بقلم الدكتور سكوت ريك، أستاذ التسويق المساعد في كلية روس للأعمال بجامعة ميشيغان
يعد التسوق جزء أساسي من حياة كل شخص وظل كذلك لفترة طويلة. يعتقد معظم الناس أن الخيارات التي يتخذونها ناتجة عن تحليل منطقي للبدائل المتاحة. ومع ذلك، فإن العواطف تؤثر بشكل كبير، وفي كثير من الحالات، على قراراتنا المتخذة أثناء عمليات الشراء. وهنا يطرح السؤال “لماذا ينفق بعض الأشخاص الأموال بسهولة حتى عندما لا يكون بمقدورهم ذلك؟ بينما يجد الآخرون صعوبة في إنفاق الأموال حتى مع قدرتهم على تحمل التكاليف؟” لذا من الضروري معرفة الشعور الذي ينتاب الشخص خلال عملية التسوق بأكملها بدءاً من عملية التصفح والاختيار وصولاً لعملية الدفع
.
هناك ثلاث أنواع للمستهلكين
لفهم أفضل لهذه المسألة، أجرينا تجربة صغيرة من خلال فحص أدمغة الأشخاص أثناء تسوقهم، فقد وجدنا دليلاً أساسياً يضاف لفكرة “ألم الدفع”. لذا صنفنا الأشخاص إلى ثلاثة أنواع وهم البخلاء و المسرفين و المستهلكين العاديين. فالمعروف بأن البخلاء هم الأشخاص الذين يكرهون ببساطة إنفاق الأموال ولا يجب الخلط بينهم وبين المستهلكين المقتصدين الذين يريدون ببساطة الادخار.
على الجانب الأخر، إن المسرفين هم نوع من المستهلكين الذين لا يمانعون في إنفاق الكثير من الأموال. في حين أن المستهلكين العاديين يمثلون شريحة من الأشخاص تشكل الفئة الوسط بين النوعين الآخرين.
يأتي هذا التصنيف نتيجةً ملاحظة مقدار التوتر و الضغط المرتبط بعملية الدفع، فالبخلاء هم الأكثر توتراً، لا سيما أنهم أكثر من يتأثر بما يمليه عليهن ضميرهم؛ فهو لا يتأثر بفكرة انتهاز فرصة العروض والتخفيضات للشراء. ولكن فيما يتعلق بالمشتريات اليومية على سبيل المثال، يكون الألم أقل تأثيراً ويرجع ذلك أساساً إلى حقيقة أن هذه الأشياء هي مشتريات ومصاريف متوقعة. لذلك، تظهر الاختلافات الرئيسية بين المسرفين و البخلاء بشكلٍ أساسي أثناء التسوق للأشياء الاختيارية.
المشاعر المرتبطة بالدفع
كما أجرينا أيضاً بعض الدراسات الأخرى من أجل معرفة طبيعة انسجام الأشخاص من فئات مختلفة وأسفرت هذه الدراسات بأنه كلما زاد عدد الأشخاص المختلفين، من حيث العقليات التمويلية، زادت المشكلات التي تنشأ. على سبيل المثال، يمكن التعبير عن لغة الحب بين الأشخاص المسرفين من خلال الهدايا، على عكس البخلاء. ومع ذلك، من المهم ملاحظة أنه مع زيادة ممارسة العلاج المالي، ينتهي الأمر بالعديد من الأشخاص في امتلاك عقلية مالية متماثلة مع شركائهم، حتى لو كانوا ينتمون الى أنواع مختلفة من المستهلكين. علاوةً على ذلك، من حيث المشاعر، نذكر أن شراء هدية لشخص ما يعتبر أمراً أقل إيلاماً من شراء شيء لنفسك. ومع ذلك، مع انخفاض الإحساس “بألم الدفع”، قد تلعب المشاعر الأخرى كالقلق دوراً في عملية الشراء من خلال السؤال الذي نطرحه على أنفسنا “هل سيحبون هذه الهدية؟”. لذلك بشكلٍ عام، عند شراء هدية لشخصٍ ما فإن هذه العملية ستكون مشحونة بالعواطف سواءً كانت مشاعر الفرح أو القلق.
الشيء المهم الآخر الذي نتطرق إليه هنا هو السبب الذي يجعل تخفيضات الجمعة السوداء والتخفيضات الكبرى الأخرى أمراً لا يقاوم. ما يثير الدهشة، يجد الناس أن هذا النوع من التخفيضات أمراً لا يقاوم بسبب فكرة أن “هذا سعر أقل مما هو عليه عادةً، لذلك فأنا أحصل على صفقة رائعة”. لذا فإن فكرة تأطير السعر على أنه أقل نسبياً مما هو عليه أو ينبغي أن يكون عليه، يساعد في تقليل آلام إنفاق الأموال. ولكن في واقع الأمر، إن جزء من هذا الأمر هو عبارة عن معلومات خاطئة ويعبر عن عدم فهمنا لعالم الصفقات المتاحة يومياً. لا سيما مع سهولة التسوق عبر الإنترنت ومتاجر التجزئة و العروض المتاحة المرافقة لها.
التسوق في المتجر ضد التسوق الالكتروني
بالحديث عن التسوق الإلكتروني، لا يسعنا إلا أن نتساءل عما إذا كان الناس سيتصرفون بشكل مختلف أثناء هذا النوع من التسوق. لقد تعرضنا جميعاً لنفس الموقف، ترى منتجاً عبر الإنترنت و تقرر شرائه و في غضون ثوانٍ تكتمل العملية. بشكل عام، تلعب العديد من العوامل النفسية دوراً في كل من التسوق في المتجر أو الالكتروني، ولكن التسوق الالكتروني يضيف المزيد من الزيت على النار في جعل عملية التسوق أسهل وأسرع أثناء عملية الشراء. وإن أحد الاختلافات الرئيسية بين التسوق عبر الإنترنت والتسوق في المتجر هو “فترة الانتظار”. كما ذكرنا سابقاً، تتم عملية الشراء عبر الانترنت في غضون ثوانٍ معدودة، بينما مع التسوق داخل المتجر، هناك العديد من الفرص للتفكير مرة ثانية قبل الإقدام على الشراء. عندما يذهب شخص ما للتسوق في المتجر، فإن لديه أموراً إضافية يجب عليه القيام بها كالقيادة نحو المتجر و الانتظار في صف الدفع واجراء عملية المقارنة بين الأشياء التي يراها أمامه. مما يمنحهم فرصاً أخرى للتفكير قبل الإقبال على الشراء، في حين أن التسوق الالكتروني أكثر سلاسة بشكل لا يوصف. ومع ذلك، فإن تجار التجزئة يلحقون بالركب فهم ماهرون جداً في جذب العميل وصرف انتباهه عن لحظة الدفع. على سبيل المثال، يوجد في العديد من المتاجر موظفو مبيعات لطيفين ومثقفين، وبحلول الوقت الذي أنتهي فيه عادةً من مشترياتي، سيكون بحوزتي العديد من الأشياء التي لا أتذكر لما اشتريتها. وهذا ما يصرف انتباهك بعيداً عن محفظتك والمبلغ الذي أنفقته بالفعل. ناهيك عن حيل أخرى تركز على زخم التسوق وهو السبب وراء وجود معروضات لأشياء صغيرة أو رخيصة إلى حدٍ ما بالقرب من مدخل متجر أو عند أجهزة الدفع يمكن للناس شراؤها، مما يساهم في تعزيز زخم التسوق والمساعدة في تسهيل إنفاق الناس لأموالهم.