء بداية رحلتها الابتكارية وتحولها نحو الرعاية الصحية الرقمية، وهم القدرة على رفع مستوى سلامة المريض وأمن البيانات والخصوصية، وتحقيق تآزر في تكنولوجيا تشغيل تقنيات تكنولوجيا المعلومات من خلال اعتماد إنترنت الاشياء، وأخيراً تحسين تجارب المرضى من خلال استخدام الذكاء الاصطناعي.
ويعتمد النظام البيئي للرعاية الصحية بشكل كبير على البنى التحتية للشبكات والسحابة لضمان تدفق آمن وموثوق للمعلومات. حيث يتم تخزين غالبية بيانات الرعاية الصحية في السحابة، مما يشكل خطورة كبيرة لأمن البيانات والخصوصية؛ وبالتالي يجب التعامل بحذر شديد مع المعلومات الحساسة وحمايتها. وتستخدم المستشفيات في جميع أنحاء العالم تقنية Wi-Fi 6 لتعزيز تخزين البيانات والحفاظ عليها بشكل آمن. وفي النهاية، يتجلى هذا التحول في أنه في حين يتبنى قطاع الرعاية الصحية خدمات الجيل التالي، يجب عليه أن يكون حذراً في إيجاد توازن بين كفاءة العمليات وتجربة المريض. إذا لم يكن المرضى راضين، فما هو الهدف من كل هذا التقدم؟ يجب علينا أن نجد تكاملاً وحلول تضمن تحقيق الحد الأقصى من الاستفادة للجميع.
تضافر وتعاون: دمج تكنولوجيا المعلومات، العمليات، وتقنية إنترنت الأشياء
تأتي قوة الشبكات المتكاملة من القدرة اللافتة لفِرَق تكنولوجيا المعلومات والعمليات في مجال الرعاية الصحية على التعاون وتحسين كفاءة العمليات. حيث يُمكِن لاستخدام إنترنت الأشياء من تسهيل تعزيز خدمات الرعاية الصحية بشكل سريع وتحسين الكفاءة. ومن خلال الاستفادة من شبكة فيزيائية مشتركة، يستطيع كل من الفِرق من الاستفادة من إمكانيات تقنية إنترنت الأشياء لفتح آفاق الكفاءة وتحقيق نمو هائل في الصناعة، مثل اتصال Wi-Fi 6/6E بأسرّة ذكية وأجهزة رصد الأكسجين.
ومن الجدير بالذكر أن تطبيقات إنترنت الأشياء في المجال الطبي لا حصر لها، حيث أثبتت فعاليتها في تحسين خدمات الرعاية الصحية للمرضى مراراً وتكراراً. كما أن نمو إنترنت الأشياء الموجه نحو القطاع الصحي أدى إلى مفهوم يعرف بـ “إنترنت الأشياء الطبية ” (IoMT)، والذي يشمل الرعاية الصحية عن بُعد والأجهزة القابلة للارتداء وغيرها من هذا النوع. ووفقاً لتقرير لشركة أكسنتشر، يعتقد 84% من قادة الرعاية الصحية أن الذكاء الاصطناعي سيقدم حلاً ثورياً في كيفية الوصول إلى التاريخ الطبي المريض – وهذا واحد من الأمثلة الكثيرة التي أظهر من خلالها إنترنت الأشياء فعاليته في تعزيز خدمات الرعاية الصحية.
وفي الختام، نرى أن المسار الذي تسلكه صناعة الرعاية الصحية نحو التكامل التكنولوجي يتطلب توازناً دقيقاً بين الابتكار وأمن البيانات والرعاية الموجهة للمريض. وبينما تقدم التكنولوجيا، من خلال إنترنت الاشياء والذكاء الاصطناعي والبنى التحتية للشبكات، إمكانيات هائلة لتحسين الكفاءة العملية، يظل التركيز على تجارب المرضى هو الأهم. حيث أن التحول الناجح للرعاية الصحية يتطلب اعتماد هذه التقنيات الحديثة مع التأكيد على أهمية إعطاء الأولوية لرضا المريض لضمان رحلة تحول رقمي سلسة وتتسم بالابتكار والتعاون والتفاني في تحسين الحياة.