يشكل التنويع في المحافظ الاستثمارية أحد الجوانب المهمة التي ينبغي التركيز عليها في مجال التداول والاستثمار، فالتنويع يساعد على تقليل المخاطر وزيادة احتمالية تحقيق النجاح المالي على المدى الطويل، ويستند هذا المفهوم إلى توزيع الاستثمارات عبر فئات الأصول المختلفة والقطاعات والمناطق الجغرافية بدلاً من تركيزها في مجال واحد.
وتتعدد الفوائد التي يمكن أن يجنيها المتداولون من تنويع محافظهم الاستثمارية ولعلّ أهمها تجنب المخاطر التي قد تنتج عن “الاحتفاظ بكامل البيض في سلة واحدة“، حيث تحميهم هذه الاستراتيجية من تأثير الأحداث السلبية التي قد تضرب سوق معينة. ويمكن للمحفظة المتنوعة على نحو جيد أن تقدم عوائد أكثر استقراراً، وتحمي رأس المال، وتخلق نسبة مخاطرة إلى العائد أفضل للمستثمرين. وبالتالي، فإن التنويع هو استراتيجية أساسية لتحقيق الأهداف المالية طويلة الأجل لجميع المستثمرين بغض النظر عن مستوى خبرتهم.
ولكن كما هو الحال مع العديد من الأمور، عادة ما تكون الأقوال أسهل من الأفعال. فكيف يمكننا تطبيق استراتيجيات التنويع على النحو المطلوب؟ إليك بعض النصائح التي يقدمها خبير التداول والاستثمار عمرو المصري مدير المبيعات في “أمانة“:
ما هي المحفظة المتنوعة بشكلٍ جيّد؟
تُعرِّف بورصة (ناسداك) المحفظة المتنوعة على بشكلٍ جيّد بأنها محفظة تتضمن مجموعة متنوعة من الأوراق المالية بحيث يكون الوزن النسبي لأي ورقة مالية صغيراً. وتقترب مخاطر المحفظة المتنوعة بشكلٍ جيد من المخاطر المنتظمة للسوق بشكل عام، ويتم تنويع المخاطر غير المنتظمة لكل ورقة مالية خارج المحفظة.
ويعني ذلك أن المحفظة المتنوعة ينبغي ألا تكون عبارة عن قائمة من الأصول التي يتم اختيارها بشكل عشوائي. ولا يكفي مجرد انتقاء واختيار الاستثمارات عشوائياً. وينبغي أن تتضمن المحفظة المتنوعة بشكلٍ جيد على مجموعة متنوعة من الأوراق المالية للمساعدة على تقليل المخاطر الفردية ومواءمة الاستثمارات مع المخاطر المنتظمة التي قد يشهدها السوق بشكل عام.
باختصار، تبدأ عملية بناء محفظة متنوعة بشكلٍ جيد باختيار الاستثمارات عبر مزيج واسع من فئات الأصول، بحيث تأتي المخاطر على مستويات وفترات مختلفة اعتماداً على الأصول المختارة. وللاستفادة من مزايا التنويع، ينبغي الاستثمار في مجموعة متنوعة من فئات الأصول:
الأسهم: تسمح لك بالحصول على ملكية جزئية في شركة ما.
السندات، المعروفة أيضاً باسم الأوراق المالية ذات الدخل الثابت أو أدوات الدين: حيث تقوم بإقراض المال لشركة أو حكومة مقابل مدفوعات فائدة منتظمة.
الاستثمارات البديلة: وهي تلك التي لها ارتباط أقل بسوق الأوراق المالية (العقارات والسلع وصناديق التحوط والعملات المشفرة).
وعندما تكون الاستثمارات قليلة الارتباط فيما بينها، فإن المستوى الصحي للتنويع الاستثماري سيساهم في تعويض الأداء الضعيف الذي يمكن أن يقدمه أحد الأصول من خلال الأداء الأقوى لأصل آخر، ما يؤدي إلى تقليل المخاطر الإجمالية مع مرور الوقت. وتسمى عملية تقسيم الاستثمارات بين الأصول بـ “تخصيص الأصول“. وينبغي أن يعتمد تخصيص الأصول على عوامل عدة مثل الأهداف الماليةوالأفق الزمني وتحمل المخاطر. ويمكن للمستثمرين الذين لديهم رغبة عالية بالمخاطرة و / أو الاستثمار لأجل طويل الاستفادة من تخصيص الأصول بدرجة أكثر قوةً.
صناديق الاستثمار المُتداولة
إن لم يكن لديك متسع من الوقت للبحث في مجال الأسهم الفردية، فمن الجيد أن تأخذ بعين الاعتبار إضافة الصناديق الاستثمارية المدارة بشكل سلبي أو ما يعرف بـ (صناديق التتبع) إلى محفظتك، مثل صناديق الاستثمار المتداولة (ETFs) والتي توفر سلة من الأوراق المالية التي يمكن أن تساعد في مهمة تنويع المحفظة الاستثمارية بالنيابة عنك، خصوصاً إذا نجحت في دمج العديد من صناديق الاستثمار المتداولة غير المرتبطة ببعضها البعض في محفظتك. وهناك العديد من أنواع صناديق الاستثمار المتداولة التي تغطي الأسهم والسندات والسلع وحتى العملات. ويمكن أن تؤدي إضافة صندوق (ETF) واحد إلى محفظتك إلى تنويعها بشكل كبير. وعادةً ما تميل صناديق الاستثمار المتداولة إلى فرض رسوم أقل مقارنة بالصناديق المشتركة.
إعادة توازن المحفظة الاستثمارية بانتظام
الاستثمار هو عملية مستمرة تتطلب إجراء تعديلات مقصودة مع مرور الوقت. وبمجرد حصولك على المزيج المثالي من الأصول، من المهم للغاية الالتزام بالحفاظ على هذا المزيج من خلال إجراء فحوصات دورية واتخاذ بعض الإجراءات لإعادة التوازن إلى المحفظة. فمع مرور الوقت، سيتغير وزن كل فئة من فئات الأصول بناءً على عائد الاستثمارات. ويؤدي ذلك إلى تغيير ملف تعريف المخاطر المرتبط بمحفظتك، ما يجعل إعادة التوازن جزءاً مهماً من عملية إدارة الاستثمارات. ومن المفيد أيضاً إجراء مقارنة على نحو دوري بين نقطة البداية والوضع الحالي لمحفظتك، وتحديد ما إذا كان الأداء يتوافق مع أهدافك طويلة المدى. وبمجرد القيام بذلك، ينبغي التأكد من أن استثماراتك في فئات أصول معينة يقع ضمن مستويات المخاطر التي تتصورها. وإذا لم يكن الأمر كذلك، فاحرص على إعادة توازن إلى أي أصل لا ينسجم مع عملية تخصيص الأصول التي حددتها في البداية.
وفيما يلي بعض الأمثلة حول أنواع المحافظ الاستثمارية التي توضح مزيجاً مختلفاً من الأصول اعتماداً على أهداف وآفاق زمنية مختلفة:
محفظة متحفظة محفظة متوازنة محفظة النمو
20% أسهم 50% أسهم 70% أسهم
50% سندات 40%سندات 25%سندات
30% استثمارات قصيرة الأجل 10% استثمارات قصيرة الأجل %5 استثمارات قصيرة الأجل
لا شكّ في أن الاستثمار يساعد على بناء الثروة الشخصية مع مرور الوقت وتقليل تأثير التضخم. وكلما كان الشروع في الرحلة الاستثمارية أبكر، كانت فترة حصولك على قوة مضاعفة تساعدك على تحقيق أهدافك أطول. والأهم من ذلك، أن بناء محفظة استثمارية متنوعة سيؤدي إلى تعزيز الانضباط المالي وعادات الادخار والتحلي بفهم أعمق لأدوات الاستثمار.
العوامل الإيجابية في الأسواق الإقليمية
أدى النجاح الأخير الذي حققته الاكتتابات العامة الأولية في سوق دبي المالي، وسوق أبوظبي المالي إلى ظهور مجموعة واسعة من الأدوات والأصول المالية في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا ليختار المستثمرون من بينها ما يفضلون. وتشمل هذه الأصول الأسهم المدرجة والمشتقات وصناديق الاستثمار المتداولة والسندات. واليوم، يمكن للمستثمرين المبتدئين في دولة الإمارات العربية المتحدة الاختيار من بين العديد من المنصات ومقدمي خدمات التداول للمساعدة في الانطلاق في رحلتهم الاستثمارية.
إن تنويع المحفظة الاستثمارية يمثل جانباً مهماً في رحلة التداول لا ينبغي إغفاله، ويرتكز على توزيع الاستثمارات عبر فئات الأصول المختلفةوالقطاعات والأسواق، لتقليل المخاطر وزيادة إمكانية تحقيق مكاسب طويلة الأجل. ومن خلال التنويع، يمكن للمتداولين حماية محافظهم الاستثمارية من تقلبات السوق وتقليل تعرضهم لأي مخاطر قد تصيب استثمار معين، ومع ذلك، يحتاج المستثمرون إلى مواصلة تعزيز خبراتهم ومعرفتهم حول العديد من الأدوات والاستراتيجيات المتاحة واختيار تلك التي تساعدهم في تحقيق أهدافهم وطموحاتهم المالية.