خاص: إيريكا ماساكو ويلش
شركة OQ للتكنولوجيا، أحدث شركة أوروبية، اختارت المملكة العربية السعودية كسوقها الكبير التالي. كانت شركة واعد فينتشرز مستثمرًا رئيسيًا في الجولة الأولى للشركة الناشئة العاملة في مجال تكنولوجيا الفضاء، والتي جمعت تمويلاً قدره 13 مليون يورو في جولة التمويل التي انتهت في أكتوبر 2022.
عمر قيس، المؤسس والرئيس التنفيذي لشركة OQ للتكنولوجيا، كان يحلم بالفضاء منذ أن كان طفلاً صغيرًا ترعرع في العراق. حيث دفعه نهمه بكل ما يتعلق بالفضاء إلى ألمانيا لدراسة هندسة الاتصالات والفضاء في أعقاب حصوله على منحة دراسية، وتلاها الحصول على درجة الماجستير في إدارة الأعمال في المملكة المتحدة. وذكر أنه شق طريقه بين العديد من وكالات وشركات الفضاء بعزم شديد، حيث شغل مناصب، مثل مهندس المركبات الفضائية في وكالة الفضاء الأوروبية، ومستشار هندسة النظم لبعثات القمر الصناعي في مركز الفضاء الألماني (DLR).
وبعد عمله في العديد من الشركات والوكالات الفضائية الكبيرة، بدأ عمر يفكر في إطلاق شركته الخاصة لتكنولوجيا الفضاء. حيث حولت بعض الشركات العالمية مثل سبيس إكس المملوكة لإيلون ماسك الانتباه بشكلٍ فعليّ إلى شركات القطاع الخاص التي تلعب دورًا أكبر في صناعة الفضاء. في الوقت نفسه، كان عمر يشهد كيف أن البلدان ذات الطموحات الفضائية الجديدة، كما هو الحال في لوكسمبورغ، تبني فجأة برامج ووكالات فضائية جديدة تمامًا، حيث إن هذه الشركات ترى أن الفضاء ليس مجرد صناعة قابلة للحياة لتنويع الاقتصاد وتنميته فحسب، ولكنه أيضًا صناعة ساعدت في استخدام أفضل المواهب ورأس المال وثقافة الابتكار للبلاد أيضًا.
مهمة الشركة تكمن في توفير اتصال بإنترنت الأشياء من الجيل الخامس لكل جهاز
نشأت شركة OQ للتكنولوجيا في عام 2016 حيث كانت ترى أن إنترنت الأشياء من الجيل الخامس هو الطريق للمستقبل، وأن هذه التقنية تتطلب بنية تحتية تكنولوجية جديدة قائمة على مستوى عالمي، والتي من شأنها أن تسمح بالاتصال بالإنترنت حتى في المناطق النائية من العالم. ويُشار إلى إنترنت الأشياء بالاختصار “IoT”، ويصف المصطلح شبكة من الأشياء المادية – “الأشياء” – المدمجة بأجهزة استشعار وبرامج وتقنيات أخرى. فهذا ما تدور حوله الثورة الصناعية 4.0: أجهزة الاستشعار والروبوتات في مصانعنا التي تساعد في جعل مرافقنا أكثر أمانًا وكفاءة وذكاء. لا يقتصر الأمر على الاتصال بأليكسا وسيري بنظام الصوت المنزلي أو ضبط المنبه لليوم التالي؛ بل يتعلق الأمر بأجهزة استشعار في شاحنات التخزين البارد التي تسافر عبر إفريقيا لتوزيع اللقاحات مثلاً، والتي تحتاج إلى الاتصال بالإنترنت لتوفير قراءات درجة الحرارة في الوقت الفعلي؛ ويتعلق الأمر بأجهزة استشعار الغازات الخطرة في محاجر التعدين في الأجزاء النائية من المناطق البعيدة في أستراليا، أو أجهزة الاستشعار المركبة على حاويات الشحن التي تسافر حول العالم، ويتم تحديد موقعها جغرافيًا وتعقبها حتى تصل إلى وجهتها النهائية؛ ويتعلق الأمر أيضًا بالقدرة على تثبيت كاميرات المراقبة CCTV على طول الحدود، والقدرة على عرض لقطات من هذه الكاميرات في الوقت الفعلي أثناء التجول من أي مكان في البلاد. من غير الغريب إذًا أن يكون عدد الأجهزة المتصلة بالإنترنت لدينا اليوم 4 أضعاف عدد المواطنين.
تعمل شركة OQ للتكنولوجيا بجد لضمان الربط بين كل جهاز يرغب في الاتصال. فهي أول شركة في العالم توفر اتصالاً مباشرًا لجهاز بتقنية انترنت الأشياء من الجيل الخامس. ذكر عمر: “في المدن الكبرى، لدينا تغطية قوية لشبكة الجوال، وغالبًا ما نعتبر أن لدينا إنترنت بشكل مستمر. إلا أن هناك العديد من المناطق الريفية في جميع أنحاء العالم التي ليس لديها اتصال بالإنترنت، وهي المشكلة التي نحاول حلها.” خذ على سبيل المثال المشروع التجريبي الذي أجراه عمر وفريق شركة OQ، والذي اكتمل في خريف عام 2021 مع أرامكو السعودية، وهي أكبر شركة للنفط والغاز في العالم، وواحدة من أكبر الشركات في العالم من حيث الإيرادات. يوضح عمر: “شركات النفط حول العالم تمتلك وتدير مئات، إن لم يكن آلاف الكيلومترات من خطوط أنابيب النفط – ويجب تأمين هذه الأنابيب ومراقبتها باستمرار بحثًا عن التسريبات والمشاكل. واليوم، في أجزاء كثيرة من العالم، يضم ذلك بعض الأفراد ممن يقومون بدوريات لفحص خطوط الأنابيب ومراقبتها شخصيًا. إنها مهمة خطيرة، وهي ببساطة ليست فعالة مقارنة بدمج كاميرات مراقبة CCTV، وأجهزة استشعار مختلفة للغاز أو الضغط في الأنبوب نفسه”. هذا هو تحديدًا نطاق عمل شركة OQ للتكنولوجيا.
الصورة مُقدمة من شركة QQ للتكنولوجيا
أطلقت شركة OQ للتكنولوجيا العديد من الأقمار الصناعية النانوية التي تعتبر أرخص وأصغر من الأقمار الصناعية المعتادة – حيث تكون غالبًا بحجم صندوق أحذية – والتي تطير أيضًا بالقرب من الأرض، مما يوفر اتصال إنترنت من الجيل الخامس. في الواقع، تعمل هذه الأقمار الصناعية النانوية كما لو كانت أبراج خلوية طائرة. أطلقت شركة OQ للتكنولوجيا 3 أقمار صناعية حتى الآن، وتستهدف إطلاق 7 أقمار أخرى خلال العام المقبل. وذكر عمر أن الهدف يتمثل في إطلاق عدد كافٍ من الأقمار الصناعية في شبكتهم لتوفير تغطية في الوقت الفعلي لجميع أجهزة إنترنت الأشياء التي تعتمد على تقنية OQ في وقت الاتصال الخاص بها. ونظرًا لوجود عدد قليل من الأقمار الصناعية التي تدور حول الأرض، فلا يمكن تحميل البيانات من الأجهزة المختلفة إلا لمرتين أو ثلاث مرات في اليوم. ومع إطلاق المزيد من الأقمار الصناعية، يمكن للماكينات تحميل بياناتها بشكل متكرر لتقديم ملاحظات فورية لعملائها.
مع النظر إلى مشروع أرامكو السعودية التجريبي على سبيل المثال. وضعت شركة OQ للتكنولوجيا العديد من أجهزة التوجيه على طول خط الأنابيب بحيث يمكن أيضًا تثبيت أجهزة الاستشعار والكاميرات. إلا أن الشبكة الحالية المكونة من 3 أقمار صناعية تعني أنه يتم تحميل البيانات من أجهزة الاستشعار والكاميرات هذه إلى الكلاود كل عدة ساعات، ويحدث ذلك باستمرار. مما يعني أنه في حالة رصد تسرب، فقد تضيع الدقائق الثمينة دون سابق إنذار. وهذا هو السبب الأساسي في إنهاء شركة OQ للتكنولوجيا جولتها الأخيرة لجمع التمويل، والشروع في بناء ونشر المزيد من الأقمار الصناعية في العام المقبل.
من السعودية الى أستراليا: خطة شركة OQ للتكنولوجيا لربط العالم ببعضه بعضًا
إذا نظرت إلى الوراء وفكرت في الأمر، فهناك العديد من التطبيقات للتقنية التي تطرحها شركة OQ للتكنولوجيا. وتمتلك الشركة رؤية لتسويق تطبيقها عبر صناعات مختلفة بتقنية معاملات الشركات، مثل التعدين والشحن والزراعة والنفط والغاز والنقل وغير ذلك الكثير. وتتوقع الشركة تحقيق 400 مليون دولار أمريكي من الإيرادات العالمية على مدى السنوات الخمس القادمة. وذكر عمر أيضًا إنها شركة ذات عقلية عالمية بطبيعتها، وذلك لأن الفضاء عبارة عن صناعة تتطلب التعاون عبر البشرية أجمعها. ومؤخرًا كانوا هم أول مشغل قمر صناعي لإنترنت الأشياء بتقنية الجيل الخامس والذي حصل على ترخيص للعمل في أستراليا، وهي دولة كبيرة تكافح للحصول على تغطية إنترنت شاملة. وأوضحت أحدث البيانات أن ما يصل إلى 11٪ من الأستراليين “مستبعدون بشدة” من الخدمات الرقمية. ومن ثمّ، افتتحت شركة OQ للتكنولوجيا مؤخرًا مكاتبها في الخبر بالمملكة العربية السعودية، والتي ستضيفها إلى شبكة مكاتبها العالمية الآن في لوكسمبورغ ودبي وكيجالي وأثينا. وبفضل التكنولوجيا الحاصلة على براءة اختراع، وبدء الأعمال والحصول على التمويل، والعدد الكبير من العملاء، مثل أرامكو، فإن شركة OQ للتكنولوجيا على الطريق الصحيح لتقديم هذه الخدمة المبتكرة إلى السوق العالمية.
بعد افتتاح مكاتبهم في المملكة العربية السعودية في أكتوبر، لا يزال فريق شركة OQ للتكنولوجيا منشغلًا بالتوظيف والاستقرار. فهم يخططون لبناء مركز تحكم كبير في الأقمار الصناعية في المملكة العربية السعودية يخدم المنطقة بأكملها. كما يخططون لتوظيف 300 سعودي على مدار السنوات الثلاثة إلى الأربعة القادمة لدعم هذه الرؤية. ويتحدث عمر بحماس عن المملكة العربية السعودية والعودة إلى منطقته الأصلية بعد عقود. في الكثير من الأحيان، يشعر الأشخاص أن عليهم الذهاب إلى الولايات المتحدة لبدء شركة فضاء؛ لكن هذا لم يعد صحيحًا بعد الآن. حيث تأثرت بشكل لا يصدق بالحكومة السعودية. حيث إن مدى السرعة التي يجلبون بها صناعة تكنولوجيا الفضاء إلى الواجهة مذهلاً. وضعت هيئة الفضاء السعودية وهيئة الاتصالات والفضاء والتكنولوجيا (CST) اللوائح بعناية، ورأيت تطورات ملحوظة في الأشهر القليلة الماضية والتي يستغرق تحقيقها سنوات عديدة في أماكن أخرى. من الواضح للجميع في شركة OQ للتكنولوجيا أن الفضاء يحتل المرتبة الأولى في أذهان السعوديين، ونريد أن نكون جزءًا من ذلك.”
يتحدث عمر أيضًا عن الشعور بالفخر الذي يشعر به، كعربي، عندما يعود إلى العالم العربي بشركة عاملة في تكنولوجيا فضاء. “أنا فخور بأن الدول العربية تدخل الآن في هذا المجال، حيث كان الأمر صعبًا للغاية بالنسبة لي عندما كنت أصغر سناً. إلا أن التوقيت مناسب الآن، وأنا أتطلع إلى دعم العديد من الشباب الواعد من هذا الجزء من العالم للحصول على وظائف أحلامهم في شركات تكنولوجيا الفضاء، مثل شركتنا”.
عندما سئل عن نصيحته لرواد الفضاء العرب القادمين، ذكر:
- لا تخف، فقط ثق بنفسك.
- لا تقبل بالرفض. حيثما توجد الإرادة، توجد طريقة للمضي.
- اختر مهنة في شيء لديك شغف شديد به؛ ريادة الأعمال طريق صعب، ويجب أن تحب ما تفعله لتحقيق النجاح.
الصورة مقدمة من شركة OQ للتكنولوجيا & وشركة Nanoavionics
تعرف على المزيد حول الشركات السعودية الناشئة الناجحة وكذلك الشركات الصاعدة ونظامها البيئي، في التقرير الأكثر شمولاً حول هذا الموضوع حتى الآن، تطور النظام البيئي للشركات الناشئة في المملكة العربية السعودية 2010-2022.
.