خاص – entrepreneuralarabiya
تتغير بيئة الأعمال في المملكة العربية السعودية على نحو متسارع، وتنتقل من مرحلة سيطرة الأ‘عمال الكبيرة والعائلات الاقتصادية العملاقة، إلى مرحلة جديدة تسهم فيها الشركات الصغيرة والمتوسطة بحجم كبير في عموم الناتج الاجمالي وتتصدر مشهد البيئة الاقتصادية الجديدة.
تنوع الاقتصاد وتنوع المنتجين كان سمة من سمات التحول الرقمي في المملكلة العربية السعودية، وشكل الأساس لرؤية 2030 التي أطلقها صاحب السمو االملكي ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، التي رسمت أوسع مشاركة لرواد الأعمال الجدد والجيل الجديد من المبتكرين والمبدعين والمبتكرين الذين استفادو من ثورة التعليم الجديدة ومن الفرص التي أتاحتها الحكومة مع إطلاق هيئات حكومية تعنى بريادة الأعمال وتؤمن لها المجال الحيوي الذي يمكنها من النمو مع توفير جهات للتمويل وبناء الشراكات الاستراتيجية، حيث شكلت منشآت الرافعة الكبرى لسياسة التنمية الجديدة التي اعتمدت الاهتمام بالريادةوالابتكار. وأثمرت هذه السياسة تصدر المملكة لمؤشرات ريادة الأعمال والابتكار، فقد حلت المملكة العربية السعودية، وفقًا لتقرير المرصد العالمي لريادة الأعمال (GEM) للعام 2020/2021م الذي صدر بالتعاون مع كلية الأمير محمد بن سلمان للأعمال وريادة الأعمال ومركز بابسون العالمي لقيادة ريادة الأعمال (BGCEL)، في المركز الأول عالميًا في “استجابة الحكومة ورواد الأعمال لجائحة كورونا”.
وتقدمت المملكة، وفقًا للتقرير ذاته، في مؤشر حالة ريادة الأعمال إلى المركز السابع على مستوى دول العالم، بعد أن كانت في المركز السابع عشر.
حول ذلك، أكد صالح بن إبراهيم الرشيد؛ محافظ الهيئة العامة للمنشآت الصغيرة والمتوسطة “منشآت”،في لقاء معentrepreneuralarabiya ، أن هذا الإنجاز يعكس الأثر الكبير لرؤية المملكة 3030 على المنشآت الصغيرة والمتوسطة ورائدات روّاد الأعمال، والتي وفرت بيئة أعمال مثالية تتميز بالمرونة والقدرة على مواجهة التحديات مثل ما حدث مع أزمة جائحة كورونا”،
وكانت المملكة،قد قفزت حسب تقرير المرصد العالمي لريادة الأعمال، إلى المركز الأول في مؤشر “سهولة البدء في الأعمال” بعد أن كانت في المركز 22 كانعكاس للإصلاحات المهمة في بيئة ريادة الأعمال والشفافية وسهولة إجراءات البدء بالأعمال التجارية، كما حققت المركز الأول أيضًا في مؤشر “الفرص الواعدة لبداية المشروع في منطقتي” بعد أن كانت في المركز السادس.
وجاءت المملكة في المركز الثالث في مؤشر الريادة المالية بعد أن كانت في المركز 19 أثر زيادة الفرص التمويلية بأنواعها للشركات الناشئة في السوق المحلي، وقفزت من المرتبة 35 إلى الثانية في مؤشر البنية التحتية المادية كنتيجة لسهولة الحصول على الخدمات مثل: (المساحات المكتبية، المواقع التجارية، الإنترنت، والخدمات العامة).
ولكن كيف تأسست “منشآت” وما هي أهدافها؟
يجيب الرشيد:” تأسست الهيئة العامة للمنشآت الصغيرة والمتوسطة “منشآت” في عام 2016 تحت مظلة “رؤية المملكة 2030″، بهدف الإشراف على الشركات الصغيرة والمتوسطة ودعمها وتنميتها ورعايتها وفقاً لأفضل الممارسات العالمية.
وكما هو معروف فقد ارتكز الإقتصاد السعودي في البدايات على قطاع النفط والشركات الكبيرة، مثل “أرامكو السعودية” والشركة السعودية للصناعات الأساسية “سابك” و”معادن”، حيث تعتبر “أرامكو السعودية” بين أكبر شركتين في العالم من حيث القيمة السوقية، وكذلك الأمر بالنسبة إلى “سابك” التي تعتبر من أكبر الشركات العالمية في مجال الصناعات البتروكيماوية، فيما تعتبر “معادن” إحدى أسرع شركات التعدين نمواً في العالم. كما كانت الشركات العائلية من جهة أخرى الثقل الثاني في بنية الاقتصاد السعودي،
وإنطلاقاً من طبيعة إقتصاد المملكة واستثماراتها، شكلت الشركات الكبيرة الركيزة الأساسية للاقتصاد، لذلك استشرفت “رؤية المملكة 2030” أهمية التحول نحو تأسيس شركات صغيرة ومتوسطة وتقديم كل الدعم لها، ودعم الإبتكار وريادة الأعمال في المملكة، ومن هنا كان تأسيس “منشآت” التي تعمل على إعداد وتنفيذ ودعم برامج ومشاريع لنشر ثقافة وفكر العمل الحر وروح ريادة الأعمال والمبادرة والابتكار. كما تعمل “منشآت” على تنويع مصادر الدعم المالي للمنشآت، وتحفيز مبادرات قطاع رأس المال الجريء، إلى جانب وضع السياسات والمعايير لتمويل المشاريع التي تصنف على أنها مشاريع صغيرة ومتوسطة.
مؤشرات جديدة
سرعان ما ارتفعت مساهمة الشركات الصغيرة والمتوسطة في الناتج المحلي الإجمالي من 20% في 2018 إلى 28% حالياً، وهي زيادة كبيرة في هذه الفترة الزمنية الصغيرة في عمر الإقتصادات.
ولا بد من الإشارة إلى أن الطبيعة العملية للشاب والشابة في السعودية تشجع على التوجه نحو عالم التجارة، ولذلك حققوا نجاحات كبيرة في هذا القطاع وفق التقارير العالمية، ومنها تقرير المرصد العالمي لريادة الأعمال (GEM) في المملكة العربية السعودية الذي كشف عن تفضيل شريحة الشباب بدء عملٍ تجاري، وارتفاع الرغبة الريادية ، لذلك ارتأت “رؤية المملكة 2030” وعراب هذه الرؤية صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز ولي العهد، نائب رئيس مجلس الوزراء ورئيس مجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية ، وضع أسس دعم ريادة الأعمال والشركات الصغيرة والمتوسطة، وتم إطلاق العديد من المبادرات مثل حاضنات العمال والمسرعات مثل الشركة السعودية للاستثمار الجريء التي تأسست عام 2018 من قبل “منشآت” إضافة إلى دعم برنامج ضمان التمويل (كفالة) الذي أنشأته “منشآت” أيضاً لتحفيز التمويل ودعم المنشآت الصغيرة والمتوسطة، وإبرام الشراكات مع العديد من البنوك التي لعبت دوراً مهماً في زيادة نسبة إقراض الشركات الصغيرة والمتوسطة، حيث قفز الإقراض المصرفي لهذه الشركات بنسبة 100% منذ عام 2018 ليصل إلى أكثر من 200 مليار ريال، وهي نسبة نمو في الإقراض تعتبر الأعلى بعد القطاع العقاري.
وأعلنت “منشآت” عن زيادة بنسبة 884% على أساس سنوي في اقتراض الشركات الصغيرة والمتوسطة من بوابة التمويل (تمويل)، منصة التمويل عبر الإنترنت. وفي حين أن “منشآت” لا تمنح قروضاً بشكل مباشر، فإن بوابة التمويل “تمويل” توفر منصة إقراض آلية تجمع المنتجات المالية وتسرع في تقديم التمويل للشركات الصغيرة والمتوسطة.
الوصول إلى الأسواق
كيف تؤمنون الوصول إلى الأسواق بالنسبة للشركات الصغيرة؟
على صعيد الوصول إلى الأسواق، تملك “منشآت” العديد من البرامج والمبادرات المالية، مثل الامتياز التجاري، والتجارة الالكترونية، كما منحنا الحكومة، التي تعتبر العميل الأول، نسباً تفضيلية، بحيث يكون السعر المقدم للشركات الصغيرة والمتوسطة أعلى من سعر أي شركة كبيرة بنسبة 10% بما يؤهلها للفوز بالعطاءات الحكومية وبدون تقديم ضمانات أولية، ولعبت منصة “اعتماد” دوراً كبيراً في زيادة مشاركة المنشآت الصغيرة والمتوسطة في المنافسات الحكومية، كما أن المنتجات التمويلية المصرفية شكلت أحد عناصر الدعم للشركات الصغيرة والمتوسطة.
أهداف جديدة
هل هناك أهداف محددة ستركز عليها “منشآت” في السنوات القادمة؟
لقد أطلقنا العديد من المبادرات التمويلية النوعية، من أهمها إطلاق بنك المشروعات الصغيرة والمتوسطة (بنك منشآت) التابع لصندوق التنمية الوطني لتحقيق أهداف “رؤية 2030” وتعزيز مساهمة المؤسسات المالية في تمويل المشاريع ودعم نموها واستقرارها. كما أطلقنا برنامج “طموح” لدعم نمو الشركات سريعة النمو في المملكة العربية السعودية وتحسين أداء الشركات الصغيرة والمتوسطة.
كما أننا نساعد الشركات الصغيرة والمتوسطة إذا اختارت الإدراج في “تداول السعودية” ، وقد رأينا العديد من هذه الشركات مدرجة في “نمو”، وهو سوق مواز يمتاز بمتطلبات إدراج أقل، كما يعتبر منصة بديلة للشركات الراغبة بالإدراج. نعتبر أن عام 2022 هو عام مثالي للشركات الصغيرة والمتوسطة، ونحن متفائلون بأنشطة هذه الشركات خلال السنوات الخمس المقبلة، خصوصاً في مجال الاكتتابات العامة الأولية وصفقات الاندماج والاستحواذ، وسنسعى لمواكبة نموها، بالتعاون مع شركائنا الاستراتيجيين مثل وزارة الاستثمار وهيئة السوق المالية.
ونملك أيضاً العديد من البرامج والمبادرات المتعلقة بريادة الأعمال وثقافة ريادة الأعمال، وتسهيل الإجراءات الحكومية بالتعاون مع المركز الوطني للتنافسية والمركز السعودي للأعمال، وهو مركز حكومي يُعنى بتيسير بدء وممارسة العمل التجاري في المملكة للمستثمر ورائد الأعمال.
كما ستطلق “منشآت” مبادرات مالية تتعلق ببناء قدرات الشركات الصغيرة والمتوسطة لتحقيق أحد أهداف “رؤية 2030” برفع مساهمة الشركات الصغيرة والمتوسطة إلى 35% في الناتج المحلي الإجمالي.
استقطاب الشركات الأجنبية
ما هي إجراءات تسهيل دخول الشركات الأجنبية إلى السوق السعودي؟
أطلقت المملكة العربية السعودية العديد من المبادرات لدعم رواد الأعمال، على سبيل المثال تخصيص تأشيرة فورية تساعد رواد الأعمال في تأسيس شركات خاصة كمستثمر أجنبي. وسيسمح تصريح الإقامة الجديد لأصحاب المشاريع والمستثمرين والوافدين ذوي المهارات العالية بالعمل في المملكة العربية السعودية دون وجود كفيل محلي.
كما أن هناك العديد من الشركات الصغيرة والمتوسطة المتواجدة في الأسواق المحلية والدولية التي ترغب في التوسع في السوق السعودي، وهو سوق مفتوح، وبالتالي فإننا نرحب بجميع الاستثمارات الأجنبية في المملكة العربية السعودية، ونقوم بالتنسيق الكامل مع وزارة الاستثمار ضمن إطار اتفاقية مميزة بيننا.
كما نتطلع إلى التركيز على عوامل التمكين ومسرعات الأعمال وشبكات المحركات التي تسهل إنشاء علاقات تبادلية المنفعة طويلة الأجل بين المؤسسين والشركات الناشئة والشركات الإستراتيجية وصانعي السياسات والمستثمرين.
أما بالنسبة لصانعي السياسات، فقد وقعنا اتفاقيات تعاون مع جميع الدول التي تمنح أولوية لدعم المنشآت الصغيرة والمتوسطة، وقمنا بزيارات متبادلة أدت إلى تبادل الخبرات والمعرفة بهدف تطوير هذا القطاع، حيث يشكل تطوير المنشآت الصغيرة والمتوسطة أولوية ضمن “رؤية 2030” وبرامجها ومبادراتها المختلفة.
كيف تصف التسهيلات المقدمة للشركات الأجنبية للقيام بأعمال تجارية في المملكة العربية السعودية؟
حققت المملكة العربية السعودية أعلى تقدم في أحدث مؤشر سهولة ممارسة الأعمال، ونحن راضون عن تسهيل الإجراءات الحكومية لجذب المزيد من الاستثمارات الأجنبية، وإزالة العديد من المعوقات السابقة، حيث أننا جزء أساسي من حركة التجارة والاستثمارات العالمية، واتخذنا جميع الخطوات اللازمة لجذب المزيد من الاستثمارات الأجنبية المباشرة وخاصة الموجهة نحو المشروعات الصغيرة والمتوسطة.
ثمرات السياسة الجديدة “لمنشآت”
استضافت المملكة المؤتمر العالمي لريادة الأعمال في دورته الأخيرة
في آخر نسخة للمؤتمر العالمي لريادة الأعمال في المملكة الشهر الماضي، أثبتت المملكة أنها مقصد مثالي لروّاد الاعمال، فقد تم عقد الكثير من الصفقات والاتفاقات الداعمة لريادة الاعمال.
صفقات واتفاقيات بقيمة 28،9 مليار ريال
شهد المؤتمر العالمي لريادة الأعمال خلال اليوم الثاني، اتفاقيات وإطلاقات بقيمة إجمالية وصلت إلى 28.9 مليار ريال (7.71 مليارات دولار)، بهدف دعم ريادة الأعمال في مختلف المجالات، وتعزيز مكانة المملكة، كبيئة جاذبة للرواد والمبتكرين والمبدعين من أنحاء العالم. وواصل المؤتمر الذي تنظمه الهيئة العامة للمنشآت الصغيرة والمتوسطة “منشآت” بالتعاون مع الشبكة العالمية لريادة الأعمال تحت شعار “نعيد نبتكر نجدد” فعاليته حيث شهد توقيع أكثر من 21 اتفاقية وإطلاق العديد من المبادرات الاستثمارية. ووقعت “منشآت” مذكرة تفاهم مع شركة أمازون لتمكين الشركات المحلية من بيع منتجاتها لملايين العملاء في جميع أنحاء المملكة على متجر أمازون السعودية، وكجزء من مذكرة التفاهم، ستقوم أمازون بدعم المؤسسات الصغيرة والمتوسطة بالقدرات اللوجستية والأدوات والبرامج التي تقدمها أمازون للبائعين. وشملت الإطلاقات إعلان بنك المنشآت الصغيرة والمتوسطة الميزانية المعتمدة لتمويل قطاع المنشآت الصغيرة والمتوسطة التي بلغت 12 مليار ريال (3.2 مليارات دولار)، كما وقّعت “منشآت” اتفاقية تعاون مع مصرف الراجحي بقيمة 2 مليار ريال (ما يزيد عن 533 مليون دولار)، لإطلاق برامج ومنتجات تمويلية مبتكرة، ووقع البنك العربي الوطني عدة اتفاقيات تعاون؛ منها: اتفاقية إطلاق برامج ومنتجات تمويلية مبتكرة، بقيمة أكثر من مليار ريال (مايزيد عن 293 مليون دولار)، وإطلاق منتج البطاقة الائتمانية للمنشآت الصغيرة والمتوسطة بمبلغ يصل إلى 50 مليون ريال (13 مليون دولار)، كما أعلنت وزارة الاستثمار عن مجموعة من الاستثمارات والترخيص للعديد من الشركات العالمية للدخول في السوق السعودي بحجم استثمارات تقدر بنحو 3.51 مليارات ريال (ما يزيد 936 مليون دولار). وشمل اليوم الثاني أيضًا إعلان القيمة الإجمالية لمبالغ البرامج التمويلية المبتكرة من البنوك التي بلغت أكثر من 7.3 مليار ريال (2 مليار دولار) للخمس أعوام القادمة. ووقّع البنك الأهلي السعودي اتفاقية تعاون؛ لمنتج برامج ومنتجات تمويلية مبتكرة بقيمة مليار ريال (ما يزيد عن 266 مليون دولار) واتفاقية تعاون أخرى لدعم برنامج الابتكار بقيمة 2.7 مليون ريال (720 ألف دولار)، ووقّع بنك البلاد اتفاقية مع “منشآت” بتقديم برامج ومنتجات تمويلية مبتكرة بقيمة تقارب 2 مليار ريال (520 مليون دولار). ووقّعت شركة “ثقة” اتفاقية تعاون مشتركة مع “منشآت”؛ لتقديم خدمات للمنشآت الصغيرة والمتوسطة، في حين وقّعت الهيئة السعودية للمراجعين والمحاسبين اتفاقية لتوعية وتقديم إرشادات مهنية في مجال المحاسبة والمراجعة وإطلاق منصة “اتكال”. وشهد اليوم الثاني أيضًا، توقيع مذكرة تفاهم بين وزارة الاستثمار والهيئة السعودية للبيانات والذكاء الاصطناعي ، بهدف تمكين رواد الأعمال والمنشآت الصغيرة والمتوسطة، ووقعت الهيئة السعودية للسياحة اتفاقية مع “منشآت”؛ للتعاون في عدد من المبادرات التي تدعم المنشآت في المجال السياحي، كما وقع صندوق الأمير سلطان بن عبدالعزيز التنموي اتفاقية تعاون؛ بهدف إطلاق مسرعة أعمال في المنطقة الشرقية، وتقديم برامج تدريبية وورش عمل من خلال أكاديمية “منشآت”.