بقلم :فيكرام مالهوترا، المدير العام لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، شركة آوتسايزد
لقد أصبحت المواهب المرنة المستقلّة عنصراً رئيسياً في مشهد الأعمال اليوم، وخاصة بالنسبة للشركات الناشئة والشركات الصغيرة والمتوسطة التي تسعى جاهدة إلى سد فجوة المهارات، وتوسيع نطاق الإنتاجية، وتلبية التوقعات المتغيرة للموظفين. أشار استبيان أجرته منصة بيت (Bayt) في عام 2022 إلى أن 70% من الشركات في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا تخطط للتعامل مع مجموعات المهارات المرنة، في حين يهدف 78% من الموظفين الحاليين إلى العمل بشكل مستقل وبدوام جزئي. في دولة الإمارات العربية المتحدة، التي تستضيف أكثر من 557 ألف شركة صغيرة ومتوسطة، تكمن جاذبية الاستفادة من مجموعة عالمية من المواهب المستقلة في مرونتها وفعاليتها من حيث التكلفة. وبينما يوفر هذا النهج فرصاً واعدة للنمو والابتكار، إلا أن هناك مخاطر ومجازفات يجب على الشركات تجنبها للتعزيز من فعالية المواهب المرنة والفائدة التي تقدّمها للشركات.
الفشل في تحديد الاحتياجات
تقدّم المواهب المرنة مجموعة متنوعة من المهارات المتخصصة، إلا أن سوء الحكم على نوعية المواهب المطلوبة يؤدي إلى عدم الكفاءة وإهدار الموارد. ينبغي أن تبادر الشركات، وخاصة الشركات ذات الموارد المحدودة، في تقييم نوع الفائدة المرجوّة من المهنيين المستقلين، وما إذا كانت مهاراتهم تتوافق مع احتياجات الشركة وأهدافها المحددة. كي تنجح الشركة في التأكد من حاجتها إلى موظفين مستقلين، يجب عليها تقييم ما إذا كانت فجوة المهارات مؤقتة، وتقييم مدى توفر الموارد بدوام كامل في مجالات محددة، والنظر في قدرتها على استقطاب المواهب الدائمة، وقياس مدى الحاجة إلى التعاقد معهم.
عدم تحديد نطاق الدور بما فيه الكفاية
بمجرد التأكد من حاجتها إلى المواهب المرنة، ترتكب الشركات غالباً خطأ عدم تحديد نطاق الأدوار المطلوبة بشكل فعال، وهو ما يؤدي إلىى عدم تطابق مهارات المواهب المرنة مع أهداف المشروع، مما يؤدي بدوره إلى نتائج دون المستوى. يساعد تحديد مجموعة المهارات المطلوبة بالتفصيل، بما في ذلك المهارات التقنية المحددة والمهارات الشخصية والخبرة في المجالات المعيّنة، في تحديد ملاءمة المهني المستقل للدور. يجب وضع مؤشرات أداء رئيسية واضحة من خلال تحديد أهداف المشروع، ومقاييس الأداء، والجداول الزمنية لقياس فعالية الموظفين المستقلين. علاوة على ذلك، فإن النظر في التفضيلات – مثل مدة المشروع أو العقد، الموقع والطاقة الإنتاجية – قد يساعد في تجنب مشكلات العقود وتبسيط الاختيارات.
ضعف الاندماج في الفرق الموجودة
يعد تصميم إجراءات فعالة لتوظيف المهنيين المستقلّين أمراً ضرورياً لتعزيز التعاون الناجح على مختلف المستويات وتجنب انضمام المهنيين المستقلين إلى فريق العمل دون فهم كامل للنتائج والجداول الزمنية وثقافة العمل. للتخفيف من هذا الأمر، ينبغي المبادرة بإحاطة أعضاء الفريق المعنيين وترتيب اجتماعات فردية. يضمن اتباع هذه النهج أن يشعر المهنيون المستقلون بالتقدير مثل المهنيين الدائمين. يتجاوز التعاقد مع وتوظيف المهنيين المستقلين كونه عملية التخطيط ومجموعة من الإجراءات الإدارية، فهي بمثابة أداة استراتيجية لتقليل وقت التوقف عن العمل، وزيادة المشاركة، وتسريع الإنتاجية.
إهمال ردود الفعل والتواصل
تعد ثقافة التواصل الفعال ضرورية لنجاح التعامل مع المهنيين المستقلين، إلا أن العديد من الشركات تهمل هذا الجانب، مما يؤدي إلى تعاون غير فعال. يحرص المهنيون المستقلون على إظهار قيمتهم من خلال مؤشرات الأداء الرئيسية الواضحة والتقييمات المستمرة للتقدّم في مهامهم. توفر الاجتماعات المنتظمة مع المدراء فرصاً للنمو والتحسين، ويضمن هذا أن يتوافق عمل المهني المستقل مع أهداف الشركة. قد ينبغي أن تكون الاجتماعات الأولية أكثر تكراراً لتحقيق أقصى قدر من التكامل والاستفادة القصوى من الخبرات التي تجلبها المواهب المرنة من مشاريعها السابقة.
عدم التركيز على نقل المعارف والخبرات
غالباً ما تتجاهل الشركات الناشئة والشركات الصغيرة والمتوسطة أهمية نقل المعارف والخبرات عند التعاون مع المهنيين المستقلين. يجلب هؤلاء المهنيون معهم مهارات متخصصة في كثير من الأحيان، لذلك، من الضروري أن يحرص الفريق الداخلي في الشركة على الاستفادة من هذه المعارف والتمكّن منها لتحقيق فوائد طويلة المدى لشركاتهم ومواصلة العمل بسلاسة. على سبيل المثال، إذا ساهم المهني المستقل في استراتيجية العميل، فمن الضروري إعداد الفريق لتنفيذها وبشكل فعال لمنع الاعتماد المفرط على الخبرات الخارجية وضمان استقلالية الشركة على المدى الطويل.
عدم تطوير عروض جذابة للمهنيين المستقلين
في المشهد التنافسي للمواهب المرنة، تُعد العروض الجذابة للمهنيين المستقلين أمراً مهماً لاستقطاب أفضل المواهب. ولتقديم عروض جذابة وقوية للمهنيين المستقلين، يجب على المؤسسات التحول من المشاركات المتقطعة إلى المشاركات المتسقة، وتوفير بيئة عمل داعمة، وتقديم حوافز نقدية أو مهنية منصفة، وتعزيز الولاء على المدى الطويل من خلال استراتيجيات الاحتفاظ بالموظفين، وتوسيع ثقافة العمل الخاصة بها لتشمل الموظفين المستقلين. لن يؤدي هذا إلى تعزيز جاذبية الشركة للعاملين المستقلين فحسب، بل سيعزز من مكانة الشركة، مما يساهم في زيادة المشاركة والارتقاء بجودة المخرجات.
يتيح استكشاف مشهد المواهب المرنة بشكل استراتيجي عملية الوصول إلى المواهب العالمية، وسد فجوات المهارات بكفاءة، وتوفير المرونة للشركات. تشهد منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا نمواً سريعاً في هذا القطاع. وفقاً لبيانات آوتسايزد، المنصة الرائدة في مجال المواهب المرنة لعملاء المؤسسات الكبيرة والشركات الاستشارية، نما سوق المواهب المستقلة بنسبة 359% في عام 2022 على المنصة. يتوقف النجاح على التحديد الدقيق لمهارات المواهب المرنة، وتحديد نطاق الأدوار الفعالة، والتكامل السلس، والتواصل الواضح، ونقل المعارف، وعروض الجذب القوية للمهنيين المستقلين، مما يمكّن الشركات من الازدهار في مشهد الوظائف المؤقتة والمرنة وتحقيق النمو المستدام.