بقلم أولي هانسن، رئيس استراتيجية السلع في ساكسو بنك
يصل الذهب مرة أخرى لأعلى سعر له متجاوزاً 2000 دولار مع احتمال حدوث اختراق قوي آخر في نهاية العام، في تطور مشابه لما حدث لكل من الذهب والفضة خلال السنوات الست الماضية عندما حققت في ديسمبر ارتفاعاً لمتوسط العائد في الذهب بنسبة 4% و7.25% في الفضة. حيث شهد سعر كلا المعدنين ارتفاعاً خلال الشهر الماضي مع ارتفاع التكهنات بأن الاحتياطي الفيدرالي قد وصل إلى نهاية طريق سياسة رفع أسعار الفائدة، مع احتمال أن يتبع سياسة معاكسة مع بداية العام القادم. في حين أننا نعتقد أن توقيت السعر الأول سيكون المحفز الرئيسي التالي، إلا أننا لا نزال نرى اختراقاً يفوق مستوى مقاومة 2010 دولار سيؤدي إلى ارتفاع الخوف من تفويت الفرصة، مما قد يدعم مكاسب المعادن الثمينة في ديسمبر للعام السابع على التوالي.
من منظور اقتصادي عام، عززت مجموعة متنوعة من البيانات الاقتصادية الأخيرة من الاقتصادات الرئيسية في جميع أنحاء العالم وجهة نظرنا بأن دورات تشديد سياسة رفع الأسعار العنيفة من قبل الاحتياطي الفيدرالي والبنوك المركزية الأخرى قد انتهت، حيث ينصب التركيز الآن على توقيت، وكذلك وتيرة، تخفيضات أسعار الفائدة في المستقبل. ومع ذلك، فإننا نقر أيضاً بأن محافظي البنوك المركزية لا يمكنهم التعبير عن وجهة النظر هذه (خفض سعر الفائدة) على الملأ لأنهم سيخاطرون بتعزيز ميل المستثمرين نحو المخاطرة إلى الحد الذي يخفف فيه الظروف المالية بشكل سابق لآوانه. تجلى هذا المأزق بشكل واضح مؤخراً عندما اضطر رئيس بنك الاحتياطي الفيدرالي جيروم باول إلى التراجع عن موقفه المعتدل بعد اجتماع اللجنة الفيدرالية للسوق المفتوحة في 1 نوفمبر، عندما لمح باول بقوة إلى أن بنك الاحتياطي الفيدرالي قد أنهى سياسة رفع أسعار الفائدة.
استجابت الأسواق المالية لهذه التطورات الأخيرة من خلال تخفيض عوائد سندات الخزانة الأمريكية طويلة الأجل بشكل حاد. وفي الوقت نفسه، عانى الدولار من تراجع كبير، حيث يحوم مؤشر بلومبرغ للدولار حالياً بالقرب من أدنى مستوى له في ثلاثة أشهر، في حين شهدت أسواق الأسهم العالمية ارتفاعاً كبيراً، حيث يظهر مؤشر ستاندرد آند بورز حالياً مكاسب بنسبة 18٪ على أساس سنوي حتى الآن. كما لاحظنا، في الآونة الأخيرة، بعض الاهتمام المتجدد بالخسائر الكبيرة للقطاعات التي عانت وسط مستويات مرتفعة من الديون وتكلفة متزايدة لخدمة تلك الديون. ومن الأمثلة على القطاعات المستفيدة تلك المتعلقة بقطاع الطاقة المتجددة التي تدعم الطلب على المعادن مثل الفضة والبلاتين الذين لم يحظيا باهتمام المستثمرين.
يظهر من خلال مراقبتنا لأداء الذهب كيف أدى الأداء القوي الأخير إلى ارتفاع ضئيل في أسعار الذهب مقارنة بالتحركات المقابلة والتي لا تزال مدعومة بالدولار والعائدات، في حين أن تكلفة الحمل قد بدأت في الانخفاض كما يتضح من خلال التراجع الطفيف في العائد على سندات الخزانة الأمريكية لمدة 12 شهراً. نعتقد أن معدل المخاطرة بالنسبة للمكافأة تميل لصالح الذهب بشكل متزايد، وأن الأفضل لم يأت بعد، ولكن لكي يحدث ذلك، يحتاج المستثمرون إلى اقتناع أقوى بتخفيضات أسعار الفائدة الفيدرالية من أجل جذب طلب جديد من المستثمرين، بما في ذلك مديري الأصول الذين كانوا بائعين صافين لوحدات الاستثمار المتداولة لعدة أشهر في ظل الكلفة المرتفعة المذكورة من الحمل.
استقر إجمالي حيازات صناديق الاستثمار المتداولة خلال الشهر الماضي، ولكن بشكل عام، شهد هذا العام انخفاضاً بنسبة 220 طناً على الرغم من ارتفاع الذهب الفوري بنسبة 10٪ تقريباً، وعلى الرغم من أن انخفاضاً بهذا الحجم يجب أن يؤثر عادة على الأسعار، إلا أن مصدراً آخر للطلب لا يزال قوياً بشكل غير عادي. في عام 2022، اشترت البنوك المركزية رقماً قياسياً قدره 1136 طناً وفقاً لمجلس الذهب العالمي، ومع شراء 800 طن آخر في الأرباع الثلاثة الأولى من عام 2023، من المحتمل أن تشهد نهاية هذا العام رقم قياسي آخر. وفر شراء البنك المركزي أرضية ناعمة تحت سوق الذهب مما منع الأسعار من الاستجابة سلباً لفترات قوة الدولار وخاصة ارتفاع العائدات الحقيقية.
كما ذكرنا أعلاه، شهد الذهب أداءً قوياً في ديسمبر خلال السنوات الست الماضية مع أداء يتراوح بين 2.2٪ في عام 2017 و6.8٪ في عام 2020 عندما ارتفعت أسعار الفضة بنسبة 16.6٪. كان ارتفاع ديسمبر في عام 2020 مدفوعاً باكتشاف لقاح كوفيد19 الذي رفع احتمال إعادة فتح النشاط الاقتصادي مما أدى إلى ارتفاع التضخم بعد أشهر من المنح الحكومية وخفض أسعار الفائدة من قبل البنك المركزي. في حين أننا نعتقد أن توقيت السعر الأول سيكون المحفز الرئيسي التالي، إلا أننا لا نزال نرى اختراقاً يتجاوز سقف 2010 دولار يمكن يؤدي إلى ارتفاع خوف المستثمرين من تفويت الفرصة، مما قد يدعم مكاسب المعادن الثمينة في ديسمبر للعام السابع على التوالي.
أداء الذهب مقابل أداء شركات تعدين الذهب
نعتقد أن قيمة أسهم شركات تعدين الذهب تقدر من بأقل من قيمتها النسبية والمطلقة، مع تراجع الأداء الذي شوهد هذا العام بين الذهب الفوري (+9.8٪) وصناديق الاستثمار المتداولة لشركات فانيك لتعدين الذهب (+1.5٪) إلى عدة عوامل. أهمها شركات التعدين التي تكافح من أجل التحكم في تكاليف العمالة والوقود والمواد خلال وقت أضاف فيه ارتفاع أسعار الفائدة والتضخم إلى التكلفة الإجمالية لتمويل وإدارة الأعمال. كما أن زيادة التدقيق في الحوكمة البيئية والاجتماعية وحوكمة الشركات من قبل المستثمرين، وارتفاع التكاليف التنظيمية والتدخل الحكومي كان له تأثير كبير.
بالإضافة إلى ذلك، مع سعي المتداولين والمستثمرين حتى الآن لرؤية الذهب يتجاوز سعر 2000 دولار، أدى كل ارتفاع نحو هذا السعر إلى تحقيق الأرباح في أسهم التعدين. نرى احتمال انخفاض تكاليف التمويل في العام المقبل بالإضافة إلى ارتفاع الذهب كأسباب “للحاق بالركب” في قطاع التعدين. نتمنى من شركات التعدين توفير ما يلي:
- الرافعة المالية لسعر الذهب
- احتمال ارتفاع عوائد توزيعات الأرباح
- التقييمات الجذابة الحالية مقارنة بسعر الذهب