مقال رأي بقلم نيكولاس برايلانتس، المؤسس ومدير الرؤية لدى “سي إن إن بي” .
عندما نتحدث عن العلامات التجارية المحلية في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، نجدهم نوعًا ما معزولين في فقاعة. حيث ان الأسماء المألوفة هنا في الغالب لا تنتقل إلى قارات أخرى. وتبقى قصص النجاح قليلة ومتباعدة، لكنها بالطبع موجودة.
الاستثنائيون هم علامات مثل Huda Beauty حيث يتم تخزين منتجاتها الآن في جميع المتاجر حول العالم، مثل Boots في المملكة المتحدة و Macy’s في نيويورك وفي أماكن أخرى. وبالطبع هنالك أيضًا شركات محلية مثل طيران الإمارات وطيران الاتحاد حيث اشتهر كل منهم بتقديم جودة مثالية في الخدمات تضاهي المستوى العالمي. ومن ثم نرى فجأة بأن القائمة قد انتهت.
ومن الواضح أن سبب نقص العلامات التجارية العالمية الناشئة هي المنافسة. فالعلامات التجارية التي تُغامر بدخول مناطق أخرى ليس لمجرد إطلاق منتج أو خدمة متواجدة في السوق، بل لمواجهة المنافسين الذين يعرفون السوق وما يدور فيه. ومع ذلك، يمكنك تطبيق هذا على أي شركة من أي منطقة أخرى تتطلع إلى إنشاء متجر في بلد جديد. ماذا يمكن أن يكون السبب؟ علينا بسبر الغور قليلا.
ومن المؤكد أن التمويل لتوسيع نطاق العلامة التجارية في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا يعتبر ضمن العوامل المساهمة. ومن السهل على الأنشطة التجارية الموجودة في الأسواق الدولية الكبيرة جذب المزيد من التمويل. فعلى سبيل المثال، إذا كان السوق المحلي لعلامة تجارية هو الولايات المتحدة الأمريكي، يعني أن حجم السوق المحتمل يزيد عن 300 مليون شخص حيث يمكن أن يساعد تمويل رأس المال الجريء والأسهم الأخرى في توسيع نطاق العلامات التجارية. ومع أن تلك الشركات ذاتها لن تساعد أعمال تجارية مماثلة بذات مستوى رأس المال في الإمارات العربية المتحدة، لأن السوق المحلي أصغر بكثير. مما يعني فقط عندما تُصبح الشركات في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا راسخة تمامًا، تبدأ في جذب مستوى التمويل المطلوب لاقتحام الحدود الدولية.
الثقة والسمعة يلعبان دورًا بارزاً في توسيع نطاق أعمال الشركات عالميًا، وبالغض عن النظر ما بين الكم والقيمة المالية من المرجح أن يميل المتسوق نحو العلامات التجاربة المجّربة عوضًا عن تلك التي ظهرت مؤخرًا في الأسواق وخاصةً ما بعد الجائحة. لماذا؟ لأن كوفيد 19 أصبح يؤثر بشكل سلبي على ضمان استمرارية الوظائف وتسارع الأزمة الاقتصادية ونتيجةً لذلك يقوم المستهلكون بتقليص ميزانياتهم وينفقون بشكل أقل تفاهة مقارنةً بالظروف ما قبل الجائحة. ووفقًا لمؤشر المستهلك المستقبلي لعام 2022 الصادر عن EY أصبح المستهلك الآن أقل احتمالية لتحمل مخاطر مالية على علامة تجارية جديدة ما لم تكن أرخص بشكل ملحوظ. وهذا صحيح بشكل خاص إذا كان هناك بالفعل بديل مشابه وموثوق به في السوق الحالية. مما يسبب في ظهور مشكلة أخرى للعلامات التجارية في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.
إن التقديرات التقريبية للعلامات التجارية العالمية الراسخة كثيرة في دول مجلس التعاون الخليجي. فعلى سبيل المثال، هذا موضوع شائع في شركات الموضة الناشئة، تحديدًا في ملابس الحفلات والسهر. وقد تكون جودة المنتجات على قدم المساواة مع منافسين دوليين ولكن في معركة المثل بالمثل، سوف تفوز دائمًا العلامات التي لديها تواجد منذ فترة طويلة وتتمتع بأفضل سمعة. ولكن إما أنها تحتاج إلى أن تكون أرخص بشكل ملحوظ أو تعتمد على “نقطة تحول”. ويُعتبر هذا الأخير ظاهرة نادرة حيث وفجأة تنتقل مجموعة إلى منتج أو خدمة وترسله إلى الأعالي بشكل خيالي من حيث السمعة والشعبية. وهذا هو السبب الرئيسي الذي أعاد علامة هاش بابيز Hush Puppies إلى الحياة من حافة الهاوية.
والحقيقة المرّة هي أن المستهلكين الأخرىن حول العالم يرون منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا مجرد مصدر للنفط. لا تشتهر بالتكنولوجيا أو الأدوات أو الموضة أو السيارات أو أي شيء آخر من هذا القبيل قد يتم إنتاجه هنا.
وإذا أردت تلفزيون ذات جودة عالية فالمجموعة اليابانية هي خيار واضح. أو سيارة موثوقة؟ فبالتأكيد الجودة الألمانية. وأما بما يخص بظهور أحدث الأساليب الموضة تلك التي من فرنسا وإيطاليا. ومن الواضح أن المقيمين هنا يقّدرون حقيقة ما لدينا من علامات تجارية رائدة هنا في عدد من الصناعات، ولكن التصور العالمي هو “مصدر النفط”. وبالتأكيد فإن تثقيف الجماهير العالمية سوف يستغرق وقتًا.
ويُعد رسوم التصدير لمراكز الوفاء في الخارج والحصول على آراء المستهلكين بشكل دقيق واكتساب العملاء جزءًا من العقبات التي تنتظر العلامات التجارية عندما يحين الوقت لفرد اجنحتهم والتي تتخذ من منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا مقراً لها.
ولكن، ليست كل الأشياء مُعتمة.
وبقدر ما تبدو التوقعات الحالية مُعتمة، فهي بالتأكيد ليست قضية خاسرة.بل هناك فرصة متاحة تم فتحها بسبب الجائحة والركود العالمي المُحتمل. ووفقًا لاستطلاع شركة McKinsey لمقياس نبض المستهلك لعام 2022 والذي يبحث في عادات الشراء لدى الأوروبيين، أصبح المستهلك أكثر انتقائية فيما يتعلق بالمكان الذي يختار الشراء منه، ولكنه يبحث أيضًا عن القيمة مقابل المال.
من الممكن أن يؤدي اختراق هذه الأسواق الجديدة الآن وببدائل عالية الجودة وبسعر أكثر تنافسية من منافسيها إلى فوائد طويلة الأجل ويوفر أساسًا للانتشار العالمي. ولدى نماذج الأعمال التي تتخذ نهجًا يركز على اسعاد العميل وتكوين شراكات مفيدة للطرفين فرصة متزايدة لتحقيق استمرارية النجاح.
ومن الواضح أن إحدى أهم المفاتيح لدخول اسواق جديدة هو النهج الرقمي أولاً. ويُمكن أن يكون دخول السوق من خلال البيع بالتجزئة عبر الإنترنت، بدلاً من المتاجر الفعلية خطوة ذكية للغاية. وقد تكون النفقات العامة للمحلات التجارية التقليدية أو تلك التي تُعرض المنتجات في محلات البيع بالتجزئة مكلفة بالنسبة للعلامات التجارية في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا والتي تُعد جديدة للأسواق الدولية. إلا أن الانتقال ومنذ اليوم الأول إلى قناة بيع موحدة ليس بالضرورة هو الاستخدام الأكثر حكمة للموارد، بل يجب أن تُركز العلامات التجارية على البيع من خلال قنوات الإنترنت و التسويق والترويج لمنتجاتها. فالإنتشار العالمي ليس للجميع، ووفقًا لما ذكرته شركة ماجد الفطيم، فإن تحسين العرض للعملاء في منطقة الشرق الأوسط وشمال افريقيا ليس بالفكرة السيئة حيث أن الإنفاق هنا الزيادة البالغة 22%. ولكن بالنسبة للعلامات التجارية الذكية التي تظهر نموًا كبيرًا بما يكفي لاتخاذ خطوة نحو السوق العالمية تُعد الفرصة متوفرة بالتأكيد.
ومع التحولات الطارئة على منطقة الشرق الأوسط وشمال افريقيا في السنوات الـ 10 القادمة فالمكان مُهيأ للمبتكرين ليُظهروا للعالم أن لديها الكثير ليقدموه أكثرعن مجرد النفط الخام. وبينما يُصبح المستهلك أكثر حرصًا على من ينفقون أموالهم، يظل الباب مفتوحًا لبدائل جديدة وقد تكون قصة نجاح “هدى بيوتي” العالمية واردة للغاية وسهل المنال.