الرياض 16 أغسطس 2022
إعلان معمل عبد اللطيف جميل لأنظمة المياه والغذاء في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا (MIT) عن إطلاق مشروع بحثي جديد، بدعم من مجتمع جميل، لمعالجة قضية انعدام الأمن الغذائي التي تُعد واحدةً من أكثر الأزمات إلحاحًا على كوكب الأرض، إذ يُعاني ما يقرب من 276 مليون شخص في جميع أنحاء العالم من انعدام الأمن الغذائي الحاد، فيما يواجه أكثر من نصف مليون شخص خطر المجاعة.
ويستهدف المشروع البحثي، الذي يستمر لثلاث سنوات، فهم تحديات الأمن الغذائي وتحليلها بدقة من خلال وضع مؤشر شامل لتقييم ثغرات الأمن الغذائي في البلدان، تحت مسمى مؤشر جميل لتجارة الأغذية ومخاطر الأمن الغذائي. يأتي إطلاق المشروع الجديد انطلاقًا من إدراك معمل عبد اللطيف جميل للماء والغذاء لخطر التغيرات العالمية الناجمة عن التحولات الاجتماعية والاقتصادية، وسياسات الطاقة والبيئة، والجغرافيا السياسية الإقليمية، والصراعات، وبالطبع تغير المناخ، والتي تؤثر مجتمعةً على إمدادات الغذاء من حيث العرض والطلب. ويقيس مؤشر جميل مدى اعتماد البلدان على استيراد احتياجاتها الغذائية وكيف يمكن لهذه التهديدات الإقليمية أن تؤثر على تجارة السلع الغذائية عبر مناطق جغرافية متنوعة.
وستُستخدم النتائج الرئيسية للبحث في رسم توقعات الطلب العالمي على الغذاء، والتوازن بين العرض والطلب، وحجم التجارة بين الدول في ظل سيناريوهات مستقبلية محتملة مختلفة، مع التركيز على قضية تغير المناخ. وسيُساعد هذا العمل في توجيه صانعي السياسات على مدى السنوات الـ 25 المقبلة، التي يُتوقع أن تشهد تفاقمًا في أزمة المناخ خاصة في ظل النمو المتوقع في عدد سكان العالم.
ويُعد هذا المشروع أول مبادرات تحالف تحويل النظم الغذائية والمناخية (FACT)، الذي يقوده معمل عبد اللطيف جميل لانظمة المياه والغذاء وهو عبارة عن شبكة عالمية تضم 20 مؤسسة بحثية رائدة وعددًا من المنظمات المعنية التي تتصدر جهود البحث والابتكار وتسترشد بالمخرجات العلمية في سبيل اتخاذ قرارات مستنيرة تسهم في بناء أنظمة صحية وغذائية أكثر مرونة وإنصافًا واستدامة في مناخ سريع التغير.
وتركز المرحلة الأولى من المشروع المؤلف من مرحلتيّن على وضع إطار شامل لنمذجة النظم الغذائية العالمية يأخذ في الاعتبار التغيرات المناخية والعالمية المتوقعة حتى عام 2050، ويُقيّم آثارها في ضوء الإنتاج المحلي، وأسعار السوق العالمية، وميزان المدفوعات الوطني والتجارة الثنائية بين البلدان، إلى جانب صياغة توقعات دقيقة للطلب العالمي على الغذاء والتوازن بين العرض والطلب، والتجارة الثنائية بين الدول في ظل تغير المناخ والتغيرات العالمية. وعلى المستوى الوطني، سيقوم الباحثون بإثراء مؤشر جميل من خلال تحليلات الأمن الغذائي على المستوى القُطرِي وعلى المستويات الإقليمية وعبر مختلف الفئات الاجتماعية والاقتصادية، مما يسمح بتحديد فئات السكان المستهدفة في الدولة التي تم وضع النموذج فيها. وسيقدم البحث كذلك درجات تُقيّم مدى قابلية التأثر بأزمات الغذاء في ضوء مجموعة متنوعة من مقاييس الأمن الغذائي في 126 بلد. وستركز المرحلة الثانية من المشروع على عدد من التحليلات المتعمقة على المستوى القُطرِي لتقييم دور الواردات الغذائية في مفاقمة الجوع والفقر أو تعزيز الإنصاف في المستقبل عبر مختلف الفئات الإقليمية والاجتماعية والاقتصادية داخل البلدان التي تم وضع نموذج لها.
وبهذه المناسبة، قال جريج سيكست، مدير تحالف تحويل النظم الغذائية والمناخية في معمل عبد اللطيف جميل لأنظمة المياه والغذاء: “تتسم النماذج الحالية بفعالية عالية في إظهار تدفقات تجارة الأغذية العالمية، لكننا للأسف لا نملك أنظمة تستكشف تجارة المواد الغذائية بين البلدان وكيفية تأثر النظم الغذائية المختلفة بمختلف العوامل السلبية مثل تغير المناخ والصراعات السياسية. وسيكون هذا المؤشر، الذي يأتي بإطلاقه في توقيت مناسب جدًا، أداةً قيمة لواضعي السياسات كونه يُمَكنُهم من فهم نقاط الضعف التي يتعرض لها أمنهم الغذائي جراء الصدمات المختلفة في البلدان التي يستوردون منها غذائهم. ويتضمن المشروع أيضًا شرحًا مفصلًا للنهج متعدد التخصصات الذي يواجهه أصحاب المصلحة والذي يقع في صميم عمل تحالف تحويل النظم الغذائية والمناخية.”
وقال جورج ريتشاردز، مدير مجتمع جميل: “يُعد استخدام البيانات والنمذجة أمر بالغ الأهمية في فهم نقاط الضعف التي تعتري سلاسل الإمداد الغذائي حول العالم، تمامًا كما كان عليه الحال في جهود مواجهة العالمية لجائحة كوفيد-19. ويساعد مؤشر جميل لتجارة الأغذية ومخاطر الأمن الغذائي في دعم عملية صنع القرار بما يُسهم في إدارة الصدمات والاضطرابات طويلة الأجل في النظم الغذائية، وبالتالي ضمان الأمن الغذائي للجميع.”
وتشير الدراسات إلى أن مستوى الترابط بين النظم الغذائية ومدى تعرضها للصدمات الخارجية بات أكثر وضوحًا من أي وقت مضى، بيد أنه كشف عن أن عدد قليل فقط من البلدان تعتبر محصنة ضد التهديدات التي يتعرض لها الأمن الغذائي من جراء الاضطرابات المفاجئة في إنتاج الأغذية أو تجارتها. وتتضح الحاجة إلى هذا المشروع في ظل البيانات المتزايدة التي تشير إلى أن مئات الملايين من الناس في جميع أنحاء العالم يعانون حاليًا من نقص في الغذاء نتيجة عوامل عديدة تسهم في تفاقم مشكلة انعدام الأمن الغذائي، وعلى رأسها تغير المناخ، ذلك أن الظواهر المناخية القاسية المدمرة عادةً ما تؤدي إلى شل إنتاجية المحاصيل والثروة الحيوانية بشكل متزايد في جميع أنحاء العالم. كما تتسبب القضايا الاجتماعية والسياسية والاقتصادية في تعطيل النظم الغذائية، مساهمةً بذلك في تفاقم مشكلة انعدام الأمن الغذائي الذي لا يزال مهددًا بفعل آثار جائحة كوفيد-19 واضطرابات سلاسل التوريد والتضخم.