الصناعات المحلية، مثل السياحة والتصنيع المحلي والخدمات الذكية توفّر وظائف للشباب السعودي في المستقبل – وللمرة الأولى – تجعل المملكة العربية السعودية تنفتح على العالم.
أغسطس 2022
هذا المقال هو جزء من تقرير “جلب العالم إلى السعودية”، وهو تقرير خاص ترعاه المملكة العربية السعودية، وأعدته مجلة Entrepreneur في الشرق الأوسط بالتعاون مع Lucidity Insights.
في عام 2016، أعلنت المملكة العربية السعودية أنها بصدد الشروع في إصلاح اقتصادي واجتماعي فريد وتحوّليّ يسمى رؤية السعودية لعام 2030، والتي من شأنها أن تفتح السعودية على العالم.
رؤية 2030 هي خطة طموحة للغاية لإطلاق الإمكانات الهائلة للمملكة، من خلال خلق دولة متنوعة ومبتكرة ورائدة على مستوى العالم. وقد تم تصميم هذه الرؤية لإطلاق إمكانيات المملكة من اعتمادها على صادرات النفط، بما يفتح الباب أمام حقبة جديدة من التنويع الاقتصادي والفرص، مدفوعةً بالاستثمار في القطاعات الاستراتيجية الرئيسية.
وتتناول رؤية 2030 ثلاثة مجالات تركيز رئيسية: إنشاء مجتمع نابض بالحياة، وتطوير اقتصاد مزدهر، وضمان دولة طموحة. لتسليط الضوء على مدى تداعيات تنفيذ الاستراتيجية في جميع أنحاء البلاد، سنطرح فيما يلي عينة صغيرة فحسب من الطموحات العديدة المنصوص عليها في رؤية 2030:
- زيادة حصة الصادرات غير النفطية في الناتج المحلي الإجمالي غير النفطي من 16٪ إلى 50٪. نمت الإيرادات غير النفطية في المملكة من 45 مليار دولار أمريكي في عام 2015 إلى 98.3 مليار دولار أمريكي في عام 2020؛ على الرغم من أن عام 2020 شهد انخفاضًا في الإيرادات بسبب جائحة كوفيد-19 وانهيار لأسعار النفط، شكلت الإيرادات غير النفطية 47٪ من إيرادات الحكومة، وهي أعلى نسبة في تاريخ السعودية الحديث.
- تحديد ثلاث مدن سعودية ضمن قائمة أفضل 100 مدينة في العالم بحلول عام 2030
- زيادة القدرة على استقبال 30 مليون حاج بحلول عام 2030 (ارتفاعًا من 8 ملايين حاج في عام 2016)؛ في عام 2019، استقبلت السعودية أكثر من 21.66 مليون حاج محلي وأجنبي في مكة المكرمة)
- زيادة مساهمة القطاع الخاص في الناتج المحلي الإجمالي إلى 65٪ بحلول عام 2030 (من 40٪ في عام 2016). منذ عام 2016، شهدت المملكة ارتفاعًا بنسبة 40٪ في عدد الشركات الصغيرة والمتوسطة، و 16٪ نموًا في استثمارات القطاع الصناعي.
- خفض البطالة من 11.6٪ إلى 7٪ بحلول عام 2030. بعد عدة سنوات من ارتفاع معدلات البطالة، والتي وصلت إلى 13.7٪ في عام 2020، تمكنت المملكة من خفض البطالة إلى 11.3٪ بحلول الربع الثالث من عام 2021.
- زيادة مشاركة المرأة في القوى العاملة من 22٪ إلى 30٪. حققت المملكة العربية السعودية بالفعل هدف 2030 هذا بحلول نهاية عام 2020، عندما ارتفعت نسبة توظيف السيدات إلى 33٪، مدفوعة بشكل أساسي بالعمل في القطاع الخاص. بحلول الربع الثالث من عام 2021، ارتفع الرقم مرة أخرى إلى 34.1٪. علاوة على ذلك، فهناك 38٪ من جميع الشركات الصغيرة والمتوسطة في المملكة التي تملكها وتديرها سيدات.
- زيادة أصول صندوق الثروة السيادية السعودي لصندوق الاستثمارات العامة (PIF) من 600 مليار ريال سعودي إلى 7 تريليون ريال سعودي (ما يعادل 1.9 تريليون دولار أمريكي تقريبًا). بحلول نهاية 2020، كان لدى صندوق الاستثمارات العامة أصول بقيمة 400 مليار دولار تحت إدارته.
- زيادة نسبة الأفراد الذين يمارسون الرياضة لمرة واحدة على الأقل في الأسبوع إلى 40٪ بحلول عام 2030 (من 13٪ في عام 2016). بحلول عام 2020، تم إنشاء> 1000 نادي تعليمي وترفيهي في المملكة، ينتفع من خدماتهم أكثر من 1.7 مليون ساكن.
- زيادة متوسط العمر المتوقع من 74 إلى 80 عامًا.
- رفع تصنيف الحكومة السعودية في مؤشر فاعلية الحكومة من المركز 80 إلى المركز 20 عالميًا. في عام 2019، احتلت السعودية المرتبة رقم 64.
- حشد مليون متطوع سنويًا، ارتفاعًا من 11000 في عام 2016. شارك 409,000 متطوع في عام 2020، وأعرب 84٪ من الشباب السعودي عن رغبتهم القوية في المشاركة في فرص التطوع في استطلاع للرأي أُجري في نهاية عام 2020.
- زيادة الاستثمار الأجنبي المباشر من 3.8٪ إلى المستوى الدولي البالغ 5.7٪ من الناتج المحلي الإجمالي. شهدت المملكة العربية السعودية بالفعل تضاعف الاستثمار الأجنبي ثلاث مرات من 1.42 مليار دولار أمريكي في عام 2016 إلى 4.7 مليار دولار أمريكي في عام 2020.
لتحقيق أهداف رؤية 2030، تم تصميم سلسلة من البرامج لتحويل أهداف الرؤية إلى مهام عمل. تعمل برامج تحقيق الرؤية هذه على تحقيق الإنجازات الرئيسية للمخطط في مجالات واسعة النطاق من الاستدامة المالية إلى جودة حياة المواطن السعودي. مرت خمس سنوات على إطلاق رؤية 2030، وقد أجرت المملكة موجة من الإصلاحات التي غيرت المجتمع، مع مزايا خاصة للسيدات والشباب والاقتصاد – مما أدى إلى تسريع نمو الاقتصاد غير النفطي. الصناعات المحلية، مثل السياحة والتصنيع المحلي والخدمات الذكية توفّر وظائف للشباب السعودي في المستقبل – وللمرة الأولى – تجعل المملكة العربية السعودية تنفتح على العالم.
انفتاح المملكة العربية السعودية على العالم
السياحة هي أحد القطاعات الاستراتيجية الرئيسية للتنمية والتي تم ذكرها في رؤية المملكة العربية السعودية 2030. بحلول عام 2030، تتوقع المملكة أن تشكل السياحة 10٪ من الناتج المحلي الإجمالي (ارتفاعًا من 3٪ حاليًا)، مما يخلق اقتصادًا سياحيًا جديدًا في المملكة سيوفر ما لا يقل عن مليون فرصة عمل جديدة للشباب السعودي.
وخلق فرص العمل عبارة عن محرك استراتيجي هام للمملكة، ويدعم العديد من الأهداف الإستراتيجية الموضحة في رؤية 2030، حيث إن شعب المملكة العربية السعودية مليء بالشباب، وهو ما يسميه الاقتصاديون “تضخم الشباب”. ويشير ذلك إلى الشباب السعودي الوافد المتخرج من التعليم الثانوي والتعليم العالي والذي سيكون متعطشًا للوظائف – في سوق العمل الذي يحتاج إلى أكثر من ضعف عدد الوظائف المتاحة منذ عام 2016 بحلول عام 2030، وبذلك فأن عدد الوظائف المتاحة في المملكة العربية السعودية يحتاج إلى زيادة أكبر لذا تم النظر إلى الدافع الناجح للسعودية لإشراك النساء في القوى العاملة. في عام 2010، لم تشارك سوى 55,000 امرأة سعودية فحسب في القوى العاملة في القطاع الخاص. وفي نهاية عام 2021، كان هناك قرابة مليون امرأة سعودية تعمل في القطاع الخاص، وتتزايد نسبة السيدات في القوى العاملة بشكل مطرد. في عام 2016، لم يكن هناك سوى 19٪ فقط من القوى العاملة في السعودية من السيدات. وفي عام 2021، ازداد هذا الرقم إلى أكثر من 34٪.
هناك العديد من أصحاب المصلحة المسؤولين عن إدارة الاستراتيجية الوطنية لتنمية السياحة في المملكة العربية السعودية. وتعمل جميع الجهات سويًا لتنسيق التنفيذ الاستراتيجي للمبادرات لتحقيق الأهداف المحددة في رؤية 2030. كما تتوزع أنشطة التنسيق بين كيانات القطاعين العام والخاص، وتغطي التوجيه الاستراتيجي، والتنظيم، والاستثمار في تطوير السياحة، وتطوير البنية التحتية للنقل والخدمات اللوجستية وإدارتها، والعلامات التجارية والترويج، وتجربة الزائرين، والعديد من المبادرات الأخرى.
ويدعم تطوير قطاع السياحة في المملكة بشكل مباشر وغير مباشر تحقيق العديد من الأهداف الاستراتيجية الرئيسية لرؤية 2030، كما هو موضح في الشكل أدناه. تُعزز السياحة القيم الإسلامية والهوية الوطنية من خلال الترويج للمملكة بوصفها وجهة دينية لأكثر من 30 مليون حاج سنويًا، وتقوية القطاع الخاص (الذي سيكون المحرك الرئيسي لنمو الوظائف الجديدة في المستقبل)، وجذب الاستثمار الأجنبي المباشر، والمساهمة في خلق مليون وظيفة جديدة في مجال السياحة، مما يؤدي إلى توظيف الشباب.
واليوم، يوظف اقتصاد السياحة في المملكة العربية السعودية ما يزيد قليلاً عن نصف مليون شخص، 22٪ منهم مناصب يشغلها مواطنون سعوديون. كما تُساهم السياحة، بالطبع، في الإيرادات الحكومية غير النفطية، باعتبارها حجر الزاوية في خطة التنويع الاقتصادي للمملكة. وتهدف المملكة العربية السعودية إلى أن تصبح واحدة من أفضل الوجهات السياحية العالمية بحلول عام 2030، حيث تستقبل أكثر من 100 مليون زائر يبيتون فيها سنويًا.
وضع الأموال في المكان الصحيح
كما يقول المثل الريادي، “يجب أن تنفق الأموال لكسب الأموال”، ولكي تزيد المملكة من نصيب السياحة في الناتج المحلي الإجمالي الوطني من 3٪ إلى 10٪ بحلول عام 2030، فإن المملكة تضع الأموال في مكانها الصحيح. في أقل من عام من إنشائه، صرح صندوق التنمية السياحية السعودي أنه استثمر 533 مليون دولار في مشاريع سياحية تبلغ قيمتها الإجمالية أكثر من 2 مليار دولار؛ تأسس الصندوق في البداية بمبلغ 4 مليارات دولار للاستثمار.
وفي الوقت نفسه، أعلن صندوق الاستثمارات العامة عن استراتيجية مدتها خمس سنوات تهدف إلى استثمار 40 مليار دولار سنويًا في الاقتصاد المحلي حتى عام 2025، مع توقع توفير 1.8 مليون وظيفة. كما أن العديد من استثمارات صندوق الاستثمارات العامة، وليست جميعها، موجهة نحو مشاريع التنمية السياحية. في أواخر عام 2021، أعلن وزير السياحة، معالي أحمد الخطيب، أن المملكة التزمت بإنفاق تريليون دولار على المشاريع السياحية على مدى السنوات العشر القادمة.
ومع هذا الاستثمار، ومع المبادرات السياحية المختلفة في جميع أنحاء البلاد، تبحث المملكة العربية السعودية عن عائد على الاستثمار من شأنه أن يشهد زيادة بأكثر من 5 أضعاف الإنفاق السياحي في المملكة لعام 2018، ويسهم بنسبة 10 ٪ في الناتج المحلي الإجمالي للمملكة. وفي أعقاب توجهات السياحة العالمية، تتوقع المملكة بأن تكون أكثر من نصف عائدات السياحة هذه من السياحة الترفيهية – وهو قطاع السياحة الذي كان بالكاد موجودًا في البلاد قبل بضع سنوات.
وعلى الرغم من أن المملكة العربية السعودية جديدة في فتح حدودها للجمهور الدولي، فقد ازدهرت السياحة الدينية في المملكة منذ آلاف السنين. ولمرة كل عام، يجتمع المسلمون من كل الأعراق والألوان والحالات الاجتماعية والثقافية في مكة، أقدس بقعة في الإسلام، ويؤدون بعض المناسك معًا. بأي حال من الأحوال “الترحيب بالأجانب” مفهوم جديد في السعودية. في عام 2019، استقبلت المملكة العربية السعودية أكثر من 21 مليون حاج مسلم داخل حدودها لأداء فريضة الحج والعمرة. ونظرًا لأهمية فريضة الحج هذه، فإن مدينة مكة المكرمة تضع نفسها بانتظام على مؤشر مدن الوجهة العالمية لماستركارد. في تصنيف عام 2019 (الذي يغطي أرقام 2018)، احتلت مكة المرتبة رقم 13 بين أكثر الوجهات قصدًا في العالم، حيث بلغ عدد زوارها 10 ملايين زائرًا، والمرتبة الثانية من حيث إنفاق الزوار الدوليين، بأكثر من 20 مليار دولار.
في سبتمبر 2019، فتحت المملكة العربية السعودية أبوابها للعالم للمرة الأولى، بوصفها واحدة من “الحدود النهائية” القليلة للسياحة. قبل ذلك، إلى جانب الحجاج المسلمين، كان يمكن فقط للمسافرين من رجال الأعمال الذين تمت دعوتهم من قبل الشركات والمؤسسات السعودية الدخول إلى المملكة بتأشيرة عمل. وفي غضون الأشهر الأربعة الأولى من قبول طلبات تأشيرة السياحة، تم تقديم أكثر من 300.000 طلب.
لسوء الحظ، بعد فترة وجيزة من “الانفتاح الكبير”، تم إغلاق الحدود المفتوحة حديثًا في وقتٍ لاحق من عام 2020، جنبًا إلى جنب مع معظم الحدود حول العالم، بسبب جائحة كوفيد-19، مما أثر على التنقل على مستوى العالم. على الرغم من ذلك، ذكرت هيئة السياحة السعودية إن المملكة العربية السعودية تمكنت من جني 5٪ من عائدات السياحة من قطاع السياحة الترفيهية في عام 2019. في الواقع، ذكر وزير السياحة السعودي لشبكة تلفاز بلومبورغ في مقابلة أجريت في أكتوبر 2021 أن البلاد تسير على الطريق الصحيح لجعل السياحة تساهم بنسبة 4٪ من ناتجها المحلي الإجمالي في ذلك العام.
عناصر ذات صلة: الاقتصادات الدافعة:تحليل أهمية صناعة السياحة العالمية