بقلم ماريو بيريز، الرئيس التنفيذي لشركة مينا تك (إحدى شركات GGTech للترفيه)
نسمع بمرور الوقت عن تجدّد وانتشار مشهد الرياضات الإلكترونية وظهور مراكز الألعاب في بلدان متعددة حول العالم. تتمتع هذه البلدان بعنصرين أساسيين للمساهمة في نمو هذه الصناعة: المواهب القوية والمتمكّنة وقاعدة مجتمعية مهتمة ومكرّسة للألعاب.
حالياً، تُعدّ منطقة الشرق الأوسط واحدة من أبرز المحاور الرئيسية للألعاب والرياضات الإلكترونية فهي تضم أكثر من 400 مليون لاعب يتمتعون بدخل مرتفع ولغة واحدة ويعيشون في أحد أكثر مجتمعات الألعاب نشاطاً على مستوى العالم.
يستهدف ناشرو الألعاب وغيرهم من المهتمين بالألعاب والرياضات الإلكترونية هذه المنطقة باعتبارها وجهة ومحوراً مهماً لزيادة الإيرادات والاستفادة من الجمهور العربي الضخم. في السابق، لم يلتفت العديد من قادة الرياضات الإلكترونية إلى هذه المنطقة أو يقوموا باستضافة أحداث وفعاليات الرياضات الإلكترونية فيها. واليوم تغير كل هذا بفضل الدعم الحكومي الكبير، وسهولة الوصول إلى المنطقة، والقيمة العالية التي تحظى بها الرياضات الإلكترونية فيها.
النمو خلال السنوات القليلة الماضية
أطلقت المملكة العربية السعودية مؤخّراً الاستراتيجية الوطنية للألعاب والرياضات الإلكترونية، والتي تهدف إلى جعل المملكة مركزاً عالمياً في هذا القطاع بحلول عام 2030، مما يساهم في تحقيق أهداف رؤية المملكة 2030 في تنويع الاقتصاد وتوفير الفرص الوظيفية في مختلف القطاعات. كما ستعمل الاستراتيجية على استحداث 39 ألف فرصة عمل جديدة مباشرة وغير مباشرة. تهدف المملكة العربية السعودية إلى تحسين تجربة اللاعبين والارتقاء بها، وتوفير فرص ترفيهية جديدة، وتحقيق أثر اقتصادي بالمساهمة في الناتج المحلي بنحو 50 مليار ريال سعودي. أرسلت خطة العشر سنوات رسالة إلى العالم مفادها أن منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا جاهزة للعب وذلك بالترحيب بالمواهب وتنمية مجتمع ألعاب ورياضات إلكترونية لا مثيل له.
عندما تتطور صناعة ما، تبدأ عادة بتوفير المزيد من الوظائف التي تتطلّب مواهب وقدرات مؤهلة. على سبيل المثال، تتطلب أحداث وفعاليات الألعاب الإلكترونية التي يتم استضافتها على أرض الواقع منظمين ومخططين ومدراء إعلان ورعاية وترويج لوسائل التواصل الاجتماعي وخبراء تقديم ومصورين وطواقم لتقديم الدعم الفني، بما في ذلك المشاركين من اللاعبين والمدربين والمنظمات التي تقف وراء الفرق المختلفة.
الاتجاهات التي يمكن أن نتوقع رؤيتها في قطاع الألعاب في الشرق الأوسط هذا العام، خاصة في الإمارات والسعودية
على مدار السنوات القليلة الماضية، لم تتطور الألعاب فحسب، بل تطورت طريقة تفاعل المستخدمين معها أيضاً. لقد نجحت التقنيات الجديدة، مثل الواقع الافتراضي والميتافيرس، جنباً إلى جنب مع تطور استهلاك المستخدمين، بتمهيد الطريق لصناعة ديناميكية نشطة مما يجعل من الصعب التنبؤ بالمكان الذي ستحدث فيه التطورات الجديدة.
لم تعد الألعاب مجرد عنصر ترفيه ولكنها أيضاً نشاط اجتماعي يجمع الشغوفين بالألعاب والمحترفين للمشاركة في ألعاب متعددة اللاعبين (تنافسية وتعاونية على حد سواء)، أو لمتابعة البث المباشر للألعاب التي يشارك بها الآخرون، وهو على عكس السمعة السلبية التي تحيط بالألعاب الإلكترونية وتصفها بأنها منعزلة وغير اجتماعية.
نتوقع تبني مفهوم الألعاب والرياضات الإلكترونية ودمجها في منظومة العمل (للعمليات الداخلية والخارجية) والإعلان والتسويق والتعليم، خاصة وأن التفاعل والتجارب الغامرة قد أصبحت أموراً شائعة ومطلوبة في العمل.
كما أن هناك أيضاً عدداً كبيراً من اللاعبات (أحياناً أكثر من اللاعبين) وجيل X (الذين تتراوح أعمارهم بين 41 و 56 عاماً).
يجب أن نركز هنا على قابلية نقل الألعاب باعتبارها اتجاه مهم، خاصة وأننا كبشر في حالة تنقل مستمر. من البديهي إذن أنّ الألعاب المحمولة آخذة في الارتفاع نظراً لأن عدد مستخدمي الهواتف الذكية في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا سيقفز بحلول عام 2025 ليصل إلى 565 مليون مستخدم، أي بزيادة قدرها 200 مليون.
تجدر الإشارة إلى أن جزءاً كبيراً من إجراءات تنظيم المنافسات يتم على أيدي شباب محترفين يتم تدريبهم ومنحهم الفرصة للعمل في منظومة الرياضات الإلكترونية، فتدريب المواهب الجديدة المهتمة بمنظومة الألعاب والرياضات الإلكترونية على قائمة أولوياتنا.
من ناحية أخرى، نحرص على استضافة الأحداث الفعلية على أرض الواقع لتقريب طلاب الجامعات من الرياضات الإلكترونية، حيث نقوم بتنظيم ورش عمل بإشراف نخبة من المحترفين من مناطق مختلفة. تعد مثل هذه المسابقات فرصة رائعة للمهنيين الشباب المهرة واللاعبين والمبدعين والشغوفين بالألعاب الإلكترونية بشكل عام في هذه الصناعة المتطورة.
نحن في بداية مهمتنا لتطوير مساحة الرياضات الإلكترونية في المنطقة، خاصة للطلاب المهتمين بألعاب الفيديو لتنمية حياتهم المهنية والارتقاء بمهاراتهم الشخصية.