تعليق إعلامي: أماندا لاين شريك في برايس ووترهاوس كوبرز وقائد أكاديمية برايس ووترهاوس كوبرز
لا تزال ظاهرة “الاستقالة العظيمة” تشكل تهديداً يلوح في الأفق أمام قادة الأعمال، حيث وصل الإرهاق الآن إلى مستويات الجائحة، مع استمرار انسحاب الموظفين القلقين من القوى العاملة بأعداد كبيرة. إلا أن هناك ترياق لهذه المعضلة. فمن خلال تفهّم فضول الموظفين بطموحاتهم المهنية، والاستثمار في تنمية المهارات التي تحفزهم، سيتمكّن قادة الأعمال من إعداد مؤسساتهم للمستقبل، وسيجنون ثمار السلامة البدنية والذهنية لموظفيهم.
وفي استطلاع PwC لمستقبل العمل والمهارات، وجدنا أن أكبر مخاطر العمل لم تكن قادرة على تحديد المهارات اللازمة للمستقبل بسبب التغييرات التكنولوجية. ولطالما كانت معالجة فجوة المهارات مسألة بالغة الأهمية بالنسبة للحكومات والشركات قبل وقت طويل من تفشي الجائحة. والآن، نعيش في قلب العاصفة؛ إذ بات لدينا قوى عاملة تشعر بالإحباط والإرهاق، ولديها حاجة ملحة لتنمية مهاراتها مع استمرار التكنولوجيا في تغيير الطريقة التي نعمل بها.
وبينما تُحدث التكنولوجيا تغييرات مبتكرة على طبيعة العمل، فإنها تلعب دوراً مهماً في رسم الإستراتيجيات للمستقبل. ويحتاج القادة إلى الاعتماد على البيانات، وأن يصبحوا أكثر وعياً بكيفية استخدامها لدعم اتخاذ القرار في المستقبل. وتعتبر الأدوات مثل تحليلات أماكن العمل بمثابة وسيلة فعالة للتنبؤ وتقييم المهارات التي يجب معالجتها. ويستخدم أكثر من ربع (26%) قادة الأعمال في الشرق الأوسط بالفعل تحليلات القوى العاملة للتنبؤ بفجوة المهارات ومراقبتها.
ومع ذلك، ومن أجل معالجة معضلة الإرهاق، نحتاج أيضاً إلى التوفيق بين احتياجات العمل والأفراد على حد سواء. ويجب الإقرار بالطموحات المهنية، وفضول الموظفين وتطلعاتهم الشخصية، وتحديد الأولويات ذات الصلة. ولن يساهم ذلك في تحفيزهم وتعزيز سلامتهم الذهنية في العمل وحسب، بل سيساعد القادة أيضاً على كسب ثقة موظفيهم. كما أن إنشاء ثقافة التعلم المستمر يعد أمراً ضرورياً ليس فقط لكي تظل الشركات قادرة على المنافسة، ولكن للحفاظ على تحفيز موظفيها. ولا شك في أن الأفراد الذين يعملون مع قادة يثقون بهم ويهتمون بمتطلباتهم، ويستثمرون في مستقبلهم، هم أكثر سعادة – وأقل عرضة لترك وظائفهم.
وفي أكاديمية PwC، نطور قادة المستقبل في المنطقة من خلال برامج تدريبية تبني العقلية والمعرفة والمهارات. وقد رأينا بشكل مباشر أنه عندما يتعلق الأمر بالمهارات التي نحتاجها، فإن تلك التي تتمحور حول الإنسان لا تقل أهمية عن المهارات الرقمية. وبينما وُضعت المرونة والقدرة على التكيف تحت الاختبار إلى أقصى حد خلال السنوات الأخيرة، أصبحت هذه المهارات مطلوبة أكثر من أي وقت مضى. ومع استمرار التكنولوجيا في إحداث تغييرات جذرية على حياتنا العملية، لن تنتهي موجة الابتكار في مكان العمل مع الجائحة. وفي الوقت الحالي، يُصمّم 24% فقط من قادة الشرق الأوسط ممارسات المواهب لتعزيز مرونة الموظفين، وقدرتهم على التكيّف.
ولا يمكننا تثبيط وتيرة التغيير، لكن يمكننا إدارتها والاستعداد لها. إن توقع عالم العمل المتغير، والمهارات اللازمة، والتكنولوجيا التي يمكن أن تدعمنا، ستكون ضرورية لبناء بيئة عمل سعيدة ومنتجة وناجحة. ومن خلال الاستعداد الآن، لا يمكن للشركات تجنب ظاهرة “الاستقالة العظيمة” فحسب، بل يمكنها أيضاً بناء قواها العاملة في المستقبل اليوم.