بقلم رنا بوري، رئيسة قسم التسويق في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا لدى “ميتا”
تتغير الطريقة التي يكتشف بها الأشخاص المنتجات حول العالم حيث تواكب الشركات الناجحة هذه التغيّرات لمساعدة منتجاتها على
بلوغ المستهلكين في أماكن أكثر.
برزت لدى البشر عبر التاريخ حاجة فطرية إلى اكتشاف الفرص خارج حدود موطنهم. وقد تبادلوا من خلال التجارة السلع والخدمات وكذلك الأفكار ومن بينهم الفينيقيون الذين مارسوا تجارة الصباغ والسلع الأخرى ونشروا أبجديتهم. ومنذ ذلك الحين، ساهمت الأعمال عبر للحدود في إحداث تحوّل في كافة جوانب حياتنا بدءاً من الاقتصادات والصناعات وصولاً إلى الشركات والأفراد، ولا يزال هذا التحول مستمراً.
توفر الأعمال عبر الحدود مستويات معيشية أفضل ناتجة عن فرص العمل والأعمال الجديدة. وقد أكّد الاقتصادي فريدريك إريكسون أن هذا التغيير أدى إلى زيادة الأجور الحقيقية عبر خفض تكلفة الاستهلاك وإلى تحسين جودة الإدارة في الشركات وظروف عمل الموظفين.
واليوم وبفضل التقدم التكنولوجي، يكتشف الأفراد منتجات عبر الإنترنت من حول العالم من خلال هواتفهم المحمولة من دون الحاجة إلى السفر. فهم يجدون المزيد من السلع الأفضل جودة، وبات بإمكان الشركات الوصول إلى أسواق أكبر والحدّ من التكاليف في كامل سلسلة القيمة وتنويع مخاطرها.
وتعتبر هذه الفوائد واسعة النطاق جزءاً من أسباب استمرار نمو الأعمال عبر الحدود. في الواقع، قد تنمو المعاملات العالمية عبر الحدود من 29 تريليون دولار عام 2019 إلى حوالى 39 تريليون بحلول عام 2022.
التغيّرات في طريقة التسوق
يستمر رواج التسوق العالمي حيث يقدر معدل النمو السنوي المركب للتجارة الإلكترونية عبر الحدود بنسبة 15% مقارنة بالتجارة الإلكترونية المحلية التي تنمو بمعدل نمو سنوي مركب يبلغ 10%.
فلماذا يتسوق المستهلكون بشكل متزايد عبر الحدود؟ تبرز عوامل مختلفة تحفز الناس على شراء المنتجات من الأسواق الخارجية بما في ذلك مدى التوفّر والسعر والجودة مقارنة بالسوق المحلي. فعلى سبيل المثال ، 41% من الأفراد الذين يشترون منتجات من دول أخرى عبر الإنترنت، يبحثون عن سلع أقل تكلفة من المنتجات المحلية، لكنهم لا يشترون السلع التي يحتاجون إليها فحسب، بل التي يحبونها. يتسوّق حوالى ثلث هؤلاء المستهلكين على أمل اكتشاف منتجات جديدة ومثيرة للاهتمام.
وتضيف هذه اللحظات التي يكتشفون فيها منتجات عالمية نوعاً من الفرحة إلى تجربة التسوق عبر الإنترنت، حيث يسرّ المستهلك الذي يبحث مثلاً عن منتج أنيق وفريد من نوعه أو مصمم الأزياء الطموح عند إيجاده أقمشة مصبوغة يدوياً يمكن شحنها إلى أي مكان في العالم.
كيف تساعد التجارة عبر الحدود الشركات
ماذا تعني التجارة عبر الحدود للشركة التي تسعى إلى التوسع في دول جديدة؟
سهّل الإنترنت الوصول إلى التجارة العالمية، حيث تتوفر لدى أيّ شخص الأدوات اللازمة لإنشاء المحتوى ونشره. كما يمكنه إنشاء متجر على الإنترنت وقبول المدفوعات بعدد من العملات. ويعني هذا أنه بات بإمكان الشركات الوصول بسهولة أكبر إلى الأشخاص الذين يحتاجون إليها أينما كانوا في العالم.
وأدت سهولة الوصول هذه تحقيق مساواة في المنافسة بين الشركات بمختلف أحجامها، حيث أنها تتيح لها التوسع بسرعة أكبر في الأسواق العالمية ونشر الوعي بعلامتها التجارية وتنويع مخاطرها.
استخدام التكنولوجيا لإشراك عملاء دوليين جدد
باتت المؤسسات اليوم تلبي احتياجات العملاء من خلال منح تجارب التسوق طابعاً أكثر تخصيصاً وجاذبية. ولدعم هذه المؤسسات، تبني المنصات تجارب عملاء تسهّل اكتشاف المنتجات بطرق إبداعية.
وأدى ذلك إلى إطلاق نوع جديد من التسويق يسمى “تجارة الاكتشاف”، وهو يتيح للشركات تخطي طرق التسويق التقليدية من حيث عدم الاكتفاء فحسب بتلبية احتياجات العملاء، بل أيضا توقعها. وقد يظنّ العملاء أنّ هذا النوع من التسويق وليد صدفة، إلا أنّ المسوّقين في الكواليس يسهّلون اكتشاف المنتجات عبر الحدود من خلال أربع استراتيجيات رئيسية هي:
إضفاء الطابع الشخصي
يساعد التعلّم الآلي على تحسين التسويق المخصص. ويمكن من خلاله الوصول إلى عملاء جدد عبر ربط العلامة التجارية في أسواق مختلفة بالمستهلكين الذين يُتوقع أن يحبوها. ومن خلال اختيار جمهور دولي واسع، يمكن للشركات الوصول إلى المستهلكين الأكثر قابلية لتسوّق منتجات محددة، بغضّ النظر عن مكان تواجدهم أو دوافع شرائهم.
التعديل بحسب الموقع
بعد العثور على العملاء المستهدفين، يمكن أن يساعد المحتوى المعدّل بحسب الموقع في تعزيز الارتباط. فعلى سبيل المثال، يفضل 55% من الأشخاص أن تعكس الإعلانات على وسائل التواصل الاجتماعي ثقافة بلدهم. ولا يقتصر الأمر على ترجمة نص الإعلانات، بل يشمل العمل مع الشركاء لإعداد مجموعة متنوعة من المواد الإبداعية بحسب دوافع العملاء.
انسيابية تجارب التسوّق
تساعد سلاسة تجارب التسوق الأشخاص على إتمام عمليات الشراء. فقد قال المستهلكون الذين شملهم الاستطلاع إنهم يعتبرون عوامل عدة مهمة عند اتخاذ قرار الشراء من الدول الأجنبية حيث ذكر 78% منهم إمكانية تتبّع التسليم، و76% وقت الشحن المقبول، و76% سهول إرجاع المشتريات واسترداد الأموال. ومع تخطيط الشركات للتوسع عبر الحدود، لا بدّ من توفير تجربة شاملة وسلسة للعملاء.
القياس
يساعد القياس في فهم تأثير هذا التسويق، وتُظهر الأبحاث أن الشركات التي تطور قدرات فهم ما يتناسب مع إعلاناتها الرقمية يمكن أن تتوقع زيادة تصل إلى 40% في مستوى كفاءة الإنفاق و10% في فعالية. كما يتيح الاختبار والتعلّم للشركات تطوير استراتيجية توسّعها العالمية.
تقدم “ميتا” حلولاً للشركات في هذه المجالات كافة. فقد أطلق مثلاً مشروع نيوم الطموح لبناء نموذج جديد للمعيشة المستدامة و المزدهرة شمال غرب المملكة العربية السعودية بحلول عام 2030[IW1] حملة عبر الحدود مع “ميتا” باستخدام إعلانات الفيديو على فيسبوك و إنستغرام، وذلك بهدف رفع مستوى الوعي حول العالم بمدينة “ذا لاين” التي يجري بناؤها. وقد أدى ذلك إلى وصول بلوغ الحملة أكثر من 68 مليون شخص حول العالم.
العالم بالانتظار
تتاح للشركات من خلال بناء نموذج أعمال يدعم تجارة الاكتشاف عبر الحدود فرصة الوصول إلى جماهير جديدة وزيادة مبيعاتها. إنّ الطريقة التي تتواصل بها الشركات مع الجماهير دائمة التغيّر، ونريد في “ميتا” أن نبذل كل ما في وسعنا لمساعدة الشركات على الازدهار عبر الحدود، لأن العالم ينتظر أعمالها.